قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إنه من الواضح أن كتابات ديفيد كيركباتريك (مراسلها الصحفي)، أغضبت السلطات المصرية وبالتالي قامت باحتجازه الإثنين 19 شباط/ فبراير في مطار القاهرة، قبل أن تقوم بترحيله إلى لندن.
وكانت السلطات المصرية قد احتجزت كيركباتريك بعد وصوله هناك لمدة سبع ساعات دون طعام أو ماء وقامت بمصادرة هاتفه وعزله انفرادياً قبل أن يجبره رجال الأمن على الصعود لطائرة متوجهة إلى لندن، فمن هو الصحفي الذي أغضب السلطات المصرية ومنعته من دخول أراضيها؟
"في أيدي العسكر"
خلال سنوات الربيع العربي، تولى الصحفي المخضرم كيركباتريك، إدارة مكتب صحيفة نيويورك تايمز في القاهرة بين عامي 2011 و2015، وكان قد كتب عدة مقالات انتقد فيها النظام المصري والأنظمة القمعية الأخرى في المنطقة.
كما ألف كيركباتريك كتاباً العام الماضي تحت عنوان "في أيدي العسكر" تناول فيه أحداث الثورة المصرية. غطى فيه انتفاضة الربيع العربي في عام 2011 والاضطرابات العنيفة التي أحاطت بالانقلاب العسكري عام 2013 التي جلبت عبد الفتاح السيسي إلى السلطة في مصر.
وتناول كيركباتريك في كتابه الذي أغضب السلطات المصرية، قوى الثورة المضادة التي تَلت فوز الرئيس المصري السابق محمد مرسي. وتحدث فيه عن كيفية تلاعب الجيش المصري بالنشطاء الثوريين، الذين تحوّلوا لاحقاً إلى مُمهدين للأرضية المناسبة لقيام انقلاب عسكري بقيادة السيسي.
تثير كتابات كيركباتريك جدلاً واسعاً لدى القاهرة، إذ كان ينتقد الإعلام الموالي للحكومة في مصر بتقاريره على الدوام، ففي مقال نشر له في العام الماضي، وصف فيه الجهود التي يبذلها ضباط المخابرات المصرية لتوجيه تغطية وسائل الإعلام المصرية على مواضيع حساسة مثل العلاقات مع إسرائيل.
Wondering how Egypt cycled back to autocracy? Here is the latest by @declanwalsh El-Sisi May Rule Egypt Until 2034 Under Parliamentary Plan https://t.co/HiTQHdRkw1 / And my book on the subject, including Sisi's Egypt today: https://t.co/RY5j1lRmc9
— David D. Kirkpatrick (@ddknyt) February 15, 2019
في الوقت نفسه، تعرض كيركباتريك لهجوم عنيف من الإعلام المصري، إذ اتهمته صحيفة "اليوم السابع" الموالية للحكومة بأنه يتعمد "تشوية صورة مصر" بعد أن كتب تقريراً عن "قبول مسؤولين مصريين سراً" اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل.
يأتي منع كيركباتريك من دخول الأراضي المصرية في إطار حملة شرسة على الإعلام في مصر خلال السنوات الماضية، إذ تعد مصر من أسوأ البلدان التي تعامل الصحفيين، إذ احتلت المرتبة 161 بين 180 بلداً في مؤشر حرية الصحافة في العالم لعامي 2018 و2017.
ترامب يشجع القاهرة على أفعالها ضد الصحفيين
تقول صحيفة نيويورك تايمز، إن ما فعلته القاهرة مع مراسلها كيركباتريك ، هو تصعيد لحملة قمع شديدة ضد وسائل الإعلام تحت قيادة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وتضيف الصحيفة: لقد تحمل الصحفيون المصريون عبء قمع السيسي بشكل كبير، حيث تم سجن العشرات أو تم إجبارهم على الخروج من البلاد، لكن مؤخراً، أدى تراخي الولايات المتحدة في انتقاد ومواجهة هذه الحملات القمعية، إلى اتخاذ السلطات المصرية إجراءات أقوى ضد ممثلي وسائل الإعلام الغربية، بما في ذلك الطرد من البلاد دون أي مبرر.
لقد سجنت مصر عشرات الصحفيين في السنوات الأخيرة، على سبيل المثال، المصور الصحفي محمود أبو زيد، المعروف باسم شوكان، هو أبرز صحفي مسجون هناك. وكان من المقرر إطلاق سراحه في سبتمبر/أيلول بعد خمس سنوات في السجن، لكنه ما زال رهن الاعتقال لأسباب غير واضحة.
وتضيف الصحيفة الأمريكية: تستنكر السلطات المصرية بشكل روتيني جماعات حقوق الإنسان والصحفيين المستقلين وغيرهم من النقاد بوصفهم "عملاء لقوى أجنبية أو ناشرين لأخبار زائفة"، تماماً كتلك العبارات التي بتنا نسمعها في واشنطن.
إذ يشعر المدافعون عن حرية الصحافة بالقلق من أن هجمات الرئيس ترامب على الصحفيين ووسائل الإعلام تشجع المستبدين في جميع أنحاء العالم على اتخاذ إجراءات صارمة ضد الصحافة.