أهل الموصل يحترقون بنيران حرب من نوع آخر.. تخلصوا من سيطرة داعش فطاردتهم الإتاوات والبلطجة

فرض إتاوات على سكان الموصل والمتهم جميع الفصائل المسلحة المدعومة عربياً ومن إيران. وبعد عام كامل على إعلان تحريرها من سيطرة داعش، هل يحقق عبدالمهدي وعده؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/12/22 الساعة 07:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/12/22 الساعة 08:05 بتوقيت غرينتش
Dania Salim Younis, an Iraqi girl arranges flowers at her florist's shop in Mosul

يبدو أن مدينة الموصل العراقية لم تتعافَ من جراحها، رغم مرور عام كامل على إعلان تحريرها من سيطرة تنظيم داعش الارهابي. فبعد معارك استمرت 3 سنوات، انتقل المواطن الموصلي من ضحية القتل والتفجير إلى ضحية إتاوات الأحزاب السياسية وفصائل الحشد الشعبي.

فبعد شهور على تحريرها من سيطرة داعش، ظهرت فيها مكاتب اقتصادية تابعة للأحزاب وفصائل الحشد الشعبي.

فرضت هذه المكاتب رسوماً وأموالاً على أصحاب المتاجر والمطاعم والشركات وسيارات النقل العام، حسب الحكومة المحلية بالمحافظة.

فرض إتاوات على سكان الموصل هو سرقة بوضح النهار

مسؤول في الحكومة المحلية قال لـ"عربي بوست" إن هذه المكاتب تأخذ إتاوات من تجار المواد الغذائية والأجهزة الكهربائية وأصحاب المطاعم والشركات بحجج غير واقعية تحت مسمى حمايتهم من "داعش" والمجاميع الإرهابية.

وأضاف المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، أن "أخذ إتاوات من المواطنين بهذه الطريقة هو سرقة بوضح النهار، وعلى القائد العام للقوات المسلحة عادل عبدالمهدي، التدخل بشكل الفوري لحماية المواطنين وإغلاق هكذا مكاتب وإخراج الفصائل المسلحة من الموصل، وحصر السلاح بيد الدولة لمنع الانفلات الأمني بالمحافظة".

وأشار إلى أن "الوضع الأمني في الموصل مهدد بالانفلات والعودة لفترة ما قبل دخول عناصر داعش والسيطرة على المدينة، نتيجة صراع السياسي والمسلح بين الأحزاب وفصائل الحشد على بعض مناطق المدينة والأراضي والمحال التجارية.

مجلس محافظة نينوى يحقق في التهم ضد مكاتب الحشد الشعبي

إلى ذلك، فتح مجلس محافظة نينوى تحقيقاً برسوم وجباية الأموال التي تفرضها فصائل الحشد الشعبي على المحال التجارية وأصحاب المطاعم والشركات.

ودافع حسن السبعاوي، عضو مجلس نينوى، لـ"عربي بوست" عن فصائل الحشد المدعومة من إيران قائلاً إن "الحشد ساهم في تحرير الموصل، وتوجد مكاتب له منتشرة في مركز المدينة، إلا أن اتهامه باطل".

وأضاف: "هناك إشكالات وتوتر أمني يقع بين حين وآخر بين فصائل الحشد وعناصر الشرطة، ولكن هذا لا يؤثر على الوضع الأمني بالمحافظة".

وقال إن "مجلس نينوى فتح تحقيقاً بعد فرض مجاميع مسلحة تستخدم اسم الحشد لفرض إتاوات على المواطنين وأصحاب المحال التجارية".

والخطورة وصلت إلى تفجير مطعم "لعداوة شخصية واقتصادية"

وتم إبلاغ قائد شرطة المحافظة وقائد اللواء 30 بالحشد الشعبي، بتجاوز المجاميع المسلحة وغير المنضبطة.

وقال مجلس المحافظة إنه سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية وردعهم.

وتحوم شبهات حول تورط أصحاب الإتاوات في عملية تفجير مطعم شعبي في الموصل في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2018.

التفجير الذي تم لأول مرة منذ تحرير المدينة، كشفت التحقيقات الأولية عدم وجود شبهات إرهابية، إنما هو ناتج عن "عداوة شخصية واقتصادية ودفع أموال"، دون ذكر اسم جهة المسؤولة عن هذا التفجير.

البعض يتهم إيران بمحاولة السيطرة على الموصل

ولفت السبعاوي إلى "محاولة إيران استخدام نفوذها للسيطرة على مدينة الموصل، لكن ليس عن طريق الحشد، انما بطرق سياسية أو اقتصادية".

وقال: "هناك شخصيات معروفة في المدينة تحاول التقرب من طهران لأغراض شخصية".

وموالو إيران يُتهمون بمحاولة استبدال تواجدها بقوات مسلحة أخرى

إلا أن النائب عن الموصل حنين قدو، المقرب من الحشد الشعبي، وصف تلك الأقوال بالكاذبة، وبأنها تحاول إخراج فصائل الحشد من المدينة لإدخال البشمركة والمجاميع المسلحة للسيطرة على الموصل، حسب تعبيره.

الحشد يرد: اتهامه محاولة لدخول البشمركة

وذكر قدو لـ"عربي بوست" أن "مدينة الموصل محطة اهتمام الكثير من القوى السياسية والدول الاقليمية، إذ إن الحشد الشعبي أفشل مخططاً دولياً لتقسيم المحافظة وتحويلها إلى إقليم سني، وضم بعض وحداتها الإدارية إلى إقليم كردستان العراق".

وأضاف: "لا نستغرب من مثل هذه الاتهامات والإساءة لفصائل الحشد؛ لأنها تمثل محاولة لإخراج الحشد من المدينة لإعطاء مجال المجاميع المسلحة وقوات البشمركة للدخول إلى مناطق سهل نينوى وسنجار ومناطق أخرى كانت تسيطر عليها تلك القوات قبل دخول داعش المدينة سنة 2014".

واتهم  قدو حزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود بارزاني بمحاولة الاستفادة من هذه الاتهامات والترويج لها إعلامياً لتشويه سُمعة الحشد، وذلك كي يتم إدخال قوات البشمركة إلى الموصل.

وبيّن قدو أن "نواب محافظة نينوى طالبوا رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي في اجتماع سابق، بالتدخل لإغلاق المكاتب الاقتصادية وإبعادها عن مركز المدينة".

وقال: "لا نعرف طبيعة عمل هذه المكاتب، ووجودها في مركز المدينة أصبح غير ضروري".

وأكد قدو أن "القوات العسكرية الموجودة حالياً في محافظة نينوى هم من الحشد العشائري في المناطق الغربية، وحرس نينوى التابعة لمحافظ السابق أثيل النجيفي المسؤول عن حماية مركز الموصل، وقوات سهل نينوى، والحشد المسيحي المسؤول عن حماية القرى المسيحية، والشرطة والجيش العراقيين".

وأوضح: "لا توجد قوات أخرى في المحافظة، لا من جنوب العراق ولا إقليمية".

"عبدالمهدي يعلم بما يجري في أزقة الموصل وعليه أن يحقق وعده"

وحمّل عضو مجلس النواب عن مدينة الموصل منصور المرعيد رئيسَ الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي مسؤولية ما يجري في الموصل، بصفته القائد العام للقوات المسلحة العراقية.

المرعيد قال لـ"عربي بوست" إن "عبدالمهدي أصبح يعلم بما يجري في أزقة مدينة الموصل، وقيام بعض الجهات السياسية والمسلحة بفتح مكاتب اقتصادية للاستفادة مادياً عبر الإتاوات من دون رادع قانوني يحاسبهم على أفعالهم البشعة".

وتابع المرعيد أن "رئيس الوزراء وعدنا بحل مشاكل الموصل بعد استلام ورقة المطالب من نواب وممثلي الموصل".

وبعد مرور 15 يوماً من اللقاء، قال المرعيد: "نحن بانتظار رد عبدالمهدي على الورقة وإخراج فصائل الحشد الشعبي من الموصل ومحافظة نينوى.. وجودها أصبح غير ضروري بعد تحرير المدينة من سيطرة التنظيم الإرهابي".

تحميل المزيد