المقاطعة أم التصويت بـ«لا».. 3 خيارات صعبة أمام المصريين بعد إقرار البرلمان التعديلات الدستورية

عربي بوست
تم النشر: 2019/02/14 الساعة 15:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/03/30 الساعة 18:02 بتوقيت غرينتش
FILE PHOTO: Egyptian President Abdel Fattah al-Sisi is pictured during his meeting with the U.S. Secretary of State Mike Pompeo in Cairo, Egypt, January 10, 2019. Andrew Caballero-Reynolds/Pool via REUTERS/File Photo

استبق رئيس البرلمان المصري الدكتور علي عبدالعال دعوات طالبت بفتح حوار مجتمعي، حول تعديلات دستورية تُمكن الرئيس عبدالفتاح السيسي من الاستمرار حتى عام 2034 في رئاسة مصر، وقرَّر تقديم موعد مناقشة التعديلات من الأحد 17 فبراير/شباط إلى الأربعاء 13 فبراير/شباط.

وبعد أقل من 24 ساعة من فتح باب المناقشة، وافق البرلمان الخميس 14 فبراير/شباط، من حيث المبدأ على التعديلات الدستورية.

الخطوة المتعجلة من قبل البرلمان لمناقشة التعديلات، ومن ثم الموافقة عليها بسرعة غير معهودة عند مناقشة هذا النوع من القرارات المصيرية، ربما كان الهدف منها إغلاق الباب تماماً أمام الأصوات المقربة من دائرة الرئيس، التي ترى في التعديلات خطراً.

لم يلتفتوا لدعوات الحوار المجتمعي وأقروا التعديلات على عَجل

استبقت الخطوة دعوات بعض النخب السياسية المصرية، الداعية إلى التريُّث في إقرار التعديلات، وكان من بينهم عمرو موسى، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، ورئيس اللجنة التي تولت صياغة الدستور الحالي، الذي دعا السبت  2 فبراير/شباط إلى "حوار فسيح" حول التعديلات الدستورية المطروحة، معتبراً أن مثل هذا الحوار سيُشكل "تأميناً لمصداقية حركة التعديل"، وذلك بعد يوم واحد من تقدُّم 155 نائباً بطلب لإجراء تعديلات دستورية.

نوأضاف: "من الخطورة بمكان أن يتحول الترقب والتساؤل ليصبحا حالة سلبية تعُمُّ البلاد، قد تكون لها نتائج غير محمودة".

وتتضمن التعديلات التي تتم الموافقة عليها من حيث المبدأ، تمديد دورة الرئاسة إلى 6 سنوات بدلاً من أربع، مع الإبقاء على عدم جواز انتخاب الرئيس لأكثر من دورتين متتاليتين.

الرئيس المصري خلال زيارة للبرلمان/ رويترز
الرئيس المصري خلال زيارة للبرلمان/ رويترز

لكنها تضمَّنت مادة انتقالية تتيح للسيسي فقط، بصفته رئيس البلاد الحالي الترشح مجدداً بعد انتهاء دورته الثانية الحالية عام 2022، لفترتين جديدتين، مدة كل منهما ست سنوات، وهو ما يعني إمكانية استمراره في الحكم حتى عام 2034.

لم تلق دعوات موسى وغيره من نخب سياسية آذاناً صاغية، إذ وافق البرلمان على عجل، الخميس 14 فبراير/شباط على جميع التعديلات.

رئيس مجلس النواب علي عبدالعال، أعلن أن 485 نائباً أقروا التعديلات التي اقترحها ائتلاف (دعم مصر)، الذي يمثل أكبر كتلة برلمانية. ويشكل الموافقون أكثر من ثلثي أعضاء مجلس النواب، وهي الأغلبية المطلوبة للموافقة.

ويتألف مجلس النواب من 568 نائباً منتخباً، بالإضافة إلى 28 نائباً عيَّنهم الرئيس.

ماذا بعد الموافقة المبدئية على التعديلات الدستورية؟

وحسب اللائحة الداخلية للبرلمان، يحال مقترح تعديل الدستور إلى اللجنة التشريعية، بعد موافقة ثلثي الأعضاء (396 من 596)، على أن تنتهي اللجنة من كتابة تقريرها خلال 60 يوماً، ثم يُحال للمجلس للمناقشة النهائية، وإرسالها لرئيس البلاد، الذي يحدد موعد الاستفتاء الشعبي.

ومن المتوقع أن يوافق البرلمان في نهاية الأمر على التعديلات التي ستُطرح بعد ذلك للاستفتاء الشعبي خلال 30 يوماً من تاريخ صدور هذه الموافقة.

وتولى السيسي مقاليد الأمور في مصر بعد أن أطاح بالرئيس الإسلامي محمد مرسي، عندما كان قائداً للجيش، في الثالث من يوليو/تموز 2013، إثر تظاهرات حاشدة طالبت برحيل سلفه.

وانتخب بعدها مرتين في العامين 2014 و2018.

وتتهم منظمات حقوق الإنسان الرئيس المصري بقمع المعارضة وإسكات جميع أطيافها، وأي أصوات تنتقد التعديلات المقترحة، وغياب أي حوار علني حولها.

مصريون يشاركون في انتخابات سابقة/رويترز
مصريون يشاركون في انتخابات سابقة/رويترز

ولم تعلق الرئاسة حول التعديلات حتى اليوم، إلا أن السيسي تحدث في مقابلة متلفزة مع شبكة "CNBC" الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، عن أنه لا ينوي تعديل الدستور، وسيرفض مدة رئاسية ثالثة.

وبالتزامن مع إقرار التعديلات الدستورية، تصاعَدَ الحديث عن الخيارات التي باتت أمام المصريين، التي لن تخرج عن ثلاثة، هي على النحو التالي:

الخيار الأول: مقاطعة التعديلات الدستورية

الحديث عن المقاطعة وعدم المشاركة في التعديلات الدستورية بدأ مع التقدم بالتعديلات إلى البرلمان، ويميل أصحاب هذا الرأي إلى أن خيار المقاطعة سوف ينزع المشروعية عن التعديلات الدستورية، التي يعتبرونها مجحفة، وتكرِّس للاستبداد، وتمثل تعدياً على مبدأ تداول السلطة، كما تحمل تغولاً على السلطة القضائية، وتتيح للسيسي رئاسة مجلس أعلى للجهات والهيئات القضائية، وتعيين النائب العام.

ويرى أنصار هذا الفريق أن الحشود التي ستذهب إلى صناديق الاقتراع -حتى وإن كانت ستصوت بلا- فسوف تستثمرها الحكومة المصرية دولياً، لإظهار حالة الرضا عما تحمله التعديلات.

ويذهب أنصار هذا الفريق إلى أن نتائج هذا الاستفتاء ستحسم لصالح نعم، وأن النية مبيته لتمريرها بعد تزوير إرادة الناخبين.

الخيار الثاني: المشاركة والتصويت بـ "لا"

غير أن هناك من له رأي آخر داخل معسكر الرافضين للتعديلات الدستورية، إذ يذهب أنصار هذا الفريق إلى أهمية المشاركة والتصويت بلا، وتدور حجج هذا الفريق حول الآتي:

أصوات المتغيبين عن الاقتراح هي تلك الأصوات التي يتم تزويرها، ومن ثم فإن المشاركة الكثيفة في الاستفتاء سوف تحول دون تزوير الأصوات.

ويرى أنصار هذا الفريق أن المجتمع المصري يعاني منذ عدة سنوات من حالة انسداد سياسي في كافة المجالات، وهناك حالة من العزوف عن العمل المجتمعي والسياسي، فضلاً عن إصابة الكثيرين من مكونات ثورة يناير بالإحباط الشديد، لذا يعد الاستفتاء فرصةً كبيرةً لتحفيز الشارع على المواجهة من جديد، وامتلاك نواصي التغيير.

كما يرى أنصار هذا الفريق أن المشاركة القوية سوف تُظهر أمام الفضائيات والوكالات العالمية حجم التجاوزات والانتهاكات التي يرتكبها النظام الحاكم.

الخيار الثالث: المشاركة والموافقة على التعديلات

أما الخيار الثالث، وهو في الغالب خيار المؤيدين للرئيس المصري، فهو التصويت بـ "نعم" على التعديلات الدستورية.

ويرى مؤيدو السيسي أن الرئيس أنقذ مصر من خطر كبير، وهم الإخوان المسلمون، في 3 يوليو/تموز 2013، وأنه مازالت هناك مخاطر تهدد المجتمع، وليس هناك أنسب من السيسي لاستكمال ما يطلقون عليه مبادئ ثورة 30 يونيو/حزيران.

كما يرى أنصار هذا الفريق أيضاً أن السيسي حقق إنجازاً ملحوظاً في العديد من الملفات، بينها الاستقرار، والملف الاقتصادي، ولذا فهو في حاجة إلى المزيد من الوقت لاستكمال تلك الإنجازات.

ولعل الدكتور علي عبدالعال رئيس البرلمان قد لخَّص خلال كلمته في البرلمان ما يدور في أذهان أصحاب هذا الرأي، وقال: "ننطلق في هذا التعديل من أجل مصالح الدولة العليا ومصالح الشعب المصري". ورفض الاتهامات الموجهة للتعديلات بأنها "تنتقص من حريات الدستور أو تتعرض لمبدأ المساواة".

ورغم أن معطيات الواقع لا تجعل كفة أي الخيارات الثلاثة السابقة الذكر تترجّح على الأخرى، لكن تظل الحقيقة الثابتة أن إقرار تعديل دستوري بسرعة فائقة  حتى يتيح للرئيس عبدالفتاح السيسي البقاء في الحكم حتى 2034، سيخلق حالة من الجدل المجتمعي، الذي ربما يتطور ليصل أثره خارج الحدود.

 

 

تحميل المزيد