«واشنطن بوست»: محمد بن سلمان أمر باستدراج خاشقجي، وتم التنصُّت على مكالمات مسؤولين سعوديين

عربي بوست
تم النشر: 2018/10/11 الساعة 05:43 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/11 الساعة 07:10 بتوقيت غرينتش

أفادت صحيفة "واشنطن بوست"، الأربعاء 10 أكتوبر/تشرين الأول، بأنّ أجهزة الاستخبارات الأميركيّة كانت على عِلم بمخطّط سعودي أمر به ولي العهد محمد بن سلمان، يهدف إلى استدراج الصحافي جمال خاشقجي إلى السعودية للقبض عليه.

وفُقد أثر خاشقجي الذي كان يكتب مقالات رأي في صحيفة "واشنطن بوست" وينتقد سلطات الرياض، منذ أكثر من أسبوع بعد دخوله قنصلية بلاده في إسطنبول.

 وقالت مصادر حكوميّة تركيّة نهاية الأسبوع الماضي إنّ الشرطة تعتقد أن خاشقجي (59 عاماً) قُتل بأيدي فريق أُرسل خصيصاً إلى إسطنبول ويضمّ 15 سعودياً.

ونقلت "واشنطن بوست" عن مسؤولين أميركيين أن مسؤولين سعوديين ناقشوا خلال مكالمات تم اعتراضها، خطة لاستدراج خاشقجي من مقر إقامته في ولاية فرجينيا بالولايات المتحدة واعتقاله.

وبحسب الصحيفة، فإن خاشقجي الذي اختار الإقامة في الولايات المتحدة، أبدى أمام العديد من أصدقائه تشكيكه في عروض قدمها له بحسب التقرير "مسؤولون سعوديون مقربون من ولي العهد" وعدوه بمناصب حكوميّة رفيعة في السعودية وبتأمين الحماية له.

وأشارت الصحيفة إلى أنّه في حال ثبت أيّ دور شخصي لوليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في ذلك، فإنّ هذا قد يُسبّب إحراجاً لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب.   

ويقيم محمد بن سلمان علاقات وثيقة مع عدد من كبار المسؤولين الأميركيين، في طليعتهم غاريد كوشنر صهر ترامب ومستشاره الشخصي.

غير أنّ  المتحدّث باسم الخارجية الأميركيّة روبرت بالادينو قال، الأربعاء، رداً على أسئلة الصحافيين، إن الولايات المتحدة لم تكن على علم مسبقاً بأي مخاطر تهدد خاشقجي.

وقال "بالرغم من أنه لا يمكنني التكلم في مسائل الاستخبارات، فإن بوسعي أن أجزم بشكل قاطع بأنّ الولايات المتحدة لم تكُن لديها معلومات مسبقة عن اختفاء جمال خاشقجي".

وأكّد ترمب، الأربعاء، أنه طلب توضيحات "على أعلى مستوى" من السعودية في شأن مصير خاشقجي.

وصرّح الرئيس الأميركي في البيت الأبيض بأنه تحدّث إلى القيادة السعودية "أكثر من مرّة" منذ اختفاء خاشقجي في 2 أكتوبر/تشرين الأول بعد دخوله القنصلية السعودية في إسطنبول.

وأضاف: "هذا الوضع خطير جداً بالنسبة إلينا وإلى البيت الأبيض.. أعتقد أننا سنتوصّل إلى حقيقة الأمر". وتابع: "لا يُمكننا أن ندع ذلك يحدث، سواء لصحافيين أو لأي شخص".

وأوضحت المتحدّثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز أنّ كلاً من مستشار الأمن القومي جون بولتون ومستشار الرئيس الخاص غاريد كوشنر ووزير الخارجيّة مايك بومبيو أثاروا القضية مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وطالبوا خصوصاً بـ "تفاصيل (عن اختفاء خاشقجي) وبأن تلتزم الحكومة السعودية الشفافية في ما يتّصل بالتحقيق".

ورداً على سؤال حول ردّ الرياض على هذه الطلبات، أجابت وزارة الخارجية الأميركية بأنّ الأمر يتعلّق بـ "محادثات دبلوماسية خاصة"، مُبديةً الحرص على عدم إدانة السلطات السعودية في هذه المرحلة.

يوم القيامة لمحمد بن سلمان

ولَم يهدأ هاتف ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الأربعاء 10 أكتوبر/تشرين الأول 2018، وكأن القيامة قد قامت، فقد انهالت عليه الاتصالات بشكل غير مسبوق، من واشنطن، تسأله عن اختفاء جمال خاشقجي، الصحافي السعودي، منذ دخوله قنصلية بلاده في إسطنبول يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018.

هذا التحرك الأميركي المفاجئ جاء بعد أن شهد اليوم تطوراً مهماً على صعيد التحقيقات في قضية اختفاء خاشقجي، وذلك عندما أزالت أجهزة الأمن التركية الستار عن هوية 15 سعودياً دخلوا القنصلية السعودية بالتزامن مع وجود خاشقجي فيها.

ترمب يتجاهل محمد بن سلمان

المفاجئ في هذا التحرك الأميركي، أن الرئيس دونالد ترمب لم يهاتف ولي العهد السعودي؛ بل قام بمحادثة من سمّاهم "مسؤولين سعوديين بارزين"، مشدداً في اتصالاته على أنه يريد معرفة حقيقة اختفاء جمال خاشقجي.

وأضاف الرئيس الأميركي في تصريحات للصحافيين، هي الأقوى له منذ اختفاء خاشقجي: "إن أناساً شاهدوه وهو يدخل، ولم يخرج"، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.

وقال ترامب: "هذا وضع سيئ"، مبدياً رغبته في إحضار خطيبة الصحافي السعودي جمال خاشقجي إلى البيت الأبيض، مضيفاً: "أنا والسيدة الأولى ميلانيا على اتصال بخديجة، ونفكر في إحضارها إلى البيت الأبيض". وهو الأمر الذي قد يعطي زخماً أكبر للقضية.

وأضاف: "نحن نطالب بكل شيء. نريد أن نرى ما الذي يحدث هناك".

وأكد أن "هذا الوضع خطير جداً بالنسبة إلينا وإلى البيت الأبيض.. أعتقد أننا سنتوصل إلى حقيقة الأمر".

وتابع: "لا يمكننا أن ندع ذلك يحدث، سواء لصحافيين أو لأي شخص".

الأمر لم ينته عند ترمب، فهؤلاء اتصلوا بولي العهد شخصياً

وفيما يبدو أن ترمب تجاهَل مهاتفة محمد بن سلمان شخصياً، فإنه أوكل هذه المهمة إلى غيره، فقد أعلن البيت الأبيض أن اثنين من مسؤوليه ووزير الخارجية مايك بومبيو تحدثوا مع الأمير محمد بن سلمان؛ لطلب معلومات عن الصحافي المختفي جمال خاشقجي.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز، في بيانٍ، إن مستشار البيت الأبيض للأمن القومي جون بولتون، والمساعد بالبيت الأبيض غاريد كوشنر، صهر الرئيس دونالد ترمب، تحدَّثا أيضاً مع الأمير محمد بن سلمان، الثلاثاء 9 أكتوبر/تشرين الأول 2018.

وأضافت ساندرز: "أجرى وزير الخارجية، مايك بومبيو، مكالمة هاتفية بعد ذلك؛ لمتابعة الوضع مع ولي العهد، ولإعادة تأكيد طلب الولايات المتحدة تقديم معلومات".

عواصم أوروبية تنتظر جواباً من الرياض بشأن خاشقجي

أوروبياً، لم تهدأ الاتصالات أيضاً، فقد أعلنت الخارجية الفرنسية، الأربعاء 10 أكتوبر/تشرين الأول 2018، أنها "على اتصال بالسلطات السعودية" في شأن اختفاء خاشقجي في إسطنبول، وكررت أملها في "كشف كل تفاصيل" هذه القضية.

وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمر صحافي عبر الإنترنت: "نحن على اتصال بالسلطات السعودية بخصوص اختفاء جمال خاشقجي. نذكّر بأننا قلقون حياله، ونأمل تكراراً كشف كل تفاصيل هذه القضية".

أما بريطانيا، فقد أبلغ وزير خارجيتها، جيرمي هانت، السعودية أن المملكة المتحدة تتوقع إجابات عاجلة بشأن اختفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي.

وفي اتصال هاتفي مع وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، شدد هانت على أن "الصداقات (بين الدول) تعتمد على القيم المشتركة".

وبدا موقف بريطانيا أكثر حزماً من إدارة ترمب، فقد قال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية: "إن كانت تقارير الإعلام صحيحة، فسنتعامل مع هذا الحدث بجدية".

وكانت الأجهزة الأمنية التركية قد كشفت عن تطورات مهمة في التحقيقات التي تجريها بشأن اختفاء خاشقجي، فقد كشفت التفاصيل الكاملة لأسماء 15 سعودياً وصلوا إلى إسطنبول يوم اختفاء خاشقجي، مدعمة أدلتها بفيديوهات تكشف عنها لأول مرة.

وجاءت كل هذه التطورات في وقت التزمت فيه الرياض الصمت التام، ولم تعلق على المعلومات التي كشفتها أنقرة، ما قد يوحي بأنها  في موقف ضعف بشأن هذه القضية.

تحميل المزيد