تزداد الضغوط على "حركة رجال الكرامة" التي تملك الكلمة الفصل في مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية، إثر إعدام تنظيم "الدولة الإسلامية داعش" رهينة جديدة، وذلك بعد يوم واحد من إعلان الحركة عن إطلاق سراح العشرات من أهالي عناصر التنظيم.
ورجح ناشطون من المدينة أن النظام يقف وراء تلك العملية بهدف التقليل من أهمية "شيوخ العقل"، وهم من يقود "حركة رجال الكرامة"، والذين شكلوا نوعاً من الحكم الذاتي للمدينة، حيث وقفوا بوجه النظام السوري ورفضوا إرسال أبناء السويداء للالتحاق بصفوف الجيش السوري منذ عام 2014، وشكلوا مجموعات مسلحة لحماية المدينة.
هزة جديدة لشيوخ الحركة
وأوردت شبكة "السويداء 24" أن تنظيم "الدولة الإسلامية" أعدم إحدى المختطفات، أمس الثلاثاء، مهدداً بإعدام أخريات.
والضحية الجديدة تدعى "ثروت فاضل أبو عمار" وتبلغ من العمر 25 عاماً، وتنحدر من قرية "الشبكي" بريف السويداء، وكان قد قتل والداها خلال هجوم عناصر التنظيم على المنطقة نهاية شهر يوليو/تموز الماضي.
وقال مصدر محلي في السويداء مواكب لعملية التفاوض لوكالة الصحافة الفرنسية إن "أقارب الشابة ثروت أبو عمار (25 عاماً) تبلغوا ليوم نبأ اعدامها على يد تنظيم داعش، الذي أرسل صورة لها مضرجة بدمائها إلى أحد المفاوضين". وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان إعدام التنظيم للشابة "بإطلاق النار على رأسها".
داعش يعدم مختطفة بعمر 25 عام من #السويداء !!
أكد مصدر من قرية الشبكي للسويداء 24، أن السيدة التي أعدمها تنظيم داعش الإرهابي اسمها "ثروت فاضل أبو عمار" وتبلغ من العمر 25 عام.
وأوضح المصدر أن "ثروت" اختطفها التنظيم في تاريخ 25-7-2018 أثناء هجومه على قرية "الشبكي" شرق #السويداء pic.twitter.com/YbYG8b3llB
— السويداء 24 (@suwayda24) October 2, 2018
وجاء هذا الإعلان صادماً لأبناء السويداء، حيث إنه جاء بعد يوم واحد من الإفراج عن العشرات من ذوي عناصر التنظيم المتشدد، في بادرة كانت تُنذر بعكس ما حصل.
خالد من السويداء أكد أن الأهالي لا يزالون تحت وقع الصدمة، بعدما كانوا ينتظرون خبراً ساراً حول الإفراج عن كافة المختطفين، ولفت إلى أن أهالي المخطوفين لم يعد لديهم ثقة بلجنة التفاوض المسؤولة عن المحادثات الجارية مع التنظيم حول مصير المخطوفين.
محاولة جديدة من النظام لكسب تأييد أهالي المدينة
اعتبر مالك أبو الخير وهو صحافي سوري من المدينة، أن ما حصل "هو سكين غدر بحق الشيخ الحجار (أبو حسن يحيى الحجار) قائد رجال الكرامة"، ولفت إلى أن ما يحصل هو "حركة مدروسة" من النظام بهدف "إضعاف دور مشايخ الكرامة أمام أهل الجبل".
وكشف أن الحجار أطلق سراح أقارب التنظيم يوم الإثنين بعد اتصالات جرت بينه وبين وزير المصالحة السوري علي حيدر، التي أكد فيها الأخير للحجار أن إطلاق سراح المخطوفات من أبناء المدينة مرتبط بإطلاق سراح ذوي العناصر المتشددة، وأضاف أبو الخير أن شيوخ الكرامة حصلوا على تعهدات روسية أيضاً، إلا أن ما حصل عكس كل التوقعات، و"وضع مشايخ الكرامة بموقف الضعيف أمام أهل الجبل أو المتخاذل".
التنظيم يرفض التفاوض إلا مع النظام السوري
وأشار أبو الخير إلى أن النائب اللبناني تيمور جنبلاط حاول التفاوض مع قادة التنظيم، ولكنهم رفضوا، وكان ردهم بالحرف "علاقتنا ليست معكم وطلباتنا عند النظام حصراً وأنتم لن تفيدونا بشيء، وعلاقتكم مع النظام لا تسمح بنقل طلباتنا"، وأوضح أيضاً أن النائب اللبناني عرض مبالغ مالية ضخمة على التنظيم، لكن الطلب قوبل بالرفض أيضاً.
وتمكنت العناصر المسلحة الدرزية المنضوية تحت لواء رجال الكرامة ، من إلقاء القبض على أقارب العناصر الجهادية المتشددة، وهم من الذين شاركوا بالهجوم على السويداء، وأكد أبو الخير أنهم صرحوا "عن معلومات خطيرة عن علاقتهم بالنظام والإيرانيين".
رجال الكرامة يكثفون اتصالاتهم من أجل الإفراج عن المخطوفين
وعلى خلاف ذلك أوضح أحد المسؤولين عن المفاوضات من الطائفة الدرزية، أن الشيخ الحجار أجرى العديد من الاتصالات منذ مساء أمس، من أجل حل قضية المخطوفين والإفراج عنهم، وقال المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن هويته إلى حين انتهاء المفاوضات لـ "عربي بوست"، إن "شيوخ الحركة يعملون ما بوسعهم لحل القضية، وقد يحدث تطور في الملف مساء اليوم أو غداً صباحاً".
متى بدأت القصة؟
القصة كانت قد بدأت في السويداء في 25 يوليو/تموز الماضي، حيث وقعت ثلاثة تفجيرات هي الأعنف في تاريخ المدينة، نفذها انتحاريون من تنظيم الدولة الإسلامية بأحزمة ناسفة، مما أوقع مئات القتلى والجرحى، ترافقت مع هجوم عسكري قاده عناصر التنظيم المتشدد على القرى المجاورة، وخطف وقتها 30 شخصاً من قرية "الشبكي" بينهم نساء وأطفال، ليقوم بعدها بإعدام شاب درزي عمره 19 عاماً من بين الرهائن.
وسبق الهجوم إصدار "حركة رجال الكرامة" بياناً عقب اجتماع جرى بينها وبين مسؤولين روس ومن النظام، قالت فيه إن "أي اعتداء على أي شاب من شباب الجبل هو إعلان للحرب التي كنا وما زلنا أهلاً لها".
هذا الإعلان فتح باباً من الشكوك حول المفاوضات التي دارت بين الطرفين، وخاصة أن رجال الطائفة الدرزية يرفضون إرسال أبنائهم للالتحاق بالجيش السوري، كما يعملون على إدارة المدينة بأنفسهم، وهو الأمر الذي يحاول النظام وقفه وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه في السابق، بعد تقدمه عسكرياً واسترداده مناطق واسعة من المعارضة المسلحة.
وكانت حركة رجال الكرامة قد تأسست في عام 2012 على يد الشيخ أبو فهد وحيد البلعوس، ومهمتها الأساسية حماية السكان الدروز في السويداء من أي هجوم أو جهة، وتقف موقف الحياد في الأزمة السورية، فهي لا تصنف نفسها على أنها معارضة ولا مؤيدة.
وتخضع الحركة لقيادتين من المراجع الدينية هما الشيخ أبوعدنان ركان الأطرش، والشيخ أبوحسن يحيى الحجار، وهما يجمعان ما بين الشؤون الدينية والعسكرية للحركة.