يزداد تباين اعتراف أغلب زعماء العالم حول الطرف الذي ينبغي أن يكون الزعيم الشرعي لفنزويلا، في الوقت الذي يحاول فيه كل من الرئيس الحالي نيكولاس مادورو وزعيم المعارضة خوان غوايدو إثبات أنه صاحب الشرعية.
وبحسب تقرير لصحيفة The New York Times الأمريكية، تركت هذه الأزمة، التي كانت في طور الإعداد لسنوات، الكثير من الشعب الفنزويلي، البالغ تعداده حوالي 31 مليون نسمة، فقراء وجائعين، ودفعت بأكثر من مليوني فنزويلي إلى الدول المجاورة بوصفهم لاجئين، وخلقت مصدراً جديداً من مصادر عدم الاستقرار في أمريكا اللاتينية. وسوف تحدد نتيجة هذا الصراع من يتحكم لا في الحكومة الفنزويلية فحسب، وإنما أيضاً في احتياطاتها النفطية المؤكدة، التي تعد الأكبر في العالم وفقاً لبعض التقديرات.
فيما يلي النقاط الأساسية حول من يؤيد مادورو، ومن انقلب عليه، وما الذي ينبغي توقعه في الأسابيع المضطربة التالية:
ما زال مادورو يحظى بمؤيدين أقوياء في الداخل والخارج.
فروسيا على وجه الخصوص قد دعمت حكومة مادورو بقروض بمليارات الدولارات، وكوبا قدمت له دعماً استخباراتياً. ومع أنَّ أفقر سكان فنزويلا قد يكونون هم من يعانون أكثر من غيرهم مع ركود الاقتصاد وتداعي المؤسسات، فما زال كثيرون مخلصين لمادورو بوصفه وريث هوغو تشافيز، الزعيم الاشتراكي الذي حكم لفترة طويلة والذي كان يحظى بشعبية ضخمة. وما زال الجيش، الذي يعد واحداً من أثبت ركائز دعم مادورو، رسمياً في صفه، على الرغم من قول الخبراء إنَّ الخلافات قد بدأت في الظهور، بحسب الصحيفة الأمريكية.
ويزداد عدد الدول التي تصف مادورو بأنه غير شرعي وتتزعمها الولايات المتحدة.
وأشارت هذه الدول إلى إعادة انتخاب مادورو العام الماضي –في تصويت ينظر إليه على نطاق واسع بأنه مزور– تبريراً للتحول إلى تأييد خصمه. إذ أيدت هذه الدول غوايدو، الذي أعلن نفسه، في 23 من شهر يناير/كانون الثاني، رئيساً مؤقتاً للبلاد ووعد بإجراء انتخابات جديدة.
وقادت الولايات المتحدة هذا التحول من أجل الاعتراف بغوايدو، وانضمت إليها كندا وأستراليا و12 بلداً آخر في أمريكا اللاتينية، بما في ذلك البرازيل، الأكبر في القارة. ويوم الإثنين حذت حذوها النمسا وبريطانيا والدنمارك وفرنسا وألمانيا وإسبانيا والسويد، لتكون بذلك آخر دول في أوروبا التي تدعم غوايدو.
أما كندا، التي استضافت يوم الإثنين اجتماعاً لمجموعة ليما، وهي كتلة إقليمية أسست بغرض إيجاد حل سلمي للأزمة في فنزويلا، فقد عرضت 40.4 مليون دولار لمساعدة الشعب الفنزويلي.
وزادت إدارة ترامب من الضغوط على مادورو بفرض عقوبات على حكومته، بما في ذلك فرض قيود جديدة على وصول الحكومة لعائدات مبيعات النفط الفنزويلي إلى الولايات المتحدة، التي تعد من عملائها المهمين، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وقد وصف مادورو نفسه بأنه ضحية محاولة مدعومة أمريكياً لإطاحته، وشدد على أنه ما يزال يتمتع بشعبية. لكن ثمة إشارات متزايدة على أنه قد استعدى غالبية الفنزويليين. إذ كانت المظاهرات المناهضة للحكومة قد تزايدت من حيث الحجم والنطاق بعد أن أصبح الطعام والدواء والوقود أكثر ندرة، وبعد انهيار الخدمات الحكومية الأساسية.
ما موقف الصين من هذه القضية؟
وتُعتبر الصين مستثمراً يزداد نفوذه باطراد في فنزويلا، إذ تستورد 240 ألف برميل نفط يومياً من البلاد، معظمها مخصص لسداد ديون فنزويلا. ومع أنَّ دعم الصين مهم لقدرة مادورو على البقاء في السلطة، فقد كان هذا الدعم خافتاً على نحو واضح بخصوص نزاع مادورو مع غوايدو. وعندما سئل المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الصينية، جينغ شوانغ، عن السياسة الصينية بخصوص فنزويلا، رد قائلاً: "الصين ملتزمة بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى".
وربما يعكس هذا الحياد النسبي، على الأقل مقارنة بروسيا، مخاوف الصين من أنها بحاجة إلى أن تكون منفتحة على جميع الاحتمالات في فنزويلا. فلو قدر لغوايدو أن ينتصر، فسوف تكون الصين بحاجة إلى بناء علاقة معه تحافظ بها على مصالحها الاقتصادية.
ما قول الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى المتعددة الجنسيات؟
ترك الانقسام العالمي حول فنزويلا الأمين العام للأمم المتحدة، ذات الـ193 عضواً، أنطونيو غوتيريس، في موقف حرج؛ إذ قال للصحفيين، يوم الإثنين، إنَّ الأمم المتحدة مستمرة في تقديم "مساعيها الحميدة إلى الأطراف لتكون قادرة، بناء على طلب من هذه الأطراف، على المساعدة في إيجاد حل سياسي" لكنها لن تشارك في أي مبادرات لمجموعات أخرى لحل الأزمة.
ومن بين المؤسسات المتعددة الجنسيات الأخرى، منظمة الدول الأمريكية، التي كانت من بين أول داعمي غوايدو، على الرغم من عدم موافقة جميع أعضائها البالغ عددهم 35عضواً على ذلك. واعترف بنك التنمية للدول الأمريكية، وهو أحد المصادر المهمة للتمويل في أمريكا اللاتينية، هو الآخر بغوايدو رئيساً مؤقتاً للبلاد.
وتجنب صندوق النقد الدولي الانحياز لأحد الطرفين، قائلاً إنه سوف يتبع موقف دوله الأعضاء. أما منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، التي كانت فنزويلا أحد أعضائها المؤسسين، فلم تعلق على ما يحدث، بحسب الصحيفة الأمريكية.
إلى أين تتجه الأزمة؟
وبحسب The New York Times فإنه من الصعب التنبؤ بذلك. لكنَّ أثر العقوبات الأمريكية سوف يبدأ في الظهور بشدة في البلاد خلال الأيام والأسابيع القليلة القادمة؛ إذ من المتوقع أن يبدأ نقص الوقود في الريف وصولاً في النهاية إلى العاصمة، كراكاس، ليزيد من تقييد اقتصاد البلاد من خلال التدخل في قدرة الناس على العمل، وهو ما يجعل الحصول على الطعام والدواء أصعب حتى مما عليه الحال الآن.
وقد وعد غوايدو، الذي وصف الموقف بأنه حالة طوارئ، بالعمل مع الداعمين الخارجيين وتقديم المساعدة لفنزويلا. وسوف يكون هذا الإجراء تحدياً مباشراً لمادورو، الذي قال إنَّ البلاد ليست بحاجة إلى المساعدة – وربما يؤدي إلى مواجهات عنيفة.