السعودية تمنع أهالي القدس وغزة من الحج والعمرة.. وفلسطينيون يخشون دفعهم للحصول الجنسية الإسرائيلية

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/18 الساعة 17:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/19 الساعة 08:26 بتوقيت غرينتش

لا يرى الفلسطينيون المقيمون في القدس، والمعروفون باسم "المقدسيون"، أي إيجابية في الخطوات التي تتّخذها السعودية تجاههم هذه الأيام. "لأجل تهويد مدينة القدس وأسرلة سكانها"، هكذا علَّقت المواطنة المقدسية عبير زياد، وهي تتملكها الحسرة على القرار الأخير الذي اتَّخذته السلطات السعودية من حرمان أكثر من نصف مليون فلسطيني من حَمَلة الجواز الأردني المؤقت، وخاصة من أبناء القدس وغزة والضفة الغربية المحتلة، تأشيرات الحج والعمرة والإقامة.

تشدّد عبير في حديثها الخاص مع "عربي بوست" على أنَّ أهل القدس باتوا مقتنعين بأنَّ هذه الخطوة تهدف إلى دفعهم عنوة وبالقوة، للحصول على الجنسية الإسرائيلية كارهين لها، مؤكدةً أنَّ هذا القرار الأخير يستهدف بالدرجة الأولى سكان أهل القدس، فهم المتضرّر الأساسي والأول من هذه الخطوة، حيث لن يكون هناك خيار أمام المقدسيين الراغبين في تأدية فريضة الحج والعمرة إلا استخراج جواز السفر الإسرائيلي لتأدية مناسك الحج والعمرة على شاكلة فلسطينيي الـ48.

السعودية لن تعطي تأشيرات للفلسطينيين ذوي الجوازات الأردنية

هذا القرار جاء عبر تأكيدات شركات الحج والعمرة، بأنّ قراراً صدر عن القنصلية السعودية، ويقضي بمنع منح حملة الجوازات الأردنية المؤقتة من تأشيرات للحج والعمرة والإقامة، على الرغم من عدم وجود تصريحات رسمية من السلطات السعودية حول ذلك.

ومن هنا ترى المواطنة المقدسية عبير زياد، أنَّ حصول أهل القدس على الجنسية الإسرائيلية، سيؤدي من الناحية الديموغرافية إلى اعتبارهم مواطنين إسرائيليين، وليسوا مواطنين فلسطينيين في أي محادثات سلام قادمة، وهذا يعني تصفية قضية القدس من حيث الحلول والنقاشات السياسية.

وتضيف عبير قائلةً: "من المعروف أنّ إيجارات البيوت والمساكن في القدس مرتفعة جداً، فهي تصل شهرياً من 3000-4000 شيكل، بينما في الضفة الغربية يمكن أن تجد مسكناً بـ500 شيكل"، ومن هنا فإنّ حصول المقدسي على الجنسية الإسرائيلية يعني أنَّ له الحق في السكن والمعيشة في أي مكان على أرض فلسطين، حيث لن يكون مضطراً حينها أن يعيش في القدس تحت واقع الغلاء المعيشي وصعوبة الحياة، عندها سيضطر إلى الانتقال إلى أي منطقة في فلسطين المحتلة، سواء كانت الضفة الغربية أو مناطق الـ48، التي تعدُّ أسعارها في المعيشة والمسكن رخيصة، بالمقارنة مع ما هي عليه في القدس.

وتطالب المواطنة المقدسية عبير، السلطات السعودية بالتراجع عن القرار الجديد، وإعفاء أهل القدس من حملة الجوازات الأردنية المؤقتة من القرار الجديد، لإخراجهم من الأزمة القادمة التي سيعانون منها، وإلا فإنَّ السعودية حينها ستكون مشاركة بعملية التهويد القادمة بحق القدس، أو أن تكون هي من تسعى فعلياً للضغط على أهل القدس للحصول الجنسية الإسرائيلية.

مساعٍ سعودية للدخول على خطِّ الوصاية الأردنية

الخطوة تتجه بالدرجة الأولى إلى ممارسة الضغوط واستهداف المقدسيين، وتجريدهم من فلسطينيتهم.
وبهذا الخصوص يؤكد الكاتب والمحلل السياسي المقدسي راسم عبيدات في تصريحات خاصة مع "عربي بوست"، أنّ هذه القضية لها بعدان، البعد الأول يتمثل في أنّها جزء من صفقة القرن الأميركية، التي ترى الأردن الوطن البديل، وما يسمَّى بالكونفدرالية الفلسطينية- الأردنية، وهي شطب قضية اللاجئين، بتجنيس أبناء شعبنا الفلسطيني هناك، فيما يتمثل البعد الثاني في المساعي السعودية الدخول على خط الوصاية الأردنية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وفي مقدمتها المسجد الأقصى.

ورأى عبيدات أنَّ الموقف السعودي قد يدفع بسكان القدس للحصول على الجنسية الإسرائيلية، وهذا سيؤدي إلى تسهيل جهود تهويد المدينة، مشيراً إلى أنَّ "النظام السعودي بات جزءاً من المؤامرة على الشعب الفلسطيني من خلال ما يسمَّى بصفقة القرن".

وأكد عبيدات أنَّ هذا المسعى الجديد يأتي في إطار السعي إلى شطب وكالة الغوث واللاجئين الفلسطينيين، كمقدمة لشطب حقِّ العودة، ولذلك نرى بالقرار السعودي خطوة خطيرة نحو شطب حق العودة والتوطين لشعبنا في الدول الموجودة فيها مقرات وكالة الغوث واللاجئين، وبالذات الأردن وسوريا ولبنان.

ضغوطات سياسية للقبول بصفقة القرن

وفي سياق متصل يؤكد الكاتب والمحلل السياسي أحمد يوسف، في حديث خاص مع "عربي بوست"، أنّ السعودية تسعى لممارسة ضغوطات سياسية على السلطة الفلسطينية، للقبول بصفقة القرن والإقرار بالقدس الشرقية عاصمة لها، مشيراً إلى وجود مساع وتحركات سعودية لانتزاع السيادة من الأردن على المقدسات الإسلامية في القدس، ويأتي هذا في ظل تقارب سعودي- إماراتي غير مسبوق مع إسرائيل.

وفي إثر ذلك يرى يوسف أنّ السعودية تهدف من هذا القرار إلى الضغط على الفلسطينيين في القدس وعلى السلطة، من أجل تقديم تنازلات أكبر في موضوع المفاوضات مع إسرائيل، ضمن إطار خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إضافة إلى ذلك فإنّ القرار سيؤدي حتماً إلى لجوء المقدسي إلى وثيقة السفر الإسرائيلية "لاسيه باسيه"، لأجل السفر إلى السعودية، وهذا يعني اعترافها رسمياً بإسرائيل، ودخولها في مرحلة جديدة في العلاقات بين الطرفين.

وحول دور الأردن والمساعي التي يمكن أن تقوم بها لإيقاف القرار، يؤكدّ يوسف أنّ الأردن رغم أنّه لن يتضرر من وراء القرار الأخير، إلا أنّ المكانة والمسؤولية التي تقع على عاتق الأردن، خاصة فيما يتعلق بالقدس والمقدسات يحتم عليها أن يكون لها دور في هذا المجال، إلا أنّ أزماتها الداخلية في الوقت الحالي سيجعلها أصعب من أن تخوض معركة سياسية مع السعودية حول هذا القرار، خاصة أنّ السعودية والإمارات كانتا جزءاً من حلِّ مشكلة الاحتجاجات الأخيرة، التي أطاحت بحكومة هاني الملقي، والتي تعهَّدت فيها بتقديم مساعدات اقتصادية للأردن، لإخراجها من أزمتها.

ويتابع يوسف حديثه بالقول: "السعودية باتت حالياً جزءاً من ضغط أميركي للضغط على الفلسطينيين وأهل القدس، لتمرير الصفقة القادمة، وفي نفس الوقت إشعار المقدسيين أنّهم معزولون عن الواقع الفلسطيني"، مشيراً إلى وجود تنسيق أميركي- سعودي لتمرير الصفقة القادمة، عبر إيجاد وسائل وآليات تمهد لإقرارها، حيث يشكل قرار منع أصحاب الجوازات الأردنية المؤقتة من الحج والعمرة إحدى هذه الآليات والوسائل لتكريس السياسة القادمة.

تحميل المزيد