المغرب يعتمد التوقيت الصيفي طيلة شهور السنة رغم غضب المواطنين .. قرار جريء قد يكون وراءه القصر الملكي

عقب شهور طويلة من المغرب يعتمد التوقيت الصيفي ، فوجئ المواطنون بقرار حكومي يقضي باعتماد التوقيت الصيفي أي بإضافة 60 دقيقة طيلة العام

عربي بوست
تم النشر: 2018/10/26 الساعة 19:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/28 الساعة 20:31 بتوقيت غرينتش
SM le Roi préside une séance de travail consacrée à la mise à niveau de l'offre de formation professionnelle

عكس ما كان يتوقعه المغاربة، وقُبيل يومين فقط من عودة المغرب للساعة القانونية وفق توقيت غرينتش، عقب شهور طويلة و المغرب يعتمد التوقيت الصيفي ، فوجئ المواطنون بقرار حكومي يقضي باعتماد الساعة الإضافية  أي 60 دقيقة إلى الساعة القانونية للمملكة طيلة العام.

منذ زهاء 7 سنوات، المغرب اعتمد التوقيت الصيفي أي الساعة الإضافية إلى توقيتهم الرسمي نهاية شهر مارس/آذار 2018، وحذفها خلال شهر رمضان، ثم إعادتها من جديد خلال الأيام الأولى لشوال، واستمرارها مجدداً إلى غاية شهر أكتوبر/تشرين الأول من كل عام.

الحكومة المغربية لطالما عزَت قرار الساعة الإضافية ، التي يحبذ المغاربة تسميتها "الساعة الجديدة"، إلى الاقتصاد في موارد الطاقة وتقريب التوقيت مع شركاء المغرب الاقتصاديين، خاصة منطقة الاتحاد الأوروبي.

الخبير الاقتصادي عبد النبي أبو العرب أكد لـ "عربي بوست"، غياب أي دراسة علمية دقيقة تحصر تأثيرات الساعة الإضافية على استهلاك المغاربة للطاقة، موضحاً أنه سيكون من الإيجابي القيام بهذه الدراسة ونشر نتائجها، موضحاً أن استهلاك المغاربة للطاقة تدخل فيه عناصر عديدة تحتاج لدراسات دقيقة.

منذ 7 سنوات، اعتاد المغاربة إضافة 60 دقيقة إلى توقيتهم الرسمي / Social media
منذ 7 سنوات، اعتاد المغاربة إضافة 60 دقيقة إلى توقيتهم الرسمي / Social media

ويرى أستاذ الاقتصاد بجامعة "مونديابوليس" في الدار البيضاء، أن تخلي الحكومة عن الساعة الإضافية سيحمل أثَرَين إيجابيين، أولهما صحة المغاربة النفسية، فيما يتعلق الآخر بالتناسب مع التوقيت الأوروبي، وخاصة مع الشركاء الاقتصاديين الأهم بالنسبة للمغرب وهم فرنسا وإسبانيا وإيطاليا.

المغاربة.. أمام الأمر الواقع

من المعروف لدى المغاربة أن أعضاء حكومة سعد الدين العثماني يعقدون مجلساً حكومياً عادياً ظهيرة كل يوم خميس، يتدارسون خلاله مختلف القرارات والمراسيم ويصدّقون عليها، وهو ما حدث بالفعل خلال الأسبوع الجاري.

ساعات بعد انتهاء الاجتماع الحكومي، تم الإعلان فجأة عن عقد الحكومة مجلساً استثنائياً، الجمعة 26 أكتوبر/تشرين الأول 2018، من أجل تدارس والتصديق على مشروع مرسوم تقدم به الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، يهدف إلى إضافة 60 دقيقة إلى الساعة القانونية، حتى يتسنى الاستمرار في العمل بالتوقيت الصيفي، المعمول به بكيفية مستقرة.

حكومة العثماني علَّلت قرارها، بالرغبة في تفادي ما سمته "تعدد التغييرات التي يتم إجراؤها مرات عديدة خلال السنة، وما يترتب عليها من انعكاسات على مستويات متعددة"، وفق تعبيرها.

في إطار تفاعل فريقنا بمجلس المستشارين مع نبض الشارع:

Gepostet von Mohammed Slimani am Freitag, 26. Oktober 2018

جرأة القرار وسرعة اتخاذه وتنزيله جعلتا عبد الرحيم العلام، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض، يُرجح أن الخطوة اتُّخِذت على مستويات أعلى، سواء من داخل الديوان الملكي أو عبر تشاور مع القصر، وفق تعبيره.

أما بخصوص اللقاء الاستثنائي الذي تم خلاله التصديق على المرسوم، فاعتبره المحلل السياسي محض "اجتماع شكلي" لإضفاء طابع شرعي وقانوني على القرار، موضحاً أن الوزراء لم ينتبِهوا، خلال لقائهم الاعتيادي، إلى ضرورة تصديقهم على المرسوم الجديد قصد نشره في الجريدة الرسمية قبل يوم الأحد 28 أكتوبر/تشرين الأول 2018، تاريخ العودة للتوقيت القانوني للبلاد، وذلك ما اعتبره العلام "ضعفاً قانونياً كبيراً تُعانيه الحكومة".

غضب شعبي جارف 

بعيدا عن المزاح.. من أجل نقاش مسؤول أطرح بعض التساؤلات :1- لماذا لم تناقش الحكومة مقترح زيادة ساعة اضافية في المجلس…

Gepostet von ‎سامي أبو ريان‎ am Freitag, 26. Oktober 2018

إعلان الخبر خلال ساعات متأخرة من ليلة الجمعة 26 أكتوبر/تشرين الأول 2018، كان كفيلاً بقلب شبكات التواصل الاجتماعي رأساً على عقب، في حين أبدى آباء التلاميذ وأمهاتهم امتعاضهم من استيقاظ أطفالهم في وقت مبكر، والتحاقهم بالفصول الدراسية قبل شروق الشمس، خاصة خلال شهري ديسمبر/كانون الأول، ويناير/كانون الثاني، ذلك أن شروق الشمس بالمغرب يكون في تمام السابعة والنصف بتوقيت غرينتش، الثامنة والنصف بالتوقيت المُعتمد الجديد.

ولفت نشطاء إلى أن تلامذة القرى سيكونون الأكثر تضرراً من هذا القرار، خاصة أنهم يُضطرُّون إلى المشي على الأقدام ساعاتٍ كيلومتراتٍ عديدةً قبل الوصول لمدارسهم صباحاً، ما يُهدِّد الكثير منهم بالانقطاع عن الدراسة، خاصة منهم الأطفال والفتيات في مجتمع محافظ، يعيب على اليافعة خروجها قبل الفجر رفقة زملائها، في حين يتخوف الآباء بالقرى من تعرُّض أبنائهم الصغار لأذى مختطفين أو معتدين أو مغتصبين وحتى من كلاب ضالة.

دوامة تلو أخرى

الحكومة المغربية، وفي محاولة منها لتخفيف حدة الانتقادات اللاذعة الموجهة لها والتي لم تهدأ وطأتها طيلة الساعات الماضية، لجأت إلى اعتماد إجراءات مصاحبة للقرار، عبر إعادة النظر في ساعة الالتحاق بالمؤسسات التعليمية والانصراف منها، بالإضافة إلى إجراءات إدارية خاصة بالمؤسسات العمومية.

هذا القرار الموازي زاد الطين بلة، وأدخل المغاربة في دوامة جديدة؛ إذ تساءلت موظفات مغربيات بالقطاع الخاص عن مدى تمكنهن من الالتحاق بالعمل وفق التوقيت الجديد، في حين يلزمُهُنّ اصطحاب أبنائهن إلى المدارس والحضانات وفق توقيت غرينتش.

عبد العالي الرامي، رئيس جمعية منتدى الطفولة بالرباط، وصف القرار الجديد بـ "الجريمة النفسية والصحية في حق الأطفال المغاربة وذويهم"، لافتا إلى أن أطفال العالم القروي هم أكبر ضحايا التوقيت "GMT+1″، خاصة خلال فصلي الخريف والشتاء وما يرافقهما من أجواء ممطرة ومثلجة بجبال الأطلس والريف.

وأبرز الفاعل المدني في مجال الطفولة لـ "عربي بوست"، أن القرار سيَحكُم على التلاميذ بمغادرة مقاعد الدراسة، وإكمال الباقين منهم ساعات نومهم داخل الفصول المدرسية، وجعلهم مُرهقين على الدوام ومتأثرين نفسياً وعصبياً؛ بسبب قلة النوم.

حيَّ على الاحتجاج

في إطار تفاعل فريقنا بمجلس المستشارين مع نبض الشارع:

Gepostet von Mohammed Slimani am Freitag, 26. Oktober 2018

حكومة العثماني وضعت المغاربة أمام الأمر الواقع، إلا أن إقرار القانون لن يمنع المواطنين من اتخاذ جميع السُّبل لإلغائه، وفق المحلل السياسي عبد الرحيم العلام، الذي أكد لـ "عربي بوست"، أن الدستور المغربي والاتفاقيات الدولية تُقرُّ حقَّ المغاربة بالاحتجاج في حال لم يستسيغوا القانون.

"بإمكان المغاربة تنظيم وقفات احتجاجية وملء عرائض شعبية"، يقول الأستاذ الجامعي، وهو ما سار إليه المغاربة فعلاً عبر جمع توقيعات على موقع الحملات الدولية "آفاز"، من أجل إلغاء التوقيت الجديد والعودة لتوقيت غرينتش.

علامات:
تحميل المزيد