ما الذي أخطأ ترامب في استيعابه بشأن دور السعودية في أسواق النفط العالمية؟ يبدو أن معرفته عالقةً في الماضي

عربي بوست
تم النشر: 2018/11/22 الساعة 08:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/22 الساعة 08:39 بتوقيت غرينتش
Developer Donald Trump talks with his former wife Ivana Trump during the men's final at the U.S. Open September 7, 1997. REUTERS/File Photo FROM THE FILES PACKAGE "THE CANDIDATES" - SEARCH CANDIDATES FILES FOR ALL 90 IMAGES

بعد أسابيع من اختلاق الأعذار من أجل دور السعودية في مقتل جمال خاشقجي، خرج الرئيس الأميركي دونالد ترامب على تويتر ليحتفل بالانخفاض الأخير في أسعار النفط، وهو ما وصفه بأنَّه يشبه "خفضاً ضريبياً" بالنسبة للأميركيين، ويقدم الشكر إلى السعودية على وجه التحديد لما ارتأى أنه دورٌ أدته المملكة لخفض أسعار النفط.

حسب تقرير صحيفة The Washington Post الأميركية، كانت التغريدة مضللةً في أفضل الأحوال. وأظهرت سوء فهمٍ جلياً لسوق النفط الدولي؛ نظراً إلى أنَّ ترامب كان يخلط ويطابق بين أسعار النفط الأميركي (أي سعر خام غرب تكساس الوسيط) وبين السعر الدولي (سعر خام برنت).

ترامب تجاهل عوامل انخفاض النفط

علاوةً على ذلك، من خلال تسليط الضوء على السعودية، تجاهلت تغريدات ترامب عوامل أخرى تقود انخفاض أسعار النفط: مثل المخاوف المتعلقة بالنمو الاقتصادي العالمي، والمتعلقة بالحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، إضافةً إلى زيادة إنتاج الولايات المتحدة من النفط، وأيضاً منح الولايات المتحدة بعض الإعفاءات من العقوبات الأميركية المفروضة على النفط الإيراني. وفي واقع الأمر، قالت السعودية إنَّها تضع في عين الاعتبار خفض إنتاج النفط في العام القادم في محاولةٍ منها لرفع الأسعار نتيجةً لهذه العوامل المذكورة.

لكنَّ ترامب ركَّز اهتمامه دوماً على دور السعودية في أسواق النفط في السراء والضراء. ففي الأسبوع الماضي طالب السعودية تحديداً بألا تُخفض إنتاج النفط. وقد ضخَّم رئيس الولايات المتحدة في العموم من القيمة الاقتصادية للسعودية بالنسبة للولايات المتحدة في مراتٍ عديدة خلال الأشهر الأخيرة.

لدى ترامب عادة مكتسبة منذ مدة طويلة على موقع تويتر، وتتعلق بحديثه عن أسعار النفط. ففي عام 2011، أشار مراراً وتكراراً إلى أنَّ الولايات المتحدة يجب عليها ببساطة أن تحصل على نفط العراق. وأشار كذلك إلى أنَّ الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما عقد صفقةً مع السعودية قبل انتخابات 2012، تقضي بأن تزيد السعودية من إنتاج النفط لتُحافظ على انخفاض الأسعار.

سوق النفط شهد تغيراتٍ دراماتيكية منذ 1973

لكن عندما يتعلق الأمر بهيمنة السعودية على أسواق النفط، تبدو معرفة ترامب عالقةً في الماضي؛ لا سيما في أزمة النفط المشهودة عام 1973، التي رفضت خلالها مجموعة من دول الشرق الأوسط بيع النفط إلى الولايات المتحدة، ما أسفر عن نقصٍ في كميات النفط وزيادة الأسعار.

في مقاله المنشور بصحيفة The Washington Post الشهر الماضي، جادل جيف كولغان، خبير السياسات النفطية في جامعة براون الأميركية، بأنَّ الطريقة التي يعمل بها سوق النفط قد شهدت تغيراتٍ دراماتيكية منذ 1973، ما يعني أنَّ أي حظر أو حصار مستقبلي سيكون له أثرٌ أقل. صار النظام أكثر مرونة، وأقل اعتماداً على العقود طويلة الأجل، لذا يسهل على أي مستهلك الحصول على واردات من مُنتِجٍ آخر في غضون مهلة قصيرة. فضلاً عن أن الولايات المتحدة تنتج نفطاً أكثر بنفسها، وتستورد كميةً صغيرة فقط من النفط السعودي.

وذكر كولغان في مقاله أنَّه حتى إذا كانت السعودية قادرة على التأثير على أسعار النفط على المدى القصير، فحينئذٍ ستكون حذرةً من التأثير طويل الأجل. وكتب: "يشجع هذا الأمر المنتجين الآخرين، بمن فيهم هؤلاء (المنتجون) داخل الولايات المتحدة، على إنتاج المزيد. وبمرور الوقت، يُخفض ذلك أسعار النفط وفي الوقت نفسه يستقطع من حصة السعودية في السوق".

جادلت إلين وولد، مؤلفة كتاب "Saudi, Inc.: The Arabian Kingdom's Pursuit of Profit and Power"، بأنَّ السعودية ليس لديها نفوذ حقيقي على الولايات المتحدة. وكتبت وولد في مقال لها بصحيفة New York Times: "إذا وجَّهت الرياض شركة النفط الوطنية أرامكو نحو إيقاف الصادرات إلى الولايات المتحدة اليوم فإنَّها قد تؤذي أرامكو نفسها في المقام الأول". وذكرت أنَّ أرامكو تملك أكبر مصفاة تكرير في الولايات المتحدة.

من المرجح أنَّ العائلة الملكية السعودية على دراية بهذا. فبعد نشر تعليق الدخيل، تحركت السفارة السعودية في واشنطن لتنأى بالحكومة بعيداً عن هذا الموقف. غير أنَّ بياناً نشرته في نفس اليوم وكالة الأنباء السعودية قدَّم تحذيراً أكثر غموضاً وحسب.

وجاء في البيان: "تؤكد المملكة أنَّها إذا تلقت أي إجراء فسوف ترد عليه بإجراءٍ أكبر، وأنَّ لاقتصاد المملكة دوراً مؤثراً وحيوياً في الاقتصاد العالمي".

إذا كان لدى السعودية شكوك حول قيمتها الاقتصادية بالنسبة للولايات المتحدة، فينبغي لها أن تُعبر عن الامتنان نظراً إلى أنَّ ترامب من الواضح أنَّه لا يشاركها هذه الشكوك. ضخَّم قائد الولايات المتحدة مراراً وتكراراً من قيمة صفقات الأسلحة مع السعودية. والآن، بالرغم من الغضب العالمي حول مقتل خاشقجي، يواصل الرئيس الأميركي إصراره على أنَّ النفط السعودي مهمٌ من أجل الازدهار الاقتصادي للولايات المتحدة.

مقال تركي الدخيل أخذه ترامب على محمل الجد

عندما كان الجدال مستعراً في الشهر الماضي حول مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، كتب المدير العام لقناة العربية المملوكة للرياض مقال رأيٍ لاذعاً يحذر فيه من أنَّ السعودية قد تستخدم نفوذها على سوق النفط العالمي لإلحاق الضرر بالولايات المتحدة إذا فرضت الأخيرة عقوباتٍ ضدها.

وكتب تركي الدخيل: "إذا كان سعر 80 دولاراً قد أغضب الرئيس ترامب، فلا يستبعد أحد أن يقفز السعر إلى 100 و200 دولار وربما ضعف هذا الرقم". وقد حذر من أنَّ الولايات المتحدة "ستطعن اقتصادها في مقتل وهي تظن أنَّها تطعن الرياض وحدها!".

أثارت هذه التهديدات سخريةً ونقداً من بعض الخبراء الذين جادلوا بأنَّها تبالغ من تقدير النفوذ الاقتصادي للسعودية. لكن شخصاً واحداً بارزاً على الأقل أخذ هذه التهديدات على محمل الجد: وهو دونالد ترمب.

علامات:
تحميل المزيد