روسيا تؤجل كارثةً في إدلب، لكنَّها تتورط في أخرى.. كيف تُهدد إسرائيل «نجاح» موسكو في الحفاظ على التوازن بسوريا؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/20 الساعة 17:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/20 الساعة 17:11 بتوقيت غرينتش
Russia's President Vladimir Putin (L) and Israel's Prime Minister Benjamin Netanyahu speak before delivering their joint statements after their meeting in Jerusalem June 25, 2012. REUTERS/Jim Hollander/Pool (JERUSALEM - Tags: POLITICS)

قبل بضعة أيام فقط، كان يبدو شن هجوم بدعمٍ روسي لاستعادة محافظة إدلب، آخر معقل كبير للمعارضة في سوريا، وشيكاً؛ إذ مدَّت روسيا أسطولها الحربي قبالة الساحل السوري. وكانت قوات النظام السوري تحتشد في محيط المحافظة. وبدأت الطائرات الروسية في قصف إدلب باستهداف أهدافٍ تابعة للمعارضة وتدمير المستشفيات؛ ما دفع مسؤولي الأمم المتحدة للتحذير من أكبر كارثة إنسانية في هذا القرن؛ إذ كانت تلوح بالأفق واحدة من كبرى معارك الحرب.

إجراءات تركية-روسية تؤجل قصف إدلب

أمَّا الآن، فقد صار الهجوم قيد التعليق، يقول تقرير لصحيفة The Economist البريطانية؛ إذ وافقت تركيا وروسيا، اللتان تدعمان الأطراف المتنازعة في الحرب، يوم الإثنين 17 سبتمبر/أيلول 2018، على إقامة منطقة عازلة في إدلب تفصل قوات النظام السوري عن خصومها من المعارضة.

وللحفاظ على السلام وعدم قصف إدلب من طرفلا روسيا و قوات النظام السوري ، ستُجري الشرطة العسكرية التركية والروسية دورياتٍ في الشريط العريض الذي يمتد طوله من 9 أميال (14.4 كيلومتر) إلى 12 ميلاً (19.2 كيلومتر). وسيتعين على قوات المعارضة في المنطقة المنزوعة السلاح أن تتخلى عن أسلحتها الثقيلة بحلول 10 أكتوبر/تشرين الأول 2018. وسيتوجَّب كذلك على مجاهدي "هيئة تحرير الشام" -التي تُعَد أقوى قوة مناهضة للحكومة في المحافظة والمرتبطة بـ"القاعدة"- الانسحاب كلياً من المنطقة العازلة.

لكن ذلك يتوقف على "رضوخ" قوات النظام السوري

يمكن ألَّا تسير جميع الأمور على ما يرام؛ إذ يتوقف نجاح صفقة عدم قصف إدلب على انسحاب "هيئة تحرير الشام" من المنطقة العازلة. وإذا رفضت الهيئة جهود تركيا لإقناعها، فستشعر روسيا بأنَّ لديها مبرراً لدعمها هجوماً شاملاً قصف إدلب . وقد لا يكون أمام نظام الرئيس بشار الأسد سوى الرضوخ للشروط التي يتفق عليها راعيه الروسي.

لكنَّ النظام السوري لطالما قال إنَّه يريد استعادة البلاد بأكملها، وسحق الثورة أخيراً؛ لذا يخشى من تعزيز تركيا وجود قواتها، وتكرار ما حدث في مقاطعة هاتاي -التي كانت قطعة من الأراضي السورية، لكنَّ تركيا فصلتها في ثلاثينيات القرن الماضي ولم تغادرها- ومن ثَمَّ، فقد يكون في مصلحة قوات النظام السوري والأسد تأجيج الاقتتال الداخلي بين فصائل المعارضة لمنع تركيا من تعزيز قبضتها.

لكن "كارثة" أخرى بدأت

ويؤكد الاتفاق كذلك خطر ترك مصير سوريا في أيدي قوى أجنبية متنازعة. فبعد ساعاتٍ من إبرام صفقة عدم قصف إدلب مع تركيا، نفَّذت إسرائيل ضربة أخرى على منشأة عسكرية سورية. بدا الهجوم معتاداً؛ فإسرائيل تضرب أهدافاً في سوريا بمعدل مرة أسبوعياً.

ولكن هذه المرة، كان الهدف قريباً على غير المعتاد من قاعدة حميميم الجوية الروسية الرئيسية الواقعة في الساحل السوري. وعندما ردّت مدفعيات الدفاع الجوي السورية بإطلاق وابل من الصواريخ، أسقطت طائرة تجسس روسية كانت تُحلِّق فوق البحر المتوسط؛ ما أسفر عن مقتل 15 عسكرياً روسيّاً كانوا على متنها.

وردَّت وزارة الدفاع الروسية في البداية بغضب، قائلةً إنَّ إسرائيل "خلقت وضعاً خطراً عن عمد". واستُدعي نائب السفير الإسرائيلي في موسكو؛ احتجاجاً على ما حدث.

ما يزيد من الضغط على نجاح روسيا في خلق توازن بسوريا

ولكن بعد ساعات، بدا الرئيس فلاديمير بوتين يتحدث بنبرة  أكثر تصالحاً؛ إذ قال إنَّ الطائرة سقطت بسبب "سلسلة من الظروف العَرَضية المأساوية" وليست إسرائيل هي السبب، ما يترك اتفاقية "عدم النزاع" الروسية مع إسرائيل سليمة، فإسرائيل لن تتدخَّل في عملية إعادة إحياء روسيا النظام السوري، مقابل استمرار روسيا في السماح لإسرائيل بِحريةٍ نسبية في ملاحقة الأهداف المرتبطة بإيران ووكيلها اللبناني حزب الله.

ومع ذلك، يتعرض نجاح روسيا في الحفاظ على التوازن بين المصالح الإسرائيلية والإيرانية منذ تدخلها في سوريا قبل 3 سنوات، لضغوط متزايدة. ففي ظل تحليق طائرات تابعة لـ6 دول على الأقل: إسرائيل وروسيا وسوريا وتركيا وبريطانيا وأميركا بانتظام في سماء سوريا، فإنَّ خطر ارتكاب خطأ أو إجراء حسابات خاطئة تزيد من حدّة التصعيد- يُعَد قنبلة موقوتة.