باحثون عن الجنسية وهاربون من القمع.. صحيفة أميركية تتساءل هل ما زالت إسطنبول ملاذاً آمناً لضحايا الربيع العربي بعد مقتل خاشقجي؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/10/12 الساعة 15:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/12 الساعة 15:21 بتوقيت غرينتش
مصريون يتظاهرون بإسطنبول ضد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي

يتدفق لاجئون ومعارضون ومهاجرون من أنحاء العالم العربي إلى المدينة الإمبراطورية سابقاً التي حكمت أرضهم حتى عام 1918. وفي مقهى مختار الشهير في مدينة إسطنبول التركية، التي أصبحت تضم "نسخة مصغرة عن سوريا"، يجلس ملاحقون من الأنظمة الحاكمة التي قمعت الربيع العربي في دول الشرق الأوسط يحتسون القهوة المُنكَّهة بالهيل، ويخططون لعودتهم، وسط حالة من القلق بعد واقعة اختطاف جمال خاشقجي، فيما يحدوهم الأمل للحصول على الجنسية التركية.

 صحيفة The Economist الأميركية استعرضت في تقرير لها كيف يعيش هؤلاء الملاحقون في تلك المدينة التاريخية.

تشير الصحيفة إلى أن هؤلاء ينحدرون من مصر وسوريا واليمن وغيرها من الدول العربية التي حكمها قديماً الأتراك العثمانيون. ويؤيد بعضهم الطرق السلمية، فيما يناصر البعض الآخر  المقاومة، ويقول كويتي منشق: "أولئك المستبدون لن يُسلِّموا السلطة سلمياً أبداً".            

تستضيف مدينة إسطنبول نحو 1.2 مليون عربي، من بينهم الكثير من اللاجئين السوريين الذين يصل إجمالي عددهم في تركيا إلى ما يزيد على 3 ملايين. ويقيم أيضاً هناك مرشحٌ سابق في الانتخابات الرئاسية من مصر، وكذلك عضو برلماني كويتي جُرِّد من جنسيته، ومجموعة من الوزراء السابقين من اليمن. فيما تنقل عشرات المراكز الفكرية والقنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية المظالم التي تحدث في الدول العربية. وأصبح اتحاد الإعلام العربي في إسطنبول يضم حالياً 850 صحافياً.    

لماذا بدأ العرب الاهتمام بتركيا؟

قبل 15 عاماً، لم تكن الأوضاع في تركيا تحظى بالقدر الراهن من الاهتمام العربي الكبير. لكن تطورات عديدة جعلت الأوساط العربية تتابع ما يحدث في تركيا من انتخابات أو أحداث الإنقلاب، فمنذ أواخر عام 2010،.

وبدأ اهتمام دول عربية تشهد موجات من التحول السياسي بدأت باحتجاجات شعبية. الأمر بدأ في تونس، ثم امتد إلى كل من مصر وليبيا واليمن وسوريا، وغيرها، فسقطت أنظمة حاكمة في دول، واندلعت صراعات مسلحة مستمرة في أخرى. تاريخياً وجغرافياً، تجاور تركيا المنطقة العربية، وهي جزء من قدر المنطقة. لذا وجد العرب أنفسهم في قلب الأجندة التركية، فحل بعضهم بها لاجئين، وتقربوا منها، أملاً في دعم سياسي وإنساني وإغاثي، منطلقين من قرب الثقافة والتاريخ الإسلامي المشترك، فيما اختارها البعض للاستثمار.

وبينما ترفض غالبية الدول العربية منح الأجانب وأطفالهم جنسيتها، حتى مَن وُلِد ونشأ منهم في تلك الدول، يمكن للعرب الحصول على جواز السفر التركي بعد 5 سنوات من الإقامة هناك، أو عقب السفر إلى تركيا مباشرةً إذا كانوا يمتلكون 250 ألف دولار.

"نشعر هنا بالانتماء"

ويقول مستشارٌ تعليمي لبناني قَبِل راتباً أقل للانتقال من دبي إلى إسطنبول: "نُعامَل هناك كالعبيد. أما هنا، فنشعر بالانتماء". وينتقل بعض العرب إلى تركيا بعد فشلهم في الحصول على حق اللجوء إلى أوروبا الأقل ترحيباً بهم. ويقول أحد طالبي اللجوء: "(تركيا) أشدُّ أُلفةً، ومسلمة وأقرب إلى وطني". بينما يسارع سعوديون لشراء عقارات تحسباً لازدياد الأمور سوءاً في بلدهم.       

ويعد نظام تركيا السياسي عامل جذب آخر فهي نموذج مثالياً مقارنةً بغالبية الأنظمة الحاكمة العربية. وما زال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان -الذي تنتمي زوجته إلى أصول عربية- يدافع صراحةً عن الاحتجاجات العربية التي اندلعت عام 2011 وجماعة الإخوان المسلمين الذين حكموا مصر لمدةٍ قصيرة إلى أن استولى رئيسها الحالي عبدالفتاح السيسي على السلطة عقب انقلاب في عام 2013.

ويقول أيمن نور، المرشح سابق للرئاسة المصرية الذي يدير حالياً محطته التلفزيونية الخاصة من إسطنبول، إنَّ تركيا هي "الركن الأخير للربيع العربي".          

وتأتي حالياً فرق عربية شهيرة لتقديم عروض في إسطنبول. وتستضيف المدينة التركية كذلك أضخم معرض كتاب عربي يُقام على أرض غير عربية. إضافة إلى ذلك، افتُتِحَت الشهر الماضي مدرسة للفلسطينيين الوافدين من إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة. وتُقَدم كذلك جامعة ابن خلدون، وهي جامعة جديدة تقع على أطراف إسطنبول، منحاً دراسية للطلبة في أنحاء الأمة الإسلامية لتعزيز القيم الإسلامية.

 ويسعى المجلس العربي للدفاع عن الثورات والديمقراطية، الذي تأسس مؤخراً، لجمع المهاجرين من كافة المدن العربية معاً. بيَّد أنَّ اختفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي -عقب زيارة إلى قنصلية دولته في إسطنبول- قد يُشعرهم بأنَّ ملاذهم أصبح أقل أمناً.       

 

 

 

 

 

تحميل المزيد