السعودية حققت انتصاراً دبلوماسياً على ألمانيا، فهل تنحني كندا بسهولة؟ Forbes: القصة مع أوتاوا مختلفة

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/27 الساعة 20:45 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/27 الساعة 20:45 بتوقيت غرينتش
Saudi Arabia's King Salman bin Abdulaziz Al Saud stands next to German Chancellor Angela Merkel during a reception ceremony in Jeddah, Saudi Arabia April 30, 2017. Bandar Algaloud/Courtesy of Saudi Royal Court/Handout via REUTERS

أصلحت ألمانيا العلاقات مع السعودية، من خلال السماح مرة أخرى بمبيعات الأسلحة إلى المملكة، وإصدار اعتذار عن "حالات سوء الفهم" الأزمة بين السعودية وألمانيا التي وقعت في العام الماضي (2017)، في انتظار تجاوز الأزمة السعودية الكندية .

سوف يُحسب هذا انتصاراً دبلوماسياً للرياض، غير أن مطالبة المملكة بإصدار كندا اعتذاراً مماثلاً لا يُرجَّح تحقُّقه بسهولة، يقول تقرير لمجلة Forbes الأميركية.

كيف بدأت الأزمة بين السعودية وألمانيا ؟

بدأ ت الأزمة بين السعودية وألمانيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، عندما وجه زيغمار غابرييل، وزير الخارجية الألماني آنذاك، ما بدا أنه انتقاد إلى "روح المغامرة" التي تنتهجها السعودية في الشرق الأوسط؛ وهو ما ارتآه البعض حينها إشارةً إلى إجبار الرياض رئيسَ الوزراء اللبناني، سعد الحريري، على الاستقالة، وإن كان ذلك لم يدم طويلاً.

استدعت السعودية سفيرها في برلين؛ لإجراء مشاورات، واستدعت السفير الألماني لدى السعودية؛ للتعبير عن غضبها من هذه التصريحات.

زاد التوتر في الأزمة بين السعودية وألمانيا مع بدايات 2018، عندما فرضت الحكومة الألمانية حظراً على مبيعات الأسلحة إلى البلاد المتورطة في الحرب باليمن، ومن ضمنها المملكة العربية السعودية؛ ضمن اتجاه متنامٍ بين الدول الغربية التي يعتريها القلق من عجز الائتلاف الذي تقوده السعودية عن تجنب سقوط خسائر في الأرواح بين صفوف المدنيين.

ما جعل برلين تتعرض لـ"عقوبات" تجارية

كبَّدت الأزمة بين السعودية وألمانيا برلين تكلفة تجارية عالية؛ فتعرضت شركاتها بسببها للاستبعاد من العقود الحكومية في المملكة. غير أن ألمانيا تحاول في الآونة الأخيرة، إعادة بناء العلاقة.

وتكللت هذه الجهود باعتذار كبير من جانب وزير الخارجية الألماني الحالي هايكو ماس، عندما التقى نظيره السعودي عادل الجبير، بنيويورك في 25 سبتمبر/أيلول، على هامش اجتماعات الدورة الـ73 لأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة لوضع حد الأزمة بين السعودية وألمانيا .

قال ماس إن برلين ترغب في تكثيف الحوار مع الرياض لتجاوز الأزمة بين السعودية وألمانيا ، وأضاف: "شهدت علاقاتنا في الأشهر الأخيرة، حالات سوء تفاهم تتناقض تناقضاً حاداً مع علاقاتنا الاستراتيجية والقوية. نحن نأسف بشدة على ذلك. كان علينا أن نكون أوضح في اتصالاتنا ومشاركتنا؛ كي نتجنب مثل هذه الحالات من سوء التفاهم".

لقيت هذه الكلمات ترحيباً من جانب الجبير، الذي ردَّ بدعوة ماس إلى زيارة المملكة "في أقرب فرصة؛ حتى يتمكن كلا البلدين من بدء مرحلة جديدة من التعاون الوثيق في جميع المجالات".

الأمور تغيرت ورُفع الحظر المفروض على مبيعات الأسلحة

ساعد تحسُّن النبرة الدبلوماسية في بداية انفراج الأزمة بين السعودية وألمانيا. وأصدرت ألمانيا قرارا برفع الحظر المفروض على مبيعات الأسلحة إلى المملكة.

فقد جاء في خطاب أرسله بيتر ألتماير، الوزير الاتحادي للشؤون الاقتصادية والطاقة في ألمانيا، إلى لجنة تابعة لبرلمان بلاده، ما يفيد بأن ألمانيا وافقت مؤخراً على بيع 4 أنظمة تحديد مواقع المَركبات المزوَّدة بالمدفعية، والتي تُستخدم في تحديد مصدر نيران العدو، ما يسمح بشن هجمات مضادة.

وقد أذن الخطاب أيضاً بتصدير رؤوس حربية لأنظمة دفاع جوي تحملها السفن إلى الإمارات.

ينبغي أن يسمح دفء العلاقات بين ألمانيا والرياض بأن يضطلع يورغ راناو بمنصبه سفيراً لألمانيا في الرياض بعد فترة قصيرة.

يمكن كذلك أن يؤدي ذوبان الجليد عن العلاقات بين البلدين إلى فتح الطريق أمام مزيد من الصفقات في مجال الدفاع والمجالات الأخرى؛ وهو شيء تحرص الشركات الألمانية على تشجيعه.

فقد افتتح اتحاد الغرف التجارية الألماني مكتباً جديداً له بجدة في الخامس والعشرين من سبتمبر/أيلول 2018.

لكن.. هل يسهم ذلك في حل الأزمة السعودية الكندية ؟

بيد أن الأزمة السعودية الكندية -التي بدأت في بداية أغسطس/آب 2018، عندما نشرت وزيرة الخارجية الكندية، كريستيا فريلاند، تغريدة تنتقد سجلَّ السعودية حول حقوق الإنسان- يبدو مستعصياً على الحل أكثر من خلاف المملكة مع ألمانيا.

ردَّت الرياض رداً قوياً على تغريدة فريلاند (والرسالة التي أرسلتها وزارتها لاحقاً) التي كانت وراء الأزمة السعودية الكندية من خلال استدعاء سفيرها لدى كندا، وطرد السفير الكندي دينيس هوراك، ووقف الصفقات الاستثمارية والتجارية الجديدة، وإلغاء رحلاتها إلى كندا، وإعادة آلاف من طلابها الذين يدرسون في البرامج الجامعية بكندا.

وبعد الانتعاشة التي تعيشها السعودية من جراء الانتصار الدبلوماسي الذي حققته على ألمانيا، وجَّهت المملكة انتباهها مرة أخرى إلى الأزمة السعودية الكندية .

ففي تعليقات شديدة اللهجة خلال فعالية نُظمت في مجلس العلاقات الخارجية (Council of Foreign Relations)  لحل الأزمة السعودية الكندية بمدينة نيويورك، الأربعاء 26 سبتمبر/أيلول 2018، طالب الجبير كندا بالاعتذار.

يبدو أن الأمور أكثر تعقيداً، والسعودية مصرَّة على اعتذار أوتاوا

قال الجبير تعليقاً على تغريدة فريلاند التي تسببت في الأزمة السعودية الكندية : "ماذا نحن؟ جمهورية موز؟ هل تقبل أي دولة بذلك؟ أنتم مَدينون لنا باعتذار".

وأضاف الجبير "الحل سهل جداً: اعتذروا، قولوا إنكم أخطأتم. لا نريد أن نكون كرة تتقاذفها أقدام السياسيين في السياسة الداخلية الكندية. ابحثوا عن كرة أخرى تلهون بها".

بذلت الحكومة الكندية بعض الجهود لرأب الصدع وتجاوز الأزمة السعودية الكندية ، في ظل النقاش الذي يدور حول عقد اجتماع بين الجبير وفريلاند هذا الأسبوع.

غير أن الأزمة السعودية الكندية إذا شهدت تقدُّماً خلف الكواليس، فإن ذلك لم يتضح علناً حتى الآن. حسبما يقول بعض المعلقين، ليس من المرجح أن تقدم أوتاوا نوعاً من الاعتذار الذي قدمته برلين، ولا سيما نظراً إلى أن الحكومة سيتعيَّن عليها أن تضع بعين الاعتبار الانتخابات التي تشهدها البلاد في أكتوبر/تشرين الأول 2019.

نشر توماس جونو، الأستاذ المساعد في جامعة أوتاوا، تغريدة على موقع تويتر، قال فيها: "تريد السعودية اعتذاراً من حكومة ترودو".

وأضاف "أشك في أنها ستحصل عليه. ستكون كارثة سياسية داخلية قبل عام من الانتخابات القادمة، وسوف تجعل الأمر أيضاً أكثر صعوبة حينما تريد كندا أن تتحدث عن حقوق الإنسان مع أي جهة".

تحميل المزيد