دافعن عن قيادة المرأة للسيارة ولما رُفع الحظر لم يتمكنَّ من ممارسته.. تعرَّف إلى 4 نساء سعوديات خلف القضبان الآن

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/24 الساعة 16:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/25 الساعة 06:57 بتوقيت غرينتش
A Saudi woman celebrates with her friends as she drives her car in Al Khobar, Saudi Arabia, June 24, 2018. REUTERS/Hamad I Mohammed TPX IMAGES OF THE DAY

رسمياً سُمح الأحد 24 يونيو/حزيران 2018، للنساء في المملكة العربية السعودية بقيادة السيارة في البلاد، الحلم الذي انتظره الكثير منهن، لكن هذا الحلم كان تتويجاً لنضالٍ امتدَّ عقوداً لمجموعة من النساء السعوديات، تحمَّلن عناء السجن والمضايقات والمصاعب الأخرى أثناء مطالبتهن بهذا الحق البسيط.

لكن الكثير من أولئك النسوة اللاتي كُنَّ في قلب النضال لن يكنَّ موجودات في الأرجاء للاحتفال بالقرار. فمنذ مايو/أيَّار الماضي، اعتقلت السلطات السعودية ما لا يقل عن 12 من المدافعين عن حقوق المرأة، مُتَّهِمةً إياهم بإجراء اتصالات شائنة مع أطراف خارجية، وصوَّرتهم في الصحافة كخونة، بحسب تقرير لصحيفة The Washington Post الأميركية.

ويرى البعض أن حملة الاعتقالات تحذيراً من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للنشطاء الآخرين، مفاده أنَّ الإصلاحات مِنحة من القيادة إلى المواطنين السعوديين، وليست حقوقاً يمكن استخلاصها والفوز بها، كما تقول الصحيفة الأميركية.

ولم تحصر الناشطات أنفسهن في حملة قيادة السيارات. إذ ناضلن من أجل الناجيات من العنف المنزلي، والنساء المُكبَّلات بقوانين ولاية الرجل المُقيِّدة، والسجناء السياسيين. وقد مثَّلن أجيالاً مختلفة من النساء السعوديات، وحاولن على مدار عقود إخضاع إرادة الدولة شديدة المُحافِظة والعنيدة في كثيرٍ من الأحيان. اكتسبت بعضهن إشادة دولية، وكدحت أخريات في الداخل، وعملن على ضمِّ النساء السعوديات إلى نضالٍ من أجل الحقوق.

وهذه نظرة على 4 من الناشطات المسجونات.

إيمان آل نجفان، 39 عاماً

 

كتبت إيمان آل نفجان في واحدةٍ من أولى تدويناتها في مدونتها التي تحمل اسم "Saudiwoman" (المرأة السعودية)، والتي تُمثِّل سجلاً يحظى بقراءة على نطاقٍ واسع، ويتناول الحياة ونشاط النساء في السعودية، منشوراً بعنوان "Upbeat feminist news from Saudi 🙂" (أو أخبار نسوية سعيدة من السعودية). إذ رأت صورة لرائدة فضاء سعودية في إحدى الصحف "دون حجاب وتطفو بفعل انعدام الجاذبية مع مجموعة من الرجال والنساء بينهم ستيفن هوكينغ". وأشارت إلى "الهمهمات حول السماح للمرأة بالقيادة"، مُستشهِدةً بتقرير صحفي آخر تكهَّن بإمكانية رفع الحظر عن قيادة المرأة بحلول نهاية العام.

كان ذلك في العام 2008. وسيظل حظر القيادة قائماً إلى ما بعد ذلك بعقدٍ من الزمن.

في ذلك الوقت، تتبَّعت إيمان، وهي أستاذة في علوم اللغات، التاريخ الحديث لحركة حقوق المرأة في السعودية، وكتبت باللغة الإنكليزية حول النساء اللاتي قُدن الحركة والرجال الذين وقفوا معهن. ووصفت بعباراتٍ بسيطة نظام السيطرة الاجتماعية المُتقَن الذي كانت المرأة السعودية تسعى لتفكيكه، ووصفته في أحد منشوراتها بأنَّه "فصلٌ عنصري جندري"، بحسب الصحيفة الأميركية.

وكتبت في منشورٍ بعنوان "Women Travel Documents" (أو وثائق سفر المرأة): "نعم، هذا صحيح. إن كنتِ امرأة، يجب أن تكون لديكِ وثائق سفر خاصة. وإن كان المحرم الرئيسي لك معكِ، فمرافقته لكِ ستغنيكِ عن ذلك. لكن إن صادف وكنتِ امرأة سعودية وتحتاجين أو تريدين مغادرة البلاد دون محرمك، فيجب أن يكون معكِ بطاقة صفراء خاصة".

وتناولت منشوراتٌ أخرى لها الفقر، وحقوق الفلسطينيين، والمغني بوب ديلان. وأعدَّت قائمة من الأبطال السعوديين تضمَّنت أشخاصاً فرّوا منذ ذلك الحين إلى المنفى أو اعتُقِلوا.

وفي سبتمبر/أيلول 2017، حين أُعلِن قرار رفع حظر قيادة المرأة، نشرت إيمان مقالها الأخير في المدونة.

وكتبت: "تبدو الطريقة التي رُفِع بها الخظر أبسط من أن تكون حقيقية. في البداية غمرني عجزي كامرأة تعيش في مَلَكية أبوية مُطلَقة. هل كانت جهودنا هي السبب في رفع الحظر؟ أم كان ذلك قراراً اتُّخِذ دون اعتبار لنضالاتنا؟".

 

لجين الهذلول، 28 عاماً

عند سؤالها في إحدى المرات عن الأيام الـ73 التي قضتها في السجن في عام 2014 بسبب قيادتها سيارتها من أبوظبي وعبورها الحدود بها إلى السعودية، تحدَّثت لجين عن الجانب الإيجابي. إذ قالت لصحفي من صحيفة The Financial Times البريطانية، بعد بضع سنوات من إطلاق سراحها، إنَّ تجربتها في السجن كانت "مُثرية" و"فرصة فريدة للالتقاء بنساء غير مقبولات".

ولكنَّ ردَّ الفعل الاجتماعي على نشاطها كان شديداً كذلك، فجاء حافلاً باتهامات الخيانة، والإضرار بالمصالح العامة، وتلطيخ سُمعة السعودية في الخارج، وهي اتهاماتٌ معروفة بالنسبة لرفاقها النشطاء. وأوضح حديثها عن ردِّ الفعل العنيف، في خطابٍ نُشِر على موقعها قبل عامين، المعاناة التي يتحملها النشطاء بسبب الهجوم عليهم من جانب رفاقهم السعوديين، بحسب الصحيفة الأميركية.

فكتبت: "بطبيعة الحال اتهمني الكثيرون باستغلال الفرصة لتحقيق الشهرة دون أي اهتمام أو اعتبار مني لتقدُّم أو رفاهية رفيقاتي النساء السعوديات، لكن هذا الرأي ليس مهماً".

وأضافت: "ألقى آخرون باللوم عليّ وادَّعوا أنَّ ما أقدمتُ عليه سيؤخِّر القرار الرسمي برفع الحظر على قيادة النساء في السعودية، خصوصاً أنَّ محاولتي نُظِر إليها على أنَّها تحدٍّ مباشر للحكومة؛ لقد تجاهل هؤلاء حقيقة أنَّ صمتهم على مدار 22 عاماً لم يكن له أي نتيجة إيجابية أيضاً".

وتابعت: "علينا أن ندرك جميعاً أنَّ انتقاد بعض الظواهر في بلادنا لا تعني كراهيتها أو تمنّي الشر لها، أو أنَّها محاولة لزعزعة توازنها. بل العكس تماماً".

عزيزة اليوسف، 60 عاماً

حين اتُّهِم رجل دين باغتصاب وضرب ابنته البالغة من العمر 5 سنوات حتى الموت، ساهمت عزيزة اليوسف في بدء حملة توعية عامة نادرة ركَّزت الاهتمام الدولي على القضية، فضلاً عن القضية الأكبر المُتمثِّلة في عدم المساواة الموجودة في نظام العدالة السعودي.

كان التدخُّل نموذجياً من عزيزة، التي يُنظَر إليها على نطاقٍ واسع باعتبارها واحدةً من أكثر المدافعات السعوديات عن حقوق الإنسان إصراراً، فهي تقود حملاتٍ لرفع حظر القيادة وإلغاء قوانين ولاية الذكور فيما تدعم الناجيات من العنف المنزلي.

وكتبت عزيزة في بيانٍ صحفي عن القضية، ساهمت في كتابته مع الناشطة الأخرى منال الشريف: "يُحكَم باستمرار على الآباء والأزواج الذين يقتلون أطفالهم أو زوجاتهم بالسجن بين 5 إلى 12 سنة كحدٍّ أقصى. ولا يمتد هذا التساهل إلى الأمهات والزوجات".

وحُكِم على الداعية، فيحان الغامدي، في عام 2013 بالسجن ثماني سنوات، لكنَّه أُفرِج عنه في 2015 بعدما دفع تعويضاً لوالدة ابنته لمى.

واصلت عزيزة، وهي أستاذةٌ متقاعدة لعلوم الكمبيوتر بجامعة الملك سعود وأم لخمسة أبناء، الضغط  من أجل عدالة متساوية وإلغاء قوانين الولاية، فظهرت في البرامج التلفزيونية، والتقت المسؤولين، واستضافت صالوناً منتظماً في منزلها لمناقشة حقوق المرأة. وكان نشاطها محلياً؛ فقالت ناشطة أخرى إنَّ عزيزة شجَّعت قريناتها على مقاومة الخروج إلى المنفى "والبقاء في الديار من أجل حقوقهن".

وفي الفترة التي سبقت احتجاجاً من أجل قيادة السيارات ساعدت في تنظيمه في أكتوبر/تشرين الأول 2012، أخبرت الصحفيين أنَّها ترفض الالتزام بحظر القيادة منذ عامين على الأقل.

فقالت لصحفي بصحيفة The Telegraph البريطانية: "أقود السيارة حول الرياض منذ ذلك الحين، ولم أواجه أي مشكلات حقيقية. وفي مناسبتين جرى أحدهم إلى سيارتي وقام بإشاراتٍ تهديدية -أحدهما رجل كبير السن والآخر أصغر سناً- لكن لم يكن ذلك بالأمر الكبير".

وأضافت: "قُدتُّ السيارة في مختلف أنحاء العالم كله. لِمَ لا أقودها في بلادي؟".

نوف عبدالعزيز، 31 عاماً

بعد أسابيع من اعتقال النشطاء الآخرين في مايو/أيَّار، اعتقلت السلطات السعودية نوف عبدالعزيز، الناشطة النسوية والكاتبة والمذيعة التلفزيونية التي عبَّرت عن دعمها للمرأة على حسابها في تويتر. كان إظهار التضامن رد فعل تلقائياً من نوف، التي تُعَد أيضاً مُدافِعة بارزة عن السجناء السياسيين السعوديين، بحسب الصحيفة الأميركية.

كلَّف نشاط نوف إيَّاها الكثير. فقد عانت للعثور على عمل قبل اعتقالها، وشكَّت هي وأولئك الذين يعرفونها أنَّ ذلك كان مَردُّه إلى حدٍّ كبير اشتهارها بالمجاهرة بآرائها. فقالت هناء الخمري، وهي كاتبة وناشطة تعرف نوف: "لديها استقامة فكرية. فلم تدع الخوف الذي زرعه النظام بعد الاعتقالات يرهبها".

وكتبت نوف في خطابٍ نشرته صديقة على الإنترنت بعد اعتقالها: "السلام عليكم، اسمي نوف، وأنا لستُ بمحرضة ولا مخربة ولا إرهابية ولا مجرمة ولا خائنة. ابنة لأم عظيمة تعاني بسببي -كما أظن- وابنة لعائلة كريمة شريفة تضرَّرت بسبب ما حصل لي".

وأضافت: "ربما يرون أنَّ الخلاص مني هو السبيل لوطنٍ أفضل. لم أكن سوى مواطنة صالحة أحب بلدي وأتمنَّى له الأفضل".

وبحسب نشطاء سعوديين ومنظمة هيومن رايتس ووتش، اعتُقِلَت مياء الزهراني، صديقة نوف، هي الأخرى بعد نشرها الخطاب.

علامات:
تحميل المزيد