هدفه خفض البطالة وتحفيز الشباب والمرأة.. لكن قرار منع غير السعوديين من العمل في 12 نشاطاً تجارياً يثير مخاوف أخرى

أصدر وزير العمل والتنمية الاجتماعية السعودي قراراً وزارياً بتوطين العمل في بعض المهن والنشاطات، ليصبح مقتصراً على السعوديين من الجنسين، ولكن صعدت آراء أخرى

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/16 الساعة 12:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/16 الساعة 12:43 بتوقيت غرينتش

في إطار سعي المملكة العربية السعودية لتنفيذ رؤية 2030، أصدر وزير العمل والتنمية الاجتماعية السعودي، في 28 يناير/كانون الثاني 2018، قراراً وزارياً بتوطين العمل في بعض المهن والنشاطات، ليصبح مقتصراً على السعوديين من الجنسين، ولكن آراء أخرى ظهرت بالتوازي مع بدء تفعيل القرار خلال الأيام القليلة الماضية.

فقد كشف تقرير أصدره بنك أميركا ميريل لينش، أن قرارات التوطين ستجعل عشرات الآلاف من الوافدين من دون عمل مع نهاية العام الجاري. كما أوضح خبير الاقتصاد جان ميشيل صليبا، أن المملكة بها 305 آلاف عامل مبيعات من الوافدين، وأكد على أن الشركات ستحتاج توظيف 250 ألف سعودي بعد تفعيل القرار. وأشار التقرير أن مثل هذا القرار سيكون له تأثير إيجابي على قوة الاقتصاد السعودي، على الرغم من أن العمالة السعودية أعلى أجراً، ولكن القرار يضمن بقاء الأموال السعودية داخل البلاد.

بينما أشار الصحافي والإعلامي السعودي جمال خاشقجي، إلى أنه دعا إلى توطين الوظائف السعودية منذ 5 سنوات، في كتابه احتلال السوق السعودي، ونوه إلى احتمال مواجهة بعض الصعوبات والضغوط عقب تنفيذ القرار.

الهدف الرسمي لقرارات التوطين.. المزيد من فرص العمل وخفض البطالة

ووفقاً لرؤية 2030، تسعى المملكة لخفض البطالة من 11.6% إلى 7%، ورفع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في إجمالي الناتج المحلي من 20% إلى 35%، ورفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 22% إلى 30%. كما تهدف المملكة لتوفير 1.2 مليون فرصة عمل بحلول عام 2022، عبر التركيز على نظام التجزئة لخفض البطالة إلى 9% كمرحلة أولى، وفقاً لما قاله أحمد جميل قطان وكيل السياسات العمالية في وزارة العمل والتنمية الاجتماعية السعودية.

تسعى هذه القرارات لتحقيق الازدهار الاقتصادي، عبر تخفيض معدل البطالة وتمكين المواطنين السعوديين من الجنسين من إيجاد فرص العمل في القطاع الخاص، وتحفيز الموارد البشرية الطبيعية، وتعزيز مساهمتها في المنظومة الاقتصادية. كما تساعد القرارات على زيادة المشاركة مع القطاع الخاص، فقد جاءت قرارات التوطين بتعاون الوزارة مع عدد من الجهات الحكومية والخاصة.

الخريطة الزمنية لتنفيذ قرار التوطين.. وما يقرب من 12 نشاطاً مستهدفاً

وقد دخل القرار حيز التنفيذ، يوم 11 سبتمبر/أيلول، الموافق الأول من محرم 1440، على أن يشمل منافذ البيع في محلات الملابس الجاهزة وملابس الأطفال والمستلزمات الرجالية، منافذ البيع في محلات السيارات والدراجات النارية، ومنافذ البيع في محلات الأثاث المنزلي والمكتبي، ومنافذ البيع في محلات الأواني المنزلية.

ومن المقرر أن يبدأ تنفيذ القرار في منافذ البيع بمحلات الساعات، ومحلات النظارات، ومحلات الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، في 9 أيلول/سبتمبر، الموافق 1 ربيع الأول  1440. ويستكمل تنفيذ القرار بالنسبة لمنافذ البيع في محلات الأجهزة والمعدات الطبية، ومنافذ البيع في محلات الحلويات، ومحلات قطع غيار السيارات، ومحلات مواد الإعمار والبناء، ومحلات السجاد، في 7 يناير/كانون الثاني من عام 2019، الموافق 1 جمادى الأول 1440.

المستثنون من القرار.. فئات عديدة منها المديرون والمشرفون

وقد وفَّرت الوزارة دليلاً إرشادياً لتوطين منافذ البيع في 12 نشاطاً اقتصادياً، ويشمل صورة القرار، والجهات التي سوف يشملها التضمين في المراحل الثلاثة. كما يشمل الدليل شروط التوطين وفرص العمل المستثناة، وإجابات للأسئلة الشائعة عن هذا القرار.

يندرج تحت فرص عمل المواطنة مديرو المعارض والمتاجر، ومديرو المبيعات، والمشتريات، والتسويق، والمشرفون، والمحاسبون، وكل من يتعامل مع العملاء والسلع المعروضة في منفذ البيع، أو أي موظف يتواجد في المنفذ في أوقات العمل.

ويستثنى من القرار لمدة ستة أشهر فقط مدير منفذ البيع، بشرط ألا يقل عدد الموظفين السعوديين بالمنفذ عن 10 موظفين، كما يجب أن يكون مساعد مدير المنفذ مواطناً سعودياً، ويتدرج في توليه إدارة المنفذ بعد المدة الاستثنائية.

يستثنى من القرار أيضاً عمال النظافة والتحميل والتنزيل، على ألا يزيد عدد العمال في كل فئة عن 20% من عدد موظفي المنفذ. وفي حالة وجود عامل وافد يعمل في المكتب الرئيسي للمنشأة، فلا يسمح له بالتواجد في منفذ البيع خلال فترات العمل، وإذا تحتّم وجوده فيجب أن يكون خارج أوقات العمل بالمنفذ.

كما يستثنى من القرار ذوو المهن التي تتطلب مهارات فنية كفنيي صيانة الأجهزة، وميكانيكي السيارات، والطاهي، ومحضر الحلويات وما إلى ذلك.

التوطين بنسبة 70% فقط.. الهدف تنمية الموارد البشرية

نصّ قرار التوطين على توطين 70% من الوظائف المطلوب توطينها في منفذ البيع الواحد، وشرح الدليل الإرشادي طريقة احتساب تلك النسبة. فمثلاً إذا كان عدد الموظفين في منفذ البيع واحداً أو اثنين، فيجب أن يكون هناك موظف سعودي، أما إذا كان عدد موظفي المنفذ ثلاثة أو أربعة، فيجب أن يكون من بينهم اثنان سعوديان. وإذا كان عدد موظفي منفذ البيع خمسة فلا بد أن يكون من بينهم ثلاثة سعوديين، وهكذا.

وكي يتمكّن المواطنون السعوديون من العمل ضمن الوظائف المُوطّنة، قدم صندوق هدف لتنمية الموارد البشرية، بالتعاون مع عدد من الغرف التجارية، ومؤسسات التدريب دورات تأهيلية وتدريبية، وأتاح الصندوق قنوات توظيفية للراغبين في العمل. ولم يقتصر دور صندوق هدف على ذلك، بل دعماً منه للمرأة السعودية العاملة قدَّم برنامجاً لضيافة الأطفال. ويشارك الصندوق في تحمُّل نسبة من حصة الاشتراكات التأمينية للموظفين، ويدفعها لحساب المؤسسات العامة للتأمينات الاجتماعية شهرياً.

ليست الأخيرة.. الوزارة تستهدف أنشطة أخرى

وفي مداخلة هاتفية معه على قناة العربية، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة العمل والتنمية الاجتماعية خالد أبا الخيل، إن قرار التوطين من شأنه أن يؤمن مئات الوظائف للسعوديين من الجنسين. وعقّب بأن هناك غرامة مالية يدفعها مخالفو القرار، تصل إلى 20 ألف ريال سعودي، وأن الأجانب الذين يعملون في المهن الخاصة بالسعوديين سيُرحّلون إلى بلادهم.

ووفقاً لما صرَّح به أبا الخير، فإن توطين العمل في قطاع التجزئة يعد خطوة مبدئية، وتعمل الوزارة في قطاعات أخرى كالصناعة والصحة، كما أن الوزارة تستهدف الأنشطة التي يسيطر عليها الأجانب، بينما تصلح أن تكون فرص عمل جيدة بالنسبة للسعوديين.

نصائح وتوقعات رجال أعمال سعوديين.. بين التحفظ والحذر

وتوقع رجل الأعمال السعودي ومؤسس شركة تداولات خالد البواردي، أن قرار التوطين سيؤدي إلى إغلاق من 20 إلى 30% من المحلات، كما يزيد فرص الشباب في فتح أعمال تجارية خاصة بهم، كما توقع تدني مستوى الخدمات في البداية، لعدم وجود تدريب، وكذلك زيادة أرباح الشركات الكبرى.

ونصح رئيس ريادة الأعمال بغرفة جدة التجارية، ثامر الفرشوطي، المواطنين السعوديين بالتريث، وعدم فتح متاجر خاصة بهم في تلك المجالات حالياً، فأغلب هذه القطاعات مرّت بحالة ركود في الفترة السابقة، وتمر حالياً بمرحلة تصفية.

ويتوقع عبدالحميد العامري، الكاتب بصحيفة الاقتصاد السعودية، أنه خلال أقل من ثلاثة شهور ستنتهي عقود ما لا يقل عن مليون عامل أجنبي، بالإضافة إلى ترحيل ما يزيد عن 425 ألف عامل مخالف، وسترتفع أعداد المغادرين الأجانب إلى 3.5 مليون خلال عامين، وهو ما اعتبره مواجهة حازمة للبطالة.

وبعد تفعيل القرار، أكد الكاتب بصحيفة أنحاء الإلكترونية السعودية صالح جريبيع الزهراني، أن هناك العديد من المحلات أغلقت أبوابها، ويبرر هذا بأن الأجانب هم من كانوا يمتلكون السوق، ودعا الشباب للانخراط في الأسواق وألا ينتظروا الوظائف.

وهذا ما أكدته جريدة الاقتصادية، بعد تفعيل قرار التوطين بإغلاق المتاجر وتقليص فروعها لعدم جاهزية المواطنين السعوديين للعمل في الأنشطة المتاحة، فضلاً عن تكاليف توظيفهم.

علامات:
تحميل المزيد