أميركا تحضر لحل الأزمة الخليجية قريباً، وتضع اللمسات الأخيرة لتحالف استراتيجي لمواجهة إيران.. صحيفة إماراتية تكشف التفاصيل

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/27 الساعة 16:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/27 الساعة 17:08 بتوقيت غرينتش
اجتماع سابق بين ترمب وقادة مجلس التعاون الخليجي

قضى نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الخليج العربي، تيم ليندركينغ، الأسابيع الثلاثة الماضية في دبلوماسيةٍ مكوكيةٍ إقليمية في دول الخليج، من أجل إرساء حجر الأساس للقمة التي تستضيفها الولايات المتحدة، في يناير/كانون الثاني، التي من المفترض أن يُعلَن فيها إطلاق تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي (ميسا)، وهو فكرةٌ مماثلة لناتو عربي، وكذلك لحل الأزمة الخليجية بين قطر ودول خليجية أخرى.

وفي مقابلةٍ مع صحيفة The National الإماراتية، الأربعاء 26 سبتمبر/أيلول، كشف ليندركينغ تفاصيل حول بنية التحالف وأهدافه بعيدة المدى. وتابع أن الولايات المتحدة ومصر والأردن ستكون ضمن أعضاء التحالف، بالإضافة للدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، وهي: السعودية والإمارات والكويت والبحرين وقطر وعمان.

اجتماع لدول الخليج على هامش الأمم المتحدة

وأضاف ليندركينغ، أن وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، سيستضيف اجتماعاً للدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة لدولتين أخريين، على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، الجمعة 28 سبتمبر/أيلول، من أجل التحضير لقمة يناير/كانون الثاني.

وأوضح ليندركينغ: "يعود هذا القرار في الأصل لقمة الرياض 2017، عندما اتَّفق الجميع على ضرورة اجتماع الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي بشكلٍ سنوي. بالإضافة إلى الاهتمام المشترك من كلا الجانبين بتأسيس تحالف ميسا". ويقوم التحالف على أساس اتفاقيةٍ أمنيةٍ واقتصاديةٍ وسياسية، تجمع بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة ومصر والسعودية.

وتابع ليندركينغ أن فكرة تحالف ميسا هي "بناء درعٍ قوية وجيدة ضد التهديدات في الخليج"، بالرغم من اختلاف أولويات السياسة بيننات دول مجلس التعاون الخليجي نفسه. وتأتي  إيران والمخاوف السيبرانية وهجمات البنية التحتية على رأس هذه التهديدات، هذا بالإضافة إلى التنسيق في إدارة الصراعات من سوريا وصولاً إلى اليمن، كجزءٍ من جدول أعمال التحالف.

وصرَّح أيضاً أنه "كلما تضافرت جهودنا بالتنسيق اللازم، ازدادت قدرتنا على تعزيز الاستقرار"، مضيفاً أن إيران تُعتَبَر "التهديد الأول" على قائمة ميسا.

وأكَّد المسؤول الأميركي على أن الولايات المتحدة ستكون عضواً في هذا التحالف، وأنها "ترغب في التوصل إلى اتفاقٍ حول مفهوم تحالف ميسا، بحلول قمة يناير/كانون الثاني". لكنه حذَّر في الوقت نفسه من أن هذه المحادثات ما زالت في مراحلها المبكرة "وإذا وجدنا الحاجة لتغيير المواعيد، فيتوجب أن نتمتَّع بالمرونة الكافية لفعل ذلك".

البحث عن حلٍّ للأزمة الخليجية

أقرَّ ليندركينغ بعمق الأزمة مع قطر داخل دول مجلس التعاون الخليجي، بالرغم من دعوات الولايات المتحدة لحلها. وأوضح أن الأزمة الخليجية ليست عقبةً في طريق التحالف على المدى القصير، لكن الحسابات طويلة الأمد ستكون مختلفة، بالرغم من استئناف اجتماعات الدفاع للدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي بحضور الدوحة.

وتابع: "في رؤيتنا لتحالف ميسا على المدى الطويل، سيكون من الصعب أن توجد دولتان أو ثلاث في هذا التحالف مع هذا النوع من المجابهة. سيظل بإمكاننا أن نُطوِّر مفهوم التحالف ونعمل على بعض أركانه، لكن في النهاية يتوجب وقف تصعيد هذا النزاع".

وتراقب الولايات المتحدة عن كثب أزمةً أخرى في المنطقة وهي اليمن. إذ التقى ليندركينغ بمسؤولي الأمم المتحدة والمبعوث مارتن جريفيثس هذا الأسبوع في نيويورك.

وفي أعقاب فشل محادثات جنيف هذا الشهر، سبتمبر/أيلول، وعدم مشاركة الحوثيين، علَّق ليندركينغ قائلاً: "هذا المناخ لا يساعد على إحراز أيِّ تقدُّم". وسلَّط الضوء على الدعم الذي تقدِّمه الولايات المتحدة لجريفيثس، لكنه دق ناقوس الخطر فيما يتعلق بالوضع الإنساني في اليمن. وأضاف: "نأمل في إحراز تقدُّمٍ على صعيدي المفاوضات ومعايير بناء الثقة".

وطالب ليندركينغ بتحسين الأوضاع على الأرض "والتأكُّد من أن شرايين المواصلات والموانئ مفتوحة، ويسهل الوصول إليها. وإنقاذ الأمور في نهاية المطاف يتطلَّب عودة الشركات الكبرى إلى اليمن، ودفع أجور الموظفين المدنيين، واستئناف التجارة مع السعودية في الموانئ اليمنية".

وفيما يتعلَّق بالإصابات في صفوف المدنيين، أوضح: "أنه تحدٍّ دائم، أن نساعد التحالف الذي تقوده السعودية على تحسين أدائه بهذا الصدد".

ومع إشارته إلى بعض التقدُّم، أضاف أن الولايات المتحدة "ليست راضيةً بنسبة 100% عن أداء التحالف في هذا الشأن، لكننا نؤمن أن مشاركتنا في هذا الأمر، عوضاً عن التراجع، سيكون لها دورٌ محوري في تحقيق التغيير المنشود فيما يتعلق بالتكتيكات والقدرة على المراجعة عند وقوع الأخطاء".

أميركا تهاجم دور إيران في اليمن

وتحدَّث ليندركينغ بلهجةٍ قاسيةٍ عن الدور الإيراني في اليمن، فقال مُحذِّراً: "إيران تفلت من العقاب على جرائم قتلٍ بمعنى الكلمة؛ إذ يساعدون الحوثيين ويحرِّضونهم على مهاجمة السعودية والإمارات. وهو أمرٌ غير مقبولٍ بالنسبة للولايات المتحدة، فهاتان الدولتان حليفتان أساسيتان للولايات المتحدة، وسلامة حدودهما وأمنهما الإقليمي يُعتبران بمثابة حجر الزاوية لسياستنا في الخليج منذ عقود".

وأضاف أن "الدور الإيراني" لا يتعلَّق بـ"بناء مؤسسات الدولة اليمنية، بل بإطالة أمد الحرب، ولديهم أساليب متعددة لتنفيذ ذلك بأقل تكلفة. ويتعيَّن علينا جميعاً أن نزيد هذه التكلفة على إيران، إذ تتضمن استراتيجيتنا المتعلِّقة بإيران عنصراً يمنياً، نرى من خلاله أن الإيرانيين يلعبون دوراً في مسرح العمليات بحصانةٍ نسبية".

وبسؤاله إذا كانت زيادة التكلفة تشمل زيادة وجود البحرية الأميركية قرب مضيق باب المندب، واعتراض شحنات الأسلحة، أجاب ليندركينغ: "هذه من الأشياء التي سنأخذها بعين الاعتبار، بناءً على عرض الأسلحة المتوافر لدينا… لنتعرَّف على ما يفعله الإيرانيون بصورةٍ مباشرةٍ أكثر".

لماذا سحبت أميركا صواريخ باتيرويت من بعض الدول العربية؟

ورفض ليندركينغ الادعاء بأن الولايات المتحدة تُقلِّص من التزاماتها الدفاعية، في أعقاب تقريرٍ نشرته صحيفة Wall Street Journal الأميركية، عن سحب أنظمة الدفاع الصاروخي من الكويت والبحرين والأردن، بغرض التصدي لتهديدات الصين وروسيا في مناطق أخرى. وأوضح: "لا يُعتَبَر هذا تقليصاً لالتزاماتنا، لكن يُمكننا القول إنه نقلٌ للموارد".

وحذَّر ليندركينغ رغم ذلك أن "علاقات روسيا والصين مع دول مجلس التعاون الخليجي هي على رادار الولايات المتحدة".

وتابَعَ قائلاً: "لا نطلب إنهاء الزيارات المتبادلة مع الصينيين، لكننا نتطلَّع لدعمٍ من الدول (الخليجية) في الجهود المبذولة للمساعدة في التحكُّم بالأنشطة السلبية الروسية والصينية بالمنطقة، سواء كان ذلك يتعلَّق بالتعدي الروسي في سوريا أو النفوذ الاقتصادي الصيني، غير المعني أحياناً بمصالح البلد المضيف".

وأضاف أن محاولات الصين لتوسعة قواعدها العسكرية لا تتوافق مع العلاقات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي، وأوضح: "ارتباطنا بالخليج وحوارنا الاستراتيجي يهدف إلى ضمان أن تبقى علاقتنا بالخليج رئيسية، ونأمل أن تأخذ دول مجلس التعاون الخليجي أولوية علاقتها مع الولايات المتحدة بعين الاعتبار، قبل الدخول في اتفاقياتٍ معضلةٍ مع دولٍ أخرى".

ورحَّب ليندركينغ بالعودة التدريجية للعلاقات السعودية-العراقية، بالإضافة للإعلان مؤخراً عن استعادة العلاقات الدبلوماسية بالكامل بين ألمانيا والمملكة العربية السعودية، قائلاً: "إنه أمرٌ رائع".

تحميل المزيد