وجهت إحدى مجموعات المجتمع المدني، التي كانت نظمت العديد من التظاهرات المعارضة للحكومة السودانية، دعوة إلى خروج مسيرة جديدة نحو القصر الرئاسي الأحد 6 يناير/كانون الثاني 2019، وذلك في إطار موجة من الاحتجاجات ضد ارتفاع الأسعار.
وبالتوازي مع تلك الدعوة، أعفى الرئيس السوداني، عمر البشير، وزيرَ الصحة محمد أبو زيد مصطفى من منصبه؛ إثر ارتفاع أسعار الأدوية، بحسب ما أفادت به وكالة الأنباء الرسمية السودانية، مشيرةً إلى تعيين "الخير النور" في المنصب بدلاً منه.
ودعا الرئيس السوداني من يطالبونه بالتنحي عن السلطة إلى الاستعداد لخوض انتخابات 2020 المقبلة، للوصول إلى الحكم.
وأضاف البشير في مقابلة مع فضائية "المستقلة" (خاصة، مقرها لندن): "نحن لدينا تفويض شعبي، وأتينا إلى الحكم عبر انتخابات أشرفت عليها مفوضية معترف بها من كل القوى السياسية".
وأشار إلى أن "الدستور الموجود حالياً متفق عليه من قِبل جميع القوى السياسية".
وشدد البشير على أنه يؤدي عهده مع الشعب "للعمل على توفير سبل العيش الكريم والأمن، ونخدم البلاد".
واستطرد قائلاً: "في ظل الاضطراب الدولي والإقليمي والاستهداف (دون تحديد)، نحن نسعى لتأمين العيش للشعب السوداني وتوفير الأمن".
ووصف خطوة أحزاب جبهة التغيير الوطنية، التي تعتزم تقديم مذكرة تطالبه بتكوين مجلس سيادة انتقالي لتسيير شؤون البلاد، بأنها "جاءت من قيادات حزبية تم إعفاؤها من الوزارات".
ويشهد السودان تحركات احتجاجية منذ 19 ديسمبر/كانون الأول 2018، عقب قرار الحكومة رفع أسعار الخبز، لكنها سرعان ما تحولت إلى احتجاجات على حكم البشير.
وقال تجمُّع المهنيين السودانيين في بيان: "ندعو أنصارنا إلى التجمع في 4 نقاط مختلفة بالخرطوم قبل السير نحو القصر" الرئاسي.
ويضم هذا التجمع أطباء ومدرسين ومهندسين، ونظم العديد من التظاهرات المماثلة خلال الأسابيع الماضية، لكن قوات مكافحة الشغب فرقتها بالغاز المسيل للدموع.
وكان البشير طلب، الأحد 30 ديسمبر/كانون الأول 2018، من الشرطة الامتناع عن استخدام القوة المفرطة مع المتظاهرين؛ بعد مقتل 19 شخصاً، بينهم عنصران أمنيان، بحسب السلطات السودانية.
لكن منظمة العفو الدولية أحصت حتى الآن مقتل 37 متظاهراً، برصاص قوات الأمن السودانية.
وانتشرت الشرطة، السبت 5 يناير/كانون الثاني 2019، في مناطق عدة من العاصمة الخرطوم.
ويعتقل عناصر جهاز الأمن والمخابرات الوطني، بشكل متكرر، قادة المعارضة ونشطاء وصحافيين يعبّرون عن آراء مناهضة للنظام.
ويواجه الاقتصاد السوداني صعوبات، خصوصاً بسبب نقص العملات الأجنبية وارتفاع نسبة التضخم، رغم أن الولايات المتحدة رفعت، في أكتوبر/تشرين الأول 2017، الحصار الاقتصادي الذي كان مفروضاً على السودان منذ 20 عاماً.
وتراجعت قيمة الجنيه السوداني جراء شحّ العملات الأجنبية في بنك السودان المركزي، كما بلغت نسبة التضخم 70%، في وقت تشهد فيه مدن عدة نقصاً في إمدادات الخبز والوقود.
ويعاني السودان اقتصادياً منذ انفصال جنوب السودان عنه عام 2011، وارتفع معدل التضخم فيه جراء فقدان 70% من عائدات النفط.
من جهة ثانية، أعلنت وزارة التعليم إعادة فتح المدارس في الخرطوم بدءاً من الثلاثاء 8 يناير/كانون الثاني 2019. وكان قد تم إغلاق المدارس وتعليق الدروس منذ 23 ديسمبر/كانون الأول 2018 في العاصمة، بعد أعمال عنف جرت خلال التظاهرات.
والثلاثاء 1 يناير/كانون الثاني 2019، أعلنت "الجبهة الوطنية للتغيير" (23 حزباً، من ضمنها حركة الإصلاح الآن)، المشارِكةُ في الحوار الوطني، عزمها تقديم مذكرة إلى الرئيس عمر البشير، تطالبه فيها بتشكيل "مجلس سيادة انتقالي، لتسيير شؤون البلاد"، وتشكيل حكومة انتقالية.
ومضى بالقول: "هذا بيان (في إشارة إلى المذكرة) من أناس غير مفوضين من الشعب".
وفي رده على من يتهمونه بـ "الديكتاتورية"، قال البشير: "لو كنت دكتاتوراً ومتكبراً على الشعب لما حظيت بتلك الحفاوة والاستقبالات الشعبية الحافلة التي لقيتها في ولاية الجزيرة (قبل أسبوعين) وغيرها من المناطق".
وتابع: "الشعب السوداني لا يعرف النفاق (..)، أنا لا أقول إن كل الشعب يقف معي، هنالك أقلية ليست كذلك".
وعن الدعوات للخروج في تظاهرات تطالب بتنحّيه، قال الرئيس السوداني إن "الشباب لم يتجابوا مع تلك الدعوات، لأنها غير مقنعة بالنسبة لهم".
وعن التقارير الإعلامية والاتهامات "بعدم خضوع شخصيات مقربة من الحكومة لمحاكمات بالفساد"، قال البشير إن" الحكومة تعمل على محاربة الفساد، دون وضع اعتبار للشخصية التي تدور حولها التهم".
واستدرك قائلاً: "وجهت تهمة إلى أحد الوزارء (دون تسمية)، وأنا كنت أعرف أنه بريء، ولم أتدخل لتبرئته، إنما تركت ذلك الأمر للمحكمة، التي أقرت بذلك".
وأضاف: "في وقت سابق، وُجِّهت تهم فساد لرجل الأعمال السوداني فضل محمد خير، وهو صديق شخصي لي، وأيضاً لم أتدخل لحمايته أو توفير الدعم له".
ومنذ 19 ديسمبر/كانون الأول 2018، تشهد البلاد احتجاجات منددة بتدهور الأوضاع المعيشية، عمَّت عدة مدن، بينها الخرطوم، وشهد بعضها أعمال عنف.
ووفق الحكومة، فإن عدد قتلى الاحتجاجات بلغ 19 قتيلاً، في حين أُصيب 219 مدنياً و187 من القوات النظامية.
ومنذ اندلاع التظاهرات، نظَّم تجمُّع المهنيين السودانيين (مستقل يضم مهنيين ونقابيين) موكبين لتسليم القصر الرئاسي مذكرة تطالب الرئيس عمر البشير بالتنحي، تحوَّلا إلى تظاهرات وسط الخرطوم وقرب القصر الرئاسي، في حين دعا إلى موكب آخر، الأحد 6 يناير/كانون الثاني 2019.