قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، إن أعمال تركيب منظومة الدفاع الصاروخي الروسية إس 400 التي اشترتها تركيا من موسكو، ستبدأ في أكتوبر/تشرين الأول عام 2019.
وأوضح أكار، في تصريح للأناضول، أنّ العمل جارٍ على انتقاء الكادر الذي سيشرف على تركيب المنظومة في تركيا، لينتقل مطلع العام المقبل إلى روسيا للتدرّب على أعمال البناء.
وأكد أكار أن شراء تركيا للمنظومة الروسية نابع عن حاجتها لمثل هذه المنظومات المتطورة، نظراً للتهديدات الجوية والصاروخية الحقيقية التي تحيط بالبلاد.
وتابع قائلاً: "نبذل جهوداً مضاعفة لردع هذه التهديدات، ولقد تواصلنا مع العديد من الدول لشراء منظومات دفاعية جوية، ومن هذه الدول الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا، وبالنتيجة تم التوصل إلى اتفاق مع روسيا".
وأشار إلى أن قيادة القوات الجوية التركية تعمل على تحديد الأماكن التي يتوجب تركيب المنظومة فيها.
وأكد أكار أن منظومة "إس 400" الروسية ستعمل بشكل مستقل تماماً عن منظومات حلف شمال الأطلسي، مشيراً إلى أن مخاوف الناتو والولايات المتحدة الأميركية في هذا الخصوص، لا مبرر لها.
وأردف في هذا السياق: "لن يكون هناك أي تحرش أو إخلال لعمل منظومات الناتو، ولن نسمح بذلك، فشراء تركيا للمنظومة الروسية لم يكن خياراً، بل كان ضرورة".
وأضاف أكار أن السبب الرئيسي لشراء "إس 400" هو توفير الحماية لـ 81 مليون مواطن تركي، ومنع وصول الصواريخ والتهديدات الجوية إلى الأراضي التركية.
ولفت أكار إلى أن تركيا لا تريد أن تكون دولة مستهلكة لمثل هذه المنظومات، بل ترغب في أن تكون مصنّعة منتجة أيضاً.
ونهاية أغسطس/آب الماضي، قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن "تركيا بحاجة إلى أنظمة الدفاع الصاروخية إس-400، والاتفاقية حولها انتهت، وسنتسلمها في أقرب وقت".
وكانت الولايات المتحدة أبدت قلقها من أن اعتزام تركيا، عضو حلف شمال الأطلسي، نشر صواريخ إس-400 الروسية الصنع قد يشكل خطراً على عدد من الأسلحة الأميركية الصنع المستخدمة في تركيا بما فيها طائرات إف-35.
ومرّت العلاقات بين واشنطن وأنقرة، العضوين في حلف شمال الأطلسي، بأزمة دبلوماسية بسبب قضية القسّ الأميركي الذي أفرجت عنه تركيا وشراء أنقرة منظومة الدفاع الروسية.
كانت تركيا ممنوعة من "إف-35" الأميركية بسبب "إس-400" الروسية
وكانت الولايات المتحدة سلمت في 22 يونيو/ حزيران 2018 تركيا أول طائرة حربية من نوع F-35 رغم التوتر القائم بين البلدين، ومعارضة مجلس الشيوخ الأميركي.
وسلمت المجموعة الدفاعية الاميركية لوكهيد مارتن صانعة هذا النوع من الطائرات، مسؤولين أتراكاً المقاتلة خلال احتفال أقيم في فورت وورث في ولاية تكساس.
وتعتبر هذه الطائرة جوهرة التكنولوجيا بسبب قدرتها على الإفلات من أكثر الرادارات تطوراً، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
ويأتي تسلم تركيا الدفعة الأولى من مقاتلات F-35، رغم محاولة مجلس الشيوخ الأميركي عرقلة هذه الصفقة؛ بسبب رغبة تركيا المستمرة في الحصول على منظومة "إس-400" الروسية.
وتعتقد واشنطن أن التعاون التقني العسكري الروسي-التركي يتناقض مع التزامات تركيا تجاه الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي.
وقال المتحدث باسم البنتاغون، مايك أندروز، إنه بعد مراسم تسلُّم تركيا المقاتلات، سيتم إرسال المقاتلات إلى قاعدة لوقا الجوية في ولاية أريزونا، حيث يوجد الطيارون الأتراك وأخصائي الصيانة.
كادت الصفقة أن تُعرقَل بين تركيا وأميركا بفعل تشريعي من واشنطن
من جهته، أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، خلال لقاء أجراه مع قناة "NTV"، أن مجلس الشيوخ الأميركي حاول عرقلة ما يمكن اعتباره من بين كبرى الصفقات التعاونية بين الولايات المتحدة وتركيا. والجدير بالذكر أن أنقرة ترغب في الحصول على أكثر من 100 قاذفة قنابل من هذا الطراز.
وقد بقيت مسألة إمكانية حصول تركيا على مقاتلات F-35 غير واضحة حتى اللحظات الأخيرة، لا سيما بعد موافقة مجلس الشيوخ الأميركي على مشروع قانون ميزانية وزارة الدفاع لسنة 2019، البالغة قيمتها 716 مليار دولار. وبموجب مشروع القانون، تم منع تسليم أسلحة أميركية إلى تركيا.
ورغب المشرعون الأميركيون في الحصول على توضيحات من جانب البنتاغون حول كيفية ربط مسألة حصول تركيا على منظومة الدفاع الجوي الروسية "إس-400" مع حقيقة تزويد تركيا بمعدات أميركية. في الوقت ذاته، ومن داخل مبنى الكونغرس تمت دعوة ترمب لفرض عقوبات ضد أنقرة، في حال أصرَّت على الحصول على منظومة "إس-400".
وقال مصدر لصحيفة Kommercant الروسية في موسكو، إن العلاقات الروسية-التركية في مجال التعاون العسكري التقني، تقتصر فقط على عقد تسليم منظومة الصواريخ المضادة للطائرات "إس-400″، الذي أبرمته موسكو وأنقرة نهاية سنة 2017.
تركيا كان لديها البديل، إنها مقاتلات الجيل الخامس الروسية من طراز "سو-57"
أما فيما يتعلق بمسألة تمكين أنقرة من الحصول على مقاتلات F-35، يرى مصدر في المجمع الصناعي العسكري الروسي أن المسألة تهم تركيا والولايات المتحدة فقط، وهما المعنيتان بالبحث عن حل للخروج من هذا الوضع. ومن جانبها، ذكرت صحيفة "Yeni Şafak"، في وقت سابق، أن تركيا مستعدة لشراء مقاتلات الجيل الخامس الروسية من طراز "سو-57″، في حال رفضت الولايات المتحدة تزويد أنقرة بمقاتلات F-35.
ومع ذلك، ذكر مصدر تابع لقطاع صناعة الطيران في روسيا أنه لم يتم عقد أي محادثات رسمية بشأن هذه الصفقة؛ بل وقع الإدلاء بمثل هذه التصريحات للضغط على الولايات المتحدة من أجل تسليم تركيا مقاتلات F-35.
وأورد مدير مركز تحليل الاستراتيجيات والتقنيات، رسلان بوخوف، أن "تزويد تركيا بمقاتلات F-35 ، رغم معارضة الكونغرس هذه الصفقة، يعكس عدم رغبة الولايات المتحدة في الدخول بمناوشات مع تركيا وتصعيد أزمة العلاقات، فضلاً عن تجنُّب الدخول في مواجهة أكثر تعقيداً مع الحكومة الهندية".
في هذا الصدد، يعتقد بوخوف أن الكونغرس الأميركي يحاول لعب دور المحقق الصارم مع تركيا والهند على حد السواء. كما يرى بوخوف أن قيام الرئيس التركي بمناورات في مجال التعاون العسكري التقني جد محدودة مقارنة بقيادة الهند؛ نظراً إلى أن تركيا توجد في صلب النظام الأمني الأوروبي الأطلسي.
في الآن ذاته، أحال فاسيلي كاشين إلى أن أنقرة ترغب في الحد من اعتمادها على الشركاء الغربيين، في حين أن تردُّد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بمسألة تمكين البلاد من التقنيات المرجوة، الذي بدا جلياً في العديد من المناسبات، دفع تركيا على مدى السنوات القليلة الماضية، إلى البحث عن شركاء آخرين.