خطة تغيير هوية سوريا تتقدم.. النظام يريد إسقاط الجنسية عن اللاجئين

عربي بوست
تم النشر: 2019/03/04 الساعة 11:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/03/04 الساعة 11:13 بتوقيت غرينتش
الأسد يطالب اللاجئين السوريين بالعودة للوطن

من مصادرة أملاك اللاجئين إلى منعهم من المشاركة بالانتخابات، تتواصل خطط الرئيس السوري بشار الأسد لتغيير الطبيعة الديمغرافية لسوريا والتي يبدو أن آخرها سيكون إسقاط الجنسية عن اللاجئين السوريين.

فقد تقدم أحد أعضاء "مجلس الشعب" السوري بطلب لمناقشة مسألة تجنيس تركيا لجزء من اللاجئين السوريين الذين اتهمهم بأنهم "مرتهنين" لأنقرة، حسبما ورد في موقع "السورية نت".

تمهيداً لإقصائهم .. ادعاء بأنهم بقايا العثمانيين

ودعا  العضو نبيل الصالح إلى طرح الموضوع في المجلس والحديث عما وصفها بـ"النوايا المبيتة" خلف مسألة التجنيس.

وقال الصالح، في منشور على صفحته بفيسبوك، الأحد 3 مارس/آذار 2019، إنه تقدم بخطاب إلى المجلس يطالبه بمناقشة مسألة تجنيس السوريين في تركيا.

ونشر نص الخطاب الذي وجهه إلى المجلس، وأشار فيه إلى أن تركيا جنست قرابة 80 ألف سوري.

وفيما يبدو أنه تمهيد يهدف إلى إسقاط الجنسية عن اللاجئين السوريين الذين حصلوا على الجنسية التركية ادعى أن غالبيتهم ينتمون إلى "بقايا العائلات العثمانية في سوريا".

وهذا هو هدف أنقرة من توطينهم كما يقول مؤيدو النظام

ورأى البرلماني السوري أن الهدف من تجنيس هؤلاء هو "توطينهم فيما يسمى المنطقة الآمنة (التي يعارض نظام الأسد إقامتها شمال سوريا)، لاستخدام أصواتهم فيما بعد في أي استفتاء دولي حول تابعيتهم التي يختارونها (سوريا أو تركيا)"، بحسب تعبيره.

وقال الصالح إنه طلب طرح هذه القضية للمناقشة في لجنة الأمن الوطني، داعياً إلى اتخاذ ما وصفها بـ"إجراءات احترازية بخصوص اللاجئين المجنسين والمرتهنين لمشيئة التركي"، بحسب قوله.

البداية مع المقيمين في تركيا.. إسقاط الجنسية عن اللاجئين السوريين

وفي السياق ذاته، قال الصحفي الموالي لنظام الأسد أحمد الدرع إن "مجلس الشعب سيطرح موضوع سحب الجنسية من السوريين الذين تجنسوا بالجنسية التركية للنقاش، وتخييرهم بين الجنسية السورية أو التركية".

إلا أن أحداً غيره من أعضاء المجلس لم يؤكد نقاش سحب الجنسية من السوريين المجنسين في تركيا.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2017، طُرحت داخل "مجلس الشعب" مسألة السوريين المجنسين في تركيا، وسط مطالب بسحب الجنسية السورية منهم.

وآنذاك قال نقيب المحامين رئيس لجنة الحقوق والحريات في المجلس، نزار علي السكيف، إن "اللجنة تعد مذكرة لعرضها تحت القبة حول موضوع تجنيس السوريين اللاجئين خارج البلاد خصوصاً في تركيا".

وأوضح أن الهدف من طرح المذكرة "تحت القبة إصدار قرار من البرلمان السوري يوضح خطورة تجنيس السوريين لمخاطبة البرلمانات العربية والدولية حول هذا الموضوع".

ولكن الخطة قد لا تقتصر على تركيا

وليست هذه المرة الأولى التي يهاجم فيها "مجلس الشعب" تجنيس سوريين، حيث سبق أن اعتبر المجلس أنه "لا يحق لأي مواطن سوري الحصول على جنسية أخرى من دولة معادية أثناء الحرب إلى جانب الجنسية السورية".

ومن المعروف أن أغلب اللاجئين موجودون في دول يمكن أن تصنف كدولة معادية للنظام، في ظل حديثه عن حرب كونية تشن ضده.

وبالتالي فإن خطوة إسقاط الجنسية عن اللاجئين السوريين الذين حصلوا على الجنسية التركية، قد يكون بداية لحملة أوسع تستهدف اللاجئين في العالم كله.

ويشار إلى أن آخر إحصائية رسمية تُفيد بأن عدد السوريين الذين حصلوا على الجنسية التركية، وصل إلى 79 ألفاً و820 شخصاً، بحسب ما قاله وزير الداخلية التركي سليمان صويلو بداية العام الجاري 2019، من بين العدد الكلي للاجئين السوريين الذي وصل إلى 3.6 مليون شخص.

لقد بدأ بالاستيلاء على بيوتهم بالفعل

ويسعى النظام السوري تدريجياً إلى تبديد فرص عودة اللاجئين إلى بلادهم، وسن عدد من القوانين التي تسهل الاستيلاء على ممتلكاتهم، إضافة إلى خططه الرامية إلى إسقاط الجنسية عن اللاجئين السوريين.

وطالب النظام مؤخراً أكثر من 10 ملايين سوري ممن فروا من الحرب المستعرة في البلاد أن يتقدموا بإثبات ملكيتهم لمنازلهم في موعد أقصاه أوائل مايو/أيار 2019، وإلا فإن الحكومة ستضع يدها عليها.

النظام قام بعملية تطهير طائفي، ويقوم حالياً بتكييفها قانونياً/مواقع التواصل
النظام قام بعملية تطهير طائفي، ويقوم حالياً بتكييفها قانونياً/مواقع التواصل

وأثار قانون الملكية الذي أُعلن مؤخراً مخاوف واسعة النطاق لدى المواطنين السوريين الذين عارضوا بشار الأسد، من أنهم يواجهون خطر العيش في المنفى الدائم، وأن أشخاصاً آخرين ممن يُعتبرون موالين للنظام قد يُسمح لهم بالتوطين في مجتمعاتهم المحلية، بحسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.

وبما أن غالبية اللاجئين النازحين داخلياً والمغتربين خارجياً ليسوا قادرين أو راغبين في العودة لإثبات ملكيتهم للممتلكات، فإن المحللين والمنفيين يقولون إن القانون، والمعروف باسم المادة 10، والإطار الزمني الضيق المحيط به، يُمكن أن يستخدم كأداة للتغيير الديموغرافي والأمن الاجتماعي.

على خطى إسرائيل.. لماذا لا يريد الأسد إعادة اللاجئين؟

ويشبه هذا القانون قانون أملاك الغائبين في إسرائيل، الصادر عام 1950 والذي يُجيز الاستيلاء على ممتلكات الفلسطينيين الذين طردوا من أراضيهم.

كما أفادت تقارير بأن الأسد وافق على خطة فرنسية للحل في سوريا، تتضمن إجراء انتخابات، ولكن اللافت أن الرئيس السوري اشترط عدم مشاركة اللاجئين في الانتخابات.

ويسعى النظام من كل ذلك، إلى تحقيق هدفين: الأول سياسي وهو استبعاد اللاجئين وهم الفئة التي يفترض أنها الأكثر معارضة له.

والثاني طائفي، وهو إضعاف وزن الطائفة السنية باعتبار أن غالبية اللاجئين منهم.

ويشير موقع جنوبية الشيعي اللبناني إلى أن النظام السوري وحزب الله وغيرها من الميليشيات الشيعية التي تعمل تحت قيادة إيران قامت بحملات تطهير عرقي ممنهج في العديد من المناطق السورية خاصة حول دمشق.

وسبق أن حذفت جريدة الأخبار اللبنانية الموالية لحزب الله، مقالاً للكاتب الأردني الراحل ناهض حتر الصديق للنظام السوري يقسم السوريين بين لاجئين ومقيمين، وقسمهم ما بين "إرهابيين" و"وطنيين" و"عبيد" و"مسلحين"، وهاجم اللاجئين معتبراً أن الأفضلَ بقاؤهم في الخارج.

والنتيجة: هوية سوريا قد تتغير للأبد

وتتوقع مؤسسات دولية أن النظام لن يقبل بعودة اللاجئين حتى بعد انتهاء النزاع، عكس مع حدث في دولة أخرى كالبوسنة والعراق، ما يشير إلى أن أحد خياراته هو إسقاط الجنسية عن اللاجئين السوريين.

إذ إن النظام حريص على عدم عودة اللاجئين لتغيير طبيعة سوريا الديمغرافية للأبد، باعتبار أن أغلب اللاجئين من السنة، حسبما يشير تقرير لمركز كارنيغي.

ففي أعقاب النزاعات المماثلة التي شهدتها دول مثل البوسنة والهرسك والعراق كانت الأغلبيات الإثنية أو الطائفية هي أسرع من الأقليات في العودة إلى الوطن بعد مرحلة من النزوح.

لكن هذه لن تكون الحال في سوريا؛ حسبما يرى التقرير.

والسبب أن معظم اللاجئين السوريين هم من المسلمين السنّة الذين يشكّلون الأغلبية في سوريا، وهم يعارضون النظام.

ومع بقاء الأسد في سُدة السلطة، ونظراً إلى انتشار الفوضى والدمار، تبدو آفاق عودة اللاجئين الطوعية بالغة الضآلة، كما أن عودة عدد كبير منهم مستبعدة نظراً إلى مساعي النظام المتواصلة لنقل السكان قسراً وإعادة توطينهم.

فالنسيج الاجتماعي في العديد من المناطق يتغيّر رأساً على عقب بحيث يتعذّر التعرف إليه، وهذه حال يبدي إزاءها اللاجئون قلقهم العميق، حسب كارنيغي.

 

تحميل المزيد