كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان عن صفقة وصفها بـ "القذرة" جرت بين إيران والنظام السوري من جهة، وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" من جهة أخرى، وتفيد بنقل 400 عنصر من عناصر التنظيم من بادية منطقة البوكمال إلى الريف الشرقي لمحافظة إدلب، حيث نقلوا إلى مناطق قريبة من سيطرة فصائل جهادية ناشطة في محافظة إدلب.
وأوضح المرصد أن عملية النقل جرت في وقت متأخر من ليل الأحد ووصلوا فجر الإثنين، لافتاً إلى أنه "لم يُعلم إلى الآن ما إذا كانت العناصر قد تمكّنت من الدخول إلى ريف إدلب الشرقي".
ويعتقد مراقبون أن طهران لم تكن موافقة على اتفاق إدلب الذي جرى بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين في منتجع "سوتشي"، وغياب الرئيس الإيراني حسن روحاني، لكنها اضطرت لذلك نتيجة حاجتها الشديدة لدعم كل من أنقرة وموسكو، وهما البلدان المتبقيان إلى جانبها، في ظلِّ الحصار الدولي المتزايد الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية ضدها.
سلكوا طريق البادية وصولاً إلى مناطق "أخوة المنهج"
وكان وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، قد حاول أن يُقحم دور بلاده في الاتفاق، وقال في تغريدة له على "تويتر" كأول تعليق على ما جرى، إن "الدبلوماسية المسؤولة والمكثفة على مدى الأسابيع القليلة الماضية"، التي تحققت من خلال القمم والمحادثات الدولية المختلفة التي قامت بها روسيا وإيران وتركيا، هي التي "تنجح في تجنُّب الحرب في إدلب، مع الالتزام الراسخ بمكافحة الإرهاب"، مضيفاً أن "الدبلوماسية تعمل".
المعقل الأخير للمعارضة السورية تجنّب معركة أعدَّ لها النظام السوري بشكل جيد، بعد الاتفاق الذي نصَّ على إنشاء منطقة عازلة بإدلب، بعرض 15 إلى 20 كيلومتراً تحت إشراف الطرفين، وتسليم السلاح الثقيل والمتوسط.
أحد الناشطين الميدانيين في دير الزور أكد لـ "عربي بوست" صحة المعلومات، التي تفيد بنقل عناصر تنظيم داعش، ولكنه فضَّل عدم الكشف عن اسمه لخطورة المعلومات، ولفت إلى أن عناصر التنظيم خرجوا عبر البادية، مروراً بمدينة تدمر بريف حمص الشرقي، ومن ثم ريف حماة في منطقة "عقيربات"، وصولاً إلى ريف إدلب الشرقي عند بلدة "أبوالظهور" التي يسيطر عليها عناصر "هيئة تحرير الشام" التي تضم عناصر من تنظيم القاعدة.
وقال الناشط إن عناصر التنظيم المتشدد كانوا على اتفاق مع عناصر تنظيم القاعدة الموجودين في إدلب قبل خروجهم، على اعتبار أنهم "إخوة المنهج"، ويقصد بذلك أنهم ينتمون لنفس المدرسة الدينية، مرجحاً أن تقوم تلك المجموعات المتشددة بمهاجمة عناصر المعارضة السورية المسلحة التي تتلقى الدعم من تركيا في أرياف إدلب وحماة وحلب.
لا اتفاق من دون إيران
طهران تريد ضمان مكان لها في أي تسوية سياسية، بحسب ما ذكره عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني المعارض، وعضو وفد أستانا ياسر الفرحان، وأشار إلى أن الهدف واضح من عملية نقل عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" إلى إدلب، وقال: "إيران تريد حجز مقعد في اتفاق إدلب، لذلك تعمل على تخريب الاتفاق الأخير والوصول إلى اتفاق جديد".
وأضاف الفرحان في تصريح خاص لـ "عربي بوست"، أن هذه العملية ليست الأولى بين الطرفين، وتابع قائلاً: "فقد كان هناك تعاون بين النظام والتنظيم المتشدد في أماكن متفرقة، وخاصة في البادية، حيث مشى قوات الطرفين معاً في السابق حتى وصلت إلى مشارف إدلب"، ووصف ذلك بـ "الجنين برحم أمه"، واعتبر أن التنظيم هو الجنين، بينما النظام كان يقدم له الحماية.
120 مقاتلاً من إيران يحيطون بإدلب
وكالة "الأناضول" التركية كانت قد نشرت إنفوغراف يوم الجمعة الماضي، ذكرت فيه أن هناك 22 مجموعة من الميليشيات الإيرانية المنتشرة على 232 نقطة في سوريا، وأوضحت أن هذه المجموعات تضم نحو 120 ألف مقاتل.
وشرحت الوكالة أماكن وأسماء الميليشيات الإيرانية التي تحاصر إدلب، وبيّنت أنها تتوزع على ثلاث مجموعات منتشرة في ريف اللاذقية وريف حماة، إضافة إلى ريف حلب الغربي، وأشارت إلى أن عناصرها جاؤوا من العراق وأفغانستان وباكستان بدعم من إيران، وقالت إنها "لعبت دوراً مهماً في ارتكاب المجازر والتهجير وفرض الحصار على مدن ومناطق، لا سيما حلب ومضايا والغوطة الشرقية".
وتكتسي محافظة إدلب أهمية استراتيجية؛ لأنها محاذية لتركيا، الداعمة للمعارضة، من جهة، ولمحافظة اللاذقية، معقل الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس السوري بشار الأسد من جهة ثانية.
ويعيش في محافظة إدلب وبعض المناطق المجاورة حالياً نحو 3 ملايين شخص، نصفهم تقريباً نزحوا من مناطق أخرى مع أعداد كبيرة من المقاتلين الذين رفضوا إلقاء السلاح، لا سيما من الغوطة الشرقية قرب دمشق، التي خضعت لحصار طويل وهجمات عنيفة.