ترمب الذي ينظر بازدراء للقارة السمراء يُرسل زوجته في جولة إفريقية.. فهل تنجح ميلانيا في إصلاح ما أفسده؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/10/03 الساعة 14:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/03 الساعة 14:32 بتوقيت غرينتش
U.S. first lady Melania Trump greets a child during her visit Cape Coast castle

ذهب العديد من الرؤساء الأميركيين في زياراتٍ رسمية إلى الدول الإفريقية. فقد زار باراك أوباما مصر وغانا خلال عامه الأول في الرئاسة، وخرج فيما بعد  في رحلتين أطول إلى القارة. وسافر سلفه جورج بوش الابن في رحلتين كبريين إلى إفريقيا. وفي حين أنَّ الرئيس دونالد  ترمب لم يفعل مثلهما بعد، فإنَّ زوجة الرئيس ترمب ميلانيا ترمب تزور إفريقيا هذا الأسبوع، في جولة خاصة تشمل أربع دول .

تُعدّ هذه الزيارة الرحلة الدولية الأولى التي تقوم بها زوجة الرئيس ترمب ميلانيا ترمب بمفردها، بصفتها السيدة الأولى، وأفادت التقارير بأنَّها خطَّطت لتلك الرحلة بنفسها، وقالت ستيفاني غريشام، مديرة الاتصالات الخاصة بها، لصحيفة Washington Post الأميركية: "إنَّها حريصة على اكتساب المعرفة عن كل بلد تزوره، والتاريخ والثقافة والتحديات والنجاحات".

ميلانيا ترمب تزور إفريقيا وسط استقبال فاتر

ذهابها في تلك الرحلة يشير إلى أن ميلانيا ترمب تسير على خطى زوجات الرؤساء السابقين، اللواتي ذهبن في رحلاتٍ مماثلة، لكنها تحمل إلى حدٍّ كبير عبء تصرفات زوجها، ومن بينها تعليقاته السخيفة وسياسته غير واضحة المعالم.

وصلت ميلانيا ترمب إلى غانا، صباح يوم الثلاثاء 2 أكتوبر/تشرين الأول، وذهبت في جولة داخل مستشفى في العاصمة أكرا، حيثُ قابلت الأمهات والمواليد الجدد.

وستواصل زوجة الرئيس ترمب رحلتها خلال الأيام المقبلة بزيارة مالاوي وكينيا ومصر، قبل أن تعود إلى واشنطن في 7 أكتوبر/تشرين الأول.

كانت الرحلة هادئةً نسبياً حتى الآن، حيثُ لم تحظَ ميلانيا ترمب باهتمامٍ كبير من السكان المحليين.

وقال ماكس بيراك من صحيفة Washington Post في تغريدةٍ له عبر تويتر، تعليقاً على صورةٍ نشرتها جينيفر جاكوب مراسلة موقع بلومبيرغ: "مع احترامي للمراسلة، لقد التقطت عن غير قصد صورة للمزاج العام السائد حول زيارة السيدة الأولى لإفريقيا.

ما تعتبره هي صورةً تعبر عن الاستقبال الفاتر للسيدة الأولى هو في الواقع مجرد صورة لأناس ينتظرون الحافلة. فالناس لا يعرفون حتى أنَّ ميلانيا ترمب تزور إفريقيا ، وهو أمر جيد؛ لأنَّ زيارتها ليست مهمةً بأي شكل".

ما يجعل مهمة زوجة الرئيس ترمب تقديم صورة إيجابية لإفريقيا عنه

لكن بافتراض أنَّها لم تسئ اختيار الملابس التي ترتديها في تلك الرحلة (وهي مشكلة حقيقية بعد أن ارتدت سترة كُتب عليها "لا أُبالي على الإطلاق، هل تفعل؟" خلال زيارتها في يونيو/حزيران، لملجأ للأطفال المهاجرين في تكساس)، فقد تكون ميلانيا قادرةً على تقديم صورة إيجابية للقارة عن إدارة الرئيس ترمب.

وهو شيء لم يفعله زوجها كثيراً حتى الآن. فعلى الرغم من أنَّه أعلن دعمه لرئيس مصر القوي عبدالفتاح السيسي، ورحَّب بقادة نيجيريا وكينيا في البيت الأبيض، بدا ترمب منذ فترة طويلة غير مبالٍ بأغلبية بلدان وقضايا إفريقيا. فقد تأجل تعيين الدبلوماسيين الرئيسيين المعنيين بالتعامل مع شؤون إفريقيا، وظهرت تشاد، وهي إحدى شركاء أميركا في مكافحة الإرهاب، بشكلٍ لا يمكن تبريره على إحدى قوائم حظر السفر المثيرة للجدل التي أصدرتها إدارة ترمب تباعاً (تم حذفها فيما بعد).

فالرئيس الأميركي اعتاد على إثارة الذعر تجاه إفريقيا

وتوحي بعض التعليقات المنسوبة إلى الرئيس دونالد ترمب بازدرائه القارة الإفريقية. فحتى قبل أن يصبح رئيساً، اعتاد نشر المعلومات المضللة وإثارة الذعر  تجاه إفريقيا. وادَّعى مراراً أنَّ أوباما وُلِد في كينيا، حتى بعد فترة طويلة من دحض هذه الفكرة، ودفع بأنَّه على الولايات المتحدة إلغاء جميع الرحلات الجوية القادمة من غرب إفريقيا، أثناء تفشي فيروس الإيبولا عام 2014.

وبعد توليه منصب الرئاسة، وصف ترمب أيضاً عدداً من الدول الإفريقية، إلى جانب هايتي والسلفادور، بـ "مستنقعات قذرة" لا ترغب الولايات المتحدة في استقبال مهاجرين منها، وفقاً لما ذكرته صحيفة Washington Post. وقد نفى الرئيس دونالد ترمب استخدام هذا المصطلح، لكنَّ تعليقاته العلنية ما زالت تصور القارة بأكملها على أنَّها مكانٌ بغيض.

وقال في يوليو/تموز أثناء اجتماع حلف شمال الأطلسي (الناتو) في بروكسل: "إذا رأيتم بعضاً من المعلومات التي تصلني من المخابرات عمَّا يحدث في إفريقيا، إنَّه أمر محزن للغاية، فهي مليئة بالعنف والوحشية". وفي الوقت نفسه، جاءت المرة الأولى التي يغرِّد فيها ترمب بكلمة "إفريقيا" على تويتر، بعد تولّيه الرئاسة بعد أن بثت قناة فوكس نيوز مقطعاً صادماً عن القمع المزعوم الذي يتعرَّض له المزارعون البيض في جنوب إفريقيا.

لكن هناك مَن يعتبرها زيارة لمحاولة تشتيت الانتباه عن مشاكل الرئيس دونالد ترمب

ويعتقد البعض أنَّ ميلانيا ترمب تزور إفريقيا بمثابة محاولة عبثية لتشتيت الانتباه عن مشاكل زوجها الأخرى.

وقالت كيت أندرسن بروير، مؤلفة كتاب عن زوجات الرؤساء، لصحيفة New York Times الأميركية: "البيت الأبيض بقيادة ترمب في حاجة ماسة لقصة أخرى". وسخرت لورا ساي، أستاذة العلوم السياسية في كلية كولبي، من السيدة الأولى في يومها الأول في إفريقيا، إذ أشارت إلى أنَّها تبدو وكأنَّ ميلانيا ترمب تزور إفريقيا ولديها قائمة بصورٍ نموذجية تريد التقاطها في إفريقيا.

لكن قد ينتهي الأمر بالسيدة الأولى ميلانيا ترمب بتسليط الضوء على سياسات إدارة ترمب في إفريقيا، وإن لم يكن ذلك بالضرورة في مصلحتها.

على سبيل المثال، من المتوقع أن تأخذ ميلانيا جولةً في محمية للفيلة وحيوانات وحيد القرن، وهو مكان يتعارض مع قرار إدارة ترمب بتخفيف اللوائح المتعلقة بالصيد الترفيهي. ويرافقها في جولتها مارك غرين، رئيس الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي سعت إدارة ترمب إلى خفض تمويلها بما يصل إلى 30%، أو حتى إلى التخلص منها بالكامل.

وإذا نجحت زيارتها، فهل يستمر الرئيس في إرسال ميلانيا ترمب إلى إفريقيا؟

تحتل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية محور أحد النقاشات الدائرة داخل إدارة الرئيس دونالد ترمب حول ما إذا كان ينبغي على الولايات المتحدة تقديم مساعداتٍ أجنبية للبلدان التي يُزعَم "أنَّها لا تدين بالولاء".

وقد أفاد مؤخراً كلٌّ من جون هدسون وجوش داوسي من صحيفة Washington Post أنَّ من بين الاقتراحات خفض المساعدات للدول التي تربطها علاقات اقتصادية قوية بالصين. ومن المرجح أن يشمل هذا الإجراء العديد من الدول في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حيثُ زادت الصين بشكلٍ كبير من حجم استثماراتها في السنوات الأخيرة.

على الرغم من كل هذا، فقد قال بعض المراقبين إنَّ سياسة الرئيس دونالد ترمب في إفريقيا هي في النهاية استمرار لسياسة الرؤساء السابقين.

وكتب في وقتٍ سابق من هذا العام هرمان كوهين، مساعد وزيرة الخارجية للشؤون الإفريقية في عهد الرئيس جورج بوش الابن: "إدارة ترمب تتبع سياسة الولايات المتحدة التاريخية المدعومة من الحزبين تجاه إفريقيا، التي تركز على التنمية الاقتصادية والحد من خطورة سياسات القوى الكبيرة".

لكن يبدو أنَّ سياسة الرئيس دونالد ترمب الفعلية في إفريقيا لم تظهر بشكلٍ كامل بعد. وفي الوقت الحالي، بدلاً من الذهاب في رحلة بنفسه إلى هناك لتعزيز سياسته، فإنَّ تاريخ الرئيس يشير إلى أنَّه قد يفضل الاستمرار في إرسال زوجة الرئيس ترمب بدلاً من ذلك.

تحميل المزيد