كشفت وكالة Bloomberg الأميركية أن المملكة العربية السعودية بدأت في مراجعة سياساتها بخصوص فرض الرسوم على العمالة القادمة من الخارج بعد ارتفاع التكاليف، ما أثر بشكل سلبي على الاقتصاد وساهم في هجرة الأجانب، وذلك وفقاً لأربعة أشخاص على دراية بهذا الملف
وفي حين أنه من غير المرجح إلغاء الرسوم كليةً، إلا أن لجنة وزارية تبحث تعديل أو إعادة هيكلة هذه الرسوم، كما قال أحد الأشخاص. ومن المتوقع اتخاذ قرار في غضون أسابيع، وفق ما صرّح شخصان مطلعان على الملف، وقد تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما؛ لأن المعلومات ليست متاحة للعامة.
لكن عواد بن صالح العواد، وزير الإعلام السعودي، نفى إعادة النظر في الرسوم، حسبما قال مركز الاتصالات الدولية الحكومي في رسالة بالبريد الإلكتروني.
هذا وقد تم الإعلان عن مشروع زيادة الرسوم الحكومية على الوافدين من العمالة الأجنبية في عام 2016 كجزء من حملة لزيادة الإيرادات الحكومية غير النفطية -وهو أحد الأهداف الرئيسية لخطة التغير الاقتصادي التي وضعها وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان– ولم تحظ هذه الخطوة بشعبية وقبول لدى رجال الأعمال الذين يستثمرون في السعودية، حيث اعتادوا توظيف العمالة الأجنبية الرخيصة.
وجراء خطوة وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بشأن زيادة الرسوم، والتي تضمنتها رؤية 2030 وكنتيجة جزئية، غادر مئات الآلاف من الأجانب المملكة، ما أصاب الاقتصاد الذي يكافح بالفعل.
الهدف إنقاذ القطاع الخاص
وقالت وكالة Bloomberg إن الهدف من مراجعة قيمة الرسوم على العمالة الأجنبية هو التوفيق بين الاحتياجات المالية للحكومة وقدرة القطاع الخاص على التوظيف والنمو، حسبما قال أحد الأشخاص دون الكشف عن هويته.
وبعد أن تراجع اقتصاد المملكة بنسبة 0.9% العام الماضي، يحرص المسؤولون على تحفيز القطاع الخاص، الذي واجه صعوبة في التكيف مع بعض التغييرات السريعة لسياسة ولي العهد.
وأظهر استطلاع أجرته وكالة Bloomberg رصدت فيه آراء المحللين، أن الناتج المحلي الإجمالي من المتوقع أن يتوسع بنسبة 2.2% هذا العام، ولا يزال حتى الآن متواضعاً مقارنة بمعدلات النمو قبل أن يؤدي هبوط أسعار النفط في عام 2014 إلى دفع خطة الإصلاح التي أطلقها الأمير محمد، التي أطلق عليها اسم "رؤية 2030".
نوعين من الرسوم
وقالت Bloomberg إن هناك نوعين من الرسوم المطبقة على المغتربين سارية المفعول: النوع الأول، يتعلق بتغريم كل عائلة لديها عامل أجنبي، حيث تم تطبيقها بداية من يوليو/تموز 2017. وبدأت عند حد 100 ريال سعودي (27 دولاراً أميركياً) شهرياً لكل مُعال (الشخص المسؤول عن العامل الأجنبي)، ومن المقرر زيادة هذه الرسوم 100 ريال أخرى كل عام.
أما النوع الثاني من الرسوم فقد تم اعتماده في يناير/كانون الثاني، وهو ما تتحمله الشركات التي تقوم بتوظيف العمالة الأجنبية، وكان الهدف من زيادة الرسوم على الأجانب مساعدة هذه الشركات على توظيف العمالة السعودية لتقليل بطالة الشباب السعودي.
ومع دخول الرسوم حيز التنفيذ قرر العديد من العمال الأجانب إرسال عائلاتهم إلى بلادهم أو مغادرة العمال بعائلتهم بالكامل للسعودية، وهو ما أثر على مجموعة واسعة من الأنشطة التجارية التي كانت تعمل في خدمة العمالة الأجنبية بشكل كبير مثل المطاعم وشركات الاتصالات.
وعلى الرغم من مغادرة العمالة الأجنبية، فإن نسبة البطالة السعودية زادت لتصعد إلى نسبة 12.9%، وهو أعلى مستوى لها منذ عقد.
خروج 800 ألف عامل أجنبي
وكان تقرير نشره موقع Business Insider، الإثنين 9 يوليو/تموز 2018، قال إن المملكة العربية السعودية تضررت بشدة بسبب انهيار أسعار النفط، وتواجه المملكة حالياً انخفاضاً في حجم الاستثمار الأجنبي، وارتفاع مستويات تدفق رأس المال خارج البلاد، وقال التقرير إنه حتى أبريل/نيسان 2018، غادر البلاد أكثر من 800 ألف مغترب منذ نهاية عام 2016، ما أرعب الشركات المحلية التي يساورها القلق بشأن صعوبة استبدال العمالة الأجنبية بأخرى محلية.
وحسب التقرير، يُعد رحيل العمالة الوافدة جزءاً من خطة الأمير محمد بن سلمان لإنهاء اعتماد بلاده على النفط، عن طريق تنويع مصادر دخل الاقتصاد. ومن أهم عناصر هذه الخطة إقناع السعوديين الذين يشغلون الوظائف الحكومية السهلة، التي تشكل ثلثي سوق التوظيف المحلي، وهؤلاء الذين لا يعملون لتولي الوظائف الجديدة. وتريد السلطات توليد 450 ألف فرصة عمل للسعوديين في القطاع الخاص بحلول 2020.
وانخفض عدد العمال الأجانب بنسبة 6% ليصل إلى 10.2 مليون عامل في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2018، مقارنةً بنفس الفترة من العام السابق، وفقاً لبياناتٍ رسمية صدرت الشهر الجاري. وكانت خسائر الوظائف خلال الربع الأول في قطاعات التجارة، والصناعة، والبناء، الذي يتكون في معظمه من العمالة منخفضة الأجر.