المدنيون يُقتلون أو يهربون أو مُحاصرون في منازلهم.. New York Times: اليمن قد يتحول إلى فيتنام أخرى

عربي بوست
تم النشر: 2018/11/07 الساعة 19:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/08 الساعة 13:26 بتوقيت غرينتش

تصاعدت حدة القتال في اليمن بشكل كبير خلال الأسبوع الماضي، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية المريعة التي تقول الأمم المتحدة إنها قد تتحول إلى مجاعة.

هذا على الرغم من التدخل الدبلوماسي من قبل الولايات المتحدة لدفع الطرفين إلى مناقشة سبل السلام، وقد يكون التدخل هو سبب التصعيد.

موجة انتقام سعودية عنيفة من الحوثيين تهدد شريان المساعدات

التحالف الذي تقوده السعودية، والذي أمدّته الولايات المتحدة بالسلاح ودعمته، شنّ موجة انتقامية من الهجمات الجوية ضد المتمردين الحوثيين.

وهاجمت الطائرات الحربية أهدافاً في صنعاء، وفي الأقاليم الشمالية الجبلية، وفي ميناء الحديدة على البحر الأحمر، التي يحذر عمال الإغاثة فيها من أن شريان الحياة الرئيسي بالنسبة للمدينة معرض للخطر الشديد.

والإمارات تُضاعِف هجومها الجوي

قال مسؤول في مجال المساعدات الإنسانية واثنان من المسؤولين الغربيين، طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم حتى يتمكنوا من التحدث بصراحة عن الوضع في الحديدة لصحيفة New York Times، إن التحالف الذي تقوده الإمارات، قد ضاعف من هجومه الذي استمر 5 أشهر لانتزاع المدينة من سيطرة الحوثيين.

وقالوا إن أرتال الميليشيات اليمنية التي تقاتل تحت راية التحالف اكتسحت خط الجبهة الرئيسي، واجتاحت الصحراء على الحافة الشرقية للمدينة مما يهدد بتطويقها بالكامل.

كما شنَّ الطيران الحربي والمروحيات القتالية هجمات على مواقع الحوثيين في المدينة، وصفها عمال الإغاثة بوابل من الهجمات الجوية شبه المتواصلة.

المدنيون يُقتلون أو يهربون أو هم مُحاصرون في منازلهم

السكان المحليون الذين يعيشون داخل المدينة، أفادوا أن مقاتلي الحوثي تحصنوا في مواقعهم في المباني السكنية والمستشفيات والمنازل.

 وتفيد التقارير بمقتل ما لا يقل عن 150 مقاتلاً من كلا الجانبين حتى الآن.

واحتمى عشرات الآلاف من المدنيين في منازلهم، بمن فيهم بعض الذين عادوا مؤخراً إلى المدينة خلال فترات الهدوء المؤقت التي تخللت القتال، وظلوا ينتظرون بفارغ الصبر.

ومع تحوّل خطوط المواجهة اضطر البعض إلى الفرار، وقتل البعض منهم بنيران طائشة.

لكن ميناء الحديدة ما زال يعمل

ولكن على الرغم من استمرار الاشتباكات، لا يزال ميناء الحديدة، الذي يقع شمال المدينة، مستمراً في العمل.

وقال المسؤولون الغربيون الثلاثاء 6 نوفمبر/تشرين الثاني، إن 7 سفن راسية على رصيف الميناء، و8 أخرى تنتظر لترسو على الرصيف، بما في ذلك سفينة تحتوي على 10 آلاف طن من حبوب الإغاثة.

ما يثير الدهشة على حد قولهم، هو أن شحنة الإغاثة موّلتها دولة الإمارات، وهي نفس الدولة التي ترسل الطائرات الحربية لتشن هجمات على المدينة، بينما يدير ضباطها الهجوم على الحديدة من جهة الجنوب.

القتال تصاعد إثر موعد ماتيس للتفاوض بعد شهر

بدأت حدة القتال بالتصاعد بعد أيام من دعوة وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، لقوات التحالف الذي تقوده السعودية والحوثيون لبدء محادثات سلام في غضون 30 يوماً.

وجاء بيانه وسط تساؤلات متزايدة عما إذا كان الجيش الأميركي يبذل ما يكفي من الجهد لتقليل عدد القتلى بين صفوف المدنيين.

وقد يكون لتحقيق مكاسب ميدانية

وقد يؤشر تصاعد القتال على رغبة السعودية في تحقيق مكاسب ميدانية قبل عقد أي محادثات. لكن المحللين يقولون إن ذلك قد يزيد من فرص تغول الحرب أكثر في البلاد.

وصرح مارتن غريفيث، مبعوث الأمم المتحدة للسلام، في رسالة نصية: "أي تصعيد عسكري لن يفيد الجهود الرامية إلى إعادة إطلاق العملية السياسية. لا يريد أحد أن يرى كارثة في الحديدة".

الأمم المتحدة تحذر من مجاعة نصف السكان

تدهورت الأزمة اليمنية الخطيرة على مدى عدة سنوات بسرعة شديدة، لدرجة دفعت الأمم المتحدة للتحذير من أن 14 مليون شخص، أي نصف السكان، قد يصبحون على شفا المجاعة.

ووصف مارك لوكوك، منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ، هذا الأسبوع، ذلك الاحتمال بأنه "سيناريو مروع".

وتطلب من الحوثيين ضبط النفس

خلال هجوم سابق قبل عام، رد الحوثيون بإطلاق الصواريخ التي اقتربت من العاصمة السعودية الرياض، ما دفع السعوديين إلى فرض حصار جوي وبحري على الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون، استمر 7 أسابيع.

هذه المرة، وبطلب من مسؤولي الأمم المتحدة، لم يطلق الحوثيون أي صواريخ عبر الحدود.

ولكن مع تصاعد القتال، يحذر المسؤولون من أن قدرة الحوثيين على ضبط النفس لن تدوم طويلاً.

التحالف يتحكم في 75% من المساعدات الدولية

في الوقت الراهن، يمثل إبقاء بوابة اليمن الرئيسية للإمدادات الإنسانية مفتوحة، شاغلاً رئيسياً بالنسبة للمسؤولين.

يمر ما يقرب من 75% من جميع المساعدات الدولية عبر ميناء الحديدة، وقد تضاعف عدد سكان المدينة في الأسابيع الأخيرة، مع نزوح اللاجئين الذين فروا في يونيو/حزيران 2018، من ديارهم.

قال رضوان شجايبي، وهو أب لـ4 أطفال، إنه لم يعد قادراً على تحمُّل الظروف العصيبة والبائسة التي عانتها أسرته في صنعاء.

وأضاف: "الآن، ها نحن في منزلنا. نعيش بكرامة أو نموت بكرامة".

والحوثيون يتحضرون لمعركة كبرى

يطوف المقاتلون الحوثيون بالدراجات النارية في شوارع وسط المدينة شبه الخالية، حاملين بنادق قنص وقاذفات الصواريخ.

طردوا بعض السكان من منازلهم واستخدموها مواقع للقنص.

بدأ الحوثيون استعداداتهم لخوض معركة داخل المدينة منذ شهور، وحفروا الخنادق في الشوارع وزرعوا ألغاماً أرضية.

يقول السكان إنهم يسمعون دوي الانفجارات باستمرار، سواء من المدفعية أو من غارات الطائرات الحربية التابعة للتحالف وطائرات الهليكوبتر القتالية من طراز أباتشي.

المرضى فروا من المستشفى الرئيس للحُديدة

وفي وقت مبكر من يوم الإثنين 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، سقطت قذائف هاون على مطبعة تقع على مشارف المدينة، ما أسفر عن مقتل عامل واحد على الأقل وإصابة 3 آخرين، وفقاً لما ذكره المسؤولون عن المصنع.

بينما يقول عمال الإغاثة إن 90% من المرضى فروا من المشفى الرئيسي في المدينة، والذي يقع الآن على بعد نصف ميل من خط المواجهة الأمامي.

وأفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" بأن 59 طفلاً، من بينهم 25 طفلاً في وحدة العناية المركزة بالمشفى، معرضون لخطر الموت الوشيك.

والأمم المتحدة تتوسط لدى السعودية لعدم قصف المستشفى

تدخلت الأمم المتحدة، خلال عطلة نهاية الأسبوع، لإيقاف قوات التحالف الذي تقوده السعودية عن قصف المشفى، الذي اتخذ المقاتلون الحوثيون مواقع لهم على سطحه.

تُعد تلك مشكلة متكررة في مدينة الحُديدة، حيث يقاتل المقاتلون الحوثيون في كثير من الأحيان بالقرب من المباني التي تُقدم المساعدات الإنسانية المحميَّة بموجب قائمة الأماكن التي "يحظر قصفها جواً"، والتي وضعتها قوات التحالف، بالتعاون مع الولايات المتحدة والأمم المتحدة.

فالحوثيون يتحصّنون ويخزنون أسلحتهم بالقرب منها

يقوم مقاتلو الحوثي بتخزين وإخفاء الأسلحة، أو وضع الجنود بجوار مثل تلك المباني؛ على أمل حمايتهم من الغارات الجوية.

ولكنهم بفعلهم هذا قد يحولون تلك المباني إلى أهداف عسكرية مشروعة.

أكد التحالف الذي تقوده السعودية للأمم المتحدة، أنه لا ينوي إثارة القتال في مدينة الحديدة أو الاستيلاء على مينائها.

والقوات السعودية تستعد لفرض الحصار

بيد أن القوات التي تقودها السعودية تقبع الآن على بُعد أميال قليلة من بوابات المدينة الشمالية.

وإذا ما تمكنوا من الاستيلاء على تلك المنطقة، فإنه يمكنهم تطويق المدينة وفرض حصار من شأنه حبس عشرات الآلاف من المدنيين إلى جانب الحوثيين في الداخل.

وضعت الأمم المتحدة سفينة قبالة ساحل المدينة، لإجلاء موظفيها في حالة اندلاع القتال بالشوارع.

أما المدنيون فيتحضرون للجوع والمرض

أما بالنسبة للمدنيين، فسيؤدي الحصار بدوره إلى تقليل فرص الحصول على الغذاء أو المياه النظيفة أكثر مما هو عليه الحال الآن، وقد يؤدي ذلك إلى انتشار وباء الكوليرا المميت.

ومع اقتراب اندلاع القتال، يُقْدم العديد على اتخاذ قرارات صعبة ومعقدة.

قال بندر خالد، مسؤول إحدى شركات الشحن والنقل البحري العاطل عن العمل منذ شهور، إنه يخشى ألا تتمكن عائلته من المغادرة عما قريب.

وأضاف: "إن الوقوع تحت وطأة الحصار هنا سيكون الأسوأ".

مقتل جمال خاشقجي جزء من تأزم المشكلة

قال أحد كبار المسؤولين الغربيين المطلعين على جهود السلام، إن الاضطرابات السياسية الناجمة عن مقتل الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي جزء من المشكلة.

ونظراً إلى خضوع ولي العهد، محمد بن سلمان، للرقابة المكثفة بشأن دوره المزعوم في وفاة خاشقجي، فإن اتجاه السياسة السعودية في اليمن أصبح غير واضح بشكل متزايد.

والآن الأميركيون يتخوفون من تحوُّل اليمن إلى فيتنام أخرى

يسعى بعض المسؤولين الأميركيين، بقيادة وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، إلى مساعدة بن سلمان على إخراج نفسه من حملة اليمن الشعواء، التي أثبتت فشلها حتى الآن، ما أثار مخاوف بعض المسؤولين من أن يصبح اليمن مستنقعاً عسكرياً ودبلوماسياً شبيهاً لما حدث في فيتنام.

وأضاف ذلك المسؤول الغربي أن الجنرال جوزيف فوتيل، رئيس القيادة المركزية الأميركية، قد صاغ اقتراحاً، بموجبه يحدُّ السعوديين من الضربات الجوية على اليمن في مقابل التزام قوات الحوثي بعدم إطلاق الصواريخ على السعودية.

وتستمر الجهود لجلب الطرفين إلى طاولة المفاوضات بعد أيام

وفي الوقت نفسه، يأمل مارتن غريفيث، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، تحقيق بعض الزخم السياسي قبل خطابه بمجلس الأمن في جلسة استماع خصصها للأزمة اليمنية، من المزمع عقدها في الـ16 من شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2018.

وعلى الرغم من كل تلك الجهود المبذولة، لا تزال هناك هوة عميقة في الثقة.

فقد انهارت محاولة استمالة الحوثيين إلى محادثات السلام التي عُقدت بجنيف في سبتمبر/أيلول 2018، في ظل غياب المسؤولين الحوثيين عن المحادثات.

واحتج المسؤولون الحوثيون في ذلك الوقت بأنهم لا يثقون بالسعوديين، الذين يسيطرون على المجال الجوي فوق اليمن، لضمان مرورهم الآمن من البلد وإليه.

صرح مسؤولو الأمم المتحدة بأنهم يعملون في الوقت الراهن، على التغلب على تلك المخاوف، ويسعون لجلب الطرفين إلى طاولة المفاوضات.

تحميل المزيد