النظام البوليسي يعود إلى درعا بوجود الشرطة الروسية.. رغم المصالحة فإن النظام سيعتقلك بإحدى 3 تهم

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/28 الساعة 11:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/28 الساعة 11:51 بتوقيت غرينتش
A fighter from the Free Syrian Army is seen in Yadouda area in Daraa, Syria May 29, 2018.REUTERS/ Alaa al Faqir

أعلن النظام السوري أن محافظة درعا الواقعة في أقصى الجنوب السوري تُعتبر منطقة "مصالحة"، وذلك بعد أن سيطرت القوات الموالية للنظام عليها خلال شهر يوليو/ تموز.

وكما هو الحال في الغوطة، إحدى ضواحي دمشق التي تم السيطرة عليها قبل 3 أشهر، عرض النظام العفو عن المعارضين الذين لم يتم نقلهم على متن الحافلات إلى محافظة إدلب الواقعة شمال غرب البلاد، التي تشكل آخر معاقل الثوار.

يضيف تقرير صحيفة le monde الفرنسية أن 150 ألفاً منهم قبلوا بـ "التسوية"، وهو إجراء يحميهم من الاعتقال ويمنح الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و42 سنة مهلة ستة أشهر قبل التجنيد في الجيش.

لقد احتضنت محافظة درعا أولى المظاهرات التي اندلعت ضد نظام الأسد خلال شهر مارس/آذار من عام 2011، وهذا يعني أن النظام لا يبدو راضياً عن المحافظة التي هزت أركانه حتى عام 2015، قبل أن ينقذه التدخل العسكري الروسي. وترى السلطات أن الوقت غير مناسب للانتقام.

وقد أفاد وزير الإدارة المحلية للنظام السوري، حسين مخلوف، في أواخر شهر أغسطس/آب، بأن "المصالحة قد شملت كل المناطق في محافظة درعا، وتعمل  حكومة النظام السورية حالياً على إعادة تهيئة البنية التحتية في هذه المحافظة". وأضاف وزير الإدارة المحلية في الحكومة"لقد تم تخصيص أموال من أجل تهيئة الطرقات والمساكن والإنارة ونظام الصرف الصحي وشبكات المياه. ونحن نسعى جاهدين لإعادة الحياة في هذه المنطقة إلى سابق عهدها". كما دعا مخلوف اللاجئين في الأردن إلى العودة إلى بلدهم، مؤكداً لهم: "نحن نضمن لكم عودة آمنة".

نظام بوليسي يحكم المدينة

ولكن الحديث عن التطبيع في بلد مثل سوريا يحكمها نظام بوليسي، يعني أن أجهزة الأمن بدورها ستتستأنف عملها؛ لذلك تنتاب الأهالي مخاوف من عودة المخابرات. ففي درعا، بدأت أجهزة الأمن تفرض سلطتها من جديد بصفة تدريجية متجاوزة بذلك الشرطة العسكرية الروسية المنتشرة بكثافة في المحافظة من أجل مراقبة مدى احترام تطبيق اتفاقات "المصالحة".

حتى منتصف شهر سبتمبر/أيلول، سُجلت العديد من حالات الاعتقال التي انطلقت منذ شهر يوليو/تموز، حيث ترواح عدد المعتقلين بين 160 و180 شخصاً، وذلك حسب ما صرح به كلٌّ من مكتب توثيق الشهداء في درعا، وهي منظمة تدافع عن حقوق الإنسان وما زالت تواصل عملها بصفة سرية داخل المحافظة، ومركز أبحاث "إيتانا" المقرب من المعارضة،  الذي يراقب الوضع في جنوب سوريا انطلاقاً من مدينة عمان.  

التهم الجاهزة للاعتقال

لقد بررت سلطات النظام السوري هذه الاعتقالات وفق صحيفة le monde الفرنسية بثلاث طرق مختلفة، الأولى اتهام المعتقلين بالانتماء لداعش.

وتم إيقاف العشرات من سكان هضبة اللَّجاة شمال درعا بتهمة الاشتباه بتورطهم في مجزرة السويداء. وحسب مركز إيتانا، تم إخلاء سبيل عدد من الموقوفين بعد تدخل الشرطة الروسية.

أما التهمة الثانية، فتتمثل في التعاون مع إسرائيل. وخلال فصل الصيف، تم القبض على بعض هؤلاء المقاتلين وبعض القرويين من أهالي الجولان بتهمة التخابر مع إسرائيل.

 وأخيراً، يُزج بأشخاص في السجن بحجة أنه تم تقديم شكوى ضدهم بتهمة القتل أو اختلاس أموال أو افتكاك أراضٍ. ومن جهتها تبرر الحكومة هذه الاعتقالات بأن مسؤوليتها تشمل أيضاً إقامة العدل. ولكن الأوساط المعارضة للأسد ترى أن السلطات تنوي تعزيز هذه الإجراءات بهدف سجن كوادر الثورة السابقين. وقد ذكر الرائد المنشق عن النظام السوري، عاصم الريس، الذي يعمل في مركز إيتانا: "نحن نشعر بأن ممارسات النظام لم تتغير، فالمصالحة التي يتغنى بها تبدو أشبه بمحاولة لكسب الوقت أكثر من التعبير عن الصفح".

كما نوه عمر الحريري، العامل بمكتب توثيق الشهداء في درعا، بأن "الوضع أقل صعوبة مما كنا نخشاه، إذ لم نسجل حالات إعدام جماعي أو غارة واسعة النطاق". وأضاف الحريري أن "الدور الهام الذي يلعبه الروس ناجع بصفة نسبية، والسؤال الذي يساور الجميع: ما الذي سيحصل عندما يرحل الروس، خاصة أن ذاكرة النظام السوري طويلة الأمد؟".

تهاوي الاقتصاد

إلى حد هذه اللحظة، يفرض اتفاق المصالحة على القوات الموالية للنظام عدم التدخل في الجزء الجنوبي من مدينة درعا، التي كانت سابقاً بين أيدي الثوار، ويقتصر نفوذها على البلدات المحيطة شرقاً وغرباً. ولا تزال هذه المناطق تحت قيادة الثوار الذين ما زالوا يديرونها مقابل استسلامهم المبكر، ناهيك عن أنهم يحظون باعتراف الروس بسلطتهم المحلية المحدودة.

وتتيح لهم هذه الامتيازات المحدودة أن يعارضوا شن المخابرات لاعتقالات داخل الحدود الضيقة لمعاقلهم. وخلال منتصف شهر سبتمبر/أيلول، منع أحمد العودة ميليشيا خاضعة لجهاز المخابرات الجوية للنظام، من التمركز بالقرب من محيط بلدته بُصرى الشام.            

ويقول المهندس أبوعمر: "داخل هذه المناطق الهادئة نسبياً، نعاني من نقص في الماء والكهرباء، فيما تم تعزيز المدارس بالأساتذة. ولكن يبقى مصيرنا ضبابياً؛ لأنه ليس بإمكاننا الخروج من بلداتنا التي تطوقها نقاط التفتيش، وينتابنا الإحساس بأن بطاقات (التسوية) لا تضمن لنا الكثير".

احتد التوتر أكثر مع تهاوي الاقتصاد المحلي. كما علّقت المنظمات غير الحكومية الدولية الناشطة في هذه المنطقة عبر مقرها في الأردن برامجها، مما حرم سكانها من تلقي المساعدات. ووفقاً لمصدر مطلع على الوضع، فإن زعماء العشائر تقدموا بشكوى يوم الإثنين 24 سبتمبر/أيلول في مكتب محافظ درعا، بيد أنه أجابهم بأنه "ليس لدى الحكومة فلس واحد".

وتعمل دمشق على إعادة فتح معبر "نصيب" الحدودي بين سوريا والأردن خلال الأسابيع المقبلة. لكن ليس من المؤكد ما إذا كان هذا الإجراء كافياً لإحياء النشاط التجاري وتشجيع اللاجئين على العودة. وقد أكد أبوعمر: "لقد دُمّر عالمنا"، مع العلم أنه يعمل أيضاً في منظمة إنسانية غير حكومية، ويقضي أيامه إما في الفراش أو أمام التلفاز. وأضاف أبوعمر: "كان الأجدر أن أذهب إلى إدلب بدلاً من البقاء هنا لا يوجد شيء لنفعله".

علامات:
تحميل المزيد