السوريون قلقون من المبادرة الروسية بشأن ترحيلهم من ألمانيا، لكن لماذا تريد موسكو عودتهم إلى بلادهم؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/15 الساعة 14:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/15 الساعة 14:57 بتوقيت غرينتش

يشعر العديد من اللاجئين السوريين في ألمانيا بالقلق حيال مستقبلهم هناك، حيث يخشى البعض منهم من أن يستفيقوا يوماً ما على وقع قرار يقضي بإجبارهم على العودة إلى ديارهم أو الحد أو تعليق المساعدات المالية الموجهة إليهم، أو على خبر تفعيل أحد القوانين الصارمة التي قد تعمق من مأساتهم.

تفاقم الجدل حول مستقبل اللاجئين في ألمانياوحسب تقرير لصحيفة sueddeutsche الألمانية، فإنه بعد مرور 3 سنوات من اندلاع أزمة اللاجئين، يجب علينا أن نقر بأنه إلى حد الآن لا داعي للخوف بشأن مستقبل اللاجئين. في المقابل، لا يجب علينا أن نتجاهل حقيقة تفاقم الجدل القائم حول مستقبل اللاجئين في ألمانيا. وعلى الرغم من أن اللاجئين السوريين لا يهتمون بالشأن السياسي، إلا أنهم يثقون بشكل كبير في الوجوه السياسية الألمانية على غرار وزير الداخلية هورست زيهوفر، ووزير الخارجية هايكو ماس،  أو حزب البديل من أجل ألمانيا. وفي ظل الجدل القائم حول أزمة اللاجئين، تفاقمت مخاوف اللاجئين السوريين من الترحيل إلى بلدهم، الذي تمزقه الحرب وتطغى عليه الفوضى وعدم الاستقرار.

خاصة بعد المبادرة الروسية لترحيل اللاجئين

يتابع العديد من اللاجئين السوريين في ألمانيا اللقاءات السياسية التي تتطرق إلى مستقبلهم في ألمانيا، بقلق. فخلال الشهر الماضي، انتاب العديد من اللاجئين السوريين الخوف عندما التقت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ووزير خارجيته سيرغي لافروف. وقبل ذلك، تداولت مختلف وسائل الإعلام خبراً مفاده أن روسيا تخطط لإعادة حوالي 1.7 مليون لاجئ سوري إلى موطنهم الأصلي. ومن البديهي أن يتسبب  نشر بيان رسمي يتضمن مغالطات في انتشار الإشاعات بسرعة البرق وفي خلق مناخ من التوتر.

ودعت روسيا الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى المساعدة في إعادة إعمار سوريا وإعادة توطين اللاجئين. ودعت موسكو، هذا الشهر (يوليو/تموز 2018)، الولايات المتحدة إلى التعاون بشأن خطة لإعادة اللاجئين لسوريا. ووفقاً للحكومة الروسية، تضمَّنت المقترحات، التي قُدِّمت بعد قمة ترمب وبوتين بهلسنكي، التعاون في تمويل "إعادة البنية التحتية بسوريا".

وحث ألكسندر لافرينتييف، المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا، الخميس 26 يوليو/تموز 2018، اللاجئين السوريين في ألمانيا وغيرها على العودة إلى بلادهم، وقال إنهم لن يواجهوا أي تهديد من حكومة الرئيس بشار الأسد أو أجهزة الأمن السورية.

وأضاف أن الحكومة السورية لن تتمكن من تقديم الكثير من المساعدات المالية التي سيحتاجها العائدون، وحثَّ المانحين الأجانب على تقديم المساعدة، قائلاً إن تلك القضية يجب ألا تُسيَّس.

لكن إلى أين سيعودون؟

وبالعودة إلى المبادرة الروسية بشأن ترحيل اللاجئين، علينا أن نطرح التساؤل التالي: إلى أين سيعود اللاجئون؟ إلى روسيا أم إلى المنازل التي دمرت الآلاف منها وفقاً لإحصائيات البنك الدولي؟ أو إلى إحدى المناطق، التي تعرضت للهجوم من طرف تنظيم الدولة أو النظام السوري وحليفه الروسي؟ هل سيعودون إلى إحدى القرى، التي دُمرت حسب صور الأقمار الصناعية؟

هل سيعود السوريون إلى المناطق التي تفتقر للمرافق الأساسية على غرار المياه والتيار الكهربائي، وتخضع لسيطرة النظام وميليشياته الذين مازالوا يعتقلون إلى حد الآن الأشخاص المشتبه في انتمائهم للمعارضة؟ أم هل سيُقدم العائدون إلى سوريا كهدية للنظام السوري، الذي قد يجندهم ببساطة ويرسلهم إلى المناطق الساخنة؟

وبعض اللاجئين السوريين في ألمانيا فعلاً يحلمون بالعودة

لقد تغيرت أوضاع اللاجئين السوريين في ألمانيا مقارنة بالسنوات الثلاث الماضية، حيث يتواصل الكثير منهم مع الألمان ولم يعودوا بحاجة للمساعدات، التي كانوا يتلقونها منذ وصولهم من طرف الناشطين ومراكز الاستقبال. كما وجد الكثير من اللاجئين عملاً وهذا يعني أنهم لم يعودوا بحاجة للدولة، فضلاً عن ذلك تمكن الكثير منهم من الحصول على أموال دون مساعدات الحكومة الألمانية. وفي المقابل، لا يرغب الكثير منهم في مواصلة العيش في ألمانيا، بل يحلمون بالعودة إلى سوريا أو الذهاب إلى تركيا. باختصار شديد، يبدو أن هؤلاء اللاجئين قرروا الذهاب إلى المجهول.

شريطة أن تشهد بلادهم تغييراً سياسياً حقيقياً

يعلم الكثير من اللاجئين السوريين في ألمانيا أن ميركل مازالت في السلطة، إلا أنها قد تغير سياستها تجاه اللاجئين بعد الهزيمة التي تكبدتها خلال الانتخابات الأخيرة. وهؤلاء اللاجئون على يقين من أن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي غيّر موقفه تجاههم، فضلاً عن أن الشعب الألماني يتخذ موقفاً إيجابياً بشأن وجودهم؛ ما يجعلهم متأكدين من أنهم سيعيشون في ألمانيا في أمان إلى حين عودتهم إلى ديارهم.

على ضوء هذه المعطيات، يبدو أن الادعاء بأن اللاجئين السوريين لا يرغبون في العودة إلى موطنهم الأصلي مجرد مغالطة، حيث تبين أن الكثير منهم يحلمون بالعودة إلى بيوتهم وممتلكاتهم وأراضيهم للالتقاء بأهاليهم هناك. في المستقبل، سيعود اللاجئون إلى مسقط رأسهم للمشاركة في إعادة إعمار بلدهم الذي مزقته الحرب، لكنهم يأملون في أن تشهد سوريا تغييراً سياسياً حقيقياً وأن تكون العودة آمنة برعاية منظمة الأمم المتحدة. وعند ذلك فقط، سيتمكنون من العيش بأمان في وطنهم.

علامات:
تحميل المزيد