قصة اتفاقية كامب ديفيد.. نقاش مغلق استمر 13 يوماً انتهت بوثيقتين وقَّعهما السادات مع عدوه اللدود مناحيم بيغن  

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/17 الساعة 15:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/17 الساعة 15:34 بتوقيت غرينتش

قبل 40 عاماً، في 17 سبتمبر/أيلول 1978، أبرم الرئيس المصري الراحل أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن، برعاية الولايات المتحدة، اتفاقات كامب ديفيد التي هيَّأت للتوقيع، بعد 6 أشهر، على أول معاهدة سلام بين إسرائيل ودولة عربية.

حرب 1973 تطلق العملية

في أكتوبر/تشرين الأول 1973، شنت مصر وسوريا هجوماً مباغتاً على إسرائيل في سيناء وهضبة الجولان، بهدف إرغامها على إعادة الأراضي التي سيطرت عليها في أثناء حرب يونيو/حزيران 1967.

انتهى النزاع لصالح مصر، التي نجحت في تحقيق اختراق ضد الجيش الإسرائيلي، الذي كان منتشراً على طول قناة السويس، قبل أن تستعيد إسرائيل السيطرة على القناة.

في ديسمبر/كانون الأول، جمع مؤتمر سلام في جنيف، برئاسة الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، إسرائيليِّين وعرباً للمرة الأولى من دون السوريين والفلسطينيين لإجراء مفاوضات مباشرة.

السادات في إسرائيل

في 9 نوفمبر/تشرين الثاني 1977، أعلن السادات نيته الذهاب إلى إسرائيل، ما أثار صدمة الجميع.

وقال في مجلس الشعب المصري: "إنني على استعداد أن أذهب إلى آخر العالم إذا كان ذلك سيمنع إراقة دم جندي واحد من أبنائي.. وستُدهش إسرائيل عندما تسمعني أقول الآن أمامكم، إنني مستعد أن أذهب إلى بيتهم إلى الكنيست ذاته ومناقشتهم".

وبعد 6 أيام، وجَّه مناحيم بيغن دعوة رسمية إلى السادات.

في 19 نوفمبر/تشرين الثاني، وصل السادات إلى القدس، في زيارة استمرت يومين، وصافح أعداءه اللدودين، ثم أجرى محادثات مع رئيس الحكومة الاسرائيلية، واقترح في الكنيست عقد سلام "عادل ودائم" في كل المنطقة.

كانت الزيارة تاريخية؛ لأن كل الاتصالات المصرية-الاسرائيلية كانت سرية. لكن الأمر تطلب 10 أشهر من الجهود الدبلوماسية الشاقة حتى تبدأ المحادثات فعلياً.

انتزاع الاتفاق

في أغسطس/آب 1978، دعا الرئيس الأميركي، جيمي كارتر، نظيره المصري ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن إلى محادثات؛ "للبحث عن إطار للسلام في الشرق الأوسط".

بدأت القمة في الخامس من سبتمبر/أيلول بكامب ديفيد مقر الرؤساء الأميركيين في عطلة نهاية الأسبوع، وهي منطقة تضم نحو 20 منزلاً في غابة تبعد نحو 100 كيلومتر عن واشنطن. ورافق القادة الثلاثة مستشاروهم الدبلوماسيون والعسكريون.

بقيت كامب ديفيد معزولة بالكامل عن العالم طوال أيام القمة، التي استغرقت 13 يوماً.

خلال القمة، نوقشت 23 صيغة على الأقل للاتفاقات، إلى جانب المراجعات التي لا تعد ولا تحصى. وعُقدت جلسات العمل بلا توقف في الليل والنهار، وكادت القمة تفشل.

لكن الأمر حُسم في الساعات الأخيرة بعد زيارات مكوكية لكارتر بين السادات وبيغن.

في 17 سبتمبر/أيلول، أثار العناق الحار بين العدوين اللدودين، بعد توقيع وثائق السلام، ذهول العالم.

أول اتفاقية سلام عربية – إسرائيلية

تحمل الوثيقتان اللتان وُقِّعتا عنواني "إطار للسلام في الشرق الأوسط" و"إطار لإبرام معاهدة سلام بين مصر واسرائيل". وتنص المعاهدة في مقدمتها على أن "القاعدة المتفق عليها للتسوية السلمية للنزاع بين إسرائيل وجيرانها، هي قرار مجلس الأمن (الدولي) رقم 242 بكل أجزائه".

وأُرفقت الوثيقتان برسائل "توضيح" تم تبادلها خلال القمة، تؤكد الخلاف الكامل بين مصر وإسرائيل بشأن القدس، والخلافات حول الضفة الغربية وقطاع غزة.

أثارت المعاهدة غضب العرب، الذين رأوا أن مصر، حاملة لواء العروبة في عهد جمال عبد الناصر، أخلَّت بموازين القوى في الشرق الأوسط، وأخذوا على الاتفاق تجاهل منظمة التحرير الفلسطينية.

في نوفمبر/تشرين الثاني، مُنحت جائزة نوبل للسلام إلى الرئيس المصري ورئيس الوزراء الإسرائيلي (مناصفة)؛ لأنهما كسرا جدار العزلة بين شعبيهما.

في 26 مارس/آذار 1979، وقَّع السادات وبيغن أول معاهدة سلام عربية-إسرائيلية، استعادت مصر بموجبها شبه جزيرة سيناء في 1982.

ورأت الدول العربية في المعاهدة "سلاماً منفرداً" ونوعاً من "الخيانة"، وخصوصاً حيال الفلسطينيين. وقد قطع العرب علاقاتهم مع مصر، التي عُلّقت عضويتها في جامعة الدول العربية.

وفي 6  أكتوبر/تشرين الأول 1981، اغتال إسلاميون السادات، الذي كان يواجه انتقادات حادة في مصر.

خففت السياسة المعتدلة لخلفه حسني مبارك، الذي استدعى السفير المصري في تل أبيب بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان في 1982، وعدم حماسته لإسرائيل، من الغضب العربي.

وفي 1994، أصبح الأردن ثاني بلد عربي يوقع معاهدة سلام مع إسرائيل.

علامات:
تحميل المزيد