وجّه الملك سلمان بن عبدالعزيز الدعوة إلى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمس الثلاثاء 4 ديسمبر/كانون الأول 2018، لحضور القمة الخليجية في الرياض يوم 9 من الشهر الجاري، في محاولة من السعودية لتذويب الخلاف مع قطر، في الوقت الذي يكافح فيه السعوديون للتغلب على الإدانة الدولية لمقتل الكاتب الصحافي جمال خاشقجي وسلوكها في حرب اليمن.
لم يصدر أي رد فعل بعد من الدوحة سوى تأكيدها تلقي الأمير الرسالة الملكية السعودية، التي حملها عبداللطيف بن راشد الزياني، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
ما أهمية هذه الدعوة؟
قد تكون هذه الرسالة طبيعية وبروتوكولية، كما روّج لها بعض الإعلاميين السعوديين، الذين اعتبروها دعوة رسمية من السعودية كونها البلد المنظم للقمة الخليجية، وقطر تمثل أحد أعضاء مجلس التعاون الخليجي.
لكن الدعوة تحمل دلالة مهمة؛ كونها أول تواصل رسمي على هذا المستوى بين البلدين، منذ بدء الأزمة الخليجية قبل 18 شهراً.
وتأتي الدعوة على وقع حديث في الكواليس حول ضرورة إنهاء الأزمة الخليجية، ففي الوقت الذي تعيش فيه السعودية أزمة كبيرة على وقع جريمة قتل خاشقجي، صدرت تصريحات من وليّ العهد السعودي، بشكل غير متوقع عن قطر، خلال مؤتمر "دافوس الصحراء" الذي عُقد في السعودية الشهر الماضي.
بدت تصريحات الأمير محمد بن سلمان -الذي يُتهم بأنه يقف خلف مقتل خاشقجي- أنها تحوّل في اللهجة، فقد أقر الأمير بمرونة "الاقتصاد القوي" في قطر وتوقع أن يكون أحد بلدان المنطقة القادرة على التغيير للأفضل في السنوات الخمس المقبلة.
هل يلبي أمير قطر الدعوة؟
في القمة الخليجية العام الماضي لبى أمير قطر دعوة أمير الكويت، وحضر القمة التي عقدت في ضيافة الشيخ صباح الأحمد الصباح، كمبادرة حسن نية من الدوحة، إلا أن دول الحصار المتمثلة في السعودية والإمارات والبحرين أرسلوا وزراء أو نواب رؤساء وزراء ولم يحضر زعماء الدول.
لكن هذا العام يبدو الأمر مختلفاً، فمن جانب الدوحة فإنها تعلم أن الرياض تعاني من ضغوط دولية بسبب مقتل خاشقجي، ومن مصلحتها أن تنهي الأزمة الخليجية، لذلك قد يكون قرارها هذه المرة مختلفاً عن العام السابق.
ويستبعد أستاذ العلوم السياسية علي الهيل أن يمثل أمير #قطر تميم بن حمد بلاده في قمة مجلس التعاون الخليجي في #السعودية رغم توجيه الدعوة إليه.
ويرى الهيل، خلال لقائه مع قناة BBC، رفضاً شعبياً في قطر لحضور الأمير تميم للقمة، في وقت يخضع فيه الشعب القطري للحصار البري والجوي والبحري، ومفروض عليه القطيعة الدبلوماسية، وهو ما يعني استمرار ما وصفه بـ"الحرب" على الدوحة.
وتبقى هناك بارقة أمل في أن تكون هذه الدعوة الأولى من نوعها، كخطوة ممهدة لتلطيف الأجواء مع قطر، ومقدمة لإجراءات قد تتجه لها السعودية لرفع الحصار المفروض على الدوحة.
وقد يأخذ أمير قطر منحًى آخر في هذه الدعوة، كونها قادمة من الملك سلمان شخصياً، والتي قد يقرأها أمير قطر بأن الملك يحاول إصلاح ما أفسده نجله، وهو ما يجعل الأمير تميم يلبي دعوة العاهل السعودي.
هل الأزمة الخليجية في طريقها للحل؟
لكن، حتى ولو حضر أمير قطر هذه القمة فإن ذلك لا يعني أن الأزمة الخليجية في طريقها للحل.
فلحظة استقبال أمين عام مجلس التعاون الخليجي لم تكن على ما يرام، كما لمح لذلك العديد من المحللين القطريين.
وأشار رئيس تحرير جريدة العرب القطرية عبدالله العذبة إلى أن الشيخ تميم لم يستقبل أمين مجلس التعاون الزياني الذي حمل رسالة دعوة القمة في الرياض من الملك سلمان، بل تسلّمها سلطان المريخي وزير الدولة للشؤون الخارجية.
بينما ذكّر الكاتب القطري جابر الحرمي بأن الزياني لم يقم على مدار 18 شهراً بأي جهد لإنهاء الأزمة الخليجية، بل انحاز لدول الحصار واختار الصمت.
لكن أمراً آخر يجب الانتباه له، وهو جدول أعمال القمة التي أرسلت لقادة الدول الخليجية، وحصل "عربي بوست" على نسخة منه.
فقد خلت الأجندة من أي مناقشة للأزمة الخليجية، واقتصرت على كلمات الترحيب من الملك سلمان وأمير الكويت، ثم كلمة الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، لتبدأ بعدها الجلسة المغلقة للقمة، التي تتضمن تقرير الأمين العام لمجلس التعاون، ومناقشة جدول أعمال الدورة التاسعة والثلاثين.
يتبع ذلك غداء يقيمه الملك سلمان، ثم اختتام اجتماع الدورة التاسعة والثلاثين وتلاوة بيان القمة، وإعلان الملك سلمان رفع الجلسة وانتهاء القمة، ثم مؤتمر صحافي لوزير الخارجية السعودي والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي.
يُذكر أن كلاً من السعودية والإمارات كررتا القول إن النزاع لا يمثل أولوية كبرى بالنسبة لهما، فيما قال وزير الخارجية القطري الشهر الماضي إنه لا يتوقع تحسناً في العلاقات.