صاحبت واقعة إعدام 9 شباب مصريين، الأربعاء 20 فبراير/شباط 2019، حالة من الفزع؛ خوفاً على مصير نحو 50 مصرياً آخرين صدر بحقهم حكم حضوري نهائي بالإعدام.
مع تصاعد حالة الغضب من تسريع الحكومة المصرية وتيرة الإعدامات التي طالت 15 شخصاً خلال 3 أسابيع، بدأت بعض الأنباء تتطاير عن نقل 6 متهمين بقتل حارس قاضي المنصورة (شمال القاهرة) من مقر احتجازهم؛ تمهيداً لتنفيذ حكم الإعدام بحقهم، غير أن الخبر لم يكن صحيحاً، فسرعان ما تم نفيه.
تصاعد القلق من تنفيذ إعدامات جديدة
إلا أن حالة القلق تزداد مع تصاعد هجوم الإعلام والمؤسسة الدينية الرسمية، ممثلة في وزارة الأوقاف، على جميع من صدرت بحقهم أحكام بالإعدام وينتمي أغلبهم إلى جماعة الإخوان المسلمين.
ونفذت الحكومة المصرية حكم الإعدام الأربعاء 20 فبراير/شباط 2019، في 9 أشخاص اتُّهموا باغتيال النائب العام، هشام بركات، في هجومٍ عام 2015.
وقالت منظمة العفو الدولية، التي ناشدت السلطات المصرية وقف تنفيذ الحكم: "تنفيذ عمليات الإعدام هذه ما هو إلا دليل صارخ على استخدام الحكومة المتزايد عقوبة الإعدام".
وأضافت المنظمة: "يجب على السلطات المصرية أن توقف فوراً موجة الإعدام الدامية هذه التي أعدمت خلالها الناس بشكل متكرر بعد محاكمات فادحة الجور، في الأسابيع الأخيرة".
وقال تيموثي كالداس، الباحث بمعهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، إن الإعدامات "تشير إلى توجُّه مقلق لدى الحكومة يُظهر أن الإعدام أداة للانتقام بعد الهجمات الإرهابية، لا أنه ينفَّذ في إطار منظومة عدالة جنائية منهجية".
ويقول السيسي، الذي انتُخب رئيساً عام 2014 وأُعيد انتخابه العام الماضي (2018)، إنه يعمل على تحقيق الاستقرار والأمن لمصر.
هل يمكن العفو عن المحكوم عليهم بالإعدام؟
وبحسب الإحصائيات، ينتظر 50 مصرياً تنفيذ أحكام نهائية صادرة بحقهم بالإعدام شنقاً، في حال التصديق الرئاسي عليها، مع وجود صلاحية قانونية تسمح بالعفو الرئاسي عنهم أو تخفيف الحكم.
والعفو الرئاسي عمَّن صدر بحقه حكم بالإعدام أو تخفيف الحكم، إجراءان لم يحدث أي منهما حتى اليوم في عهد الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، الذي تولى الرئاسة في 8 يونيو/حزيران 2014.
ومنذ عام 2015 حتى الأربعاء 20 فبراير/شباط 2019، نفذت السلطات 42 حكماًً بالإعدام دون إعلان مسبق للتنفيذ، أو إصدار السيسي أمراًً بالعفو، أو إبدال العقوبة وفق صلاحياته.
وفي مقابل تشكيك دائم في صحة أحكام الإعدام، واعتبار جهات حقوقية محلية ودولية أنها "مسيَّسة"، وتأكيد أهالي المتهمين أن اعترافات ذويهم تمت تحت التعذيب والإكراه- ترفض السلطات المصرية، وفق بيانات رسمية سابقة بشكل تام، أي مساس بالقضاء المصري.
وتقول القاهرة إن القضاء بشقيه المدني والعسكري مستقل ونزيه، ويخضع المتهمون أمامهما لأكثر من درجة تقاضٍ، رافضة أي اتهامات تنال من استقلاليتهما.
هل يتراجع السيسي عن الإعدامات مع تصاعُد الغضب الدولي؟
يأتي تنفيذ أحكام الإعدام بالتزامن مع مؤتمر مهم بالنسبة لمصر وهو القمة العربية-الأوروبية المقرر انعقادة بشرم الشيخ (شمال شرقي مصر) يومي الأحد والإثنين 24 و25 فبراير/شباط 2019.
ورغم ضعف الموقف الأوروبي الذي لم يدِن صراحةً الإعدامات، واكتفت بريطانيا بإعلان رفضها عقوبة الإعدام، فإن تنفيذ السلطات المصرية أحكام الإعدام هذه بالتزامن مع حضور قادة أوروبا إلى مصر قد يضعهم في مأزق، خاصة مع ظهور بعض المطالبات التي دعت الأوروبيين إلى مقاطعة "القمة العربية-الأوروبية".
إذ بعث مجموعة من السياسيين والحقوقيين المصريين برسالة موجهة إلى البرلمان الأوروبي، وفيديريكا موغيريني الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، وتيريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا، وغيرهم من قادة الاتحاد الأوروبي، طالبوهم فيها بإلغاء حضورهم القمة، المزمع عقدها بمدينة شرم الشيخ، الأحد.
وجاء في الرسالة أن "حضور القمة سيكون تشجيعاً للممارسات التي يقوم بها (الرئيس المصري عبد الفتاح) السيسي، ويضفي عليها الشرعية بصفة عامة".
وحذرت من أن "عمليات الإعدام من المتوقع أن تستمر على المنوال نفسه".
هناك رأي آخر يرى أن السيسي لا يهتم بغضب أوروبا
في المقابل، يذهب ديفيد هيرست، رئيس تحرير موقع "ميدل إيست آي"، إلى أن السيسي يستغل القادة الأوروبيين ضمن حملة لاكتساب شرعية دولية، مهَّد لها بإعدام عدد قياسي من المعتقلين في سجونه، وأن توقيت الإعدامات ليس مصادفة، فهي تأتي قبيل أيام فقط من استقبال السيسي قادة أوروبا، وأنها كانت رسالة يقول فيها السيسي للمصريين إنه يستطيع أن يفعل ما يريد مع من يريد وينجو بفعلته على المسرح الدولي. وهي عكس الرسالة التي قصد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، توصيلها عندما قال إن الأمن لا يمكن فصله.
وأشار هيرست إلى أن هذه الإعدامات مجرد بداية فقط.
50 إعداماً منتظراً
وقد صدرت أحكام نهائية حضورية بإعدام 50 شخصاً في قضايا بارزة مرتبطة باتهامات بالعنف والقتل، وهو ما ينفيه المتهمون، هي على النحو التالي:
– 24 سبتمبر/أيلول 2018: "مذبحة كرداسة"
المحكمة: النقض (أعلى محكمة في مصر).
عدد المدانين بالإعدام: 20 شخصاً.
التهمة: اقتحام مركز شرطة، وقتل 17 شرطياً، والشروع في قتل 11 آخرين.
عُرفت إعلامياً بـ "مذبحة كرداسة" (غرب القاهرة).
– 28 أبريل/نيسان 2018: "أحداث مطاي"
المحكمة: النقض.
عدد المدانين بالإعدام: 6 أشخاص.
التهمة: اقتحام قسم شرطة "مطاي" بمحافظة المنيا وسط البلاد، وقتل مسؤول أمني.
عُرفت إعلامياً بـ "أحداث مطاي"، ووقعت بالتزامن مع فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة بالقاهرة الكبرى في أغسطس/آب 2013.
– 26 مارس /آذار 2018: "العمليات المتقدمة"
المحكمة: الطعون العليا (عسكرية).
عدد المدانين بالإعدام: شخصان.
التهمة: تشكيل جماعة على خلاف القانون تهدف إلى تعطيل أحكام الدستور، ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحريات، بالإضافة إلى حيازة أسلحة وذخيرة بقصد الإخلال بالأمن العام، وتصنيع مفرقعات.
عُرفت إعلامياً بـ "العمليات المتقدمة"، وترجع وقائعها إلى عام 2015.
تقدَّم دفاع المتهمين بالتماس لوقف تنفيذ الحكم، وتم حجزه للحكم إلى أواخر فبراير/شباط 2019، لنظر المرافعة الموضوعية من جديد.
– 16 سبتمبر/أيلول 2017: "التخابر مع قطر"
المحكمة: النقض.
عدد المدانين بالإعدام: 3 أشخاص، وهم: أحمد علي (منتج أفلام وثائقية)، وأحمد إسماعيل (أكاديمي)، ومحمد كيلاني (مضيف جوي).
التهمة: التخابر مع دولة أجنبية، وإدارة والانضمام إلى جماعة محظورة.
عُرفت إعلامياً بـ "التخابر مع قطر".
– 3 يوليو/تموز2017: "شغب الإسكندرية"
المحكمة: النقض (مدنية).
عدد المدانين بالإعدام: شخصان.
التهمة: ارتكاب جرائم القتل العمد، ومقاومة السلطات، وتخريب ممتلكات عامة.
عُرفت إعلامياً بـ "شغب الإسكندرية"، ووقعت بالتزامن مع فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة بالقاهرة الكبرى في أغسطس/آب 2013.
– 7 يونيو /حزيران 2017: "حارس المنصورة"
المحكمة: النقض (مدنية).
عدد المدانين بالإعدام: 6 أشخاص.
التهمة: قتل شرطي وحيازة متفجرات، بمدينة المنصورة (شمال).
عُرفت إعلامياً بـ "حارس المنصورة".
– 24 أبريل /نيسان 2017: "فضل المولى"
المحكمة: النقض (مدنية).
عدد المدانين بالإعدام: شخص واحد، فضل المولى حسني الداعية الإسلامي المناصر لـ "محمد مرسي"، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطياً.
التهمة: أعمال عنف وشغب.
عُرفت إعلامياً بـ "فضل المولى"، ووقعت في الإسكندرية عقب فض اعتصامَي رابعة العدوية والنهضة بالقاهرة الكبرى في أغسطس/آب 2013.
– 20 فبراير/شباط 2017: مذبحة بورسعيد
المحكمة: النقض (مدنية).
عدد المدانين بالإعدام: 10 أشخاص.
التهمة: أعمال عنف وشغب.
عرفت إعلامياً بـ "مذبحة بورسعيد"، التي وقعت عقب مباراة ناديي الأهلي والمصري البورسعيدي في فبراير/شباط 2012، وراح ضحيتها 72 مشجعاً.
ووفق القانون المصري، فإنه "متى صار الحكم بالإعدام نهائياً ترفع أوراق المدان فوراً إلى رئيس الجمهورية عبر وزير العدل، وينفذ الحكم الصادر بالإعدام إذا لم يصدر الأمر بالعفو، أو إبدال العقوبة خلال 14 يوماً".