The Guardian: النشوة التي يعيشها نتنياهو وحكومته بسبب هدايا ترمب تُخفي وراءها أوقاتاً صعبة ستواجهها إسرائيل

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/11 الساعة 22:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/11 الساعة 22:05 بتوقيت غرينتش

قالت صحيفة The Guardian إن النشوة التي يعيشها رئيس الوزراء الإسرائيلي وحكومته بسبب نقل السفارة الأميركية في تل أبيب إلى القدس، تخفي وراءها أوقاتاً صعبة على إسرائيل؛ بسبب التوترات التي تحيط بها من كل مكان.

وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن زهوراً حمراء، وبيضاء وزرقاء وُجدت تُشكِّل صورة العَلم الأميركي على الطريق المؤدي إلى موقع السفارة الأميركية الجديد بالقدس. ورُفعت في الحي لافتات كُتب عليها "السفارة الأميركية". تحوَّل اسم حساب السفارة على "تويتر" من @usembassytlv "أي سفارة أميركا في تل أبيب" إلى @usembassyjlm "سفارة أميركا في القدس"، كل ذلك لم يطمئن الإسرائيليين بالكامل.

وهُيِّئت كل التحضيرات لافتتاح السفارة المقرر يوم الإثنين 14 مايو/أيار 2018، وهو افتتاحٌ يحمل رمزية يتوقَّع المنظمون أن تطلق موجة من النشوة العارمة في أنحاء الدولة اليهودية التي أُعلنت  قبل 70 عاماً في 14 مايو/أيار عام 1948، فيما يعرفه العرب باسم "النكبة".

وسيحضر الافتتاح المئات من الضيوف، إلى جانب وفد من البيت الأبيض يرأسه جون سوليفان نائب وزير الخارجية الأميركي، ويتضمن شخصيات رفيعة المستوى، من بينهم إيفانكا ترمب ابنة الرئيس الأميركي، وزوجها غاريد كوشنر.

هدايا ترمب لنتنياهو

وبحسب الصحيفة البريطانية، ينظر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى خطوة نقل السفارة باعتبارها إحدى هديتين من دونالد ترمب إلى إسرائيل، في حين تتمثل الأخرى بانسحاب الولايات المتحدة هذا الأسبوع من الاتفاق النووي الإيراني؛ الأمر الذي سيتسبب في إعادة فرض العقوبات على عدو نتنياهو اللدود، إيران.

ومع ذلك، فإنَّ تلك الأجواء الاحتفالية تُخفي وراءها وقتاً محموماً بالنسبة لإسرائيل بصورة خاصة، حتى -كما يقول البعض- بالمعايير التاريخية.

بالنسبة لجنوب إسرائيل، وُجِّهت انتقادات دولية للجيش؛ بسبب استجابته المميتة على الاحتجاجات الفلسطينية التي لم تهدأ منذ أسابيع. وبالنسبة للشمال الإسرائيلي، وللمرة الأولى منذ عقود، تواجه البلاد إمكانية اندلاع حرب بين المقاطعات.

جاء قرار ترمب الاعتراف بالمدينة المقدسة عاصمةً لإسرائيل، في تحدٍّ صارخٍ لإجماع دولي منذ فترة طويلة على أنَّه يجب التفاوض حول وضع القدس المقسمة مع الفلسطينيين.

قال نبيل شعث، المسؤول الفلسطيني البارز، متحدثاً بالقرب من موقع السفارة الأميركية الجديدة، إنَّ ترمب "ينحاز تماماً إلى ضم إسرائيل (لأراضينا) وتطهيرها لشعبنا من القدس".

وبينما تحضر ابنة الرئيس الأميركي هذه المناسبة الاحتفالية، على بُعد أقل من 60 ميلاً، فمن المتوقع أن تتطور الاحتجاجات الغاضبة المستمرة منذ 6 أسابيع رداً على قرار ترمب نقل السفارة، إلى مظاهرة حاشدة في غزة.

يكتسب الأسبوع المقبل أهميةً أكبر بالنسبة لملايين الفلسطينيين؛ إذ إنَّه سيمثَّل ذكرى مرور 7 عقود على نزوح مئات الآلاف من الأشخاص الذين فرُّوا أو أُجبروا على النزوح من ديارهم خلال الحرب التي أفضت إلى إقامة دولة إسرائيل، فيما عُرف بـ"النكبة".

اختراق السياج الحدودي

وبحسب الصحيفة البريطانية، تعهَّد متظاهرون في غزة باختراق السياج الحدودي رغم وجود قناصة إسرائيليين منتشرين على المرتفعات الرملية خلف السياج.

ومن غزة، قال يحيى السنوار، القيادي البارز في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إنَّ المظاهرات ستكون سلمية، لكنها لن تتوقف، وتساءل: "ما المشكلة إذا اقتحم مئات الآلاف هذا السياج؟"، مدَّعياً أنَّه لا يُمثل حدوداً معترفاً بها دولياً لدولة.

أدى استخدام إسرائيل الذخيرة الحية ضد الحشود غير المسلحة إلى مقتل العشرات من الفلسطينيين، من ضمنهم صحفيون، وإصابة نحو 1700 شخص، بينهم أطفال أُطلقت النيران على أرجلهم.

يوم الجمعة 11 مايو/أيار 2018، قتلت القوات الإسرائيلية متظاهراً وأصابت 49 آخرين، وفقاً لوزارة الصحة في غزة. وقال الجيش الإسرائيلي إنَّ 15 ألفاً من "مثيري الشغب" الفلسطينيين قد شاركوا في الاحتجاجات وألقوا "القنابل الأنبوبية واليدوية" باتجاه القوات الإسرائيلية. في المقابل، لم يُصَب أي إسرائيلي خلال الاحتجاجات التي دامت 6 أسابيع.

وفي تناقض صارخ مع موقف البيت الأبيض، كان ردُّ الفعل الدولي العام على إجراءات الجيش الإسرائيلي يدين نهج الجيش الإسرائيلي، كما تقول الصحيفة البريطانية.

وفي خطوة منفصلة تتحدى الحلفاء العالميين، انسحب ترمب الثلاثاء الماضي 8 مايو/أيار 2018، من الاتفاق النووي الإيراني  المبرم عام 2015، وهو القرار الذي هزَّ الشرق الأوسط المضطرب بالفعل.

الضربات المتبادلة بين إيران وإسرائيل

ويوم الخميس 10 مايو/ أيار 2018، اتهمت إسرائيل القوات الإيرانية بإطلاق وابل من الصواريخ على قواتها في هضبة الجولان المحتلة. ولم تؤكد إيران أنَّها أطلقت تلك الصواريخ، لكن الحادثة جاءت في أعقاب تقارير عن عدة ضربات إسرائيلية غير معلنة على مواقع تمركُز لقوات إيرانية في سوريا هذا العام (2018).

وشنت إسرائيل عملية واسعة النطاق على جارتها العربية سوريا، قائلة إنَّها تنتقم لإطلاق الصواريخ عليها، وهي الغارة الأكبر لها في سوريا منذ أوائل السبعينيات.

وزعمت قوات الدفاع الإسرائيلية أنَّ صواريخها أصابت تقريباً جميع الأهداف العسكرية الإيرانية الرئيسية في سوريا خلال عشرات الغارات. وأثنى مسؤولون عسكريون إسرائيليون، في وسائل الإعلام المحلية، على العملية، التي أطلق عليها "بيت البطاقات"، باعتبارها نجاحاً كبيراً ضد أعداء إسرائيل.

أظهر استطلاع رأي أُجري هذا الشهر (مايو/أيار 2018)، أنَّ  63% من الإسرائيليين يعتقدون أنَّ خطوة نقل السفارة الأميركية تصبُّ في المصلحة العليا لإسرائيل، في حين يعتقد 71% أنَّ سياسة إطلاق النار التي يتبعها الجيش في غزة لها ما يبررها. ومن جهة أخرى، يعتقد نصف المستطلعين أنَّ إيران وإسرائيل من غير المرجح أن تدخلا في حربٍ مباشرة، رغم أنَّ الاستطلاع أُجري قبل مواجهة يوم الخميس 10 مايو/أيار 2018، بحسب الصحيفة البريطانية.

قبيل افتتاح السفارة، حذر آخرون من الابتهاج إزاء الانسحاب الأميركي من الصفقة الإيرانية والهجوم الإسرائيلي على  سوريا.

كتب كيمي شاليف، محرر الشؤون الأميركية بصحيفة Haaretz الإسرائيلية ذات الميول اليسارية، أنَّ  "بنيامين نتنياهو في إسرائيل هذه الأيام بمثابة مَلك ودونالد ترمب إله"، وأضاف: "لا يستطيع منتقدو الزعيمين إلا أن يأملوا ويدعوا الله أنَّ مخاوفهم في غير محلها وأنَّ تلك النشوة لن تكون مقدمة لكارثة".

وقالت وزارة الخارجية الإيرانية إنَّ الغارات على سوريا شُنَّت بناءً على "ذرائع مخترعة"، وإنَّ دمشق لها كل الحق في الدفاع عن نفسها. وفي نبرة أكثر تحدِّياً، نُقل عن أحمد خاتمي، رجل الدين الإيراني البارز المقرب من القيادة الحاكمة، على التلفزيون الرسمي، قوله: "سنوسِّع قدراتنا الصاروخية رغم الضغوط الغربية"، بحسب الصحيفة البريطانية.

يقول الصحفي الإسرائيلي البارز، بن كسبيت، في صحيفة Maariv الإسرائيلية، إحدى أقدم الصحف اليومية بالبلاد، إنَّه إذا كانت إسرائيل تلعب مباراة كرة قدم "فستكون النتيجة 10-0 لصالحنا".

وكتب كسبيت: "المشكلة تتمثل في أنَّ صافرة النهاية لا يمكن أن تُطلق بعد الآن، اللعبة الخطرة التي جرى جرُّنا إليها يمكن أن تنقلب علينا في أي لحظة. لعبة ليس لها ضوابط أو قواعد واضحة… وتعرف المؤسسة الأمنية أنَّ هذا لم يكن حتى الشوط الأول من اللعبة. إنَّها بالكاد كانت البداية".

تحميل المزيد