احتجاجات فرنسا مختلفة هذه المرة، لا تقودها أحزاب ولا نقابات.. وماكرون يقول: العار لمن هاجم الضباط

عربي بوست
تم النشر: 2018/11/26 الساعة 06:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/26 الساعة 06:38 بتوقيت غرينتش
Protesters wearing yellow vests, a symbol of a French drivers' protest against higher fuel prices, run from police during riots on the Champs-Elysees in Paris, France, November 24, 2018. REUTERS/Gonzalo Fuentes

هاجم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المتظاهرين الذين اشتبكوا مع الشرطة في العاصمة الفرنسية باريس في أثناء الاحتجاجات الأخيرة التي أثارها ارتفاع أسعار الوقود.

وكتب ماكرون تغريدةً على موقع تويتر قال فيها: "العار على أولئك الذين هاجموا الضباط. لا مكان للعنف في الجمهورية الفرنسية".

يُذكَر أنَّ الفوضى عمَّت شارع الشانزليزيه السبت 24 نوفمبر/تشرين الثاني بينما استخدمت الشرطة القنابل المسيلة للدموع والمياه لتفرقة المتظاهرين.

ما الذي أدى لاندلاع شرارة الاحتجاجات؟

وجاءت المظاهرات بناءً على دعوةٍ من حركة "السترات الصفراء" لتمثل "المرحلة الثانية" من حملتها الاحتجاجية التي بدأت منذ أسبوع.

سميت الحركة نسبةً إلى السترات شديدة الوضوح التي يرتديها أعضاؤها، وقد كانوا في بادئ الأمر يركزون على الاحتجاج على زيادة أسعار الديزل.

ثم نَمَت الحركة فيما بعد، لتعكس غضباً عارماً على ارتفاع تكاليف المعيشة، وخصوصاً في المناطق الريفية، بالإضافة إلى شكاوى أخرى تتعلق بسياسات ماكرون.

وقال وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستنر إنَّ أكثر من 100 ألف مواطنٍ شاركوا في نحو 1600 مظاهرةٍ وقعت في أنحاء فرنسا يوم السبت 24 نوفمبر/تشرين الثاني. وقد مرَّت معظم تلك المظاهرات بسلامٍ، ما عدا في العاصمة، حيث احتشد 8 آلاف متظاهر.

ويفترض أن يُخاطب ماكرون الأمة الفرنسية يوم الثلاثاء القادم الموافق 27 نوفمبر/تشرين الثاني ليعلن إجراءاتٍ جديدة ضمن خطابه حول الانتقال البيئي.

ويُتوقع أن يتحدث في خطابه عن المظاهرات وأن يدعو إلى "مناظراتٍ شعبيةٍ" في أنحاء البلاد لمناقشة سياسات الحكومة.

الأمر لا يقتصر على الوقود

وقالت لوسي وليامسون، مراسلة هيئة الإذاعة البريطانية BBC في باريس، إنه على الرغم من أنَّ شرارة الاحتجاجات واضحة، لكن ليس هناك أمور كثيرة توحِّد أصحاب "السترات الصفراء" باستثناء ملابسهم شديدة الوضوح وغضبهم حيال ارتفاع الضرائب وتكاليف المعيشة.

ففي بلدٍ غالباً ما تُدار فيه الاحتجاجات إدارةً محكمة عن طريق أحد الأحزاب السياسية أو إحدى النقابات، لا تتبع هذه الحركة قائداً وطنياً معترفاً به، ولا يوجد هيكل ولا انتماء رسمي يوحِّد ناخبين من جميع الأعمار، من أقصى اليسار المتطرف إلى أقصى اليمين المتطرف، حتى أولئك الذين دعموا ماكرون.

لذا يُعَد تعاونهم الجديد علامة على فشل ماكرون في استعادة ثقتهم في الساسة، وأنَّ هناك انقسامات عميقة ما زالت قائمة. فهؤلاء ليسوا أكثر مواطني فرنسا تهميشاً، لكنَّهم أولئك الذين يقولون إنَّهم يكافحون حتى في أثناء العمل، والذين يشعرون بأنَّهم يتحملون وطأة المشكلات الاقتصادية الفرنسية، بينما تحصل الشركات والأغنياء على إعفاءات ضريبية.

وتضيف وليامسون: "صحيحٌ أنَّ الحكومة الفرنسية ألقت باللوم على عصابات يمينية متطرفة في أعمال العنف التي شهدتها باريس، لكن هناك العديد من المواطنين السلميين الذين يدعمون الحركة أيضاً، سواءٌ عند الحواجز الأمنية أو في المنازل".

وترى أن مركز قوة الحركة الاحتجاجية تتمثل في تعدُّديتها وديمقراطيتها، لكنَّ هذين العاملين يجعلان رؤيتها النهائية غير واضحة، ويصُعِّبان التحكم في هوية أعضائها.

ماذا حدث في الشانزليزيه؟

انتشر 5 آلاف ضابطٍ في باريس، وأقاموا حواجز معدنية حول الشانزليزيه للحيلولة دون وصول المتظاهرين إلى مبانٍ حيويةٍ مثل المكتب الرئاسي والجمعية الوطنية.

وقد أصرَّت ليتيشا دوفال، المتحدثة باسم المتظاهرين، على أنَّهم كانوا سلميين؛ إذ قالت لوكالة الأنباء الفرنسية: "لسنا هنا لنفتعل شجاراً مع الشرطة. لا نريد سوى أن تصغي لنا الحكومة".

بيد أنَّ البعض حاول في الصباح خرق النطاق الأمني لقوات الشرطة. فأشعلوا النيران ومزَّقوا لافتات الشوارع، والحواجز المُقامة، وخلعوا حجارة الأرصفة وقذفوها على أفراد الشرطة فيما كانوا يرددون هتافاتٍ مناهضة لماكرون.

واستمرت الفوضى طوال الليل، إلى أن أخلت الشرطة معظم المنطقة.

ماذا عن المظاهرات الأخرى في بقية أنحاء فرنسا؟

اندلعت مظاهرات في كل أرجاء البلاد. ونُصبت حواجز على الطرق لإبطاء حركة المرور. وقد أُزيلت بعض أكشاك الرسوم للسماح بمرور المركبات.

وقد وقع عددٌ من الاشتباكات الثانوية. وجرى اعتقال 130 شخصاً.

كان نطاق الاحتجاجات والعنف أصغر بكثير من الأسبوع الماضي؛ إذ شارك أكثر من 280 ألف شخصٍ في احتجاجات يوم السبت 17 نوفمبر/تشرين الثاني، ولقي شخصان مصرعهما وأُصيب أكثر من 600 شخص آنذاك.

كيف كان رد فعل ماكرون وحكومته؟

أشاد الرئيس في تغريدته بقوات الأمن لـ "شجاعتهم ومهنيتهم".

وأضاف: "العار على من هاجموهم. العار على أولئك الذين أهانوا المواطنين الآخرين والصحافيين".

وقد ذكرت وسائل إعلام حكومية فرنسية أنَّ العديد من المراسلين تعرَّضوا لهجوم في مدن جنوبية مثل تولوز وبيزييه.

بينما اتَّهم وزير الداخلية كريستوف كاستنر المحتجين بالتأثُّر بقائدة حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف في فرنسا مارين لوبان. لكنَّها اتهمته على تويتر بعدم الأمانة.

ما الذي يثير غضب السائقين؟

ارتفع سعر الديزل الذي يُمثِّل الوقود الأكثر استخداماً في السيارات الفرنسية بنحو 23% على مرِّ العام الماضي؛ ليصل متوسط سعر اللتر إلى 1.51 يورو (1.71 دولار)، ليبلغ بذلك أعلى مستوياته منذ أوائل العقد الأول من القرن الحالي، وفقاً لتقارير نشرتها وكالة الأنباء الفرنسية.

وصحيحٌ أنَّ أسعار النفط العالمية ارتفعت قبل أن تنخفض مرةً أخرى، لكنَّ حكومة ماكرون رفعت ضريبة الهيدروكربونات في العام الجاري 2018 بمقدار 7.6 سنت على كل لتر من الديزل و3.9 سنت على كل لتر من البنزين، في إطار حملةٍ لتشجيع استخدام وقود وسيارات أنظف.

واعتُبِر قرار فرض زيادة إضافية قدرها 6.5 سنت على الديزل و2.9 سنت على البنزين بدءاً من مطلع يناير/كانون الثاني من العام المقبل 2019 بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير.

ويُذكَر أنَّ ماكرون ألقى باللوم على أسعار النفط العالمية في ثلاثة أرباع زيادة الأسعار. وقال أيضاً إنَّ هناك حاجةً إلى مزيدٍ من الضرائب على الوقود الحفري لتمويل استثمارات الطاقة المتجددة.

لماذا ترتدي ستراتٍ صفراء؟

يُلزَم جميع السائقين في فرنسا بوضع سترات صفراء في سياراتهم ضمن معدات السلامة لاستخدامها في حالات العُطل.

فبالإضافة إلى المثلث الأحمر العاكس المألوف الذي يجب وضعه خلف السيارة عند تعطُّلها على الطريق، يتعين على السائقين ارتداء سترة شديدة الوضوح عند وقوفهم خارج السيارة المُعطَّلة.

وفي حال عدم ارتداء السترة عند تعطُّل السيارة أو اصطدامها في حادث، قد تُفرَض على السائق غرامةٌ قدرها 135 يورو (153 دولاراً) بموجب قانونٍ دخل حيز التنفيذ في عام 2008.

 

علامات:
تحميل المزيد