لا أحد يريد الجلوس بجانبهم.. قمة شرم الشيخ أصبحت كابوساً للأوروبيين، وقائمة القادة العرب المنبوذين مرشحة للتزايد

عربي بوست
تم النشر: 2019/02/06 الساعة 18:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/03/30 الساعة 15:11 بتوقيت غرينتش

هل يتم إلغاء القمة العربية الأوروبية المقرر عقدها في شرم الشيخ في 24 و25 من فبراير/شباط الجاري بعد أن أصبحت تمثل حرجاً بالنسبة للقادة الأوروبيين.

فعندما جرى التخطيط لقمة بين الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية لأول مرة في العام الماضي 2018، كان من المتوقع أن تكون بداية صداقة جديدة عبر البحر المتوسط لكن بعد بضعة أشهر تغير المشهد، حسب تقرير لوكالة رويترز.

ويتوقع أن تبحث القمة عدداً من القضايا الإقليمية على رأسها السلام في الشرق الأوسط، والوضع في سوريا.

كما ستتناول مباحثات الجانبين، قضايا مكافحة الإرهاب، والهجرة غير النظامية، علاوةً على أوضاع حقوق الإنسان في المنطقة العربية.

ولكن تغييرات في المشهد السياسي بين الجانبين، أثارت تساؤلات حول: هل يتم إلغاء القمة العربية الأوروبية المقرر عقدها في شرم الشيخ؟

الأوروبيون كانوا يتطلعون بأمل للقمة، فما الذي تغير؟ إنه الخلاف القديم

ويأمل الاتحاد الأوروبي أن يساعد تحسين العلاقات مع جيرانه العرب على تعزيز سياساته، لا سيما مكافحة الهجرة غير المشروعة من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

ويريد الاتحاد الأوروبي التركيز في قمة هذا الشهر على الهجرة، لكن هذا مجال محفوف بالمخاطر نظراً للخلاف الشديد بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي نفسها في هذا الشأن.

وقال مسؤول آخر بالاتحاد الأوروبي عن المحادثات رفيعة المستوى التي تجرى هذا الشهر: "بالنسبة للاتحاد الأوروبي، الأمر كله يتعلق بالهجرة، ولكن هناك الكثير من الموضوعات الحساسة التي لا يفضل الناس تناولها".

القادة الأوروبيون لم يؤكدوا حضورهم، وسجال علني بعد خلاف بشأن البيان المشترك  

وقبل ثلاثة أسابيع فقط على انعقاد القمة، لم يؤكد قادة الاتحاد الأوروبي بعد مشاركتهم، الأمر الذي طرح تساؤلات حول، هل يتم إلغاء القمة العربية الأوروبية قبل أقل من شهر من موعدها المقرر؟

ونقل موقع "يورو نيوز" الأوروبي عن مسؤول لم يسمّه قوله: "قبل ثلاثة أسابيع فقط على انعقاد القمة لم يؤكد قادة الاتحاد الأوروبي بعد مشاركتهم".

وانتهى اجتماع على مستوى لوزراء خارجية الدول العربية والاتحاد الأوروبي يهدف إلى وضع جدول أعمال للقمة مؤخراً في بروكسل دون التوصل إلى اتفاق بشأن بيان مشترك.

وعندما كانت فيدريكا موغيريني، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، تشرح في مؤتمر صحفي سبب عدم التوصل لاتفاق، قاطعها الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط.

وقال أبوالغيط إن ثمة تعقيدات على الجانب الأوروبي أكثر من الجانب العربي. وفي مؤشر على الخلاف الودي لكن العلني، ردت موغيريني قائلة: "سوف أقول عكس ذلك".

وقال أحد الدبلوماسيين الأوروبيين: "كانت الفكرة هي منح الجانب العربي معاملة تفضيلية والبدء في التعامل معهم بشكل أكبر، ومعرفة ما يمكننا فعله بشأن الهجرة".

لكنه استدرك قائلاً: "الآن في وضع غير مناسب لأن بعض قادة الدول الأعضاء بالجامعة العربية ليسوا مفضلين لدينا".

ولكن الأسوأ ما حدث لخاشقجي بإسطنبول.. بن سلمان أصبح يمثل حرجاً لهم

لكن هناك مشكلة أكثر إحراجاً من الخلاف حول  الهجرة.

كان التغيير الرئيسي في العلاقة الأوروبية العربية في الأشهر الأخيرة يتمثل في انهيار الموقف العالمي من الزعيم العربي الثري والمؤثر، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

فبعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول أوائل أكتوبر/تشرين الأول 2019، يقول المسؤولون الأوروبيون الذين يساعدون في الإعداد للقمة التي تعقد في يومي 24 و25 فبراير/شباط في مصر إنهم يركزون الآن بشكل أساسي على الحد من الحرج في القمة.

خلال قمة العشرين الأمير محمد بن سلمان معزولاً/ REUTERS
خلال قمة العشرين الأمير محمد بن سلمان معزولاً/ REUTERS

كانت علاقة الغرب بالسعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم وثاني أكبر مستورد للأسلحة، حجر الأساس لعلاقاته بالعالم العربي منذ عشرات السنين.

 لكن الحاكم الفعلي للمملكة جرى تجنبه منذ مقتل الصحفي السعودي الذي كان يقيم في الولايات المتحدة جمال خاشقجي.

ونفت الرياض في البداية مقتله ثم قدمت روايات متضاربة. وتقبل الآن أن عناصرها قتلوه، لكنها تقول إن قيادتها لا علاقة لها بالأمر.

فهناك ما يجعلهم يخشون التقاط الصور بجوار ولي العهد السعودي

وقد وصل عادل الجبير، وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، إلى اجتماع يوم الاثنين في بروكسل وهو يتحدث وكأن شيئاً لم يتغير.

إذ قال إن الأطراف واجهت تحديات مشتركة مثل مكافحة التطرف والإرهاب، وإن هناك أيضاً عروضاً كبيرة تتعلق بالتجارة والاستثمار.

لكن العلاقات ليست كما كانت في السابق، حسب مصادر رويترز.

وقالت مصادر أوروبية إن حضور حدث مع ولي العهد السعودي أمر صعب بالنسبة لبعض الزعماء الأوروبيين الذين اتهمتهم بالفعل جماعات معنية بحقوق الإنسان بالتعامل معه في اجتماع لدول مجموعة العشرين في نوفمبر/تشرين الثاني.

وكشفت مصادر دبلوماسية أن هناك مجموعة من العراقيل التي تواجهها القاهرة بشأن عقد القمة.

وأوضحت المصادر لصحيفة "العربي الجديد" أن حرج الأوروبيين من الجلوس إلى طاولة واحدة مع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، قد يعرقل القمة العربية الأوروبية.

وهذا الزعيم العربي يمثل إحراجاً أكبر بالنسبة لهم

وليس ولي العهد السعودي الأمير محمد هو الضيف الوحيد غير المناسب بالنسبة للاتحاد الأوروبي، حسب رويترز.

ففي الأسابيع الأخيرة، أبدت دول عربية تضامنها مع الرئيس السوداني عمر البشير، الذي يواجه أقوى مظاهرات مناهضة للحكومة منذ أن وصل إلى السلطة قبل 30 عاماً.

وكشفت مصادر دبلوماسية أن هناك مجموعة من العراقيل التي تواجهها القاهرة بشأن عقد القمة على رأسها مسألة حضور البشير.

وأوضحت المصادر لصحيفة "العربي الجديد" أن حرج الأوروبيين من الجلوس إلى طاولة واحدة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، قد يعرقل القمة العربية الأوروبية.

فهل تضطر القاهرة إلى عدم توجيه دعوة إلى البشير؟

وكشفت المصادر أن "أولى العقبات التي تواجهها القاهرة هي توجيه الدعوة للرئيس السوداني عمر البشير، المُلاحق من جانب المحكمة الجنائية الدولية، بسبب اتهامه بارتكاب جرائم حرب، ورفض الاتحاد الأوروبي لتلك المشاركة".

وقالوا إن "النظام المصري في مأزق بالغ بسبب تلك القضية، فهو لن يستطيع عدم توجيه الدعوة للبشير، وفي الوقت ذاته يعلم جيداً رفْضَ الدول الأوروبية للمشاركة إلى جانب شخصية سياسية ملاحَقة دولياً".

مسألة حضور البشير تشكل مأزق للقاهرة/REUTERS
مسألة حضور البشير تشكل مأزق للقاهرة/REUTERS

وأكدت المصادر أن "القاهرة تلقت في هذا الشأن رسائل ذات محتوى سلبي، حول رفْض العديد من الدول الأوروبية لوجود محمد بن سلمان خلال القمة في ظل الاتهامات التي تلاحقه، وكذلك في ظل ضغوط الرأي العام الأوروبي بشأن حادث مقتل الصحفي السعودي".

كما أن السيسي في مأزق.. إنه مُلزم بدعوة قطر

وحسب هذه المصادر فإن "العقبة الثالثة التي يواجهها النظام المصري تُعدّ من ضمن العراقيل المركبة، وتتمثل في كون النظام المصري مضطراً لتوجيه الدعوة لدولة قطر؛ نظراً لأهمية القمة، وطبيعة القضايا التي ستناقشها".

ولفتت إلى أنه "في الوقت ذاته القاهرة غير مستعدة لتلك الخطوة في الوقت الراهن، في ظل موقف دول الرباعي (مصر والسعودية والإمارات والبحرين) والخاص بحصار قطر".

واستطردت المصادر قائلة إن "القاهرة تدرك أنها ستكون مضطرة لتوجيه دعوة رسمية لقطر لحضور القمة، وفي الوقت نفسه لا تضمن الرد على الدعوة، ولا حجم التمثيل الدبلوماسي لها خلال تلك القمة حال انطلاقها".

وأشارت إلى أن "القاهرة تعلم في الوقت ذاته الرفض الأوروبي للخطوات التي اتخذها الرباعي بحق الدوحة، وهو ما يتطلب ضرورة مشاركة فعّالة لقطر".

وها هي القاهرة تتحرك لحل هذه المشكلات

وكشفت المصادر عن "اتصالات دبلوماسية واسعة تجريها القاهرة للتغلب على تلك العراقيل.

وتسعى هذه الاتصالات إلى إقناع العديد من القوى الكبرى في الاتحاد الأوروبي بالموقف المصري، في ضوء دورها الإقليمي، وعدم إمكانية تجاهل توجيه الدعوة للبشير أو الاعتراض على وجود ولي العهد السعودي على رأس وفد المملكة".

وأشارت إلى أن "الرئاسة المصرية كلّفت وزارة الخارجية ودوائر سيادية بالقيام باتصالات مبكرة، للتوصل لحلول حاسمة لتلك الأزمات قبل البدء في توجيه الدعوات الرسمية للمشاركين".

المفارقة أن وضع الأسد أقل تعقيداً

ويبدو الموقف من سوريا، أقل تعقيداً، فرغم تكرار الحديث عن عودة دمشق للجامعة العربية قبيل القمة العربية الاقتصادية التي عقدت في بيروت في يناير/كانون الثاني 2019، فإن الجامعة العربية قالت إن هناك تحفظات من دول عربية رئيسية حالياً.

سوريا لم تحضر قمة بيروت الاقتصادية/REUTERS
سوريا لم تحضر قمة بيروت الاقتصادية/REUTERS

وألمح السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد للجامعة العربية، إلى هناك طلبات عربية من النظام السوري تتعلق بإعادة ترتيب الوضع الداخلي السوري ومنح الشعب بعض الحقوق.

وقال إن قرار تجميد أنشطة سوريا في الجامعة العربية اتخذ إبان الربيع العربي بالتوافق، وبالتالي فإن العودة عنه تستلزم توافقاً عربياً مازال غير موجود.

والسيسي يضيف حرجاً على حرج للقادة الأوروبيين

ويبدو أن هناك مصدر حرج جديداً يمكن أن يظهر للأوروبيين يتعلق بمضيف القمة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.

إذ بدأ البرلمان المصري إجراءات لتعديل دستور البلاد لتمديد رئاسة السيسي.

ورغم عدم ظهور اعتراضات أوروبية واضحة حتى الآن.

إلا أن من شأن تزامن انعقاد القمة مع إجراءات تعديل الدستور أن تشكل حرجاً إضافياً للأوروبيين، في ظل تصاعد اعتراضات المعارضة المصرية على هذه الخطوة، ومواقف الأوروبيين المعترضة على أي محاولات مماثلة في دول أخرى.

ومن شأن الصمت الأوروبي أن يجلب انتقادات من المعارضة المصرية ومنظمات حقوق الإنسان، بينما الحديث حول الموضوع سيعكر صفو القمة.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد وجه انتقادات حادة لسجل مصر في حقوق الإنسان في العهد الحالي، ووصفه بأنه أسوأ من عهد الرئيس مبارك، الأمر الذي استدعى رداً من السيسي خلال المؤتمر الصحفي المشترك بينهما.

وكانت السفارة الأمريكية في القاهرة قد تعرضت لانتقادات من النشطاء المصريين والأجانب على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب نشرها تغريدة تنتقد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو وتتهمه بالقمع، بينما لم يصدر منها تعليق على التعديلات الدستورية في مصر.

إذن، هل يتم إلغاء القمة العربية الأوروبية؟

تطرح كل هذه العراقيل والخلافات مع عدم التوصل إلى اتفاق بشأن مشروع البيان المشترك، وكذلك عدم تأكيد القادة الأوروبيين لحضورهم حتى الآن تساؤلاً حول: هل يتم إلغاء القمة العربية الأوروبية التي لم يتبقَّ على موعدها سوى نحو 20 يوماً؟

وقال مسؤول آخر بالاتحاد الأوروبي: "من الصعب للغاية تنظيم هذه القمة، وكذلك خيار إيجاد موعد آخر لها، إذ لا يريد أحد ذلك حقاً".

وأضاف: "بالنسبة للاتحاد الأوروبي الأمر كله يتعلق بالهجرة، ولكن هناك الكثير من الموضوعات الحساسة التي لا يفضل الناس تناولها".

وتابع قائلاً إن "الاستعدادات للقمة تسير ببطء شديد.. كل شيء غير مريح"، لكنه أكد أنه لا توجد خطط لإلغاء الأمر بأكمله.

وأوضح: "هناك الكثير من الفخاخ المحرجة التي يجب تجنبها، مثل الجلوس على طاولة واحدة مع محمد بن سلمان أو البشير أو حتى عودة رئيس النظام السوري بشار الأسد".

تحميل المزيد