بعد أمر السيسي بطلاء مباني مصر.. تعرَّف على لون كل محافظة وعقوبات المخالفين والمستفيدين من القرار

عربي بوست
تم النشر: 2019/01/24 الساعة 13:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/01/24 الساعة 14:59 بتوقيت غرينتش
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في العاصمة الإدارية - رويترز

أثار قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة طلاء واجهات المباني المصرية جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن هناك جدل أكثر أُثير بشأن كيفية تنفيذ القرار، وهل هناك مستفيدون غير معلنين منه.

وقال المهندس محمد أبوسعدة رئيس جهاز التنسيق الحضاري، إن الهدف من القرار هو القضاء على التشوه البصري الذي تعاني منه محافظات مصر، من خلال طلاء واجهات المباني المصرية، خاصة تلك التي يسودها "الطوب الأحمر".

وقال: ستبدأ عملية طلاء واجهات المباني المصرية بالمنطقة على طول الطريق الدائري وصولاً للمتحف المصري الكبير، والمنتظر افتتاحه العام المقبل 2020.
وأضاف أبوسعدة أنه ليس من المقبول أن يكون الطريق الرئيسي الموصّل للمتحف الكبير بهذا القدر من القبح؛ لذا وضعنا الخطة لعام 2019، والتي تستهدف طلاء جميع المباني الواقعة على طول الطريق الدائري والمحور كمرحلة أولى.

لون لكل محافظة.. تعرَّف على اللون الخاص بمنطقتك

"ستكون لكل مجموعة محافظات لونها الموحد"، طبقاً للمشروع القومي للهوية البصرية، الذي أعدته مجموعة من الخبراء بالتنسيق مع جهاز التنسيق الحضاري.

وقال رئيس جهاز التنسيق الحضاري إنه من المقترح أن تُطلى واجهات مباني القاهرة بالألوان الترابية تماشياً مع المناخ العام للمدينة، ونفس الأمر لمباني الصعيد، أما المحافظات الساحلية فاخترنا لها الألوان الزرقاء.
وأضاف: "نأمل خلال المرحلة الأولى أن نحسّن المنظور الرأسي للقضاء على المظهر غير الحضاري، بما في ذلك إزالة العشوائيات المنتشرة على الأسطح، ونأمل في إنهاء فوضى الإعلانات".

وهؤلاء هم المستفيدون من القرار

قرار الرئيس السيسي بطلاء واجهات المباني المصرية قوبل بانتقادات خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي.

ولكن القرار أثار تخوفات من أن يكون هناك هدف آخر منه، أو أن هناك مستفيداً غير معلن.

وبحسب ما أكده  مصدر خاص لـ "عربي بوست" في  شعبة البويات بغرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات المصرية، فإن "قرار الرئيس السيسي بطلاء واجهات المنازل ذات الطوب الأحمر يعتبر خطوة إيجابية وجيدة وذات مظهر حضاري".

وأضاف المصدر أن "عملية الطلاء على مستوى المحافظات ستعود بالإيجابية على قطاع البويات، وسوف يساهم ذلك في تحريك الطلب على قطاع البويات بنسبة 50%".

ووزير الإنتاج الحربي يفتتح مصنعاً جديداً للطلاءات

واللافت أنه قبل أيام من تكليف الحكومة المصرية للمحافظين بإلزام أصحاب المنازل بطلائها بناء على تكليف الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وبالتحديد في الخامس من يناير/كانون الثاني 2019، تفقد الدكتور محمد سعيد العصار وزير الدولة للإنتاج الحربى، شركة هليوبوليس للصناعات الكيماوية (مصنع 81 الحربي).

ويعد  أول شركة مصرية متخصصة في إنتاج البويات والكيماويات على مستوى الشرق الأوسط، وتم تطوير معدات الإنتاج في المصنع وفق أحدث التكنولوجيات الحديثة، كذلك يشتمل المصنع على أحدث المعدات والمعامل وأجهزة رقابة الجودة العالمية، بحسب ما نقلته قناة "صدى البلد" الفضائية المصرية.

وينتج المصنع الدهانات المتخصصة والمتنوعة وتدخل في خدمة القطاعين الحربي والمدني على حد سواء، كما تستخدم في المشروعات القومية الكبرى التي تنفذها الدولة ما بين مشروعات الإسكان والمجتمعات العمرانية والطرق والكباري على مستوى الجمهورية.

وقال المهندس صالح زيدان، رئيس مجلس إدارة الشركة، إن "المصنع يعمل حالياً وفقاً لخطة تسويقية يتم تحديثها سنوياً لتسويق منتجاته داخلياً وخارجياً، وهناك خطة مستقبلية لفتح أسواق جديدة في إفريقيا في المرحلة المقبلة".

ويدفع تقارب توقيت افتتاح المصنع وقرار طلاء المباني المصرية البعضَ للتساؤل: هل هناك علاقة بين الأمرين؟

وبالتأكيد فإن صناعة الطلاء المصرية برمّتها مستفيدة من القرار، بما ذلك المصنع الجديد.

فعملية طلاء المنازل على مستوى محافظات مصر ستُعيد تنشيط السوق المصرية في مجال البويات والدهانات، خاصة مع حالة الركود التي يشغلها قطاع المقاولات إجمالاً.

وبطبيعة الحال فإن مصنع بويات الإنتاج الحربي هو الذي سيغذي السوق خلال المرحلة المقبلة؛ لأن معظم استهلاك المصريين من هذه البويات يأتي مستورداً من الخارج، فإذا أُتيح مثل هذا المنتج محلياً فلا شك أنه سيساهم في رفع معدلات الاستهلاك.

وبالفعل، قال اللواء عادل الغضبان، محافظ بورسعيد،  الساحلية الواقعة على المدخل الشمالي لقناة السويس في برنامج تليفزيوني، إنه سيتم  "شراء مواد الطلاء من مصنع 81 الحربي، على أن يتحمل المواطن التكلفة على فواتير الغاز أو الكهرباء أو المياه.".

عقوبات صارمة بحق مَن يتقاعس عن طلاء منزله

فور صدور التعليمات الرئاسية، عقدت وزارة التنمية المحلية اجتماعات مكثفة مع المحافظين لتنفيذ القرار، وأعلن اللواء عادل غضبان، محافظ بورسعيد، عن معاقبة كل مَن يتخلف عن تنفيذ القرار بقطع المياه والكهرباء عن منزله. وحدد مهلة حتى الأول من أبريل/نيسان المقبل للتنفيذ.

 وأثار هذه التهديدات غضب قطاعات من الرأي العام المصري.

 

وقال اللواء عادل الغضبان، محافظ بورسعيد،، إن "المواطن البورسعيدي له حق على المحافظة في إزالة التلوث البصري"، لافتاً إلى أن "طلاء واجهات المباني يأتي في إطار تجميل المدينة واستعدادها لاستقبال المشروعات العملاقة".

وتابع محافظ بورسعيد: "أعطينا مهلة لأصحاب العقارات حتى نهاية شهر مارس/آذار 2019 لطلاء منازلهم، ومن لم يلتزم بالقرار سيتم قطع المرافق عن المباني التي لم تلتزم بالقرار بداية من شهر أبريل/نيسان".

وقال إن وزارة التنمية المحلية وجهاز التنسيق الحضاري شكّلا لجنة لمتابعة التنفيذ على مستوى المحافظات، وسوف تتم الاستعانة بشركات المقاولات الوسيطة وشراء مواد الطلاء بالطبع من مصنع 81 الحربي، على أن يتحمل المواطن التكلفة على فواتير الغاز أو الكهرباء أو المياه.

وهناك مشكلة كبيرة في المدن المصرية أوْلى بالاهتمام

تصريحات محافظ بورسعيد قوبلت باستنكار من النائب عبدالحميد كمال، الخبير في التنمية المحلية.

وقال كمال لـ "عربي بوست" إن "الأولوية يجب ألا تكون لطلاء المنازل، ولكن لإزالة القمامة من الشوارع والميادين، فالتجميل يأتي دائماً عقب التنظيف، ولكن نحن نسير عكس الاتجاه".

وطالب كمال بأن "تطلق مبادرات شعبية لإزالة القمامة أولاً التي أصبحت مشكلة مستعصية على الحل"، مؤكداً أن "هناك قرارات مشابهة لطلاء واجهات المباني اتخذت بالفعل في عدة محافظات قبل ذلك بسنوات، ولكن لم تنفّذ على أرض الواقع".

وقال إن "السبب هو أن معظم الذين يتركون منازلهم على الطوب الأحمر ولا يكسونها حتى بالأسمنت الأسود؛ لأنهم لا يجدون مالاً لذلك، فكيف سيجدون أموالاً للطلاء بالألوان".

نائب بالبرلمان: قرار السيسي مخالف للقانون

واتفق معه في الرأي النائب هيثم الحريري، عضو مجلس النواب، قائلاً لـ "عربي بوست": "حتى هذه اللحظة ليست هناك توضيحات من الحكومة عن آلية تنفيذ هذا القرار الذي نحن معه، ولكن بالنسبة للمواطن المصري لم تسأل الحكومة نفسها ما هي أولوياته؟".

واستغرب الحريري القرار قائلاً: "في الوقت الذي نجد فيه أكوام القمامة في الشوارع الرئيسية تتخذ الحكومة قراراً بطلاء المنازل، ومن هنا أعتبر أن هناك خللاً لدى الحكومة في ترتيب أولويات المواطن".

النائب هيثم الحريري يعتبر القرار القانوني /مواقع التواصل الاجتماعي
النائب هيثم الحريري يعتبر القرار القانوني /مواقع التواصل الاجتماعي

وأوضح هيثم الحريري أن "مسألة فرض عقوبات على المواطن الذي لم يلتزم بطلاء منزله تتنافى مع القانون، فهذا المواطن الذي ترك منزله على الطوب الأحمر لا يجد ثمن طلائه أو حتى كسوته خارجياً بالطبقة الأسمنتية فكيف له بالطلاء؟!".

ولكن الحكومة تقول إن معاقبة الممتنعين عن تنفيذ القرار أمر قانوني.. وهذا دليلها

أما اللواء محمود شعراوي، وزير التنمية المحلية، فتحدث عن العقوبات التي تنتظر المخالفين لقرار توحيد طلاء واجهات المنازل في المحافظات، مؤكداً أن "هذا الأمر" يأتي في إطار تنفيذ قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008.

وأضاف "شعراوي" أن "القانون يُلزم أصحاب العقارات بدهان وتشطيب واجهات العقارات والمنازل قبل توصيل المرافق لها من الأحياء والمدن"، مشيراً إلى أن "الهدف من هذا الإجراء هو إعادة الشكل الجمالي والنسق الحضاري للمباني والعقارات بالمحافظات، في ظل وجود مبانٍ كثيرة في مناطق مختلفة واجهاتها على الطوب الأحمر، وهو ما يظهر هذه المناطق بصورة غير حضارية".

وأوضح الوزير أن "قانون البناء الموحَّد ينص أيضاً على مسؤولية اتحاد الشاغلين بالعقارات الذي يرأسه أحد السكان على القيام بهذا الإجراء في حالة عدم وجود المالك، بالتنسيق مع الحي لتشطيب واجهات المنازل".

وقال إنه "يتم إلزام كافة أصحاب العقارات في المجتمعات العمرانية الجديدة أيضاً بتنفيذ هذا التكليف وعدم إعطاء مطابقة للمبنى إلا بعد تشطيب ودهان الواجهات الخاصة بالعقار".

وشدد وزير التنمية المحلية على أن المحافظين سيبدأون تنفيذ هذا التكليف.

وقال إنه "ستكون هناك متابعة دورية من الوزارة للوقوف على آخر المستجدات لتنفيذ هذا القرار"، مضيفاً أنه "سيتم إرسال كتاب دوري للمحافظين بإلزام كافة رؤساء الأحياء والمراكز والمدن والإدارات الهندسية، بالتنسيق مع اتحادات الشاغلين للمباني والعقارات والمسجلة لديهم لتنفيذ هذا التكليف".

وأضاف "شعراوي" أن "تحديد ألوان طلاء المنازل سيتم من خلال لجان مُشكَّلة على مستوى المحافظة، مؤكداً أنه سيتم الانتهاء من طلاء وتشطيب الواجهات الخاصة بهذه المباني التي سيتم تحديدها في المحافظات خلال مهلة محددة، وستكون هناك فترات سماح وبعدها سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضد غير الملتزمين.

وشدد الوزير على أنه "لن يتم إصدار أي تراخيص لأي مبانٍ وعقارات جديدة بالمحافظات إلا بعد الالتزام بتنفيذ القرار".

علامات:
تحميل المزيد