فازت حكومة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في اقتراع على الثقة في البرلمان الأربعاء 16 يناير/ كانون ثاني، بأغلبية 325 صوتا مقابل 306 أصوات.
وتعني هذه النتيجة أن ماي ستستمر في التواصل مع أعضاء البرلمان من مختلف الأحزاب لمحاولة إيجاد توافق حول كيفية المضي قدما في سبيل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بعدما رفض البرلمان الثلاثاء الاتفاق الذي توصلت إليه.
وبعد هزيمة تيريزا ماي الساحقة في التصويت على اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي المختصر بمصطلح (البريكست)، يواجه البرلمان والبلاد مصيراً مجهولاً في الأيام القليلة المقبلة.
فرغم نجاة حكومة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في اقتراع على الثقة في البرلمان الأربعاء 16 يناير/ كانون ثاني، بأغلبية 325 صوتا مقابل 306 أصوات.
إلا أنها ستستمر في التواصل مع أعضاء البرلمان من مختلف الأحزاب لمحاولة إيجاد توافق حول كيفية المضي قدما في سبيل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بعدما رفض البرلمان الثلاثاء الاتفاق الذي توصلت إليه.
وبحسب صحيفة The Guardian البريطانية، حتى لو تمكنت رئيسة الوزراء من هزيمة اقتراح حجب الثقة، فإن مجموعة من الخطوات -سنوضحها في هذا التقرير- يمكن أن تتخذها ستكون محفوفة بالمخاطرة.
بداية.. ما هو البريكست؟
تشرح شبكة CNN الأمريكية البريكست على أنه دمجٌ بين كلمتي بريطانيا (Britain) + خروج (exit)، وهو ما يعني: خروج بريطانيا (Brexit).
تقول الغارديان، إنها فكرةٌ كان لا يمكن تصوُّرها، وهي أن البريطانيين سيغادرون الاتحاد الأوروبي. ولكن جاءت النتيجة المذهلة بتصويت المملكة المتحدة لصالح ذلك في استفتاء شهد الكثير من الصراعات، في يونيو/حزيران عام 2016.
ومنذ ذلك الحين كانت هناك محادثاتٌ واتهاماتٌ وتهديدات، تماماً مثلما يحدث في أغلب حالات "الطلاق".
لكن ربما تكون المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي قد توصَّلا أخيراً إلى اتفاقٍ يمكنهم من خلاله الانتهاء من انقسامهما.
كيف يؤثر على بقية العالم كله والشرق الأوسط؟
تعد المملكة المتحدة خامس أكبر اقتصاد وطني في العالم، وبالتالي للبريكست تأثير كبير على أسواق العالم، حتى إنها لو لم تنهَر، فإن المستقبل المجهول أمر سيئ بما فيه الكفاية. والأسواق، كما ترون، تحب الاستقرار. والأسواق غير المستقرة تعني آثاراً سيئة محتملة على اقتصاد بلدك.
وبحسب رويترز، توقعت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، أن يؤثر البريكست سلباً على دول الشرق الأوسط وإفريقيا من خلال الأسواق والتجارة والمساعدات.
وبحسب الوكالة، فإن آثار الأمد القصير قد تأتي من خلال اضطراب السوق، في حين قد يؤثر تباطؤ النمو البريطاني والأوروبي سلبا على اقتصادات الشرق الأوسط وأفريقيا في وقت تعاني فيه بالفعل من ضغوط شديدة"، مشيرا إلى أن عشر دول من بين 29 دولة مصنفة في المنطقة قد أعطيت نظرة مستقبلية مستقرة.
وأوضحت "فيتش" أن أبرز الآثار الفورية المترتبة على اضطرابات البريكست، يظهر في زيادة عزوف المستثمرين عن المخاطرة، في حين يتوقف التأثير على مدى الاندماج مع النظام المالي العالمي.
وبسحب الوكالة، فإن أزمة البريكست المستمرة منذ 2016 ستؤدي أيضاً إلى استمرار ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي أمام معظم العملات المعومة في الأسواق الناشئة، وهو ما سيزيد من أعباء الدين وخدمته على الدول ذات الميزانيات المثقلة بديون كبيرة مقومة بالدولار.
السيناريوهات.. لماذا سيكون هناك تصويت بسحب الثقة من حكومة تيريزا ماي؟
فور خسارة تيريزا ماي في التصويت الذي جرى حول اتفاق البريكست بأغلبية 230 صوتاً، قالت إنه نظراً "لوزن وأهمية" التصويت الذي أسفر عن هزيمتها فإنها ستمنح وقتاً لمناقشة هذا الاقتراح إذا قدمه حزب العمال، أو حتى إذا قدمه أحد الأحزاب المعارضة الصغيرة. وسارع جيرمي كوربين بالتأكيد على أن حزب العمال سيفعل ذلك.
ما خطوات هذا الإجراء؟
ستكون هذه أول مناقشة من نوعها في إطار قانون البرلمانات مُحدَّدة المدة لعام 2011، والذي يهدف إلى استمرار بقاء الحكومة لمدة خمس سنوات عن طريق إلغاء الحق الذي كان يتمتع به رؤساء الوزراء في السابق وهو الدعوة إلى إجراء انتخابات متى أرادوا.
ولكن هناك استثناءان، يقع الاستثناء الأول، الذي استخدم لإجراء انتخابات عام 2017، إذا صوَّت ثلثا النواب أو أكثر لصالح إجراء انتخابات. ويقع الثاني في حالة تمرير اقتراح بصياغة معينة لحجب الثقة.
وتنص المادة 2.4 من القانون البريطاني على أن الاقتراح يجب أن ينص على أن "هذا المجلس ليس لديه ثقة في حكومة صاحبة الجلالة"، وفقاً للاتفاقية البرلمانية، إذا قدَّمت المعارضة الرسمية هذا الاقتراح فمن المتوقع أن من يتولى رئاسة الوزراء سيحدد وقتاً لمناقشته مباشرة.
ماذا سيحدث إذا فاز حزب العمال؟
لن تُعقَد انتخابات فورية، ولكن ستُمنَح الحكومة فترةً زمنية مدتها 14 يوماً تقويمياً يمكن لها خلالها السعي إلى استعادة ثقة أعضاء البرلمان، أو يمكن تشكيل حكومة أخرى.
وإن لم يحدث ذلك، سيُحَلُّ البرلمان، وستُجرى الانتخابات بعد مرور 25 يوم عمل من حل البرلمان.
ولا يذكر القانون نصاً محدداً يوضح ما يمكن أن يحدث في هذه الفترة، ولأن هذا البند لم يستخدم بعد، فلا يزال من غير الواضح، في حالة استخدامه، الطريقة التي يمكن بها استغلال فترة السماح هذه لتشكيل حكومة مختلفة تماماً، مثل ائتلاف أو حكومة تضم أقلية من حزب العمال.
هل سيفوز حزب العمال؟
تقول الإشارات إنه لن يحدث. ومع أن الكثير من أعضاء البرلمان من الحزب المحافظ يكرهون خطة البريكست التي وضعتها ماي، فإنهم لا يحرصون على إجراء انتخابات، بل إنهم حتى أقل حرصاً على السماح بتشكيل حكومة من حزب العمال. ولذا فإنه من المرجح أن عدداً قليلاً للغاية، إن وجِد، من النواب سيصوِّتون لصالح إجراء كوربين.
وبنفس القدر من الأهمية، تعهد شركاء تحالف ماي في الحزب الديمقراطي الليبرالي، والذين صوَّتوا ضد اتفاق البريكست، بأنهم سيدعمون رئيسة الوزراء في تصويت حجب الثقة، وهذا ما حدث بالفعل مساء الأربعاء.
وبالمثل، سارعت المجموعة الأوروبية للأبحاث (ERG) التي تضم نواباً مؤيدين بقوة للبريكست، التي عارضت اتفاق تريزا ماي، بالقول إنها ستدعمها في اقتراح حجب الثقة. لذلك فمن الواضح أنها في منطقة آمنة، على الأقل في الوقت الراهن.
إذا استمرت تيريزا ماي في منصبها، فما خطواتها التالية؟
ستبدأ في التفكير في شكل من أشكال الخطط الاحتياطية. إذ قالت ماي إنها ستبدأ على الفور في محادثات مع كل من المحافظين وأعضاء الأحزاب الأخرى "بروح بناءة" للتوصل إلى اتفاق يمكن أن يفوز بدعم مجلس العموم. وقالت إن أي أفكار يجب أن تكون "قابلة للتفاوض بشكل حقيقي ولديها الدعم الكافي في هذا المجلس" في تحذير للنواب الذين يأملون في الترويج لرؤية شخصية أو غير واقعية للبريكست.
لا بد أن تقدم تريزا ماي "اقتراحاً محايداً" إلى مجلس العموم بحلول يوم الإثنين. ويمكن تعديل ذلك، بمعنى أنه من الناحية النظرية يمكن للأفراد الذين يحتلون المقاعد الخلفية في البرلمان ولديهم أفكارهم الخاصة أن يحاولوا فرض سيطرتهم على العملية. وسيعتمد الكثيرون على ما إذا كان رئيس مجلس العموم، جون بيركو، سيسمح بمثل هذه التدخلات أم لا.