مصر تُهدي إسرائيل فرصة العمر لتصبح مصدراً هاماً للغاز في الشرق الأوسط؟ فماذا ستستفيد القاهرة من ذلك؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/10/04 الساعة 15:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/04 الساعة 15:11 بتوقيت غرينتش
عبدالفتاح السيسي وبنيامين نتنياهو في لقاء على هامش إجتماع الأمم المتحدة/ رويترز

بحلول العام المقبل (2019)، ستصبح إسرائيل طرفاً مؤثراً إقليمياً رئيسياً في أسواق الغاز الطبيعي؛ بل وربما ستصدّر الغاز الطبيعي إلى أوروبا بعد أعوام قليلة.

إذ سيشهد العام القادم (2019) انتهاء شركة Israel Natural Gas Line الإسرائيلية الحكومية من إنشاء خط أنابيب إلى الأردن، وسيشهد تصدير أول دفعة من الغاز الإسرائيلي إلى مصر، عبر خطوط أنابيب شركة غاز شرق المتوسط المصرية. وستنتهي تلك الأيام التي كانت فيها إسرائيل إحدى أسواق الطاقة المعزولة، بحسب تقرير لصحيفة Haaretz الإسرائيلية.

وفي غضون ذلك، أخبر مصدر في وزارة الطاقة الإسرائيلية صحيفة The Marker الإسرائيلية، بأن هناك محادثات يُتوقع أن تؤتي ثمارها مع نهاية العام الجاري (2018)، بتوقيع اتفاقية تتعلَّق بإنشاء خط أنابيب يمتد من إسرائيل إلى قبرص ثم إلى اليونان وإيطاليا.

الهدف الأساسي من المشروع

وبحسب الصحيفة الإسرائيلية، يهدف مشروع EastMed Pipeline Project أو "خط أنابيب إيست ميد"، المُتوقَّع أن يمتد بطول 2100 كيلومتر -وهو مشروع طموح سوف يكلف مبلغاً يُقدَّر بأكثر من 7 مليارات دولار، وسوف ينطوي على تحديات تقنية هائلة- إلى تصدير الغاز الإسرائيلي والقبرصي إلى أوروبا؛ إذ إنَّ خطوط الأنابيب الموجودة في أعماق البحر ستكون قادرة على  نقل 20 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً.

وفي الوقت ذاته، اتخذ الجانب المصري، ضمن هذه الشبكة الإقليمية الصاعدة، خطوةً رئيسيةً الأسبوع الماضي، عندما وقَّعت 3 شركات -وهي شركة نوبل إنيرجي الأميركية، وديليك دريلينغ الإسرائيلية، وشركة غاز شرق المتوسط المصرية- اتفاقيةً للحصول على حصةٍ قدرها 39% من الخطوط المتوقفة لشركة غاز شرق المتوسط مقابل 518 مليون دولار.

تخطط الشركات الثلاث الآن لاستخدام خطوط الأنابيب، التي صُمِّمَت بالأساس لتصدير الغاز المصري إلى إسرائيل، ولكن هذه المرة لتصدير الغاز الإسرائيلي من حقلي "ليفياثان" و"تمار" إلى مصر.

فقد وقَّعت على اتفاقية تستمر 10 أعوام وتتكلَّف 15 مليار دولار، وتقضي ببيع الغاز إلى شركة دولفينوس القابضة، لتلبية احتياجات كبار مستخدمي الغاز الطبيعي في مصر، كالمصانع على سبيل المثال. ويأمل شركاء حقلي غاز "ليفياثان" و"تمار" في المستقبل أن ينجحوا في الحصول على عقود جديدة، على سبيل المثال عن طريق الشركات الأجنبية التي تدير الآن مصانع إسالة غاز طبيعي متوقفة في مصر، ليصبح من الممكن إعادة تصديره بعد ذلك إلى أوروبا.

قال أميت مور، المدير التنفيذي في شركة إيكو إنيرجي، وهي شركة استشارية في مجال الطاقة: "إنه اتفاق ذكي سوف يستحدث بالفعل قناة تصدير مباشرة من تمار وليفياثان إلى مصر خلال الأشهر المقبلة".

لا تزال القضيتان قائمتين برغم ذلك

تكمن القضية الأولى في تساؤل عما إذا كانت خطوط أنابيب غاز شرق المتوسط سوف تتعرض للنوع نفسه من الهجمات التي أدت إلى تكرار تعطيل تصدير الغاز إلى إسرائيل، قبل أن تلغي القاهرة اتفاقية التصدير كلها في عام 2012. يمر جزءٌ من خط الأنابيب بشمال سيناء، حيث تخوض قوات الأمن المصرية معركةً ضد جماعات تنتمي إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

ورداً على ذلك، أشار مور إلى أن خطوط الأنابيب سوف تتمتَّع بحماية القوات المصرية أكثر من ذي قبل، عندما كانت البلاد في مواجهة الاضطرابات التي تسبَّبت فيها ثورات الربيع العربي. وقال إنه بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون من السهل نسبياً تنفيذ الإصلاحات بسرعة، في حال تعرضت هذه الخطوط لأي هجوم.

فيما تتعلَّق المسألة الأخرى بمدى التزام مصر بشراء الغاز المستورد من إسرائيل. فقد قالت الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) إن البلاد ليست بحاجةٍ إلى استيراد الغاز الإسرائيلي، ولا سيما بعد اكتشاف احتياطيات هائلة من الغاز الطبيعي بحقل ظهر البحري، الذي بدأ في إنتاج الغاز بوقت سابق من هذا العام (2018).

بيد أن مصر لمحت أيضاً إلى أنها تريد أن تصير مركزاً إقليمياً للطاقة. وربما لا يعني ذلك استيراد الغاز الإسرائيلي لإعادة تصديره عبر مصانع إسالة الغاز الطبيعي وحسب؛ بل سيعني أيضاً استيراد الغاز من قبرص. وقَّعَت مصر وقبرص على اتفاقية في 20 سبتمبر/أيلول 2018، لتمهيد الطريق أمام إنشاء خط أنابيب تحت الماء، لينقل الغاز الطبيعي من قبرص إلى مصر بهدف إعادة تصديره.

قال تشين هيرتسوغ، كبير خبراء الاقتصاد في شركة BDO الاستشارية بإسرائيل، وهو أيضاً خبيرٌ في مجال تصدير الطاقة: "الحقيقة التي تفيد بأن شركتي (ديليك) و(نوبل) على استعداد للاستثمار بهذا المبلغ الضخم في اتفاقية شركة غاز شرق المتوسط، تشير إلى أن اتفاق تصدير الغاز إلى مصر سوف يحدث".

ماذا ستستفيد إسرائيل من المشروع؟

ويرى الإسرائيليون العاديون أن الشاغل الأكبر يتعلَّق بتأثير تصدير الغاز على أسواقه المحلية، في حين يواجه شركاء حقلي "تمار" و"ليفياثان" إشكالية؛ نظراً إلى أن شركة الكهرباء الإسرائيلية الحكومية -وهي أكبر عملائهم- تدفع نحو 6 دولارات للمليون وحدة حرارية بريطانية من الغاز.

يقول خبراء الطاقة إنهم يعتقدون أن التأثير سيكون إيجابياً؛ لأن إسرائيل لا يمكنها من جانب أن تجعل شركات الطاقة الإسرائيلية تبيع الغاز الطبيعي بأسعارٍ باهظة غير تنافسية، ولكن على جانبٍ آخر لا يمكنها أن تسمح ببيع الغاز إلى المستهلكين الأجانب بأسعارٍ أقل من المستهلكين المحليين. قال خبير طلب عدم ذكر اسمه: "لن تكون (ديليك) قادرةً على بيع الغاز إلى مصر بأسعارٍ رخيصة، وبيعه في إسرائيل بأسعارٍ باهظة".

وقد قالوا إن شركة الكهرباء الإسرائيلية يُرجَّح أنها ستفتح باب التفاوض على بنود جديدة في عقودها قبل الوصول إلى الموعد المقرر لذلك في 2021. يمكن أن يصل السعر المعياري إلى 4 دولارات للمليون وحدة حرارية بريطانية، وهو السعر الذي تبيع به شركة Energean -وهي شركةٌ يونانية تُطوِّر حقلي غاز أصغر، وهما حقلا كاريش وتنين الإسرائيليان- إنتاجها من الغاز الطبيعي الإسرائيلي.

يمكن أن يتضمَّن أحد الخيارات، لخلق مزيد من التنافسية في الأسواق الإسرائيلية، إعادة اتفاقية تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل عبر خطوط غاز شرق المتوسط، أو ربما عبر خط الغاز العربي الذي يربط بين مصر والأردن، وهو خيارٌ أقل رجحاناً.

ويمكن أن ينطوي الخيار الثاني على مسارٍ أطول وذي تكلفة أعلى، غير أن مور قال إنه إذا أرادت الحكومتان المصرية والإسرائيلية استخدام خط أنابيب غاز شرق المتوسط لتصدير الغاز المصري إلى إسرائيل، فلن يكون أمام المالكين خيارٌ آخر إلا الموافقة.

وفيما يتعلَّق بمشروع "إيست ميد"، لا تزال المحادثات جارية هذا الأسبوع في إسرائيل بين مسؤولي وزارات الطاقة للبلاد المرتبطة بالمشروع، بالإضافة إلى مسؤولي الاتحاد الأوروبي. وسوف تستمر هذه المحادثات في أوروبا.

وقال مصدر وزارة الطاقة الإسرائيلية، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن المحادثات كانت متوقفة على اللمسات القانونية الأخيرة. ويأتي ضمن المسائل العالقة مطلبٌ إسرائيليٌ يفيد بأنه إذا أراد لبنان -الذي تخوض المراحل الأولى من استكشاف الغاز قبالة سواحله- الانضمام إلى خطوط الأنابيب، يجب أن توافق إسرائيل أولاً على ذلك.

علامات:
تحميل المزيد