يتوجه الناخبون الأميركيون، الثلاثاء 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، في جميع أنحاء الولايات المتحدة، نحو صناديق الاقتراع، للتصويت فيما يسمى " انتخابات التجديد النصفي الأميركية "، ليختاروا آلاف المسؤولين العموميين، بدءاً من أعضاء الكونغرس ووصولاً إلى أعضاء مجالس إدارة المدارس وأعضاء المجالس البلدية.
وحسب صحيفة The Washington Post الأميركية، فإن الانتخابات الأميركية تختلف عن غيرها في الدول الديمقراطية الأخرى، وغالباً ما تسبب قواعدها والأعراف المتبعة فيها الكثير من الحيرة. إليكم بعض الإجابات عن الأسئلة التي تتعلق بكيفية سير انتخابات التجديد النصفي هذا العام (2018).
ما هي انتخابات التجديد النصفي الأميركية على وجه الدقة؟
بالمعنى الحرفي تماماً، فإن انتخابات التجديد النصفي الأميركية هي كما يشير اسمها: انتخابات تُعقد في منتصف فترة الولاية الرئاسية الممتدة 4 أعوام.
وتشمل مجموعة كبيرة من المنافسات، بدءاً من مقاعد الكونغرس وصولاً إلى انتخابات عُمَد البلديات الصغيرة ومأموري المقاطعات.
وتعد انتخابات الكونغرس الأميركي، التي تجرى كل عامين، أهم تلك المنافسات. بالنسبة لمجلس النواب، المجلس الأدنى، يجري التنافس على المقاعد كافة، البالغ عددها 435 في كل مرة. أما في مجلس الشيوخ، وهو المجلس الأعلى، فتجري جدولة فترة ولاية الأعضاء -وهي 6 أعوام- ليكون التنافس على ثلث المقاعد تقريباً في كل مرة. في هذا العام (2018)، يختار الناخبون 35 مقعداً من أصل 100. يحدد الدستور الأميركي جميع فترات الولاية هذه ومواعيد الانتخابات.
تُعقد أيضاً الآلاف من المنافسات الانتخابية الأخرى في أرجاء البلاد. فسوف تُجري معظم الولايات الأميركية -35 ولاية من أصل 50 ولاية- انتخاباتٍ هذا العام (2018) لاختيار حكامها؛ كما تجري الغالبية العظمى من المجالس التشريعية بالولايات انتخاباتها أيضاً.
في كثير من الأماكن، يختار الناخبون أيضاً القضاة والعمد ورؤساء البلديات وعدداً من المسؤولين المحليين. تنظم هذه الانتخابات وفقاً لقوانين الولايات والقوانين المحلية، لا الدستور الأميركي.
غالباً ما تمر انتخابات الولايات والانتخابات المحلية دون اهتمام يُذكر، حتى داخل الولايات المتحدة نفسها. لكن حكام الولايات والمشرعين يمارسون قدراً كبيراً من النفوذ والسلطة، مثلما هو الحال بالنسبة لرؤساء المدن الكبيرة.
فالقوانين التي يشرعونها لمواطنيهم تختلف كثيراً من مكان لآخر، وأحياناً تكون بمثابة حالات اختبار للسياسات المتنوعة.
الأمر الأكثر أهمية، هو تكليف معظم الولايات مجالسها التشريعية إعادة رسم حدود الدوائر الانتخابية في الولاية (وسنتناول ذلك بالتفصيل لاحقاً).
ستحدد انتخابات التجديد النصفي الأميركية هذا العام (2018) أي حزبٍ سيسيطر على كثير من تلك المجالس -وكذلك الحكام الذين يمكنهم التصديق على قرارات هذه المجالس أو نقضها- لحين انعقاد الانتخابات في المرة القادمة عام 2020.
يمكن أن تستمر آثار انتخابات التجديد النصفي هذه سنواتٍ، على مستويات الحكومة الأميركية كافة.
أي الانتخابات أكثر أهمية لمتابعتها؟
رغم أن هناك بالتأكيد بعض المنافسات القوية التي تجذبك لمتابعتها، فإن أسهل الطرق لمتابعة سير الأمور ربما تتمثل في مراقبة مؤشر "الاستطلاع العام". وهو ناتج السؤال الذي يطرحه القائمون على استطلاعات الرأي العام على الناخبين عما إذا كانوا يفضلون أن يسيطر الديمقراطيون أم الجمهوريون على الكونغرس.
على خلاف العديد من الديمقراطيات، لا يؤثر هذا العدد على أي من السباقات الانتخابية الفعلية في الولايات المتحدة. إلا أنه يعد مؤشراً هاماً على الحزب الذي من المرجح أن يحتل الصدارة في انتخابات التجديد النصفي الأميركية .
إذ إن الحزب الذي يتفوق في الاستطلاع العام بفارق 8%، كما يفعل الديمقراطيون في الوقت الحالي، لن يحصل بالضرورة على مقاعد أكثر بنسبة 8%، لكنه لا يزال من المحتمل أن يفوز بنسبة أكبر من الجانب الآخر بشكل عام.
إذا كان الناخبون ينحازون بشدة إلى الجمهوريين، على سبيل المثال، فإن العديد من المناطق التي تتمتع عادةً بأفضلية صغيرة أو متوسطة للديمقراطيين ستصبح فجأة ضعيفة أو العكس صحيح. فإذا كثر الحديث عن "انتخابات حاسمة-wave election"، مثلما هو الحال هذا العام (2018)، فهذا ما يقصدونه.. أصبحت العديد من الانتخابات أكثر تنافسية من المعتاد بسبب المناخ السياسي.
كل هذا يعني أن الديمقراطيين هم المرشحون الأكبر للفوز في المجلس من جديد، إذ تشير تقديرات الموقع الإخباري FiveThirtyEight إلى أن لديهم فرصة بنسبة 85% تقريباً للحصول على غالبية المقاعد في نوفمبر/تشرين الثاني 2018. لكن، كما كان الوضع في عام 2016، لا يعني هذا أن الجمهوريين خسروا كل الطرق المؤدية إلى الفوز.
ماذا عن انتخابات مجلس الشيوخ؟
يُطرح ثلث مجلس الشيوخ فقط لإعادة الانتخاب في المرة الواحدة، ما يعني أن التقلبات السياسية الرئيسة التي يمكن أن تتسبب في تحولات كبيرة داخل مجلس النواب، نادرة الحدوث في مجلس الشيوخ.
وبدلاً من ذلك، عادةً ما يتم تحديد السيطرة على مجلس الشيوخ ببساطة عن طريق تحديد الولايات التي ستنتخب أعضاء مجلس الشيوخ في ذلك العام. إذا أُجريت الانتخابات في الولايات الديمقراطية الأكثر موثوقية، فمن المحتمل أن ينعم الديمقراطيون بعام جيد والعكس صحيح.
في هذا العام (2018)، تميل الخارطة إلى كفة الجمهوريين بهامش كبير، ويجب على الديمقراطيين أن يدافعوا عن 26 مقعداً من أصل 35 مقعداً مطروحاً للانتخابات، يقع العديد من هذه المقاعد في الولايات التي صوتت لصالح دونالد ترمب في عام 2016.
يمكن أن يركز الجمهوريون في انتخابات التجديد النصفي الأميركية على استعادة المقاعد من الديمقراطيين في الأماكن المؤيدة لهم بدلاً من محاولة دعم أعضاء مجلس الشيوخ التابعين لهم.
لذا، في حين يتعين على الديمقراطيين أن يحققوا فوزاً صافياً لمقعدين فقط للسيطرة على مجلس الشيوخ، الذي ينقسم بواقع 51 إلى 49 لصالح الجمهوريين، فإن طريقهم لتحقيق ذلك أصعب بكثير. وكما كتبت آمبر فيليبس، مراسلة الشؤون السياسية بصحيفة The Washington Post، في سبتمبر/أيلول، "يتعين على الديمقراطيين أن يحققوا نصراً شبه تام" في أصعب السباقات.
ونستعرض فيما يلي، أهم 3 سباقات:
داكوتا الشمالية: تعتبر السيناتورة هايدي هيتكامب الديمقراطية الأكثر عرضة للخسارة. ففي ولاية ذات أغلبية جمهورية، تعد هايدي َّبشدة لخسارة مقعدها، لا سيما بعد أن صوتت ضد تعيين مرشح المحكمة العليا المثير للجدل، بريت كافانو.
كما أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة تخلُّف هيتكامب بشكل ملحوظ. فإذا خسرت مقعدها، فسوف يشكل ذلك ضربة قوية لفرص الديمقراطيين التي تهدف إلى استعادة مجلس الشيوخ.
نيفادا: هذه أفضل فرص الديمقراطيين لاقتناص مقعد من الجمهوريين، إذ صوتت ولاية نيفادا للديمقراطيين في آخر 3 انتخابات رئاسية، وفاز الحزب الديمقراطي كذلك بمقعد مجلس الشيوخ الشاغر في أثناء انتخابات عام 2016. كما أن أكثر من ربع سكان ولاية نيفادا لاتينيون، وتؤدي النقابات العمالية المؤيدة للحزب الديمقراطي دوراً رئيسياً في سياسات الولاية. في الوقت الحالي، فإن السباق يكاد يقترب من التعادل، مع تقدم طفيف للسيناتور الجمهوري دين هيلر.
إنديانا: هذه ولاية جمهورية أخرى يحتاج فيها الديمقراطيون إلى فوز أحد أعضاء مجلس الشيوخ. ويبدو السيناتور جو دونيللي في وضع أفضل من نظيره بداكوتا الشمالية، حيث تمنحه استطلاعات الرأي أفضلية. لكن إذا خسر، فقد تكون تلك علامة على أن الجمهوريين سيحصلون على نتائج أفضل مما توقَّع المراقبون.
كيف ستؤثر نتائج انتخابات التجديد النصفي على ترمب؟
عندما يسأل الناس هذا السؤال، فهم يسألون في الواقع عن شيء واحد: الإقالة أو سحب الثقة. إلا أنه برغم الدعوات الصاخبة لإقالة ترمب بين أقسى منتقديه -بل وشعبية هذا الخيار بين المواطنين، وفقاً للاستطلاعات- فمن غير المرجح أن تتم إقالته.
تنقسم عملية الإقالة أو سحب الثقة إلى خطوتين، حسبما ينص الدستور الأميركي. أولاً، ينظر مجلس النواب في الاتهامات الموجهة للرئيس. إذا صوّت المجلس لصالح سحب الثقة (بمجرد أغلبية بسيطة)، فهذا يعني أن الرئيس قد اتُّهم رسمياً.
ولإقالته فعلياً من منصبه، يجب على مجلس الشيوخ التصويت بالموافقة على إدانته بهذه الاتهامات، بأغلبية الثلثين. يمكن سحب الثقة من الرؤساء دون طردهم من البيت الأبيض، كما حدث لبيل كلينتون عام 1998.
إلا أن هذا لن يكون ممكناً إلا إذا سيطر الديمقراطيون على مجلسي الكونغرس، وهو أمر مستبعد في انتخابات التجديد النصفي الأميركية . حتى لو فاز الديمقراطيون بكليهما، فإن قادتهم لا يُبدون حماسة تجاه سحب الثقة من ترمب، مثلما بدا واضحاً في تصريح نانسي بيلوسي، زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب، الذي قالت فيه إن إقالة ترمب "ليست أولوية".
إن ما يمكن أن يفعله الديمقراطيون هو بدء تحقيقات أكثر جدية بشأن سلوك ترمب تجاه روسيا أو معاملاته التجارية، أو أي مسألة أخرى يعتقدون أن الجمهوريين قد قللوا من شأنها.
قد يؤدي ذلك إلى ظهور أدلة جديدة دامغة، أو قد يهيمن على منصات الأخبار في أثناء استعداد ترمب لحملة إعادة انتخابه. بغض النظر، فإننا نتوقع حالة من الجمود. فإذا كان مجلس النواب الديمقراطي ومجلس الشيوخ الجمهوري يتقاتلان، فمن الصعب تمرير أي تشريع رئيسي.