«شالوم» في خان الخليلي.. الإسرائيليون يشعرون بسعادة غامرة من الترحيب الحار بهم في مصر بعد 8 سنوات من الثورة

عربي بوست
تم النشر: 2019/03/02 الساعة 10:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/03/30 الساعة 17:43 بتوقيت غرينتش
Tourists are seen in a popular tourist area named "Khan el-Khalili" in the al-Hussein and Al-Azhar districts in old Islamic Cairo, Egypt December 30, 2018. REUTERS/Mohamed Abd El Ghany

كانت الإذاعة الداخلية في مطار بن غوريون تنادي على آخر المسافرين على متن طائرة شركة سيناء للطيران بالرحلة رقم 4D 55 للتقدم إلى بوابة الخروج، وكان المضيفون الذين يرتدون الزيّ الموحد لشركة سيناء للطيران يرحبون بالمسافرين على متن الطائرة، مشهد يعكس كيف أصبح شكل العلاقة بين بلدين خاضا عدة حروب انتهت بمعاهدة سلام قبل 40 عاماً.

ولا يذكر موقع شركة الخطوط الجوية الوطنية المصرية أي شيء عن تل أبيب. إذ لا تملك شركة سيناء للطيران، الشركة التابعة لمصر للطيران والمخصصة لخط القاهرة-تل أبيب، موقعاً إلكترونياً على الإطلاق.

نخب تقاطع وتجار يرحبون بالزوار

يلخص هذا الوضع الفريد، الذي يعد جزءاً من معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، جوهر العلاقة بين إسرائيل ومصر، مع احتفالهما بالذكرى الأربعين لمعاهدة السلام الموقعة بينهما في مارس/آذار 1979.

فبينما يحظى البلدان بسفارات متبادلة، فإنَّ قادة البلدين لا يزوران بعضهما بعضاً إلا مرات محدودة في الفترة الأخيرة والتي كان آخرها لقاء جمع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين ونتنياهو في قصر الاتحادية، وبينما تقاطع النخبة المصرية الإسرائيليين، فإن هناك بعض القطاعات المستفيدة من الشعب ترحب بهم بحرارة بحسب تقرير لموقع Al-Monitor الأمريكي.

بعد أكثر من ساعة بقليل من إقلاع الطائرة من إسرائيل، قاد أحد المرشدين مجموعة من 26إسرائيلياً ناحية صالة الركاب بمطار القاهرة الدولي. وفي صف مراجعة جوازات السفر، قال رجل أبيض الشعر من هذه المجموعة لموقع Al-Monitor، إنَّ أطفاله قد حثوه على التخلي عن هذه "الرحلة الخطيرة" إلى بلد عربي. وقالت امرأة أخرى من المجموعة إنَّ أصدقاءها عندما علموا بسفرها إلى مصر أخبروها بأنها "مجنونة". وفي غضون ذلك، نظر ضباط الشرطة بسرعة إلى التأشيرات في جوازات سفر الزوار والمختومة من السفارة المصرية في تل أبيب، وتركوهم لحال سبيلهم، في وقت أسرع من إجراءات مراقبة الحدود في مطارات نيويورك.

أحد رجال الشرطة المصريين يراجع جوازات سفر السياح عند معبر طابا بين مصر وإسرائيل/ رويترز
أحد رجال الشرطة المصريين يراجع جوازات سفر السياح عند معبر طابا بين مصر وإسرائيل/ رويترز

وبالكاد تستطيع وكالات السفر الإسرائيلية مواكبة الطلب على الرحلات لمصر. وبعد 8 سنوات من ثورة 2011 التي أبعدت السياح عن الأهرامات والمعابد الفرعونية في جنوب مصر، فإنَّ الإسرائيليين يتوافدون على جارتهم الجنوبية.

وقال المرشد السياحي، ديفيد نيغيف، من وكالة Ayala السياحية، الذي قام بهذه الرحلة 70 مرة، لموقع Al-Monitor: "عادة ما يكون هذا هو البلد العربي الأول الذي يزوره معظمهم. يصلون ببعض الذعر، ويعودون إلى ديارهم مبعوثين للسلام".

وحيت صيحات "شالوم" و"أهلاً" بالعبرية هذه المجموعة في بازار خان الخليلي الصاخب بالقاهرة. وقال أحد التجار، نصف مازح، لسائح إسرائيلي يساوم على سعر جلابية: "عشرون جنيها [1.14 دولار] ليست شيئاً بالنسبة لك. نحن نعرف أنكم جميعاً مليونيرات في تل أبيب".

هل تعرّض المصريون لخديعة السلام؟

بعد هذا اللقاء الودي مع تجار البازار، تساءل أعضاء من المجموعة الإسرائيلية عن السبب الذي يقال من أجله إنَّ العلاقة مع مصر "سلام بارد"، وعلموا أنَّ المصريين يشعرون بأنَّ إسرائيل قد ضللت مهندس معاهدة السلام، رئيسهم الراحل أنور السادات.

يشعر المفكرون والسواد الأعظم من الشعب المصري بأنهم تعرضوا للخديعة عندما يرون الجنود الإسرائيليين يطاردون الأطفال الفلسطينيين في مدينة الخليل بالضفة الغربية، وعندما يسمعون رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتعهد بعدم إقامة دولة فلسطينية أبداً ما دام موجوداً في السلطة.

ويتذكر الصحفيون والمفكرون التحذير الصارم الذي أطلقه رئيسهم من منصة الكنيست في نوفمبر/تشرين الأول عام 1977 بأنَّه "في ظل غياب حل عادل للمشكلة الفلسطينية فلن يكون ثمة سلام دائم وعادل أبداً".

في 31 مارس/آذار الجاري، بعد 40 عاماً تقريباً من اليوم الذي وقعت فيه إسرائيل أول اتفاقية سلام لها مع بلد عربي -وهي خطوة أدت إلى طرد مصر من جامعة الدول العربية- سوف يجتمع زعماء المنظمة في قمتهم السنوية في تونس.

وتراهن الإدارة الإسرائيلية بدعم من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على دمج إسرائيل التي ما زال ينظر لها من قبل أغلب الشعوب العربية والإسلامية على أنها عدو في المنطقة.

وشهد مؤتمر وارسو الذي عقد في فبراير الماضي وشارك فيه مجموعة من القادة العرب طاولة واحدة مع نتنياهو تحولاً كبيراً في العلاقة بين الطرفين، وصفها نتنياهو نفسه بأنها "نقطة تحول تاريخية"، فللمرة الأولى يجلس رئيس وزراء خارجية عرب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي في غرفة واحدة، للحديث عما سموه التهديد الإيراني لمنطقة الشرق الأوسط.

ظلت الدول العربية مترددة حتى الآن في إظهار العلاقات العلنية مع إسرائيل؛ خوفاً من الإحراج الداخلي، لكن هناك دلائل متزايدة على تحسُّن العلاقات.

وفي نهاية رحلة المجموعة الإسرائيلية حثت الإذاعة الداخلية في مطار القاهرة الدولي جميع المسافرين على رحلة شركة سيناء للطيران رقم 4D 54 بالتقدم فوراً إلى بوابة الخروج. كان مكتوباً على اللافتة المضاءة خلف مكتب التسجيل لشركة مصر للطيران: "تل أبيب". التقط أحدهم صورة تذكارية، فقط ليكون في الجانب الآمن.

رسالة واضحة من لقاء وارسو.. و بدأ زمن التطبيع بلا خجل بين الحكام العرب وإسرائيل

 

تحميل المزيد