ترمب مُطالَب بالتدخل لإجلاء مصير خاشقجي.. لكن محاولاته لإرضاء محمد بن سلمان ستمنعه من ذلك

عربي بوست
تم النشر: 2018/10/10 الساعة 10:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/10 الساعة 10:03 بتوقيت غرينتش
«لوكهيد» تتلقى نحو مليار دولار لمنظومة ثاد الدفاعية للسعودية

لم يكتفِ جمال خاشقجي الكاتب السعودي بدعم الإصلاحات الحيوية الجارية في السعودية، لكن لم يتردد في ملاحظة العيوب القائمة والإشارة إليها، خاصة أنه كان ناقداً شهيراً لمحمد بن سلمان، وليّ عهد المملكة السعودية وحاكمها الفعلي.

لذلك فاختفاء خاشقجي الأسبوع الماضي من القنصلية السعودية في إسطنبول، والحديث عن تعرضه للقتل على يد فريق سعودي جاء خصيصاً الى تركيا، تسببا في نشوب غضبٍ عارم، على مستوى العالم، حسبما قال تقرير نشرته صحيفة The Financial Times البريطانية.

ذهب خاشقجي إلى القنصلية يوم الثلاثاء الماضي 2 أكتوبر/تشرين الأول لإتمام أوراق زواجه. كانت خطيبته تنتظره في الخارج، وكانت أول من نبهت لاختفائه حين لم يعد للظهور ثانيةً.

من الصعب تصديق رواية السعودية بأن خاشقجي قد خرج من القنصلية

أكدت السلطات التركية أنَّه، بحسب لقطات المراقبة التي فحصتها، ليس هناك ما يشير إلى أنَّه خرج من القنصلية. لكن إصرار السلطات السعودية على أنَّ الصحافي السعودي قد غادر المبنى فعلاً، وأنَّه لم يتعرض لمكيدةٍ ما، هو أمرٌ يصعب تصديقه. تقع على عاتق الرياض مسؤولية تفسير حقيقة ما حدث.

إذا أكَّدت نتائج التحقيقات التركية أنَّه قُتِل بالفعل -تضع الشرطة في اعتبارها احتمالية أنَّهم تخلصوا من جثته عبر صناديق شحن- فسيبعث ذلك برسالة مفزعة حول ما يمكن أن ترتكبه المملكة السعودية لإسكات ناقديها، وهي لديها بالفعل تاريخ طويل في قمع المعارضة.

وتتزايد الانتهاكات في عهد الأمير محمد بن سلمان، بشكل غير مسبوق

في ظل نظام محمد بن سلمان، تشتد حملة القمع داخل المملكة وخارجها، ما يتعارض مع روح الإصلاحات الاقتصادية والدينية والثقافية التي دشَّنها والتي تُعَد المملكة في أمسِّ الحاجة إليها.

يواجه الصحافيون في جميع أنحاء العالم تهديدات متزايدة بين الترهيب والعنف. قُتِلَ أربعة منهم في دول الاتحاد الأوروبي منذ بداية عام 2017، وحتى بينما تضغط السلطات التركية على الرياض كي تعترف بحقيقة ما حدث لخاشقجي، عُثِرَ على الصحافية البلغارية ومذيعة التلفزيون فيكتوريا مارينوفا ميتةً، بعد تعرضها للضرب المبرح والخنق.

ليس من قبيل المصادفة أن تتنامى المخاطر التي تواجهها هذه المهنة، جزئياً بسبب البيئة التي أنشأها السياسيون الشعبويون، المتساهلة مع اعتبار الصحافيين كبش فداء، بل والمُشجِّعة على ذلك. يجب أن يضاعف أنصار الصحافة الحرة الجهود لوقف هذه المهزلة.

يعيش خاشقجي منذ العام الماضي في منفى اختياري في واشنطن، ولديه العديد من الحلفاء سواء في الإدارات الأميركية السابقة أو الحالية، لذا ينبغي لاختفائه المشؤوم أن يدعو دونالد ترمب للتفكير فيما حدث، خصوصاً كونه زعيماً بين رؤساء الدول الذين يستهدفون الصحافيين بانتظام "باعتبارهم أعداءً للشعب". كان ترمب أيضاً أقوى مؤيد على الساحة الدولية لوليّ العهد السعودي.

غالباً ما شجعت المحاولات المستمرة لإرضاء محمد بن سلمان، كما يفعل ترمب، على تكثيف حملة القمع داخل المملكة ضد الصحافيين والمدونين وحتى العديد من أفراد عائلته المالكة.

ويبدو أنَّ عدم تسامح وليّ العهد مع الانتقادات الموجهة له في تزايدٍ مستمر، فبعدما طالبت كندا مؤخراً بإطلاق سراح الناشطات المدافعات عن حقوق المرأة، ردت الرياض بقطع العلاقات الدبلوماسية معها.

إذا كان خاشقجي قد قُتِلَ بالفعل، سيُظهِر ذلك مدى استعداد قاتليه لازدراء القانون الدولي، مما يثير القلق بشدة.

وبينما تظل الوقائع الكاملة للقضية مجهولة، يجب أن يقع عبء تفسير ما حدث على الرياض. وفي غياب مثل هذا التفسير، لا بد أن يكون الاستنتاج هو أنَّ  محمد بن سلمان يرى أنَّه قادر على ارتكاب ما يتراءى له مع ضمان الإفلات من العقاب؛ لذا يجب بذل جهد دولي منسق لإثبات العكس.

تحميل المزيد