«العميل».. مصر ترد بنسختها الخاصة على «ملاك» إسرائيل.. السلطات قررت إظهار حقيقة أشرف مروان عبر فيلم سينمائي

عربي بوست
تم النشر: 2018/10/05 الساعة 06:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/05 الساعة 07:13 بتوقيت غرينتش
جهاز الرقابة بمصر يجيز المعالجة السينمائي لفيلم "العميل"، الذي يدحض الرواية الإسرائيلية حول أشرف مروان بفيلم "الملاك".

انتقل السجال الاستخباراتي بين مصر وإسرائيل حول أشرف مروان إلى ساحة السينما ب فيلم الملاك الذي تبنى الرواية الإسرائيلية، و فيلم العميل الذي يستعد لدحض تلك الرواية.

وأشرف مروان (1944-2007) سياسي مصري بارز، وصهر الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، ومستشار مقرّب من الرئيس الراحل أنور السادات.

ولعب مروان دوراً مخابراتياً تقول القاهرة إنه كان لصالحها، بينما تتبنى تل أبيب رواية معاكسة بعمالة مروان لها.

ومؤخراً وافق جهاز الرقابة على المصنفات الفنية (حكومي) على المعالجة السينمائية لـ فيلم العميل بعد عامين من تلقي السيناريو.

وجاءت الموافقة بعد أيام من عرض فيلم باسم "الملاك" عبر شبكة الترفيه العالمية "نتفليكس".

ويتبنى الفيلم الرواية الإسرائيلية فيما يتعلق بعمالة مروان لتل أبيب، والمأخوذ عن رواية تحمل الاسم نفسه للكاتب الإسرائيلي يوري بار جوزيف عام 2016.

ولا يزال مصرع مروان لغزاً محيراً، إذ عُثر على جثته خارج منزله في لندن (يونيو/حزيران 2007)، وتواترت روايات بشأن سقوطه من شرفة المنزل بالطابق الخامس (لم يتحقق من ثبوت صحتها).

غير أن نهايته الدرامية لم تحسم الصراع الدائر بين الروايتين المصرية والإسرائيلية، بل زادتهما غموضاً.

وكانت رواية "الملاك" من أكثر الروايات مبيعاً في العالم، قبل أن تترجم للعربية بعنوان "الملاك.. الجاسوس المصري الذي أنقذ إسرائيل".

ولسنوات تضع السيرة الذاتية لـ"مروان" السلطات المصرية وأذرعها الاستخباراتية في مأزق وتفتح جرحاً غائراً، لاسيما أنه شغل منصب مستشار الرئيس الراحل أنور السادات (1970-1981) الذي قاد جيش بلاده للحرب مع إسرائيل أكتوبر/تشرين أول 1973.

ورغم الجدل الصاخب حوله، حضر الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك (1981-2011) جنازته برفقة رئيس المخابرات العامة الأسبق عمر سليمان.

وقال مبارك آنذاك عنه: "مروان كان وطنياً مخلصاً، وقام بالعديد من الأعمال الوطنية لم يحن الوقت للكشف عنها".

وترك الغموض الذي اكتنف رحيل مروان السؤال دون إجابة هل كان انتحاراً أم اغتيالاً؟

كما حظي مروان بقدر من الاهتمام العالمي، ربما لم يحظ به أي من العملاء لأجهزة الاستخبارات في العالم، وصاحبه طوال حياته وامتد أثره بعد وفاته بأكثر من 10 سنوات.

ومع انطفاء الأنوار داخل قاعات دور العرض السينمائية وبدء الفيلم، يعود اسم أشرف مروان مجدداً ليمثل كوداً مميزاً للتفاعل الواقعي والافتراضي على السواء بمصر والعالم.

ووفق ما يراه سجالاً سياسياً غير مبرر، قال سمير غطاس، النائب البرلماني المصري والخبير البارز في الشؤون الإسرائيلية، للأناضول: "مؤسف جداً أن يتم استدراج القاهرة في هذا عقب عرض النسخة الإسرائيلية من فيلم أشرف مروان".

وأشار غطاس إلى اهتمام مصر في ثمانينيات القرن الماضي بعرض أعمال درامية عن ملفات المخابرات المصرية، أبرزها مسلسلات "رأفت الهجان"، و"دموع في عيون وقحة"، و"الحفار"، في المقابل لم تكترث تل أبيب.

ورأى غطاس أن "قيام المخابرات الإسرائيلية بصناعة فيلم عن أشرف مروان يعكس إفلاسها ورغبتها في التنقيب عن الملفات القديمة".

ويستشهد في هذا الصدد بأن العلاقات بين القاهرة وتل أبيب حالياً "تعد جيدة إلى حد كبير".  وتابع قائلاً: "مصر لا يجب أن تهتم أو تتورّط في هذا السجال الاستخباراتي، خاصة أن الواقع السياسي لا يعكس ذلك".

وأشار إلى وجود "تنسيق ولقاءات عديدة بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، آخرها بالأمم المتحدة في نيويورك".

وقالت تقارير تميل للرواية الإسرائيلية إن إبلاغ مروان تل أبيب بموعد حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 ساهم في تعبئة طارئة للجيش الإسرائيلي سمحت له بالاستعداد نوعاً للمواجهة.

وجسّد دور مروان في فيلم "الملاك" الممثل الهولندي من أصل تونسي مروان كنزاري، ولعبت ميساء عبدالهادي، وهي من عرب إسرائيل، دور زوجته منى ابنة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر (1956-1970)، ومن إخراج الإسرائيلي أرييل فرومن.

وعلى الصعيد الفني، توقعت الناقدة السينمائية المصرية ماجدة موريس أن "يتلافى الفيلم المصري عيوب المعالجة السينمائية للفيلم الإسرائيلي التي اتسمت بسطحية وعدم تعمق".

وقالت ماجدة للأناضول إن "الفيلم الإسرائيلي لم يُجِب على عدة جوانب غامضة في حياة أشرف مروان، كما تحدث الممثلون (لهجة) مستغربة ليست عربية أو إسرائيلية".

وأشارت إلى أن الفرصة لا تزال سانحة أمام الفيلم المصري ليكون أكثر عمقاً في المعالجة الفنية وصدقاً في الحوار وقوة في التمثيل والإخراج.

وأعربت ماجدة موريس عن تطلعها إلى عودة الأعمال السينمائية القائمة على قصص البطولات العسكرية، بعد أن غابت عن السينما المصرية أكثر من عقد.

وتابعت قائلة إن "الظرف السياسي الذي تمر به البلاد يتطلب المزيد من الأعمال السينمائية التي تعتمد على قصص البطولات العسكرية والجاسوسية".

والفيلم المصري لسيرة أشرف مروان، الذي أجازه الجهاز الرقابي الحكومي، تأليف الإعلامي والسيناريست هاني سامي، ولم يعلن حتى الآن عن مخرج العمل أو فريق التمثيل.

ورغم العلاقة النقيضية في المعالجة الفنية لفيلمي مروان بنسختيه المصرية والإسرائيلية، لكن الاتهام لهما يظل واحداً بـ"تزييف التاريخ" لصالح كل من القاهرة وتل أبيب، في واقعة فنية نادرة.

علامات:
تحميل المزيد