أزمة المواهب تدفع تل أبيب للاستعانة بأعدائها.. شركات التكنولوجيا الإسرائيلية تغري  خريجي الجامعات الفلسطينية بمرتبات خيالية

عربي بوست
تم النشر: 2018/11/11 الساعة 19:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/11 الساعة 19:19 بتوقيت غرينتش
الحكومة الإسرائيلية تلجأ للمختصين الفلسطينيين في قطاع التكنولوجيا / رويترز

قالت صحيفة The Wall Street Journal الأميركية إن العجز الشديد في الأيدي العاملة يدفع شركات التكنولوجيا الإسرائيلية إلى تعيين الفلسطينيين في الضفة الغربية لترسخ بذلك علاقاتٍ اقتصاديةً جديدةً بين الجانبين بالرغم من النزاع السياسي المستمر وعدم التوصل لأي اتفاق سلام.

ويواجه قطاع التكنولوجيا الابتكارية في إسرائيل -الذي منحها لقب: "أمة الشركات الناشئة"- عجزاً في العمالة يصل إلى نحو 10 آلاف مبرمج ومهندس برمجيات، حسبما تقول الحكومة، وحسبما رصد تقرير لـ صحيفة The Wall Street Journal الأميركية، ما يشكل واحداً من أكبر التهديدات للنمو الاقتصادي، بخلاف الحرب مع جيرانها.

المنافسة الإسرائيلية الأميركية تسبب عجزاً في الأيدي العاملة

وكشفت الصحيفة الأميركية، عن سبب هذا العجز، وهو المنافسة بين الشركات الإسرائيلية والأميركية، مثل شركة Google التابعة لشركة Alphabet Inc، وشركة Amazon.com، وشركة Microsoft Inc، فالشركات الأميركية مستعدةٌ لدفع رواتب أعلى لجذب المواهب الإسرائيلية. فضلاً عن أنَّ قوانين الهجرة الإسرائيلية تُصَعِّبُ من استقدام الموظفين المهرة من غير اليهود.

وقال مراد طهبوب، المدير العام لشركة عسل للتكنولوجيا في الضفة الغربية، وهي شركة تعمل على التوفيق بين العمال الفلسطينيين والشركات، إنَّ حوالي 1000 مهندسٍ فلسطينيٍ يعمل الآن في شركاتٍ إسرائيليةٍ ودولية.

عدي الدحادحة، وهو مهندس حاسوب في شركة عسل يبلغ من العمر 25 عاماً، قال إنَّه لم يقابل أي إسرائيلي قبل أن يبدأ عمله عام 2011 في وظيفة متعهدٍ لصالح شركة Mellano، وهي شركة تكنولوجيا وأجهزة إسرائيلية.

وقال الدحادحة: "الأمر يشبه العمل مع أي شركةٍ دوليةٍ أخرى". وأوضح أنَّه تعلم لغة البرمجة "بايثون" خلال عمله المستمر منذ سنوات، ويأمل أن يفتتح شركةً لنفسه في يومٍ ما.

يستقر الدحادحة في الضفة الغربية، وقال إنَّه يسافر إلى تل أبيب عشر مراتٍ سنوياً لعقد اجتماعاتٍ في شركة Mellanox، وإنَّه يقضي ساعاتٍ عند نقاط التفتيش الأمنية. ويصف الأمر قائلاً: "أشعر بالسوء بسبب ذلك".

إسرائيل تلجأ للفلسطينيين

الصحيفة الأميركية قالت، كان وجود الفلسطينيين في قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي الكبير شيئاً نادر الحدوث. إذ يرفض كثير من الفلسطينيين العمل في الشركات الإسرائيلية بدون التوصل إلى تسويةٍ من أجل السلام، ويخشون من أن تؤدي مثل هذه العلاقات إلى ترسيخ الوضع الراهن من السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية وغزة

منيب المصري، رجل أعمال فلسطيني بارز ناقش من قبل مع قادة شركاتٍ إسرائيليين خلال المنتدى الاقتصادي العالمي طرقاً لدعم جهود السلام التي تبذلها إدارة الرئيس الأميركي السابق أوباما قال: "تمنينا لو استطاعت هذه الشركات (الإسرائيلية) العمل معنا على قدم المساواة، لكنَّنا الآن لا ننفذ أي أعمال معها". وأوضح أنَّه أوقف العمل مع الشركات الإسرائيلية إلى أن يتم التوصل إلى اتفاقيةٍ سلمية.

لكنها تخشى من التأثير السياسي على مستقبل العمل

ينتاب القلق بعض الإسرائيليين في غضون ذلك من أن يتسبب العنف أو الاضطراب السياسي في قطع العمل مع العمال الفلسطينيين.

لكنَّ عمق مشكلة نقص المواهب في إسرائيل والأجور الكبيرة التي يمكن أن تقدمها الشركات الإسرائيلية يحطم العوائق السياسية على ما يبدو.

وقال مراد طهبوب، المدير العام لشركة عسل للتكنولوجيا في الضفة الغربية: "كلما زاد العرض في السوق الإسرائيلي، بحثوا في كل شبرٍ عن المواهب".

تعتمد إسرائيل على قطاع التكنولوجيا في حوالي نصف حجم صادراتها. وإذا تواصل عجز العمالة، سوف يتعطل النمو الاقتصادي، حسبما قال آمي أبيلبوم، كبير العلماء في هيئة الابتكار الإسرائيلية، وهي وكالة حكومية تدعم صناعة التكنولوجيا وصناعاتٍ أخرى.

وأضاف أبيلبوم: "ما يتعرض للخطر هنا هو اقتصاد إسرائيل".

وتتقارب حاجة إسرائيل مع الجهود الفلسطينية من أجل من إرساء قواعد ماليةٍ للدولة المحتملة، وتوسيع قاعدة الاقتصاد في الضفة الغربية حيث يتجاوز معدل البطالة 18%.

وهناك وفرة في الخبرات الفلسطينية في تكنولوجيا المعلومات

حيث يتخرج في الجامعات الفلسطينية حوالي من 2500 إلى 3000 خريج سنوياً في مجالات تكنولوجيا المعلومات، ويريد كثيرون الحصول على الخبرة والرواتب المرتفعة التي تقدمها الشركات الإسرائيلية، حسبما تشير الهيئة العامة لاتحاد شركات أنظمة المعلومات الفلسطينية، وهي مجموعةٌ تمثل شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

وقال إليران شارون، الذي بدأت شركة التعهيد الخاصة به، وهي شركة One Execution Hub المستقرة في هرتسيليا‎، في العمل مع مهندسين من الضفة الغربية منذ عام: "مع الجيل الأكبر، كان الأمر أقرب إلى قضيةٍ تتعلق بالسياسة، لكنَّ الفلسطينيين الصغار يُبدون رغبةً أكبر في العمل".

تشاور فريقٌ من إدارة ترمب مع الإسرائيليين والفلسطينيين في قطاع التكنولوجيا ضمن جهوده لصياغة خطة سلام، وهي خطة يُتوقع أن يُرفع الستار عنها في الأشهر القادمة.

حتى الآن، قاطع القادة السياسيون الفلسطينيون الاتصالات مع إدارة ترمب منذ أن قالت في ديسمبر/كانون الثاني الماضي إنَّها ستنقل السفارة الأميركية إلى القدس، وتعترف بالمدينة عاصمةً لإسرائيل.

ويقول المديرون التنفيذيون الإسرائيليون في قطاع التكنولوجيا إنَّه ما زال يمكن تحقيق استفادةٍ أكبر من القاعدة العمالية الفلسطينية المجاورة.

تعمل شركات التكنولوجيا الإسرائيلية في الوقت الحالي على تعهيد ما يُقدر بـ20 ألف وظيفة إلى الهند وأوروبا الشرقية، فيما توظف حوالي 62 ألف عاملٍ في إسرائيل، وفقاً لما أفاد به بحثٌ أجرته في مايو/أيار شركة Ethosia-Human Resources المستقرة في إسرائيل.

لكنَّ عدد العمال الفلسطينيين الذين توظفهم الشركات الإسرائيلية ينمو، نظراً إلى أنَّ الشركات الإسرائيلية تدرك مزايا تعهيد الوظائف إلى أماكن أقرب منها، بما في ذلك المطورون الذين يعملون مقابل رواتب أقل بكثير من الرواتب التي يتقاضاها نظراؤهم الإسرائيليون.

مرتبات خيالية في وظائف التكنولوجيا

يصل متوسط راتب المهندس الإسرائيلي في قطاع التكنولوجيا إلى حوالي 130 ألف دولار سنوياً، فيما يحصل نظراؤهم الفلسطينيون على متوسطٍ سنويٍ يصل إلى 42 ألف دولار، وفقاً لصحيفة الأعمال الإسرائيلية TheMarker.

وتوظف شركة Mellanox التي يعمل فيها الدحادحة 145 فلسطينياً، وهو عدد يتجاوز أي شركةٍ أخرى في إسرائيل، ويشكل الفلسطينيون 4% من قوة العمل الخاصة بها. ولدى الشركة خططٌ لتعيين المزيد منهم.

وتوجد مزايا غير متوقعة من تعيين الفلسطينيين. ففي خلال الأعياد اليهودية التي وافقت سبتمبر/أيلول الماضي، عندما كان أغلب العمال الإسرائيليين في عطلة، برزت مشكلةٌ تأثَّر بها أحد أكبر عملاء شركة Mellanox، وهي شركة Microsoft.

وقال إيال والدمان، المدير التنفيذي للشركة: "استوعب الرفاق الفلسطينيون المشكلة، وتوصلوا لحل للمشكلة". وأضاف والدمان إنَّه يعين فلسطينيين لأن ذلك يحقق فائدةً اقتصادية. ويوضح قائلاً: "لسنا مؤسسة خيرية".

تحميل المزيد