في أول تصريح له بعد توليه حقيبة الخارجية، أعلن وزير الخارجية السعودي الجديد إبراهيم العسّاف، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية، الجمعة 28 ديسمبر/كانون الأول 2018، أنّ المملكة "لا تمرّ بأزمة" بسبب قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، وإنما تشهد "تحوّلاً".
وقال العسّاف غداة تعيينه وزيراً للخارجية في إطار تعديل وزاري واسع النطاق أجراه الملك سلمان إنّ "قضية جمال خاشقجي.. أحزنتنا حقّاً، جميعاً".
وأضاف في المقابلة التي أجريت معه بالإنكليزية "لكن في المحصّلة، نحن لا نمرّ بأزمة، نحن نشهد تحوّلاً" في إشارة إلى الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي أطلقها وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان.
ويعتبر التعديل الحكومي المفاجئ محاولة لتمثيل جيل مهمش في المملكة، ما يضيف بعض الضوابط والتوازنات في قرارات السياسة التي يصدرها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان (33 عاماً) الذي واجه انتقادات دولية بسبب مقتل خاشقجي.
لكن العساف شدد على أن عملية إعادة الهيكلة لم يكن دافعها قضية خاشقجي، بل الحاجة إلى أن تكون الآلية الحكومية أكثر كفاءة.
-سياسة خارجية اندفاعية-
ويرث عساف (69 عاماً) الوزارة بعد سلسلة من التحركات المتعلقة بالسياسة الخارجية لولي العهد الذي فرض مع حلفائه الإقليميين حصاراً على قطر المجاورة وشن حملة عسكرية في اليمن.
وبعد ذلك، يشكل مقتل خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول من قبل -مجموعة مدربة جاءت إلى تركيا خصيصاً من أجل هذا الأمر- اختباراً للعلاقات مع واشنطن خصوصاً بعد قرار مجلس الشيوخ الذي يحمل محمد بن سلمان المسؤولية عن القتل.
ولدى سؤاله عما إذا كان أكبر تحديات سياسته الخارجية هو إصلاح سمعة المملكة الملطخة، أجاب العساف "لن أقول +إصلاح+ لأن العلاقات بين بلدي والغالبية الساحقة من دول العالم ممتازة".
وقبله، حاول الجبير الدفاع بحزم عن الحكومة وولي العهد على الساحة الدولية إثر مقتل خاشقجي.
وفي تعديل الخميس، تم تعيين الجبير وزيراً للدولة للشؤون الخارجية ما يثير تكهنات بأنه تم تخفيض رتبته بعد فشله في إسكات الانتقادات العالمية في قضية خاشقجي.
لكن العساف سارع إلى القول إن "هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة" مضيفاً أن الجبير قام بدور مميز.
وشدد على أن دور الجبير الجديد هو بمثابة تقسيم للعمل وليس انتقاصاً منه في محاولة لتسريع مهمة إعادة تشكيل وزارة معروفة بأنها بيروقراطية بشكل مفرط.
وتابع "لقد مثّل عادل السعودية وسيستمر في تمثيلها (…) حول العالم. نحن نكمّل بعضنا بعضاً".
-"الضوابط والتوازنات"-
وكان العساف البيروقراطي المحنك، ضمن الذين تم احتجازهم لفترة وجيزة في فندق ريتز كارلتون الرياض العام الماضي مع مئات من الأمراء ورجال الأعمال، في حملة وصفتها الحكومة بأنها لمكافحة الفساد.
ويؤكد مسؤولون سعوديون أنه أطلق سراحه بعد أن تمت تبرئته من أي مخالفات ثم تولى قيادة وفد حكومي إلى المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس 2018.
ويعبر مراقبون عن اعتقادهم بأن إعادة تعيينه في منصب وزاري يشير إلى أن الحكومة تسعى إلى "إعادة تأهيل" الحرس القديم المتمرس.
وتقول بيكا فاسر من مؤسسة "راند كوروبوريشن" إن الملك سلمان "يسعى إلى تعزيز موقع نجله من خلال تعيين تكنوقراط متمرسين مثل العساف ممن ليسوا من الدائرة المقربة من ولي العهد، ما يعيد بشكل غير مباشر نظاماً داخلياً من الضوابط والتوازنات التي تعرضت للتهميش خلال محاولته تعزيز سلطاته".
وأوضحت لوكالة الصحافة الفرنسية أن "إضافة بعض ذوي الخبرة من الموظفين الحكوميين من جيل أكبر سناً من شأنه التحقق من بعض خطوات ولي العهد".
وتعزز ترقية حلفاء مخضرمين في التعديل الوزاري الخميس سلطات الأمير محمد بعد إقالة مساعديه الأصغر سناً في دائرته الداخلية المتورطة في مقتل خاشقجي، وضمنهم مستشار الديوان الملكي السابق سعود القحطاني.
وقال العساف، وهو عضو مجلسي إدارة شركة النفط العملاقة الحكومية أرامكو وصندوق الاستثمار العام إن تعيينه وزيراً للخارجية سيساعد في نقل خبراته المالية إلى الشؤون الخارجية.
وأضاف أن "العلاقات الاقتصادية تهيمن على الشؤون الخارجية حالياً (…) أقول بكل تواضع أن تجربتي ستشكل عاملاً مساعداً".