حرب شوارع في الحديدة.. الألغام تعيق تقدم القوات الحكومية، والحوثيون يمطرون المناطق بالقذائف

عربي بوست
تم النشر: 2018/11/10 الساعة 18:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/10 الساعة 18:46 بتوقيت غرينتش
FILE PHOTO: Government soldiers ride on the back of a patrol truck on a street where people demonstrated against the deterioration of Yemen's economy and the devaluation of the local currency in Taiz, Yemen October 6, 2018. REUTERS/Anees Mahyoub/File Photo

تحوّل الهجوم للسيطرة على مدينة الحديدة اليمنية إلى حرب شوارع تهدّد حياة مئات آلاف السكان، وسط استخدام للمدفعية والضربات الجوية والقذائف بكثافة في القتال بين القوات الموالية للحكومة والمتمردين الحوثيين.

وتحدثت منظمة "سيف ذي تشيلدرن" عن "أسوأ مرحلة في الحديدة"، بينما وجهت منظمة "يونيسف" نداءً جديداً السبت 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، لوقف الحرب رأفة بأطفال اليمن.

وسيطرت القوات الموالية للحكومة الليلة الماضية على مستشفى "22 مايو"، أكبر مستشفى في المدينة بعدما طردت المتمردين الحوثيين منه، بينما تتركز المعارك عند الأطراف الشرقية للمدينة.

"أسوأ فترة في الحديدة"

وقالت منسّقة عمليات منظمة "سيف ذي تشيلدرن" في مدينة الحديدة مريم الدوغاني في شهادة نشرتها المنظمة الإنسانية السبت "هذا الأمر يجب أن يتوقف فوراً. إنها أسوأ فترة في الحديدة (…) وأسوأ فترة لأطفال الحديدة"، مشيرة إلى كثافة كبيرة في الغارات الجوية.

وقالت لبنى التي تسكن المدينة، لوكالة الصحافة الفرنسية، مفضّلة عدم الكشف عن هويتها، إن "أصوات مروحيات +أباتشي+ والمدفعية وإطلاق النار لا تتوقّف".

وتابعت الفتاة التي تقطن القسم الجنوبي من المدينة عبر الهاتف "الحوثيون يستخدمون المدفعية (…) لقصف القوات المتقدمة (…). نخشى أن تبادر القوات المهاجمة بدورها إلى استخدام المدفعية، ما قد يعني أن المدنيين هم من سيدفع الثمن الأغلى، كما هي الحال دائماً".

ومنذ 2014، تخضع مدينة الحديدة المطلّة على البحر الأحمر لسيطرة المتمرّدين، وتحاول القوات الحكومية بدعم من تحالف عسكري تقوده السعودية استعادتها منذ حزيران/يونيو الماضي بهدف السيطرة خصوصاً على مينائها الاستراتيجي.

واشتدّت المواجهات في الحديدة في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر، ونجحت القوات الموالية للحكومة الخميس الماضي في اختراق دفاعات المتمردين والتوغل في شرق وجنوب المدينة الساحلية التي يعتبر ميناؤها شريان حياة لملايين السكان في البلد الفقير.

السيطرة على أهم مستشفى في الحديدة

وتتواصل المعارك السبت بعد سيطرة القوات الموالية للحكومة والمدعومة من تحالف بقيادة السعودية على أكبر مستشفيات المدينة.

وقال مسؤولون عسكريون يمنيون إن مستشفى "22 مايو" هو "أكبر وأضخم" مستشفيات المحافظة التي تحمل اسم المدينة الساحلية، ويضم مهبط طائرات ويبعد نحو ثلاثة كيلومترات فقط عن مربع أمني يحمل اسم "سبعة يوليو" ويعد المعقل الرئيسي للمتمردين في المدينة.

وقال مصور وكالة فرانس برس في الحديدة إن المواجهات في شرق المدينة "عنيفة جداً"، وإن القوات الموالية للحكومة تستقدم تعزيزات إلى مواقعها في هذه الجبهة.

وأوضح مسؤولون عسكريون في القوات الحكومية إن الاشتباكات في شرق المدينة تدور عند طريق رئيسي محاذ لحي سكني يربط وسط الحديدة بالعاصمة صنعاء الخاضعة كذلك لسيطرة الحوثيين.

قذائف "تتساقط كالمطر"

وبحسب أحد هؤلاء المسؤولين، فإن المعارك التي تشارك فيها مروحيات أباتشي تابعة للتحالف "تتحول في هذا الموقع إلى حرب شوارع"، مشيراً الى أن الحوثيين يستخدمون "القناصة بشكل كثيف وقذائف الهاون التي يطلقها الحوثيون تتساقط كالمطر".

وتابع أن القوات الحكومية تواجه خلال محاولة تقدّمها "ألغاماً كثيرة، وضعت في البراميل والخنادق وعلى الطرقات (…) يؤدي بعضها أحياناً إلى تدمير أكثر من آلية".

في جنوب غرب المدينة حيث تحاول القوات الحكومية التوغل شمالاً على الطريق الساحلي باتجاه الميناء، دارت اشتباكات متقطعة، وفقاً للمسؤولين في القوات الموالية للحكومة.

وتقول الأمم المتحدة إن نحو 445 ألف شخص نزحوا من محافظة الحديدة منذ حزيران/يونيو، بينهم عشرات آلاف من المدينة التي يبلغ إجمالي عدد سكانها نحو 600 ألف نسمة.

وقالت لبنى إن "الهجوم الحالي أشد من السابق (في حزيران/يونيو)، لكن الكثير من السكان يرفضون النزوح. يقولون إنهم نزحوا قبل أشهر ثم عادوا إلى منازلهم، فلماذا ينزحون مجدداً؟ لا أدري إن كان هذا أملاً بأن تتحسن الأمور، أم أنه تعبير عن اليأس".

"أرجوكم"

وتهدّد المعركة من أجل السيطرة على الحديدة إمدادات الغذاء لملايين السكان في حال تعطّلت الحركة في ميناء المدينة، في بلد يواجه نحو 14 مليوناً من سكانه (27 مليون نسمة) خطر المجاعة.

ووجهّت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) السبت نداءً جديداً لوقف الحرب التي تسببت منذ بدء عمليات التحالف في آذار/مارس 2015، بمقتل نحو عشرة آلاف شخص، بينهم أكثر من 2200 طفل، بحسب الأمم المتحدة.

وكتبت ممثلة اليونيسف في اليمن مريتشل ريلانو على حسابها على "تويتر"، "أدعو كل أطراف النزاع في اليمن لوقف الحرب. من أجل أطفال اليمن. أعطوهم فرصة للعيش. أرجوكم".

وتحدّثت عن مقتل 11 طفلاً في هجمات في محافظة الحديدة وفي محافظة ججة القريبة، من دون أن تحدد تاريخ وظروف مقتلهم.

وقتل منذ اشتداد المواجهات في الحديدة في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر نحو 382 مقاتلاً غالبيتهم من المتمرّدين، حسبما أفادت مصادر طبية في محافظة الحديدة.

وبدأت حرب اليمن منذ 2014 بين المتمرّدين الحوثيين والقوات الموالية للحكومة، ثم تصاعدت مع تدخّل السعودية على رأس التحالف العسكري في آذار/مارس 2015 دعماً للحكومة المعترف بها دولياً بعد سيطرة المتمردين على مناطق واسعة بينها صنعاء.

  وقف الإمداد بالوقود

وعلى وقع التصعيد في الحديدة، أعلن التحالف الذي تقوده الرياض ليل الجمعة السبت أنه طلب من الولايات المتحدة وقف عمليات تزويد طائراته بالوقود في الجو، مؤكداً أنه بات قادراً على تأمين ذلك بنفسه.

وأكدت وزارة الدفاع الأميركية دعمها لهذا الإعلان.

وطالب برلمانيون أميركيون جمهوريون وديموقراطيون بإلحاح بأن توقف الولايات المتحدة عمليات تزويد طائرات التحالف في اليمن، بالوقود على خلفية حرب اليمن والانتقادات الموجهة إلى السعودية في قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول.

وقال القيادي في القوات الموالية للحكومة اليمنية العقيد الركن صادق دويد لوكالة الصحافة الفرنسية إن القرار "لن يؤثر على عملية تحرير مدينة الحديدة (…) وبالتالي فهي مستمرة حتى تخضع الميليشيات الحوثية".

إلى ذلك، رأت وزارة الخارجية اليمنية السبت أن نشر صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية مقال رأي كتبه قيادي في صفوف المتمردين الحوثيين أمر "معيب"، واصفة الكاتب بأنه "مجرم حرب".

وفي خطوة نادرة، نشرت الصحيفة الأميركية الجمعة مقالاً باسم القيادي في الجناح السياسي للمتمردين محمد علي الحوثي.

وكتب وزير الخارجية اليمني في الحكومة المعترف بها خالد اليماني على حسابه على "تويتر" بالإنكليزية "من كان ليتصور أن يرى مجرم حرب من أمثال محمد علي الحوثي يفبرك لغة سلام في واشنطن بوست! عملاء إيران بدأوا يجدون طريقهم إلى الصحافة الأميركية".

تحميل المزيد