وكان يخطط أيضا لإسقاط النظام الإيراني.. محمد بن سلمان أرسل العسيري سراً إلى واشنطن لينسق الخطة مع “المرشح” ترمب وخبيرين لبناني وإسرائيلي

عربي بوست
تم النشر: 2018/10/26 الساعة 15:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/26 الساعة 15:52 بتوقيت غرينتش
اللواء العسيري

تدقق الولايات المتحدة الأميركية في سلسلة لقاءات جمعت بين اللواء السابق أحمد العسيري وخبير استراتيجي إسرائيلي في وسائل التواصل الاجتماعي وخبير سياسي لبناني ومستشار دونالد ترمب مايكل فلين.

فالعسيري، الذي يعتبره البعض كبش الفداء الرئيسي في جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي، التقى مستشار الأمن القومي الأميركي السابق فلين وأعضاء آخرين من فريق ترمب الانتقالي في نيويورك قبل تنصيب الأخير رئيساً للولايات المتحدة.

ناقشوا في تلك اللقاءات سبل تغيير النظام الحاكم في إيران.

يذكر أن الملك سلمان كان قد أصدر قرارات بإعفاء عدد من المسؤولين، أبرزهم مستشار الديوان الملكي سعود القحطاني، ونائب رئيس الاستخبارات أحمد العسيري، دون الإشارة إلى تورطهما رسمياً في واقعة اغتيال خاشقجي رغم تردد اسم القحطاني في التسريبات التركية.

اللبناني جورج نادر كان الوسيط بين العسيري ومولر والخبير الإسرائيلي

وكان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أرسل العسيري من الرياض للمشاركة في الاجتماعات التي عُقِدت على مرِّ يومين في أوائل يناير/كانون الثاني من العام الماضي 2017.

موقع The Daily Beast الأميركي نشر معلومات من محاضر تلك الاجتماعات، التي خضعت للتدقيق من جانب مكتب المحامي الخاص روبرت مولر.

ويجري مولر حالياً سلسلة تحقيقات بشأن محاولات بعض الحكومات الأجنبية كسب نفوذ في حملة ترمب والبيت الأبيض. ورفض متحدثٌ باسم مولر التعليق.

ويُذكَر أنَّ جورج نادر، رجل الأعمال الأميركي اللبناني الذي يحظى بعلاقاتٍ وثيقة مع قادة إماراتيين ويتعاون حالياً مع فريق مولر، قد حضر هذه الاجتماعات وتوسَّط لعقدها.

وكان من بين الحضور أيضاً جويل زامل، الخبير الاستراتيجي الإسرائيلي الأسترالي المتخصص في الشبكات الاجتماعية.

وناقشوا جميعاً سبل القضاء على النظام في إيران

وكان مولر استجوبه بشأن دوره في مساعدة مسؤولين بارزين في حملة ترمب الانتخابية على التلاعب بالرأي العام لمساعدة ترمب في الفوز في الانتخابات.

إجراءاتٌ ربما تكون قد خرقت قوانين الانتخابات الفيدرالية.

وشارك كذلك ستيف بانون، أحد مساعدي ترمب السابقين، على مرِّ هذين اليومين في محادثاتٍ حول تغيير النظام الحاكم الإيراني.

وتُظهِر المعلومات أنَّ المشاركين في الاجتماعات ناقشوا استراتيجية متعددة الجوانب لإضعاف النظام الإيراني الحالي والقضاء عليه في نهاية المطاف.

وتطرقوا بالتفصيل لتكتيكات اقتصادية وإعلامية وعسكرية لإضعاف الحكومة الإيرانية.

كان نادر قدم خطة إلى السعوديين والإماراتيين والأميركيين لتخريب اقتصاد إيران

وفي وقتٍ سابق من العام الجاري 2018، ذكرت صحيفة The New York Times الأميركية أنَّ نادر كان يدعم خطةً لتنفيذ عمليات تخريب اقتصادية ضد إيران.

قدَّم الخطة في ربيع عام 2017 إلى مسؤولين سعوديين وإماراتيين وأميركيين.

ومن غير الواضح ما إذا كانت هذه الخطة قد شهدت إحراز تقدُّمٍ فيها أم أنها كانت جزءاً من المشروع الأكبر الرامي إلى تغيير النظام، الذي نوقش في الاجتماعات المذكورة سلفاً.

وذلك لاتخاذ قرار من صلاحية الرئيس الأميركي فقط

وفي كلتا الحالتين، قال القائم بأعمال مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية سابقاً جون ماكلوغلين، لموقع The Daily Beast إنَّ الاجتماعات كانت استثنائية جداً.

وقال: "الأمر يهمني بصفتي مسؤولاً استخباراتياً سابقاً لأنَّه يشير إلى التخطيط لعملٍ سري، وهو الأمر الأشد حساسيةً بين الأمور التي تضطلع بها الحكومة الأميركية، ويرتبط حصراً بصلاحيات الرئيس".

محامو الحاضرين في الاجتماعات يتكتمون ما دار بينهم

الموقع الإلكتروني لشركة الخبير الإسرائيلي جويل زامل
الموقع الإلكتروني لشركة الخبير الإسرائيلي جويل زامل

وقال متحدثٌ باسم زامل إنَّ موكله تحدث إلى مكتب المحامي الخاص بشأن علاقته بالأمر، لكنَّه رفض التعليق على الاجتماع الذي عُقِد في يناير/كانون الثاني من العام الماضي.

بينما لم يُعلِّق بانون على هذه القصة. وامتنع أحد محاميِّ فلين عن التعليق كذلك.

وتُظهِر الاجتماعات التي عُقِدَت في نيويورك، والتي لم تُعلَن بعد، عمق الجهود التي يبذلها بعض المسؤولين الأجانب ووسطاء النفوذ للتأثير في أكثر قرارات إدارة ترمب حساسيةً بشأن السياسة الخارجية.

إذا تمت بينما كان ترمب يصوغ استراتيجيته بشأن إيران

إذ جرت هذه المناقشات في وقتٍ كان فيه فريق ترمب يصوغ استراتيجيته المتعلقة بإيران ويبحث عن مساهمةٍ من الأشخاص الذين كانوا يعملون على خططٍ لمواجهة نفوذ طهران.

وكانت السعودية والإمارات، بقيادة زعيمين حاولا التقرُّب إلى حملة ترمب الانتخابية طوال فترة الانتخابات التي أُجرِيَت في عام 2016، يطوران حملاتٍ آنذاك لدحر خصومهما الإقليميين، بما في ذلك إيران.

اجتماعات هي الأولى مع فريق ترمب بما فيها الخبير الإسرائيلي زامل

وقال مسؤولٌ سابق في البنتاغون كان على علاقةٍ وثيقة بمجتمع وكالات الاستخبارات الأميركية: "من المنطقي تماماً أن يلتقي العسيري بفريق ترمب في ذلك الوقت؛ فالفريق كان يجتمع مع العديد من أصحاب النفوذ الأجانب، والسعودية كانت تريد الانضمام إلى جميع المشروعات المناهضة لإيران".

تكشف الاجتماعات التي عُقِدَت في نيويورك عن تفاصيل أحد أول لقاءات فريق ترمب مع مسؤولين من السعودية.

وتُلقي مزيداً من الضوء على علاقة دوائر ترمب بزامل، الذي يُلقِّب نفسه بمارك زوكربيرغ الأمن القومي بفضل شركته Wikistrat، ولديه علاقاتٌ عميقة مع المخابرات الإسرائيلية.

زامل الذي قدم خطة لمساعدة ترمب على الفوز بالانتخابات

الصورة الوحيدة لجويل زامل كما نشرتها مواقع أسترالية
الصورة الوحيدة لجويل زامل كما نشرتها مواقع أسترالية

اجتذب فريق ترمب إلى صفوفه زامل، رجل الأعمال والإستراتيجي الشاب، في أثناء الحملة الانتخابية.

وفي أغسطس/آب من عام 2016، قدَّم زامل خطةً إلى دونالد ترمب الابن لمساعدة ترمب في الفوز بالرئاسة الأميركية، وفقاً لما ذكرته صحيفة The New York Times.

ومن غير الواضح ما إذا كانت هذه الخطة قد دخلت حيز التنفيذ.

إذ قال محامي ترمب في وقتٍ سابق إنَّ الرئيس الأميركي سمع خطة زامل، لكنَّه لم يمضِ قدماً في تنفيذها.

ونفى محامي زامل في وقتٍ سابق تورُّط موكله في جهودٍ متعلقة بالانتخابات الأميركية أو الحملة الانتخابية.

دخل زامل دائرة ترمب عن طريق اللبنانييْن جورج نادر وقبله جون حنا

الصفحة التعريفية لجون حنا على موقع شركة زامل Wikistrat/ المصدر الموقع نفسه
الصفحة التعريفية لجون حنا على موقع شركة زامل Wikistrat/ المصدر الموقع نفسه

لكن يبدو أنَّ زامل ظلَّ مقرباً من فريق ترمب طوال فترة الانتخابات والفترة الانتقالية. ويرجع ذلك جزئياً إلى أنَّه دخل الفريق بسهولة.

إذ كان قد تعرَّف إلى نادر، الذي كان مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بحملة ترمب، قبل ذلك بسنوات عن طريق جون جنا، أحد مساعدي ديك تشيني السابقين الذي يعمل الآن مستشاراً أوَّل في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مركز بحثي يميني معروف بأعماله المناهضة لإيران.

جديرٌ بالذكر أنَّ حنا مُدرجٌ ضمن أعضاء المجلس الاستشاري لشركة ًWikistrat التي يمتلكها زامل على موقع الشركة الإلكتروني.

كما تضم لائحة الأعضاء التي اضطلع عليها "عربي بوست" قادة سابقين في أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية.

إلا أن أعضاء آخرين في ذلك المجلس، من بينهم مايكل هايدن رئيس وكالة الاستخبارات المركزية السابق، قالوا إنَّ مشاركتهم في ويكيسترات غير رسمية ومستقلة.

وحنا استشاري في شركة زامل "الاستخباراتية"

وقال حسين إيبش، وهو باحث أول مقيم في معهد دول الخليج العربي في واشنطن، لموقع The Daily BEast إنَّ ويكيسترات لا تقدم نفسها على أنَّها شركة استشارية نموذجية.

وأضاف: "تقدم ويكسترات نفسها على أنَّها نوعٌ من خدمات الاستخبارات الخاصة. وإذا نظرت إلى العمل الذي أدَّته في اليمن، ستجد أنَّه لحساب أطرافٍ أخرى. إنه أشبه باستخباراتٍ لمصلحة أطرافٍ أخرى".

وأردف: "إذا كان هناك مناقشةٌ بدائية جداً حول إمكانية تغيير نظامٍ حاكم، فلا عجب في أن تضم مجموعةً من الأطراف المعنية، بما في ذلك شركة ويكيسترات".

ثم بدأ التحضير للخطة ضد إيران بعدما يئسوا من أوباما

توضِّح تفاصيل اجتماع يناير/كانون الأول 2017 كيف أنَّ زام لكان يحمل طموحاتٍ تتعدى فوز ترمب في الانتخابات.

وزامل يُعد وجهاً مألوفاً بالفعل في دوائر ترمب بسبب خطته الجريئة لاستخدام حملات تأثير عبر الشبكات الاجتماعية للمساعدة في هزيمة هيلاري كلينتون.

وبالفعل سافر زامل إلى نيويورك للمساعدة في عرض الفكرة المتعلقة بإيران على العسيري وفريق ترمب، حيث قدَّم عرضاً مليئاً بالتكتيكات لتقويض الحكومة الإيرانية.

عرض فريق ترمب آنذاك طريقاً جديداً أمام السعودية والإمارات وإسرائيل، الذين شعروا بإحباطٍ من إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بسبب موقفها تجاه إيران وتوسُّطها في الاتفاق النووي.

وكان ترمب قد أقام حملته جزئياً على تعهُّده بإعادة التفاوض على الاتفاق واتخاذ خطوات كبيرة ضد النظام الإيراني في أيامه الأولى في السلطة.

وفي أول خطابات فلين العامة بعد توليه منصبه، قال إنَّ الولايات المتحدة "حذَّرت إيران رسمياً" بعدما أجرت الأخيرة اختباراً صاروخياً، وهجوم المتمردين الحوثيين المدعومين إيرانياً في اليمن على سفينةٍ حربية سعودية.

ومنذ ذلك الحين، انسحبت إدارة ترمب من الاتفاق النووي وسرعان ما عاودت فرض عقوباتٍ على إيران.

وكان بن زايد شارك شخصياً لاتخاذ قرار بشأن حصار قطر

كانت الاجتماعات في نيويورك جزءاً من موجة زياراتٍ أجراها بعض أصحاب النفوذ الأجانب الأجانب إلى برج "ترمب تاور".

فقبل تلك الاجتماعات بأسابيع، قيل إنَّ ولي عهد الإمارات محمد بن زايد ناقش السياسة المتعلقة بإيران في برج ترمب تاور مع بانون وفلين وجاريد كوشنر صهر ترمب.

ويبدو أنَّ الاجتماعات كانت جزءاً من الجهود السعودية والإماراتية للضغط على إدارة ترمب القادمة من أجل اتخاذ إجراءاتٍ ضد قطر وإيران، اللتين تعدان أكبر منافسيهما الإقليميين.

وذكرت صحيفة The New York Times في وقتٍ سابق من العام الجاري أنَّ نادر عمل مع إليوت برودي جامع التبرُّعات الجمهوري لحث البيت الأبيض على اتخاذ موقف عدواني ضد البلدين.

وقبلها اجتماعات للعسيري حول الحرب القائمة في اليمن

وجديرٌ بالذكر أنَّ نادر ساعد أيضاً في تنظيم اللقاء الذي عُقِد بين إريك برنس مؤسس شركة Blackwater وحليف ترمب، وكيريل ديميتريف رجل الأعمال الروسي.

وكان بن سلمان اعتمد على العسيري للمساعدة في إجراء محادثات مع مسؤولين غربيين حول إيران واليمن، وفقاً لمسؤولين في وكالات استخبارات أميركية.

يذكر أنَّ العسيري كان المتحدث الرسمي للحملة العسكرية السعودي في اليمن سابقاً.

وقد أثارت هذه الحملة العسكرية، التي تجري بالتنسيق مع الإمارات وبدعمٍ من الولايات المتحدة ودول أوروبية، غضباً هائلاً من ناشطين حقوقيين وبعض أعضاء الكونغرس.

ووصفتها الأمم المتحدة بأنَّها أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وبانها عرضت 14 مليون يمني لخطر المجاعة.

لكن مقتل خاشقجي قلب الطاولة وخسّر بن سلمان رجله في دوائر واشنطن السرية

ووصفت مصادر على درايةٍ بأثر جهود السعودية في واشنطن العسيري بأنَّه أحد أقرب حلفاء بن سلمان وأوثق المقربين منه.

يُذكَر أنَّ العسيري قبل انضمامه إلى جهاز الاستخبارات كان ضابطاً بارزاً في القوات الجوية السعودية ضمن سربٍ خاص رفيع المستوى مهمته إسقاط الصواريخ التي تستهدف البلاد.

لكن مقتل خاشقجي ألقى الضوء على العسيري وزعمائه السعوديين، في حين أنَّ العديد من شركات الضغط التي تتخذ من واشنطن مقراً لها ألقت المملكة من قائمة عملائها، بينما تقول إدارة ترمب إنها ما زالت تفكر في خياراتها العقابية.

وفي وقتٍ سابق من الأسبوع الجاري، أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أنَّ الإدارة ستحظر تأشيرات السفر للأفراد المشتبه في تورطهم في جريمة قتل خاشقجي.

لكن من غير الواضح ما إذا كان البيت الأبيض سيوافق على فرض عقوباتٍ مالية على المملكة.

وإذا حدث ذلك، فمن المرجح أن تُتخذ هذه الإجراءات بعد انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

تحميل المزيد