الحكومة الإسرائيلية سقطت لا حماس.. 8 خواطر حول التصعيد الأخير في غزة

عربي بوست
تم النشر: 2018/11/16 الساعة 21:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/16 الساعة 21:10 بتوقيت غرينتش
Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu (C), Defense Minister Avigdor Lieberman (R), and Chief of Staff Lieutenant-General Gadi Eizenkot meet in Tel Aviv, Israel February 10, 2018 in this handout photo released by the Israel Defence Ministry. Israel Defence Ministry/Handout via REUTERS ATTENTION EDITORS - THIS IMAGE HAS BEEN SUPPLIED BY A THIRD PARTY. PARTS OF THE IMAGE WERE BLURRED BY THE SOURCE.

الحكومة الإسرائيلية سقطت لا حماس، إنها النتيجة التي توصل إليها محلل يهودي بعدما أُخمدت نيران القتال الذي اشتعل مؤخراً بين إسرائيل وغزة، على الأقل للوقت الحالي.

عدَّ الجانبان الضحايا وبدأت مراجعة المكاسب والخسائر، فما النتيجة النهائية؟

8 خواطر حول هذا الصراع، عدَّدها الكاتب والمحلل السياسي ميتشيل بلتنيك على موقع LobeLog الأميركي.

بلتنيك عمل سابقاً نائب مدير منظمة Foundation for Middle East Peace، وهذا ما توصل إليه بعد أحداث غزة الأخيرة من نتائج وتداعيات:

أولاً: عملية استخباراتية خرجت عن السيطرة

رغم أنَّ توقيت النزاع مريب، من غير المرجح أن يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد شن عملية عسكرية في غزة لعرقلة الوصول إلى تسوية مع حركة حماس.

إذ إنَّ الغارات الإسرائيلية التي أشعلت غزة مؤخراً، كانت من النوع الذي تنفذه إسرائيل بصورة دورية.

وبدت من جميع النواحي مجرد عملية استخباراتية روتينية، لكنها خرجت عن السيطرة.

ومثلما كانت غزة دوماً مصدراً لتكبيد نتنياهو خسائر سياسية، لم يكن الوضع هذه المرة مختلفاً.

إذ لم يلقَ استعداد نتنياهو للموافقة على تدفق أموال قطرية إلى قطاع غزة ولا موافقته السريعة على الهدنة، قبولاً داخل إسرائيل.

ومن ثم، ليس هناك سببٌ قوي قد يبرر سلوك نتنياهو هذا الطريق عمداً.

ثانياً: نتنياهو لن يرغب في نزاع من دون تخطيط

حقيقة أنَّ هذا التصعيد الإسرائيلي لم يكن متعمداً، يجب أن يتم اعتبارها تحذيراً.

فمن جانبه، يعتقد نتنياهو أن بإمكانه إدارة حصار غزة إلى ما لا نهاية، وأقنع كذلك الإدارة الأميركية الحالية بدعم هذا الرأي.

لكن الحقيقة أنه يتعامل مع قنبلة موقوتة، إذ كشفت الأحداث الأخيرة كيف يمكن أن تنفجر الأوضاع في غزة بسهولة.

وتدخلت مصر سريعاً، حتى لا يتفاقم الوضع أكثر بحيث يجذب اهتمام المسلحين في سيناء وغيرها من الجماعات بمصر.

إلى جانب أنَّ استمرار المواجهات يخاطر بتدخل حزب الله، وهي احتمالية أخرى أكثر مدعاة للخوف، وبالأخص مع تكثيف الولايات المتحدة وإسرائيل حالياً أنظارهما على إيران بصورةٍ أكثر صرامة.

حتى نتنياهو، الذي قد يستمتع باندلاع صراع ضد إيران بالظروف الملائمة، لن يرغب في خوض مثل هذا النزاع الخطير من دون تخطيط مسبق.

إضافة إلى ذلك، تدرك حماس أن مثل هذا الصراع سيجلب دماراً لم تشهد غزة مثله من قبل. ولهذه الأسباب، بذلت جهوداً حثيثة لتهدئة الصراع سريعاً.  

ثالثاً: استعادة سيطرة إسرائيل على غزة تعيد مطالب حل النزاع

أصبحت أصوات كل من مدينتي سديروت وأشكلون الإسرائيليتين، اللتين تقعان قرب غزة، بمثابة صيحة استنفار لشن هجوم شرس على غزة يستهدف إسقاط حماس.

ومن جانبه، يدرك نتنياهو جيداً أنَّ هذا سيتركه أمام خيارين: الأول استعادة إسرائيل السيطرة كاملةً على غزة. وهو خيار لن يكون صعباً ومكلفاً فقط، وإنما سيثير مرة أخرى مطالبات دولية بحل الصراع، وضمن ذلك من الولايات المتحدة، حتى في ظل الحماية التي يمنحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب للإسرائيليين.

أما الخيار الثاني، فيتمثل في ترك غزة بحالة من الفوضى تسمح لجماعات أعنف من حماس بالسيطرة على القطاع، ومن ثم ستصبح الهجمات الموجهة من غزة، برغم ضعفها، أكثر شيوعاً بكثير.

رابعاً: بينيت يهدد بحلِّ الحكومة لو منعوا عنه "الدفاع"

لم تهدد استقالة وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، المفاجئة وما أعقبها من انسحاب حزبه من ائتلاف نتنياهو الحاكم، بتبكير موعد الانتخابات فحسب.

على الأرجح، تم تقديمها إلى مطلع مايو/أيار 2019، وربما تُعقَد حتى أبكر من ذلك في مارس/آذار 2018.

بل أضعفت كذلك موقف نتنياهو، إذ تعارض شريحة كبيرة من الإسرائيليين الطريقة التي تعامل بها رئيس الوزراء مع الأحداث الأخيرة في غزة.

ويجد نتنياهو نفسه الآن في مواجهة مطلب من نفتالي بينيت، زعيم حزب "البيت اليهودي"، بأن تُسند إليه حقيبة وزارة الدفاع التي تولاها نتنياهو مؤقتاً.

وفي حال رفض نتنياهو تعيين بينيت وزيراً للدفاع، وقرر هذا الأخير الاستقالة، فستنهار الحكومة على الفور، ومن ثم سيصبح حتمياً الدعوة إلى انتخابات جديدة.

أما إذا وافق نتنياهو، فسَيُكسِبه هذا مزيداً من الوقت لوضع استراتيجية، لكنه في الوقت نفسه سيعزز موقف بينيت كثيراً.

أي إنه سواء حظي نتنياهو بهذه المهلة أو لا، فلن يصب الأمر في مصلحته بالحالتين.

خامساً: لا يوجد منافسون جدّيون لحزب الليكود

من ناحية أخرى، ليس هناك مع ذلك خيارات أفضل أمام نتنياهو، من منظور مخاطبة حقوق الفلسطينيين.

إلى جانب عدم وجود منافسين جديين على منصبه رئيساً لأكبر حزب في الكنيست.

إذ كشف استفتاء أُجرِي مباشرة عقب استقالة ليبرمان -في خضم ثورة الغضب ضد نتنياهو- عن أنَّ حزب الليكود، بزعامة نتنياهو، سيفوز بـ29 مقعداً إذا أُجريت الانتخابات اليوم.

ورغم أنَّ هذه كانت المرة الأولى التي يحظى فيها "الليكود"، في استطلاع رأي، بأقل من 30 مقعداً منذ مارس/آذار، لم يحظَ ثاني أكبر حزب "هناك مستقبل" -وهو أكثر اعتدالاً بقليل من "الليكود"- إلا بـ18 مقعداً.

وسيواجه نتنياهو تحدياً في سبيل تشكيل ائتلاف حاكم، لكنه واجه تحديات مماثلة من قبلُ ونجح في تجاوزها.

وسيبرز بينيت بالتأكيد في موقف أكثر قوة. وقد أنقذ ليبرمان -على الأرجح- نفسه من الانتهاء سياسياً من خلال هذه المجازفة الأخيرة، لكن من المستبعد أن يتولى مرةً أخرى حقيبة الدفاع.

ومن المرجح أن يكون توجُّه الائتلاف الحكومي القادم، على غرار أسلافه تحت قيادة نتنياهو، الأشد في يمينيته في تاريخ إسرائيل.

سادساً: والأسماء البديلة لا تعني مستقبلاً أفضل للفلسطينيين

تعرَّض نتنياهو لهجوم من الخيارات البديلة عنه في منصب رئاسة الوزراء، الذين يدعمون العودة إلى مائدة المفاوضات وحل الدولتين -مثل يائير لبيد رئيس حزب "هناك مستقبل"، وآفي غاباي رئيس حزب العمل والاتحاد الصهيوني، وتسيبي ليفني زعيمة المعارضة الإسرائيلية الحالية- وذلك لعدم استخدامه مزيداً من القوة ضد غزة.

وتتزعم ليفني حزباً لم يستطع الصمود خارج مظلة الاتحاد الصهيوني، إلى جانب أنَّ غاباي ولبيد يعجز كلاهما عن تشكيل ائتلاف حاكم.

بمعنى آخر، لا يقدم أيٌّ من هذه الخيارات أملاً حقيقياً في إحياء عملية السلام، حتى وإن وصلوا على رأس الحكومة.

ونتيجة لذلك، وعلى الرغم من أنَّ نتنياهو قد يكون على مشارف نهاية الطريق، ليست النتيجة محسومة بعد.

فحتى وإن رحل عن الحكومة، فليس من الواضح تماماً أن ذلك ينطوي على أمل بأن يُحدث تحسناً -ولو طفيفاً- في الضفة الغربية، فضلاً عن غزة.   

سابعاً: الحكومة الإسرائيلية سقطت وليس حماس

صاحت حماس، في كثير من الأحيان، بتحقيق انتصارات، كبَّدتها في أفضل السيناريوهات ثمناً باهظاً، وفي أسوئها لم تكن قد تحققت في الأساس.

وتصر إسرائيل على أنها تركت غزة بالكامل لحركة حماس، غير أنها تخترق القطاع باستمرار ودون مساءلة.

لكن هذه المرة، انكشفت العملية الإسرائيلية داخل القطاع والتي قوبلت بالثأر.

وحين انقشع الضباب، بدأ الجانبان في تلقي الخسائر، غير أنَّ غزة تكبدت أسوأها من الجيش الإسرائيلي الذي يفوقها قوة.

لكن الحكومة الإسرائيلية هي التي سقطت وليس حماس.

ورغم أنَّ الانتصار حقيقي، لا يحمل أية تعهدات بأن يسفر عن مكاسب ملموسة، إلى جانب أنَّ الفوز الذي حققته حماس معنوي؛ ولهذا السبب خرج نتنياهو من هذه الجولة الخاسر الأكبر.

ربما تكون حماس هي "الرابح الأكبر"، لكنها عانت أيضاً انتكاسة.

إذ اختارت حماس تصعيد المواجهة حين انكشفت عملية الاختراق الإسرائيلية، وهو ما سيتسبب -على أقل تقدير- في تأجيل أية تنازلات أخرى كان نتنياهو مستعداً لمنحها للوسطاء المصريين والقطريين لصالح حماس.

وكما هي العادة، حين تُطلق المسدسات والصواريخ، لا يوجد في الواقع أي فائزين.

ثامناً: الشعب الفلسطيني الخاسر الأكبر بسبب انقسام القيادة

أسهمت مبادلة غزة لإسرائيل بالنيران وضعف عزيمتها في تأكيد التباعد المتزايد بينها والسلطة الفلسطينية.

فأيّاً كان ما يظنه المرء عن محمود عباس والسلطة الفلسطينية، ليس هناك سببٌ يدعو للاحتفال بهذا الانشقاق المتزايد.

لن يتسنى للشعب الفلسطيني أن يحظى بحقوقه المُستحَقة أبداً، ما لم يصبح لديه قيادة موحدة لها صوت واحد.

وبدلاً من إحراز تقدُّم في هذا الاتجاه، يؤدي تفاعل حماس مع إسرائيل، ودول أخرى مثل مصر وقطر دون أي تدخُّل من السلطة الفلسطينية، في تعميق الصراع داخل الكيان السياسي الفلسطيني.

بل ويسهم كذلك في تشويه التصور حول توحيد الضفة الغربية وغزة ككيان فلسطيني واحد.

وهذا هو الواقع الذي لا ترغب حماس ولا السلطة الفلسطينية في أن يتجسد.

لكن في ظل تكرار العقوبات التي تفرضها السلطة على غزة واحتجاز الأموال المتعهدة وغيرها من الإجراءات العقابية، لم يكن أمام حماس خيارٌ سوى محاولة العثور على دعم بمفردها، وهو ما وجدته في قطر، ما أثار غضب السلطة الفلسطينية.

وقد تكون محاولات عباس دفع حماس نحو الانصياع أسفرت في المقابل عن دفعها نحو مزيد من التباعد.

وكالمعتاد، الشعب الفلسطيني هو من يتحمل الجزء الأكبر من الخسائر من جراء هذا القتال العبثي حول فتات من السلطة، تركته إسرائيل للقيادة الفلسطينية المُنقسِمة.

تحميل المزيد