أشاد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الثلاثاء 23 أكتوبر/تشرين الأول 2018، بمؤتمر الاستثمار الذي اجتذب صفقات استثمارية بقيمة 50 مليار دولار، على الرغم من مقاطعة الكثيرين له بسبب مقتل الصحافي جمال خاشقجي، وقال إن المؤتمر "عظيم"، وإن هناك "مزيداً من الناس ومزيداً من المال".
وألقى مقتل خاشقجي بظلاله على مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار هذا العام. واختفى خاشقجي، وهو من المنتقدين لولي العهد السعودي، في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول، حين دخل القنصلية السعودية في إسطنبول.
وقاطع عدد من السياسيين الغربيين وكبار المصرفيين والمسؤولين التنفيذيين في العالم مؤتمر الاستثمار السعودي بسبب قضية خاشقجي.
وبعدما أنكرت السعودية في البداية أي تورط لها في اختفاء الصحافي، قالت الرياض يوم السبت، إن خاشقجي لقي حتفه خلال شجار في القنصلية. وفي وقت لاحق، عزا مسؤول سعودي موته إلى الاختناق.
الملك يتعهَّد بمحاسبة المقصرين
وتعهَّد مجلس الوزراء السعودي، اليوم الثلاثاء، بعد اجتماع رأسه الملك سلمان بن عبدالعزيز عاهل السعودية، بمحاسبة "المقصر كائناً مَن كان" في قضية خاشقجي، التي أثارت غضباً دولياً ووتَّرت العلاقات بين الرياض والغرب.
ووصل الأمير محمد إلى المؤتمر اليوم بعد حضور اجتماع استقبل فيه الملك سلمان أفراد أسرة خاشقجي بمن فيهم ابنه صلاح.
وصفق كثير من الحاضرين الذين يزيد عددهم عن ألفين، وهلَّلوا، مع دخول ولي العهد السعودي، مهندس خطة الإصلاح بالمملكة، القاعة الرئيسية، قبل أن يجلس مبتسماً.
ومن المقرر أن يشارك ولي العهد، الذي أشاد بالمؤتمر في تصريحات للصحافيين أثناء تفقده لمقر انعقاده، في جلسة غداً الأربعاء.
يقام المؤتمر في فندق ريتز كارلتون بالرياض، الذي شهد احتجاز عشرات من الأمراء ورجال الأعمال والمسؤولين في حملة على الفساد، بعد أيام فقط من اختتام مؤتمر العام الماضي، مما أقلق المستثمرين وأثار مخاوف بشأن الشفافية.
وظهر الملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال، الذي كان من بين المحتجزين، في المنتدى بجانب ولي العهد السعودي الذي قاد الحملة على الفساد.
وطمأن وزير الطاقة السعودي خالد الفالح المؤتمر بأن المملكة، أكبر مصدر للنفط في العالم، تمر "بأزمة بشكل ما"، لكنها ستمضي قدماً في الإصلاحات الاقتصادية.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية، إن الحكومة السعودية ما زالت ملتزمة بالطرح العام الأولي لحصة في شركة النفط العملاقة، لكن التوقيت سيعتمد على ظروف السوق وعوامل أخرى.
هبوط الأسهم
انضم مئات من المصرفيين والمسؤولين التنفيذيين بالشركات إلى مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار. لكن بينما اجتذب مؤتمر العام الماضي لفيفاً من نخبة قطاعات الأعمال في العالم، شهد المؤتمر هذا العام انسحاب أكثر من عشرين من كبار المتحدثين.
ورفض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الثلاثاء 23 أكتوبر/تشرين الأول، محاولات الرياض تحميل المسؤولية قتل خاشقجي "بطريقة وحشية" لضباط مارقين، قائلاً إن الشخص الذي أمر بقتل الصحافي يجب أن "يُحاسب".
ويرى الكثير من المستثمرين الأجانب خطراً يتمثل في أن قضية خاشقجي قد تدمر علاقات الرياض مع الحكومات الغربية. وهبط مؤشر البورصة السعودية 1.3% اليوم، بفعل استمرار مخاوف المستثمرين.
وانسحب وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين ووزراء بارزون من بريطانيا وفرنسا من المؤتمر، إلى جانب مسؤولين تنفيذيين كبار ورؤساء مجالس إدارة نحو عشر من كبرى الشركات المالية، مثل جيه.بي مورجان تشيس، وإتش.إس.بي.سي، والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد.
وقال دارا خسروشاهي الرئيس التنفيذي لشركة أوبر، الذي انسحب أيضاً من المؤتمر، إن الشركة تنتظر الحقائق الكاملة بخصوص مقتل خاشقجي، قبل أن تحدد ما إذا كان ذلك سيؤثر على مشاركة المملكة في خدمة نقل الركاب. واستثمر صندوق الثروة السيادي السعودي في أوبر، ويشغل مديره مقعداً في مجلس إدارة شركة تطبيقات طلب سيارات الأجرة.
السعودية "تستحق الدعم"
أرسلت روسيا وفداً كبيراً بقيادة كيريل ديميترييف رئيس صندوق الاستثمار المباشر، الذي قال إنه يجب التحقيق في مقتل خاشقجي ومعاقبة المسؤولين عنه، لكن لا يمكن تجاهل مساعي المملكة للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي.
وقال لرويترز "إصلاحات السعودية مهمة، وتستحق الدعم".
ووقعت المملكة 25 اتفاقاً في قطاعات النفط والغاز والصناعات والبنية التحتية مع شركات مثل ترافيجورا وتوتال وهيونداي ونورينكو وشلومبرجر وهاليبرتون وبيكر هيوز.
وقالت أرامكو السعودية، إنها وقَّعت 15 مذكرة تفاهم بقيمة 34 مليار دولار.
وقال باتريك بويان، الرئيس التنفيذي لشركة توتال، اليوم الثلاثاء، إن شركة النفط والغاز الفرنسية ستعلن عن شبكة تجزئة في المملكة مع أرامكو السعودية.
وقال مدير صندوق الثروة السيادي في المملكة، الداعم الرئيسي للمؤتمر، إن السعودية تزداد شفافية، وإن صندوق الاستثمارات العامة السعودي مستمر في تطوير صناعات جديدة، في إطار الإصلاحات الاقتصادية التي أطلقها ولي العهد السعودي.
وذكر ياسر الرميان، مدير صندوق الاستثمارات العامة السعودي، إن الصندوق استثمر في 50 أو 60 شركة عبر صندوق رؤية، التابع لمجموعة سوفت بنك، وسيجلب معظم هذه الشركات إلى السعودية. والتزم صندوق الاستثمارات العامة باستثمار 45 مليار دولار في صندوق رؤية.
وتخشى الكثير من البنوك الغربية وغيرها من الشركات خسارة أعمال، مثل رسوم ترتيب صفقات لصالح صندوق الثروة السيادي السعودي، البالغة قيمته 250 مليار دولار، وأرسلوا مسؤولين تنفيذيين أقل مستوى، وإن كان المسؤولون الكبار ظلوا بعيداً عن المؤتمر.
وتردَّد مسؤولون تنفيذيون كبار من شركات آسيوية في الانسحاب، ومن ثم فإن مشاركة مؤسسات صينية ويابانية قد تساعد الرياض على إعلان نجاح المؤتمر الذي يعقد على مدى ثلاثة أيام.
لهذه الأسباب، فقد لا يكون للمقاطعة الغربية أثر يذكر في الأجل الطويل على الآفاق الاقتصادية السعودية.