قضت أكبر محكمة في الاتحاد الأوروبي، الاثنين 10 ديسمبر/كانون الأول 2018، بأنه يمكن للحكومة البريطانية اتخاذ قرار من جانب واحد بالعدول عن الانسحاب من التكتل دون استشارة باقي الدول الأعضاء، وذلك في وقت تستعد فيه بريطانيا لتصويت حاسم حول المسألة.
جاء هذا القرار الذي ترك الباب موارباً للندن، في ظل خلاف بريطاني داخلي حول اتفاق بريكسيت الذي قدمته رئيس الوزراء البريطانية تيريزا ماي للاتحاد الأوروبي، وتمت الموافقة عليه، بانتظار تصويت البرلمان البريطاني عليه غداً الثلاثاء.
وكانت تيريزا ماي قد حذرت النواب البريطانيين من أن رفض اتفاق بريكست خلال التصويت التاريخي في البرلمان المقرر الثلاثاء سيؤدي إلى "خطر حقيقي" يتمثل في بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي ووصول حزب العمال إلى السلطة.
وسيصوّت النواب البريطانيون مساء الثلاثاء على "معاهدة الخروج" من الاتحاد الأوروبي التي تم التفاوض بشأنها مع بروكسل طوال 17 شهراً.
شكوك حول موافقة البرلمان البريطاني على الاتفاقية
ويبدو أن إقرارها في مجلس العموم غير مؤكد بسبب الانتقادات العديدة التي تتعرّض لها من حزب المحافظين الذي تنتمي إليه ماي وأحزاب أخرى.
والمعاهدة تخذل معظم مؤيدي بريكست الذين يتخوفون من بقاء دائم لبريطانيا في الاتحاد الأوروبي، وكذلك المؤيدين لأوروبا الذين لا يزالون يأملون في العودة عن بريكست.
وقبل يومين من التصويت الذي يهدّد مستقبلها السياسي، حذرت رئيسة الوزراء مجدداً من عواقب رفض الاتفاق في حديث لصحيفة "مايل أون صنداي".
وقالت: "هذا يعني أن البلاد ستواجه مستقبلاً مجهول المعالم مع خطر حقيقي بعدم تحقق بريكست أو الخروج من الاتحاد من دون اتفاق".
ماي متخوفة من صعود حزب العمال
ومتوجهة خصوصاً إلى البرلمانيين المحافظين المستعدين لدفن المعاهدة، لوّحت ماي بخطر الانتخابات التشريعية المبكرة واحتمال فوز جيريمي كوربن زعيم حزب العمال، وهو المعارض الرئيسي.
وقالت: "لدينا زعيم معارضة لا يريد سوى إجراء انتخابات عامة بغض النظر عن الكلفة على البلاد"، مضيفة أن وصول كوربن إلى السلطة "خطر لا يمكننا المجازفة به".
وأجرت ماي الأحد مشاورات هاتفية مع رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك وفق ما أعلن الأخير عبر تويتر، مشدداً على مدى "أهمية" الأسبوع المقبل "بالنسبة إلى مصير بريكست.
وذكرت صحيفة "صنداي تايمز" أن ماي تستعد مع احتمال حصول انتكاسة كبيرة الثلاثاء في مجلس العموم، للتوجه إلى بروكسل لانتزاع تنازلات أخيرة حتى وإن اضطرت إلى تأجيل التصويت.
وأكد الوزير المكلف ملف بريكست ستيفن باركلي الذي حل الأحد ضيفاً على برنامج "ذي أندرو مار شوو" الذي تبثه البي بي سي للدفاع عن الاتفاق أن "التصويت سيتم الثلاثاء".
وقال: "إنه اتفاق جيد والاتفاق الوحيد"، مندداً بالانتقادات للاتفاق التي تسببت باستقالة جديدة في الحكومة قدمها مسؤول كبير في وزارة الدفاع هو ويل كوينس.
وفي رسالة إلى رئيسة الوزراء نشرت على تويتر انتقد النائب المحافظ "شبكة الأمان" التي نصّ عليها الاتفاق وتقضي بإبقاء بريطانيا في اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي واعتماد توافق أكبر مع إقليم أيرلندا الشمالية في حال لم يتم إبرام اتفاق حول العلاقة المقبلة بين بروكسل ولندن بعد فترة انتقالية من 21 شهراً تلي بريكست، المقرر في 29 آذار/مارس.
وقال النائب عن حزب العمال جون تريكيت لشبكة "سكاي نيوز" الإخبارية: "أعتقد أن وقتها (ماي) بدأ ينفد"، مشككاً في فرص بقائها رئيسة للحكومة بعد التصويت.
وتابع النائب العمالي أن "حزب العمال مُستعد لتشكيل حكومة أقلية إذا اقتضى الأمر، وهو ما قد يحصل صباح الأربعاء".
"ماي خائنة"
وإذ أشارت إلى استقالات أخرى ممكنة قبل تصويت الثلاثاء، تحدثت صحيفة "صنداي تلغراف" عن حكومة على طريق "التفكك" وخلفاء محتملين لماي بدءاً بأحد أبرز خصومها بوريس جونسون وزير الخارجية السابق المدافع عن بريكست دون تنازلات.
ورداً على سؤال عن إعلان ترشحه في حال رفض الاتفاق قال جونسون الأحد لبي بي سي إنه "سيستمر في العمل" لتطبيق رؤيته لبريكست مهما كانت نتيجة التصويت الثلاثاء.
وكان الجدل حول الاتفاق محتدماً أيضاً في شوارع لندن الأحد مع مسيرة مؤيدة لبريكست يقودها اليميني المتطرف تومي روبنسون بدعم من حزب يوكيب المناهض لأوروبا.
ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها "تيريزا ماي خائنة" في حين نظّمت تظاهرة أخرى مضادة في العاصمة البريطانية في الوقت نفسه.
واجتمع مؤيدو إجراء استفتاء جديد داخل قاعة وقال النائب العمالي ستيفن داوتي أمام المشاركين "فلنعط مجدداً الأمل للشعب ولنوقف هذا البريكست الرهيب".