الجزائريون يعتبرونهم “خونة” وفرنسا تُكرمهم.. ماكرون يكافئ «الحركيين» بملايين الدولارات

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/25 الساعة 19:06 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/25 الساعة 19:06 بتوقيت غرينتش
French President Emmanuel Macron gestures during his news conference in Algiers, Algeria December 6, 2017. REUTERS/Zohra Bensemra

سيقدِّم الرئيس الفرنسيُّ إيمانويل ماكرون تكريماً ومساعداتٍ ماليةً لأسر الحركيين الجزائريين الذين عاونوا القوَّات الفرنسية في حرب الاستقلال الجزائرية ، في إطار سياسةٍ عامة ترتكز على مواجهة الماضي الاستعماريِّ الفرنسي في شمال إفريقيا، حسبما ذكر تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.

ففي وقتٍ سابق من الشهر الجاري سبتمبر/أيلول، اتَّخذ الرئيس الفرنسيُّ خطوةً تاريخية حينما اعترف للمرة الأولى بأن فرنسا ارتكبت أفعال تعذيبٍ ممنهجةً أثناء حرب استقلال الجزائر التي استمرت منذ عام 1954 إلى 1962.

مساعدات بقيمة 47 مليون دولار

يُعد ماكرون هو أول رئيسٍ وُلِدَ بعد الصراع الجزائريِّ في تاريخ فرنسا، وقد ركَّز انتباهه على الجزائريين المعروفين باسم "الحركيين"، وهو مصطلحٌ انفعاليٌّ ويُستَعمَل عادةً على نحوٍ ازدرائيٍّ يصف المسلمين الجزائريين الذين ساعدوا الفرنسيين في أثناء حرب الاستقلال التي امتدَّت ثمانية أعوامٍ، وعانوا التمييز والفقر في فرنسا.

وسيمنح ماكرون ما يزيد على 20 مقاتلاً سابقاً، وأولئك الذين نادوا بالاعتراف الحركيين الجزائريين تكريماً وطنياً، فضلاً عن مساعداتٍ بقيمة 40 مليون يورو (47 مليون دولار تقريباً) غرضها الأساسيُّ هو مساعدة ذريتهم، الذين ما زالوا يواجهون التهميش والفقر.

سيستفيد منها آلاف الحركيين الجزائريين

يُذكَر أنَّه بعدما حصلت الجزائر على استقلالها بتوقيع اتفاقية سلامٍ، في مارس/آذار من عام 1962، سُمِح لما يقرب من 60 ألفاً من الموالين الجزائريين بدخول فرنسا، حيث غالباً ما كانوا يوضعون في معسكراتٍ وراء أسلاكٍ شائكةٍ ويعانون التمييز والتهميش والفقر على مرِّ أجيالٍ. وظلَّ عشرات الآلاف الآخرون في الجزائر ليواجهوا قصاص الجزائريين.

وما زال مصير الحركيين الجزائريين وذريَّتهم في فرنسا، الذين تصل أعدادهم إلى مئات الآلاف، مسألةً بالغة الحساسية في فرنسا، إذ يُمثِّل تذكرة بتاريخها الاستعماري.

وقد تناولت أفلامٌ وروايات في السنوات الأخيرة قضية التمييز ضد الحركيين. ف

في رواية L'Art de perdre أو "فن الخسارة"، التي تُعَد إحدى أكثر الروايات مبيعاً في العام الماضي 2017، تناولت الكاتبة أليس زينيتار الافتراضات الشائعة في فرنسا حول مصطلح "حركيون"، وسلَّطت الضوء على الطرق العشوائية والملتَبِسة التي قد يختار الشخص بها الانضمام إلى فريقٍ بعينه، في خضمِّ صراعٍ وحشيٍّ كحرب الاستقلال الجزائرية. وكان بعض الحركيين فيما مضى قد قاتلوا لمصلحة فرنسا في أثناء الحرب العالمية الثانية.

غير أن "الحركيين" يطالبون بأكثر من ذلك بكثير

في خضمّ الحملة الانتخابية، تطرَّق ماكرون للجراح التي لم تشف بعد، التي خلَّفتها حرب استقلال الجزائر .

وفي زيارة للجزائر في سنة 2017، صنف المرشح الرئاسي آنذاك، الاستعمار الفرنسي على "أنه جريمة ضد الإنسانية"، الأمر الذي أثار جدلاً عنيفاً.

ومن خلال هذه التصريحات، أجَّج ماكرون غضب خصومه، بما في ذلك جيرالد دارمانان، الذي كان في ذلك الوقت ينتسب للجمهوريين.

الحركيين يعتبرهم الجزائريون
الحركيين يعتبرهم الجزائريون "خونة"

وقد عين دارمانان في السنة ذاتها وزيراً للعمل والحسابات العامة تحت رئاسة ماكرون. وفي خضم الجدل الذي نشب، غرَّد حفيد الحركيين: "عار على إيمانويل ماكرون الذي عمد إلى إهانة فرنسا في الخارج".
من جهتهم، يطالب الحركيين الجزائريين بإقرار "قانون اعتراف". وقد اتهم أحد ممثلي اللجنة الوطنية لارتباط الحركيين الجزائريين التي تعمل في صلب هذا الموضوع، محمد بديع، الجهات الفرنسية قائلاً: "لقد حرمنا من حقوقنا حتى لا تسوء العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر وفرنسا".

ووفقاً للتقرير: "لن يقيد القانون حرية التعبير والبحث في صفوف المؤرخين".  
من جانبها، ندَّدت بعض المنظمات بمبلغ 40 مليون يورو، الذي خصص لتمويل "صندوق التعويض والدعم" على امتداد 4 سنوات، الذي اقترحته داريوسيك على رئيس الدولة، في حين يطالب الحركيون وأبناؤهم بمبلغ يتراوح بين 4 و35 مليار يورو.
وقد برَّرت داريوسيك هذا القرار قائلة: "هذا المبلغ مخصص كمساعدة للأشخاص الأكثر حاجة للدعم، وبالتالي فهو يبدو كافياً". وبكل حذر، أضافت داريوسيك أن هذا المبلغ قابل للتعديل في مرحلة ثانية.

كما أنهم يُنظر إليهم في الجزائر كـ "خونة"

وخدم عشرات الآلاف من الجزائريين في صفوف الجيش الفرنسي، وينظر الجزائريون إلى الحركيين الجزائريين باعتبارهم "خونة" وعملاء للاستعمار الفرنسي، بحسب ما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية BBC.

وهنالك نوعان من الحركيين الجزائريين الأول وهم من الجزائريين الذين كانوا مجندين في صفوف الجيش الفرنسي إبان حرب استقلال الجزائر واستعملتهم فرنسا من أجل قمع الجزائريين الثائرين والتجسس عليهم. حيث إبان انطلاق الثورة التحريرية كانوا ملزمين بإتمام الخدمة الوطنية في الجيش الفرنسي.

والفئة الثانية هم مجموعة من الجزائريين اختاروا الانضمام إلى الجيش الفرنسي طواعية، أي دون إكراه، وكان معظمهم قد شارك في الحرب العالمية الأولى أو الثانية أو حرب الهند الصينية إلى جانب فرنسا.