عمرها 25 عاماً، وهي سعودية لن يكون ذكر الاسم مُهماً بالنسبة إليها، يكفيها اليوم أنها تعيش بالطريقة التي تريد، فهذه الشابة السعودية الهاربة عاشت مغامرة هروب صعبة قبل أن تصل إلى ألمانيا.
قصتها التي نشرت تفاصيلها مجلة التحقيقات "إكساكت"، تقول فيها إنه رغم هروبها من المملكة وابتعادها عن تلك الأراضي آلاف الكيلومترات، فإنها تعيش حالة خوف.
فهي تتلقى تهديدات بالاختطاف والقتل!
فما إن اكتشفت عائلتها هروبها حتى أصدرت المملكة مذكرة اعتقال بحقها، لأنها خرجت من دون إذن عائلتها.
أما تهمتُها غير المباشرة، فهي "مناصرة حقوق المرأة السعودية، ورفضها نظام الولاية على المرأة".
وهذه مذكرة الاعتقال التي تهددها
وتُظهر مذكرة الاعتقال التي عرضتها القناة، أن والدها قد قدَّم طلباً للقبض عليها، وورد فيها أنها تقوم "بنشاط مشبوه، وتروج لترك الدين الإسلامي، وتُعارض نظام الحكم في المملكة".
وتقول الشابة إنها تعرضت للتهديد والملاحقة مرتين من قِبل رجلين.
وتوضح أنها كانت في المرة الأولى بطريقها إلى منزلها في ألمانيا، فلاحظت شخصين يلاحقانها، وعندما وقفت أمام الباب، اقترب أحدهما منها وقال لها بالعربية إنهم يعرفون من هي، وأنها سعودية، وأنها ستندم على كل ما قامت به.
والملاحقة لا تتوقف من غرباء
وتروي أنها في المرة الثانية كانت تمشي بالشارع عندما سمعت فجأة صوت محرك سيارة خلفها بداخلها رجلان، فاختبأت خلف شجرة بسرعة، فتوقفت السيارة ونزل منها الرجلان، وهنا شعرت بالخوف ولم تعُد تعرف ما يتوجب عليها فعله، فواصلت المشي بسرعة، فركبا السيارة ولحقا بها، فعلمت أنهما يريدانها فحسب، فاختبأت خلف شجرة أخرى، ثم مرت سيدتان بالصدفة من هناك فمشت خلفهما وركضت، مشيرة إلى أنها كانت محظوظةً تلك المرة، وربما لن تكون كذلك في المرة القادمة.
وهذه رسائل التهديد التي تلقتها
وعرضت الشابة رسائل تهديد وصلت إليها بعد ذلك، يُقال فيها إن الخطف وإن كان غير ناجح تلك المرة، فسيكون في المرة القادمة ناجحاً. وقيل إن تهديدات بالقتل وصلت إليها أيضاً.
وتعيش الشابة الآن لدى عائلة ألمانية في مكان مجهول، بعد السماح لها بمغادرة مخيم استقبال اللاجئين في بلدة هالبرشتات بولاية ساكسونيا أنهالت.
رئيس جمعية: لاجئون غير سعوديين يراقبون الهاربين من المملكة
ويؤكد شتيفان باينتنر، رئيس جمعية "لاجئون علمانيون بألمانيا"، في حديث مع القناة، أن اللاجئين السعوديين، خاصةً النساء، يعانون مشكلة التعرض للمراقبة من قِبل عوائلهم، التي تعلم جيداً ما تفعل السعوديات هنا، مستشهداً بالتهديدات التي تصل إليهن من العوائل، والتي تتضمن تفاصيل عن حياتهن هنا.
ويتحدث عن مشاهدته فيديوهات مصورة بهواتف محمولة لدى سعوديات كانت جمعيته تقدم الرعاية لهن تُظهر وقوف رجال أمام نوافذ منازلهن ونظرهم إلى الأعلى، ثم ملاحقة هؤلاء أنفسهم للنساء وسط المدينة.
ويخمن أن الذين يلاحقون السعوديين ليسوا من مواطنيهم، بل ربما لاجئون من جنسيات أخرى، يُدفع لهم المال مقابل المراقبة وتقديم المعلومات، لافتاً إلى أن كثيراً من السعوديات والسعوديين أيضاً يقولون إنه ما زال يتوجب عليهم الاختباء في ألمانيا.
سعودي يقول إنه رفض التجسس على مواطنيه المعارضين لصالح استخبارات بلاده
وتتحدث القناة مع شاب متخصص بالمعلوماتية يُدعى محمد العباد (31 عاماً)، يدَّعي أنه كان معارضاً للنظام ومسجوناً في السعودية، وتم تدريبه من قِبل الاستخبارات السعودية، قبل إطلاق سراحه بعدما تظاهر بقبول عرض الاستخبارات بالتجسس على الهاربين من البلاد، كي يستطيع مغادرة المملكة.
ويقول إنه تلقى إرشادات دقيقة هاتفياً وهو في طريقه إلى ألمانيا، عمن يتوجب التجسس عليه، وعندما توقف عن الرد على مُوجِّهيه بعد خروجه، بدأت التهديدات تصل إليه، واتباع أسلوب بات معروفاً بالنسبة للهاربين من السعودية، بذكر معلومات لهم في رسائل تُظهر أنهم يعرفون مكان وجودهم في يوم معين.
ناشط معارض: اتصالات من السفارة بمراكز إيواء الهاربات
ويروي طالب عبدالمحسن، وهو ناشط يعيش بشرق ألمانيا ويقدم مشورة للسعوديات الراغبات في الهرب إلى أوروبا، كيف أن كثيرات منهن يخبرنه بأن السفارة السعودية تتصل هاتفياً بمركز إيواء اللاجئين الذي يوجدن فيه، وتسأل إن كانت اللاجئات هناك، بزعم أنها تتصرف باسم العائلات، خاصة في مخيم هالبرشتات الذي يتم إرسال طالبات اللجوء السعوديات إليه، لافتاً إلى أن السفارة تعرف أن هذا التصرف سيجعل اللاجئات يشعرن بالذعر.
وأكدت وزارة داخلية ولاية ساكسونيا أنهالت ورود مثل هذه الاتصالات إلى القناة، التي تقول إنها علمت بنقل السلطات الألمانية سعوديةً واحدةً على الأقل من مخيم هالبرشتات، لدواعٍ أمنية، إلى مكان آخر.
وانتقد "العباد" إرسال جميع السعوديين إلى مخيم الاستقبال الأَولي في هالبرشتات، وهو ما يسهل مهمة الحكومة والسفارة السعودية في ملاحقتهم، بدفع المال لأحدهم كي يراقب شخصاً بعينه، مشدداً على أنه يعتقد وجود من يراقبهم هناك، وأن السفارة تؤدي دوراً في ذلك.
ويبدي رئيس جمعية "لاجئون علمانيون بألمانيا" عدم تفهُّمه سبب إرسال جميع السعوديين إلى مخيم بلدة هالبرشتات، مذكِّراً بأن توزيعهم سيصعِّب مهمة الحكومة السعودية في مراقبتهم، داعياً إلى إلغاء الإلزام بالإقامة في مكان معين بالنسبة لهم، وفرض حظر على الكشف عن معلومات عن السعوديين/ات، لكي لا تعلم العائلات مكان الإقامة.