الأمر أكثر من مجرد غزل متبادل.. صحيفة بريطانية تكشف عن تعاون سري بين السعودية وإسرائيل، فهل سيتضرر الفلسطينيون؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/20 الساعة 14:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/20 الساعة 20:10 بتوقيت غرينتش
Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu gestures as he attends the weekly cabinet meeting at the Prime Minister's office in Jerusalem April 15, 2018. Gali Tibbon/Pool via Reuters

بعد مرور 25 عاماً على اتفاقيات أوسلو للسلام ومشهد مصافحة ياسر عرفات وإسحاق رابين في حديقة البيت الأبيض، تراجع الاهتمام بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وأصبح مسألةً ثانوية، وحتى في كتاب Fear الذي ألفه الصحافي بوب وودورد حول فترة وجود ترمب في البيت الأبيض، والذي تطرق إلى الكثير من الملفات الشائكة، لم يرد للفلسطينيين أي ذكرٍ على الإطلاق، في المقابل كان هناك إشارة لتحسن العلاقات بين العرب وإسرائيل .

وحسب تقرير لصحيفة Financial Times البريطانية، فقد صار المسؤولون الإسرائيليون في المقابل يشددون على العلاقات المزدهرة مع الدول العربية، وهو التقارب الذي تحقق برغم الفشل الواضح لعملية السلام. وذهب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مؤخراً، لأبعد من هذا؛ إذ أشاد بـ"تطبيع" العلاقات بين العرب وإسرائيل .

ما الذي تغير فعلاً في العلاقات بين العرب وإسرائيل ؟

لكنَّ رئيس الوزراء الإسرائيلي يستبق الأحداث؛ إذ إنَّ العلاقات الإسرائيلية-العربية ما تزال إلى حدٍ كبير في حالة حرب رسمية. وقد تكون مصر والأردن وقعتا اتفاقيتي سلام مع الدولة الإسرائيلية، لكنَّهما ما تزالان عالقتين في حالةٍ من السلام البارد مع إسرائيل. ومنطقياً، لا يمكن توقع أن تقيم الدول العربية علاقاتٍ دبلوماسية مع إسرائيل أو تعلن تقبّلها إياها، ما لم توقع إسرائيل اتفاقية سلامٍ عادل مع الفلسطينيين؛ ما يعني أنَّ هذا القبول أو العلاقات الدبلوماسية غير متوقعين قبل وقتٍ طويل.            

ومع ذلك، الإسرائيليون محقون في الإشارة إلى تغيُّرٍ في التوجه العام للدول العربية تجاه تل أبيب، وإلى توسعٍ سري في التعاون مع الدول العربية، وضمن ذلك دول مثل السعودية، التي ظلت فترة طويلة ترفض مبادراتٍ من إسرائيل. وتفضل الأطراف كافة عدم الكشف عن التفاصيل، لكن تتردد شائعات بأنَّ هناك تعاوناً استخباراتياً وتكنولوجيّاً بعيداً عن الأعين.                   

وما هي التنازلات التي قدمها العرب؟

وفي هذه الأثناء، تحتفل إسرائيل بكل خطوةٍ صغيرة علنية على أنَّها إنجازٌ هائل؛ إذ لم يعد الحظر الذي تفرضه السعودية على مرور الطائرات المتوجهة إلى إسرائيل بمجالها الجوي يُطبَق بالصرامة نفسها، وأصبحت تمر الآن طائرات الخطوط الجوية الهندية المسافرة من نيودلهي إلى تل أبيب في سماء السعودية؛ ما يوفر ساعتين من زمن الطيران.

وفي القاهرة، حيثُ المشاعر المناهضة لإسرائيل تضرب بجذورها عميقاً برغم إعلان السلام رسمياً، أقامت السفارة الإسرائيلية، في شهر مايو/أيار 2018، احتفالاً علنياً في فندق ريتز كارلتون بمناسبة مرور 70 عاماً على تأسيس دولة إسرائيل (وهو اليوم الذي يسميه العرب "النكبة").          

عداوتهم المشتركة لإيران كانت وراء هذا التقارب

وتعد العداوة المشتركة ضد إيران هي الدافع الأساسي وراء هذا التقارب في العلاقات بين العرب وإسرائيل الذي لطالما سعت إليه تل أبيب. ففي الخليج، يمثل النفوذ الإيراني الواسع في الشرق الأوسط تهديداً أخطر وأكثر أهمية من إسرائيل. وتتشارك كذلك السعودية وإسرائيل الرؤية ذاتها حول السياسة الأميركية في عهد باراك أوباما؛ بمعنى أدق أنَّ الاتفاقية النووية مع إيران شجعت إيران بدلاً من أن تكبح طموحاتها في المنطقة.        

وشجعت إدارة ترمب تهدئة العداء بين إسرائيل والسعودية؛ سعياً منها لمحو آثار إرث أوباما. ويصف وودورد في كتابه الدور الذي اضطلع به غاريد كوشنر، صهر ترمب، للترويج للمصالح المشتركة؛ إذ دافع كوشنر، الذي ترتبط عائلته بعلاقاتٍ ودية مع نتنياهو، عن الدعم الأميركي لولي عهد السعودية الطموح الأمير محمد بن سلمان. ومارس كذلك ضغوطاً من أجل أن تكون القمة الرئاسية الأولى في الرياض، وهي الخطوة التي اعتُبِرت بمثابة مساعدة لإسرائيل وتعزيز الجبهة ضد إيران.      

طهران أسهمت في "تقريب العلاقات بين إسرائيل والعرب"

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن علاقات بلاده مع الدول العربية تتطور بشكل "يفوق الخيال"، معتبراً أن السبب في انعدام السلام ليس عدم وجود دولة فلسطينية.

وأضاف نتنياهو خلال منتدى المؤتمر اليهودي-الأميركي بالقدس، أن الصراع لم يدر قط على إقامة دولة فلسطينية؛ بل على وجود الدولة اليهودية، ودعا الفلسطينيين إلى الاعتراف بالدولة اليهودية.

ورأى وفق ما جاء في حسابه على فيسبوك، أن إيران قامت بشيء إيجابي بتقريبها العلاقة بين إسرائيل والدول العربية بشكل غير مسبوق، "لدينا علاقات مع الدول العربية تتطور بشكل يفوق الخيال، وهذا سيساعد في صنع السلام مع الفلسطينيين" على حد وصفه، مضيفاً أن طهران هي العدو الأول ولا يجوز لها امتلاك قنبلة نووية.

ومطلع يونيو/حزيران 2018، قال وزير شؤون الاستخبارات الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن "تحالفاً عسكرياً يضم الدول الغربية والعربية وإسرائيل، قد يتم تشكيله ضد إيران، إذا لم ترضخ طهران للمطالب الأميركية بخصوص برنامجها النووي".

وأضاف في حديث للإذاعة الإسرائيلية: "رد الغرب على تهديدات طهران للمنطقة يجب أن يكون واضحاً".

ولم يحدد كاتس الدول التي قد تنضم إلى هذا التحالف، علماً أن الدول الغربية الكبرى أعلنت في الأسابيع الأخيرة، معارضتها الموقف الأميركي من الاتفاق النووي الإيراني.

ما جعل الأميركيين يدعمون ولي العهد السعودي بن سلمان

راهن كوشنر على الأمير المناسب: إذ تبنى وريث العرش السعودي نبرةً أخف حدة تجاه إسرائيل. وذكرت تقارير أيضاً أنَّ الأمير انتقد الفلسطينيين خلال لقاءٍ مع قادة إسرائيليين في أثناء جولته بالولايات المتحدة هذا العام (2018). ومنذ ذلك الحين، استكشف هو وكوشنر حدود هذا الغزل الجيوسياسي الجديد. فمن جانبه، رفض الملك سلمان، العاهل السعودي ووالد الأمير، أن يكون جزءاً من اتفاقية سلام أميركية صاغها كوشنر. وعلى الرغم من أنَّ تفاصيل الاتفاقية لم تُكشَف بعد، تُرجح مصادر عربية أنَّها ستكون مخططاً يحابي الإسرائيليين وينكر على الفلسطينيين حقهم في أن تكون القدس الشرقية العربية عاصمتهم.

فهل يكون تحسن  العلاقات بين العرب وإسرائيل على حساب الفلسطينيين؟

وافترضت إدارة ترمب أنَّ اتباع "منهج من الخارج للداخل"، يستند إلى عقد مفاوضات بين إسرائيل والدول العربية حول مستقبل الدولة الفلسطينية بدلاً من التفاوض المباشر مع الفلسطينيين، سيتيح لها حل الصراع والزعم بأنَّها أبرمت صفقة القرن.    

سيكون التخلي عن الفلسطينيين بمثابة مجازفة للحكام العرب، حتى حين تجمعهم قضية مشتركة مع إسرائيل ضد إيران. ويجب ألا يشعر الفلسطينيون بالارتياح من حقيقة أنَّ خطة كوشنر لا تُحرز أي تقدم؛ إذ تُسوَّف قضيتهم لمستقبلٍ بعيد في الوقت الذي يتقرب فيه الإسرائيليون والعرب بعضهم من بعض.