في قرار مفاجئ، أعلن أمين عام حزب جبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس ، أحد أكبر داعمي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ، استقالته من منصبه على رأس الحزب الحاكم في الجزائر "لأسباب صحية تستلزم منه قضاء عطلة مرضية مطوّلة"، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.
وأوضح المصدر، الأربعاء 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، أن معاذ بوشارب، الذي انتُخب مؤخراً رئيساً لمجلس النواب الجزائري، سيخلف مؤقتاً جمال ولد عباس على رأس الحزب "في انتظار أن تُقرر هيئات الحزب بشأن مَن سيخلُفه".
في المقابل ذكرت تقارير صحافية جزائرية، أن الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس "أُجبر على تقديم استقالته".
استقالة جمال ولد عباس لأسباب مرضية أم سياسية؟
وفق ما أوردته وكالة الأنباء الرسمية الجزائرية، فإن جمال ولد عباس، أحد الداعمين لولاية خامسة لعبدالعزيز بوتفليقة كرئيس للجزائر، اضطر إلى تقديم استقالته من حزب جبهة التحرير الوطني ، لدواعٍ صحية، غير أن تقارير إعلامية محلية أشارت إلى تعرُّض ولد عباس لانتقادات لاذعة مؤخراً "أجبرته على تقديم استقالته".
وذكر موقع "الشروق" الجزائري، أن استقالة ولد عباس من منصبه جاءت لدواعٍ صحية، وأشار إلى أن الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، انتقل الأربعاء إلى مستشفى عين النعجة العسكري، لإجراء فحوصات بعد تعرُّضه لنوبة قلبية حادة وغادره في وقت لاحق.
وأفادت المصادر نقلاً عن قيادي في حزب جبهة التحرير الوطني، أن جمال ولد عباس أودع عطلة مرضية طويلة لمدة 45 يوماً، بطلب من الأطباء الذين ألزموه بالخلود إلى الراحة.
قرار رئيس حزب جبهة التحرير الوطني قد يكون "زلزالاً سياسياً"
من جهة أخرى، قال موقع "الخبر" الجزائري، إن قرار تنحّي جمال ولد عباس من الأمانة العامة حزب جبهة التحرير الوطني ، يعد زلزالاً سياسياً، رغم أن بعض الملاحظين توقّعوا خلال الفترة الأخيرة رحيل الرجل من على رأس حزب جبهة التحرير الوطني "الأفلان".
ومن غريب الصدف، أن تقلُّد جمال ولد عباس منصب الأمانة العامة لحزب جبهة التحرير الوطني، في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2016، كان خلفاً لعمار سعداني، الذي قدّم بدوره استقالته من رئاسة الحزب "لأسباب صحية".
من أمام مقر حزب جبهة التحرير الوطني فيما يخص استقالة الأمين العام جمال ولد عباس
Gepostet von البرج الآن am Mittwoch, 14. November 2018
وجاءت استقالة ولد عباس مفاجئة، حيث كان آخر ظهور له بتصريحٍ دَافَع فيه عن الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، أحمد أويحيى، ضد وزير العدل الطيب لوح، في قضية التراشق بين الرجلين بخصوص قرارات الوزير الأول حول حبس الإطارات سنوات التسعينات، وفرض ضرائب إضافية في قانون المالية 2019، التي رفضها الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة.
كما تعرَّض أمين عام حزب جبهة التحرير الوطني المستقيل، ولد عباس، لانتقادات لاذعة طعنت في شرعية وصوله للمنصب، بالإضافة إلى تأجيله لدورة اللجنة المركزية للحزب لأكثر من سنة ونصف السنة.
وكان أمر تعيين جمال ولد عباس أميناً عاماً لجبهة التحرير الوطني مفاجأة بالنسبة للساحة السياسية الجزائرية. وفي البداية، كانت تسميته خليفة لعمار سعيداني سنة 2016 قراراً مؤقتاً.
وفي ردّه على الأفراد الذين غالباً ما يُذكّرونه بأنه يشغل هذا المنصب فترة من المفترض أن تكون محددة، عادة ما يصرح جمال ولد عباس: "سأتخلى عن منصبي عندما يأمرني الرئيس بذلك".
أكبر الداعمين لاستمرار بوتفليقة رئيساً لولاية خامسة
برز على الساحة الجزائرية منذ سنوات، رجل يُعرف بأنه عصا الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة للرد على معارضيه، وهو الأمين العام للحزب الحاكم جمال ولد عباس.
ولد عباس ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية في البلاد، حاول تكوين إجماع واسع حول فترة ولاية خامسة لعبدالعزيز بوتفليقة، من خلال منح حزبه دوراً رئيسياً في حملة الانتخابات الرئاسية.
يُعد جمال ولد عباس صديقاً قديماً لعبدالعزيز بوتفليقة. وقد عقد أول اجتماع له مع بوتفليقة سنة 1963 في عين تموشنت، الواقعة غربي البلاد.
كما يُعتبر أيضاً من المقربين جداً من عائلة بوتفليقة، فضلاً عن أنه قد حصل على وسام منحته له والدة الرئيس الحالي.
بعد استقالة الرئيس الشاذلي بن جديد سنة 1992، تقلَّد جمال ولد عباس منصباً بالمجلس الوطني الانتقالي، وقد كان ذلك يتعارض بشكل واضح مع رأي حزبه.
وكاد هذا الانشقاق يكلفه مكانه داخل حزب جبهة التحرير الوطني تقريباً؛ ذلك أن جبهة التحرير الوطني قررت استبعاده، لكن لم يتم تطبيق هذا القرار مطلقاً.
أفشل الأمين العام لجبهة التحرير الوطني مبادرة عبد الرزاق مقري ذي التوجهات الإسلامية، الذي دعا إلى "انتقال سياسي" يدوم 5 سنوات تحت رعاية الجيش، ويُمنع ترشُّح بوتفليقة للانتخابات الرئاسية.
وتجدر الإشارة إلى أن ولد عباس مؤيد قوي لترشح بوتفليقة لولاية خامسة. وقد خطط حزبه لتقييم حصيلة إنجازات الرئيس منذ انتخابه لأول مرة سنة 1999.
وتحسباً للانتخابات الرئاسية، أعفى ولد عباس 15 عضواً من المكتب السياسي للحزب (من جملة 19) من مهامهم؛ بسبب شكوك في قربهم من عمار سعيداني. وفي الوقت الراهن، تَوجَّه ولد عباس لمهاجمة قاعدة جبهة التحرير الوطني.
الطبيب الذي يهوى الحديث عن دراسته مع ميركل
يهوى ولد عباس الحديث عن صداقته مع ياسر عرفات في الماضي، أو عن دراسته مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في لايبزيغ الألمانية. ولكن من الصعب التحقق من هذا الأمر.
يُفيد ولد عباس بأنه قاتَلَ إلى جانب العربي بن مهيدي، أحد أبرز أبطال الثورة الجزائرية المرموقين. لكن، يُشكك العديد من المقاومين السابقين في نسب لقب "المجاهد" إليه. وقد سبب له الجدل الواسع حول هذا الموضوع إزعاجاً كبيراً.
درس جمال ولد عباس المستقيل من حزب جبهة التحرير الوطني الطب. خلال سنوات دراسته في لايبزيغ الواقعة بألمانيا الشرقية، بين سنتي 1957 و1964، ربط ولد عباس علاقات مع الحزب الشيوعي المحلي. وبعد حصوله على شهادته، مارس مهنة الطب على امتداد عدة سنوات في عين تموشنت.
بفضل تعدد المناصب السياسية السابقة التي تقلدها، تمكَّن جمال ولد عباس من تكوين شبكة علاقات واسعة في الخارج. وقد اهتم بالعلاقات مع الدول الإفريقية خلال توليه وزارة التضامن والتشغيل من سنة 1999 إلى سنة 2007.
أما في الفترة الممتدة بين سنتي 2008 و2010، وفي أثناء تكليفه شؤون الجالية الوطنية بالخارج، فقد كثَّف وعزَّز روابطه مع اليسار الفرنسي.