لا أحد من اللاعبين الرئيسيين سيتخلى عن مناطق نفوذه في المستقبل القريب.. سوريا أصبحت مقسّمة إلى 3 مناطق نفوذ

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/29 الساعة 11:03 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/29 الساعة 13:59 بتوقيت غرينتش
مدينة إدلب السورية/ رويترز

كشف مسؤول أميركي موقف واشنطن من سوريا حيث أكد مستشار الرئيس الأميركي جون بولتون، في تصريحاته أن واشنطن لن تنسحب من سوريا إلا في حال عمدت إيران إلى إخراج جميع قواتها من هذا البلد. فهل من الممكن أن يغادر الأميركيون سوريا يوماً ما؟

وقال بولتون على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك: "لن نسحب قواتنا من سوريا حتى تغادر القوات الإيرانية هذا البلد. وهنا، نحن نتحدث عن كافة التشكيلات العسكرية الإيرانية بما في ذلك الميليشيات المختلفة الموالية لها"، وفق تقرير لصحيفة Gazeta.ru الروسية.

ويتمركز الآن في الجزء الشمالي الشرقي لسوريا حوالي 2200 جندي وضابط أميركي. وتزعم واشنطن أن انتشار قواتها كان بهدف محاربة تنظيم الدولة.

رغم تصريح بولتون حول إيران فإن البنتاغون يخالفه في تقييم دور طهران

في الوقت الذي يؤكد فيه جون بولتون، إلى جانب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أن إيران تعتبر تهديداً استراتيجياً كبيراً للمنطقة، شدد بعض كبار المسؤولين العسكريين الأميركيين على أن إيران، وفي خضم هذه المرحلة الحاسمة من النزاع المسلح السوري، لا تمثل محور اهتمام البنتاغون.

من جانبه، قال وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس في عدة مناسبات إن تصريحات بولتون لا تحيل إلى أي تغييرات في سياسة الولايات المتحدة بالشرق الأوسط.

كما أكد ماتيس أن البنتاغون يعمل في هذه المنطقة باتفاق مع إدارة البيت الأبيض، ولا توجد أي خلافات كبيرة فيما يتعلق بتقييم دور القوات المسلحة الأميركية في سوريا بين السياسيين والجيش.

من جانبه، أقر ماتيس بأنه "في أي مكان تقريباً في منطقة الشرق الأوسط، حيث توجد حالات فوضى وعدم استقرار، ستجد أثراً للتدخل الإيراني دون أي شك".

ومن وجهة نظره، أوضح ماتيس أنه من أجل التوصّل إلى حل منطقي من خلال عملية مفاوضات جنيف، يجب أن تتوقف إيران عن "تأجيج المشاكل".

وأضاف ماتيس أنه "في الوقت الحالي تتحرك قواتنا في سوريا وفقاً لقرار الأمم المتحدة، وهي مخصصة لغرض واحد فقط وهو هزيمة تنظيم الدولة".

واشنطن حاولت مع روسيا لإجبار إيران على الخروج من سوريا

ووفقاً لـمحرري المجلة الأميركية Defense News، سعت إدارة ترامب إلى التعاون مع روسيا لإجبار إيران على مغادرة سوريا من خلال اتخاذ إجراءات مُشتركة. لكن حتى الآن لم تنجح هذه الجهود في تحقيق النتائج المرجوة. وبعد سقوط طائرة الاستطلاع الروسية إيل-2، من قبل القوات الإسرائيلية، أعلنت موسكو أنها تعتزم منح أنظمة الدفاع الصاروخية الجوية الحديثة إس-300 لسوريا.

وفي هذا الصدد، أوضح مايك بومبيو أنه سيطرح هذه المسألة في محادثاته مع نظيره الروسي سيرغي لافروف. من جهته، صرح بولتون قائلاً: "أعتقد أن تزويد سوريا بأنظمة صواريخ إس-300 المضادة للطائرات سيؤدي إلى تنامٍ كبير في حجم التوتر في منطقة الشرق الأوسط. لكن، لا يزال لدينا أمل في أن تتراجع موسكو عن مثل هذا القرار".

هذا الشهر، نشرت خدمة أبحاث الكونغرس الأميركي تقريراً حول طبيعة العلاقات بين الرئيس السوري بشار الأسد وحزب الله الشيعي ومختلف التشكيلات الإيرانية، ما يضاعف حجم القلق لدى إسرائيل، التي تعتبر أن وجود مثل هذه الوحدات يشكل تهديداً لأمنها القومي.

كان ترمب أعلن سلفاً رغبته في الرحيل عن سوريا لكن الادارة الأميركية راجعت هذه الرغبة

قبل خمسة أشهر، أورد الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه يرغب في مغادرة سوريا وسحب قواته. لكن في سبتمبر/أيلول، قال الدبلوماسي الأميركي جيمس جيفري إنه "ينبغي على القوات الأميركية المسلحة أن تضمن وجوداً عسكرياً مستقراً في سوريا، حتى تتمكن من التصدي لأي نشاطات إيرانية محتملة في هذا البلد".

وأضاف جيفري موضحاً أن "إدارة ترمب لا تنوي تحديد أي تاريخ زمني دقيق لفترة بقاء الوحدات الأميركية في سوريا. على الأقل، هذا يعني أننا لسنا في عجلة من أمرنا".

وأوضحت مستشارة مدير المعهد الروسي للدراسات الإستراتيجية، إيلينا سوبونينا، أنه "كلما زاد الضغط على إيران من قبل الأميركيين، تنامت رغبة طهران في الحفاظ على وجودها العسكري  في سوريا، بل وفي مناطق أخرى من الشرق الأوسط".

ووفقاً لسوبونينا، تبدو تصرفات واشنطن متناقضة. فمن ناحية، تعلن واشنطن رغبتها في إضعاف النفوذ الإيراني في المنطقة، ومن ناحية أخرى لا تبذل كل الجهود الممكنة لمنع حدوث ذلك. ولا يفسّر ذلك إلا بشكل واحد ألا وهو أن الأميركيين غير مهتمين باستقرار الوضع العسكري والسياسي في منطقة الشرق الأوسط، وإنما يراهنون على تأجيج صراعات مُسلحة جديدة.

وباتت سوريا مقسّمة لمناطق نفوذ بين الدول الغربية

في مقابلة لفلاديمير ساجين، كبير الباحثين في مركز دراسة بلدان الشرقين الأوسط والأدنى بمعهد الدراسات الشرقية التابع للأكاديمية الروسية للعلوم، مع صحيفة Gazeta.Ru قال: "أعتبر الوضع الحالي تقسيماً فعلياً لسوريا لمناطق نفوذ. بعبارة أخرى، لقد قُسّمت سوريا فعلياً إلى ثلاث أجزاء على الأقل".

ووفقاً للباحث الروسي، قسمت سوريا كالتالي، منطقة شرق الفرات التي تعتبر منطقة نفوذ أميركية، مقاطعة إدلب، منطقة نفوذ تركية، دون أدنى شك، على الرغم من الاتفاقات بين رئيسي روسيا وتركيا فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان. وكل ما تبقى من الأراضي السورية الباقية تعتبر مناطق نفوذ إيرانية وبالتالي تحت سيطرة القوات الموالية لحكومة بشار الأسد.

وتعليقاً على هذا الأمر، أفاد ساجين قائلاً: "لا أحد من هؤلاء اللاعبين الرئيسيين في هذه الحرب، سيتخلى عن موقفه، أي عن مناطق نفوذه، في المستقبل القريب".

أما فيما يتعلق بالانسحاب المحتمل للقوات الموالية لإيران من سوريا، فيتعلق الأمر بمسألة تشديد العقوبات الأميركية على إيران. فقد تتأثر القوات الموالية لإيران بسوريا من هذه العقوبات، التي من المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ في 4 من نوفمبر/تشرين الثاني، خاصة أن الأنشطة المالية والأنشطة المتعلقة بالنفط ستتأثر بشكل كبير، ما سيشلّ الاقتصاد الإيراني.

لكن، السؤال المطروح الآن: ماذا إذا كان لدى طهران القوة والقدرات الكافية للحفاظ على التشكيلات المسلحة الموالية لها في سوريا؟

فيما يتعلق بإمدادات إس-300 السورية، أفاد الخبير الروسي أنه على يقين بأنه وحتى بعد إقدام موسكو على تنفيذ مثل هذه الخطوة، ستواصل إسرائيل توجيه ضرباتها الصاروخية والجوية للمنشآت الإيرانية في سوريا، علماً بأنه نتيجة لهذه الهجمات قد تفقد روسيا أسلحتها.

وفي حال تم تدمير أنظمة الصواريخ طراز إس-300 المضادة للطائرات من قبل القوات الإسرائيلية، سيمثل ذلك صفعة عسكرية وسياسية كبيرة لروسيا.

ولمواجهة القوات الإسرائيلية، يعتقد ساجين أنه من الضروري أن تصل القوات المسلحة السورية على الأقل إلى الحد الأدنى من مستوى الاستعداد القتالي والقدرات القتالية. لكن لا تسمح الأوضاع الاقتصادية والمالية وحتى العسكرية لروسيا بحلّ هذه المسألة بشكل فعّال.

علامات:
تحميل المزيد