في السر والعلن تتواصل اللقاءات في إطار مشاورات المعارضة الجزائرية للاتفاق على مرشح توافقي لمنافسة الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية المقررة في أبريل/نيسان 2019.
فقد انعكس الإعلان الرسمي لبوتفليقة الذي يبلغ من العمر 81 عاماً عن خوضه غمار الانتخابات للمرة الخامسة على التوالي، على نشاط واستراتيجية أحزاب المعارضة، والتي وجدت نفسها في مفترق الطرق أما الوحدة أو الاكتفاء بالتمثيل الذي قد يراه البعض غير مشرف.
ويبلغ عمر بوتفليقة 81 عاماً، وتعرض في عام 2013، لجلطة دماغية أفقدته القدرة على الحركة، لكنه واصل الحكم، حيث يظهر نادراً في التلفزيون الرسمي خلال استقبال ضيوف أجانب، أو ترؤُّس اجتماعات لكبار المسؤولين، إلى جانب رسائل لمواطنيه في المناسبات الوطنية والدينية.
وصل بوتفليقة للحكم في عام 1999 ولعب دوراً كبيراً في تحقيق الاستقرار والمصالحة الوطنية التي أنهت حرباً أهلية نشبت بعد إنقلاب الجيش إثر فوز الإسلاميين في الانتخابات البرلمانية في مطلع التسعينيات.
إنها فرصتهم الأخيرة
ويجزم مراقبون بأن مشاورات المعارضة الجزائرية للاتفاق على مرشح توافقي ستكون "الفرصة الأخيرة" لدخول الاقتراع بحظوظ أوفر.
لكن، وقبل أقل من 3 أسابيع على إغلاق باب الترشح، لا تزال المعارضة مشتتة، غير قادرة على حسم أمر توحدها، رغم التصريحات الإيجابية التي تصدر من أقطابها.
البعض من أحزابها اختار تقديم مرشحيها بشكل منفصل، وأخرى أعلنت مقاطعة اقتراع "لا توجد أي فرصة للتغيير من ورائه".
في حين تحاول أخرى الدفع بمشاورات حتى خارج عائلتها السياسية، بحثاً عن توافق "اللحظات الأخيرة".
بين المشاركة والمقاطعة والتمثيل المشرف
وكان حزب "طلائع الحريات" قد أعلن ترشيح رئيسه علي بن فليس، والأخير هو رئيس حكومة سابق (2000 -2003)، ومرشح للرئاسة مرتين 2004 و2014.
كما أعلنت حركتا "مجتمع السلم"، و"البناء الوطني" الإسلاميتان، ترشح رئيسيهما على التوالي عبدالرزاق مقري، وعبدالقادر بن قرينة.
وأعلن "حزب العمال" (يسار) نيته ترشيح أمينته العامة لويزة حنون، في هذا السباق، إضافة للجنرال المتقاعد علي غديري.
في حين أعلن حزبا "جبهة القوى الاشتراكية" (يسار)، و"التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" (علماني)، مقاطعة الانتخابات بدعوى "عدم وجود فرصة للتغيير".
والحزبان تقع معاقلهما الرئيسية في منطقة القبائل (موطن أمازيغ الجزائر شرق العاصمة).
مشاورات المعارضة الجزائرية للاتفاق على مرشح بدأت بمبادرة المرشح الإسلامي
بدأ قادة الأحزاب المعارضة في لقاءات سرية وعلنية لدراسة مقترح رئيس حزب العدالة والتنمية عبدالله جاب الله، حول تقديم مرشح توافقي لهذه الأحزاب التي تعارض النظام وتطالب بالتغيير.
وشرعت قيادة الحزب في إجراء اتصالات مع مختلف أقطاب المعارضة ومرشحين من أجل تجسيد مشروعها، في تحركات تبدو أشبه بسباق مع الزمن قبل موعد إغلاق باب تقديم الترشحات لمنصب الرئاسة، في 3 مارس/آذار القادم.
وعقد حزب العدالة والتنمية بحسب بن خلاف "لقاءات سرية وعلنية مع اللواء المتقاعد علي غديري ورئيس حزب طلائع الحريات علي بن فليس الذي حل في المرتبة الثانية بعد بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
كما شملت اللقاءات رئيس حزب الفجر الجديد الطاهر بن بعيبش ورئيس الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي (غير المعتمد) كريم طابو ورئيس اتحاد القوى الديمقراطية الاجتماعية نورالدين بحبوح ورئيس حزب الحرية والعدالة محمد السعيد".
وهناك استحسان للفكرة من قبل العديد من الأحزاب المعارضة
رئيس المجلس الشوري لجبهة العدالة والتنمية، لخضر بن خلاف قال لـ"عربي بوست "إن مبادرة رئيس حزبه لقيت استحساناً لدى عديد الأحزاب المعارضة، الذين أكدوا رغبتهم في دخول انتخابات 18 أبريل/نيسان 2019 باسم مرشح واحد.
وأضاف أن عبدالله جاب الله ستكون له قريباً لقاءات مع أحزاب أخرى وعلى رأسها حزب حركة مجتمع السلم الدكتور عبدالرزاق مقري ذو الجذور الإسلامية أيضاً".
وعن احتمالات نجاح وفشل مشاورات المعارضة الجزائرية للاتفاق على مرشح توافقي، يرد قائلاً "هذه المبادرة جاءت في وقت صعب للغاية، مع إعلان بوتفليقة الترشح لولاية جديدة، وتمسك النظام بالكرسي، ورفض جميع الأحزاب المعارضة للواقع والبقاء في دور المتفرج لما يحدث".
تحالف جديد للمعارضة قد يخرج للنور
ولا يستبعد بن خلاف أن تكون في الأيام القليلة القادمة "لقاءات تضم تلك الأحزاب لدراسة ومناقشة مبادرة العدالة والتنمية، وتكون على شكل ندوة وطنية باسم تحالف المعارضة".
واعتبر أن هذه الخطوة ستكون نتيجة مشاورات المعارضة الجزائرية للاتفاق على مرشح توافقي في موافقة بوتفليقة.
كانت أحزاب التحالف الرئاسي الذي يضم كل من الحزب الحاكم جبهة التحرير الوطني، وغريمه التقليدي التجمع الوطني الديمقراطي، بالإضافة الى تجمع أمل الجزائر والحركة الشعبية، قد توحدوا من أجل إبقاء الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في كرسي قصر المرادية (مقر الرئاسة) لولاية خامسة.
في المقابل تبدي أحزاب المعارضة رغبة في إحداث التغيير بتوحدها، وجمع الأصوات المشتتة لها يميناً وشمالاً، من أجل إزاحة الرئيس الذي يحكم الجزائر منذ 20 عاماً.
باق نقطتان لإتمام خطة إسقاط الرئيس، وهكذا سيتصدون لاحتمالات التزوير
نقطتان هامتان مازالتا هما التي تعرقلان نجاح مشاورات المعارضة الجزائرية للاتفاق على مرشح توافقي في مواجهة بوتفليقة.
لخضر بن خلاف، رئيس مجلس شورى "جبهة العدالة والتنمية" (إسلامي)، قال لوكالة أناضول، "خلال الأسبوع الثاني، سنعمل على عقد لقاءات جماعية بين أقطاب المعارضة حول نقطتين هامتين؛ الأولى تتعلق بهوية مرشح المعارضة التوافقي، والثانية ببرنامجه الانتخابي والبرنامج الذي سيطبقه في حال وصوله للحكم".
صدى الترشح للإنتخابات الرئاسية الجزائرية 2019 :
التحالف الرئاسي رشح الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة و المعارضة الجزائرية تدخل غمار الإنتخابات بشخصيات وازنة أبرز المرشحين للإطاحة ببوتفليقة: رشيد نكاز ، علي غديري ،عبد الرزاق مقري ،طاهر ميسوم، غاني مهدي، علي بن فليس pic.twitter.com/QgeT70aj9N— Free journalist (@Freejournalis14) February 12, 2019
وحسب بن خلاف، فإن "أصحاب المبادرة يعتقدون أنه رغم ضيق الوقت لتحقيق التوافق، لكن هناك إرادة لتحقيق ذلك قبل موعد إغلاق أبواب الترشح في 3 مارس القادم".
وعن قدرة مرشح المعارضة التوافقي على منافسة الرئيس بوتفليقة، تابع: "عندما تتعاون المعارضة وتقف وراء مرشح واحد، وتقوم بحراسة 60 ألف مكتب تصويت، فسيكون هناك حاجز أمام من يريدون التزوير".
وأضاف "البعض يقول إن السباق محسوم مع دخول رئيس الجمهورية السباق، لكن المعارضة ستقوم بمقاومة سياسية وتحرج المزورين".
وشدد بن خلاف، على أن "خيار الانسحاب من الانتخابات يظل مطروحاً في حال رأت المعارضة أن السباق محسوم سلفاً، أو أنه يجري في ظروف غير نزيهة".
مادامت متفرقة فإن الرجل باق للأبد
ولكن لماذا تفكر المعارضة في التوحد هذه المرة، واكتسبت مشاورات المعارضة الجزائرية للاتفاق على مرشح توافقي هذه الأهمية.
"أحزاب المعارضة تيقنت مع مر الوقت، ومن تشبث الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة بكرسي الحكم، بأن نشاطها بشكل فردي بات لا يكرر سوى السيناريوهات السابقة، أي التنافس فيما بينهم، وفوز مرشح السلطة".
بهذه الكلمات فسر أستاذ العلوم السياسية عبدالحيكم كالي التوجه الحالي للمعارضة الجزائرية للتوحد.
وقال كالي مؤكداً لـ"عربي بوست" إن "تجمع هذه الأحزاب تحت لواء واحد، يهدف أساساً إلى إسقاط الرئيس الحالي عبدالعزيز بوتفليقة، وإيصال رئيس جديد لحكم البلاد".
ومن هنا تأتي أهمية، مشاورات المعارضة الجزائرية للاتفاق على مرشح توافقي لمنافسة بوتفليقة.
فقد سبق أن سحقهم
"أحزاب المعارضة، أثبتت فشلها في الاستحقاقات الانتخابية السابقة، لاسيما في في الانتخابات الرئاسية التي عقدت 2014″، حسبما يقول كالي.
ويشير إلى أنه في ذلك الوقت "سحقهم عبدالعزيز بوتفليقة بنسبة 81.53%، وحتى منافسه الأقرب علي بن فليس لم تتعد أصواته نسبة 12.18%".
وأردف قائلاً "وبالتالي فإن أحزاب المعارضة ترى أن التوافق على مرشح وحده قادر على إزاحة الرئيس".
وبالتالي فإن لم تنجح مشاورات المعارضة الجزائرية للاتفاق على مرشح توافقي أمام الرئيس، فإنه لا فرصة لها تقريباً لإحداث تغيير.
وصيف الرئيس يرحب بالمبادرة
رئيس حزب طلائع الحريات، ورئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس، اعتبر أن مبادرة حزب العدالة والتنمية، هي بمثابة المبادرة التي يمكنها أن تحقق التغيير في البلاد، في ظل ما يحاك لها داخلياً وخارجياً".
وقال علي بن فليس في تصريح لـ"عربي بوست" إن تجمع الأحزاب الموالية للسلطة والذي جاء لأغراض مصالح ضيقة، ومن دون مراعاة للحالة الصحية للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، يجب أن يقابل بوحدة المعارضة بما يصب في مصلحة البلاد.
وأضاف "إن حزب طلائع الحريات، من أكثر الأطراف ترحيباً بمبادرة عبدالله جاب الله، وهو مستعد لدعمها والذهاب بها بعيداً من أجل إحداث التغيير، وتحقيق الحلم الذي ينتظره الجزائريون، في رؤية شخص غير بوتفليقة رئيساً"، حسب تعبيره.
وأكبر حزب إسلامي يعلن موافقته المبدئية، حتى أنه مستعد للتضحية
حركة مجتمع السلم (أكبر حزب اسلامي جزائري)، أكدت موافقتها المبدئية للمبادرة التي أطلقها رئيس جبهة العدالة والتنمية عبدالله جاب الله، المتعلقة بالالتفاف حول مرشح معارضة توافقي.
وقال المكتب التنفيذي الوطني لحركة مجتمع السلم في بيان له "إنه سبق لرئيس الحركة عبدالرزاق مقري أن عرض الفكرة ذاتها في الشهرين الأخيرين على العديد من الشخصيات ورؤساء الأحزاب التي كانت تشكل هيئة التشاور والمتابعة للمعارضة في لقاءات جماعية وثنائية".
ولم يستبعد الحزب إعادة اتخاذ قرار جديد بشأن ترشيح مقري للرئاسيات، في حالة الاتفاق على شخصية معارضة توافقية.
المفاجأة أن الجنرال كذلك رحب بالمبادرة
"المبادرة لقيت ترحيباً أيضاً من قبل اللواء المتقاعد والمرشح الحر علي غديري" حسبما قال لـ"عربي بوست" لخضر بن خلاف رئيس المجلس الشوري لجبهة العدالة والتنمية.
وأضاف أنها لقيت ترحيباً أيضاً من رئيس حزب الفجر الجديد الطاهر بن بعيبش ورئيس الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي (غير المعتمد) كريم طابو ورئيس اتحاد القوى الديمقراطية الاجتماعية نورالدين بحبوح ورئيس حزب الحرية والعدالة محمد السعيد".
من سيكون المرشح التوافقي؟ هذا المرشح القوي سيرفض التنازل
يتساءل الجزائريون عن الاسم الذي سيمثل المعارضة في حال تقدمها بشكل توافقي، وفق مبادرة حزب العدالة والتنمية.
ويرى محللون أن هذه النقطة هي التي قد تفشل كل تلك المساعي، وتقف عقبة أمام نجاح مشاورات المعارضة الجزائرية للاتفاق على مرشح توافقي لمنافسة بوتفليقة.
فهناك المنافس الأول لبوتفليقة وهو علي بن فليس رئيس الحكومة الأسبق صاحب لقب الوصيف في الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي عقدت في أبريل/نيسان 2019.
وهو سيرفض أن تذهب قاعدته الانتخابية لصالح مرشح غيره، حسبما يرى المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية محمد الصالح.
وهناك من يريد مرشحاً إسلامياً لتنفيذ مخططه
في المقابل، سيدافع أكبر حزب إسلامي جزائري حركة مجتمع السلم بحسب المحلل، عن رؤيته في تقديم اسم يمثله أو يمثل الحركة الإسلامية في الجزائر وفق تطلع الحزب في التجديد وإصلاح المنظومة الاقتصادية والتربوية وفق المبادئ الإسلامية، وهو ما لا يتمتع به غيره على العموم.
وهذا الأمر ينطبق على الحزب الإسلامي الآخر وهو حزب العدالة والتنمية الذي طرح المبادرة.
ويقول الصالح "إن رئيس حزب العدالة عبدالله جاب الله صاحب المبادرة "لا يريد لحزبه أن يكون المهندس، دون الاستفادة من تلك الهندسة رغم أنه ظاهرياً يبدو غير راغب في ذلك.
ولفت إلى أنه مع اقتراب موعد آخر أجل لسحب استمارات الترشح، لم يسحب الحزب مرشحه بعد".
أما باقي الاحزاب فيراها تقي "غير منافسة، وهي تبحث لنفسها متنفساً للنشاط والحفاظ على البيت، وبالتالي فهي لا تؤثر كثيراً في قرارات الأحزاب المعارضة الأخرى".
المرشح المستقل الغامض قد يكون الحل، المشكلة أن البعض يراه صنيعة النظام
الجنرال الغامض قد يكون الحل، حسبما يرى البعض.
إذ يقول الصالح إن "هناك مرشحاً آخر حراً، لا يملك انتماء حزبياً تم فتح التفاوض بشأن أن يكون هو المرشح التوافقي للمعارضة وهو بدوره لا يرفض هذه الفكرة.
لكنه محمد الصالح استدرك قائلاً "إن ذلك سيصطدم برفض حركة مجتمع السلم ذلك كونها سبق وتحدثت عن كون الجنرال المتقاعد علي غديري غير معروف، وقد يكون من صنيعة النظام".
إذن إنها الصخرة التي ستتحطم عليها المبادرة.. والبديل تحالف المتشابهين
ولكل مما سبق "نستطيع القول بأن هذه الأحزاب ستلتف حول المبادرة، لكن طبيعة الاسم قد يفجرها ويعيدها إلى مفترق الطرق مجدداً"، حسبما يقول محمد الصالح لـ"عربي بوست".
بدوره فإن توفيق بوقاعدة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر العاصمة، توقع فشل مساعي المعارضة من أجل التوافق حول مرشح مشترك.
وقال بوقاعدة، للأناضول: "أستبعد اتفاق كل أطياف المعارضة على مرشح واحد، لكن هناك احتمال حدوث تحالف بين العائلات السياسية (الإسلاميون وتيار الوسط)".
وتابع: "لا أعتقد أن المعارضة لها رؤية موحّدة للانتخابات الرئاسية، فرهانات كل طرف تختلف عن الآخر، وبعض أطراف المعارضة لها أدوار وظيفية في مساندة السلطة لإخراج الموعد الانتخابي بطريقة لائقة أمام المجتمع الدولي".
ولم يسبق للمعارضة الجزائرية أو أهم أقطابها أن دخلت سباق الرئاسة بمرشح واحد، وجرت العادة أن يدفع كل حزب بمرشحه أو يدعم مرشحين مستقلين.
إنهم أبناء النظام.. كيف يطالبون بالتداول وهم لا يفعلون ذلك داخل أحزابهم؟
مأساة الواقع السياسي الجزائري، في نظر الكاتب عمر آزراج تتلخص أساساً في كون أصول ما يسمى بأطياف المعارضة الجزائرية تنحدر من مؤسسات وثقافة النظام الحاكم في الجزائر.
وأضاف "بسبب ذلك فإن معظم قيادات وأقطاب أحزاب المعارضة هم أبناء شرعيون لهذا النظام الحاكم وبنيته السياسية".
ويعلق الكاتب على فرص مشاورات المعارضة الجزائرية للاتفاق على مرشح توافقي لمنافسة بوتفليقة، قائلاً "المشكلة أن الديكتاتورية موجودة داخل أحزاب المعارضة من خلال رفض رؤساء أحزابها فكرة التداول على الرئاسة".
عمر آزراج، يرى أن النظام والرئيس عبدالعزيز بوتفليقة يستمدان قوتهما في الانتخابات، من تشتت المعارضة والحرب الداخلية فيما بينها، وفشلها في توحيد الصف.
وقال "إن عيوب أحزاب المعارضة الجزائرية تتمثل في أنها لم تفرز، منذ إنشائها في ثمانينيات القرن الماضي، قيادات ذات رمزية يلتفّ حولها الشعب الجزائري، ولم تلعب دوراً ريادياً للقضاء على ذهنية الأحادية السياسية وأسسها الثقافية الدكتاتورية".
إنهم مجرد شخصيات طارئة
يقول آزراج "إن أحزاب المعارضة هذه قد فشلت في تنفيذ اتفاقيات أرضية مزفران التي وعدت فيها بتشكيل تكتل واحد لمواجهة سياسات النظام الحاكم وكذا مرشحه في الانتخابات الرئاسية".
وأرضية مزفران، هي وثيقة سياسية انتهى إليها أكبر مؤتمر عقدته المعارضة السياسية في يونيو/حزيران 2014، واتفقت المعارضة فيها على المطالبة بمرحلة انتقالية والدعوة إلى إنشاء هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات بدلاً من تنظيمها من وزارة الداخلية.
ومع غياب برنامج وطني مشترك لهذه الأحزاب، ومعها الشخصيات التي تظهر فجأة في مناسبات الانتخابات، وفشلها في تشكيل أي تحالف سياسي موحد على أساس الشراكة في أرضية عقائدية وتنظيم هيكلي، صارت هذه الأحزاب المبعثرة، حسبما يقول آزراج في مقال له حول وضع أحزاب المعارضة الجزائرية عشية الانتخابات.
وأضاف قائلاً "هذه الشخصيات الطارئة تنتج وتعيد إنتاج ثقافة الأحادية السياسية التي تعيبها على الرئيس بوتفليقة وعلى غيره".